ارشيف من :آراء وتحليلات

ما قبل قبل 14 آذار

ما قبل قبل 14 آذار
بثينة عليق
حدّد تيّار المستقبل وملحقاته 14 آذار القادم موعداً لحشدٍ غير مسبوق يكون بدايةً لتحرّكٍ كبيرٍ ومفاجىء يهدف للإطاحة بالأكثرية الجديدة ودعم المحكمة وإنهاء السلاح. وفي الإنتظار تلجأ هذه القوى إلى حملةٍ إعلامية وسياسية واسعة للتهويل بالموعد المضروب فيكثر الحديث عن الطوفان السياسي والبشري القادم وتتردّد تحذيرات لعددٍ كبيرٍ من الأطراف أوّلهم رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي الذي سيكون برأيهم بعد هذا الموعد أمام خيارٍ من إثنين، إمّا الموافقة على شروط 14 آذار للمشاركة في الحكومة وإمّا التنحّي تحت ضغط إرادة شعب الأمانة العامة لـ14 آذار. إلا أن ما يغيب عن بال فريق 14 آذار بعض الحقائق العديدة والجديدة والتي لا بدّ من التذكير بها إن نفعت الذكرى ومنها:
أولاً: إنسحاب الحزب التقدمي الإشتراكي من مكوّنات 14 آذار وبالتالي فإنّ جمهوراً غفيراً معروفاً بالحضور والحشد والإلتزام لم يعد متوفّراً حالياً وقرى الجبل سوف تكون وادعةً في 14 آذار من هذا العام.
ثانياً: إن جمهوراً شمالياً وازناً توفّر له خلال السنوات الماضية الدافع المعنوي والتيسير المالي من قبل نواب طرابلس وتحديداً ميقاتي، الصفدي، كرامي، إلا أن هذا العام لن يكون هذا الجمهور في الميدان، خاصةً بعد ما أساءه الذي حصل في يوم الغضب الشهير إضافةً إلى خطاب الخيانة والتشهير وسيجد هذا الجمهور يوم 14 آذار فرصةً لإعلان براءته العلنية من الحفلة القادمة عبر مقاطعةٍ واضحةٍ وصريحة.
ثالثاً: لقد تركت نتائج الإنتخابات البلدية الأخيرة تبدّلاً واضحاً في ولاءات رؤساء بلديات ومخاتير عدد كبير من المدن والقرى. أما اليوم فقد باتت هذه المفاتيح في المقلب الآخر من المعادلة ويظهر ذلك جلياً من خلال زياراتٍ معلنة يقومون بها لأطراف وقيادات 8 آذار.
رابعاً: إن حلفاء تيار المستقبل المسيحيين يعانون أزمةً حقيقية في إستنهاض الشارع وإستقطابه، فقد تعب الرأي العام المسيحي من صيحات الغضب وإنتكاسات الواقع. وقد تجنّب المسيحيون المشاركة الفعلية في يوم الغضب الحريري وإكتفوا بالبينات والحضور الرمزي عند الضريح. وقد تتكرّر هذه التجربة في 14 آذار المقبل.
لهذه الأسباب ولأسبابٍ أخرى متعلقة بالواقع المعيشي والإجتماعي للمواطن وحالة الإنحسار المالي للحريري، وإنهيار جزء وقلق جزء آخر من الرعاة الإقليميين لمنظومة 14 آذار وإنشغال الدول الكبرى بالتغييرات الثورية في المنطقة، كل ذلك يدفعنا إلى القول إن 14 آذار القادم لن يكون مشهداً مختلفاً وسنكون مع حشدٍ غير مبالغ فيه، ولن يرتقي حكماً لآخر حشدٍ نظّمته قوى 14 آذار في ساحة الشهداء. ورغم ذلك ندرك أن حيل إخراج الصور ولعبة الكاميرا سوف تستعمل على نطاقٍ واسع مترافقةً مع تعليقاتٍ إعلامية وسياسية خلال وبعد المهرجان تتحدّث عن حشدٍ غير مسبوق وعن أن الشعب يقول كلمته، إلا أننا من الآن أي من ما قبل قبل 14 آذار نقول: نحن في لبنان نعرف بعضنا جيداً ولن يكون هذا التهويل وتلك التحركات أكثر من مجرد يوم آخر في الحياة السياسية اللبنانية المتغيرة دون أي تعديل في موازين القوى القادمة.
2011-03-01