ارشيف من :أخبار لبنانية

"الأخبار": موقف حزب الله "الجازم" من مصر بسبب خلفيات زيارة القناوي لبيروت

"الأخبار": موقف حزب الله "الجازم" من مصر بسبب خلفيات  زيارة القناوي لبيروت

لفتت صحيفة "الأخبار" الصادرة اليوم الى أن الموقف الجازم لحزب الله من مصر لم يأت بسبب عدم قبول الأخيرة فتح معبر رفح كما ظهر في خطاب الحزب، إنما يجب العودة إلى ما جرى بين الطرفين خلال الفترة التي سبقت العدوان الإسرائيلي على غزّة، وبالتحديد الى تشرين الأول/اكتوبر الماضي، حين وصل نائب رئيس الاستخبارات المصرية عمر قناوي إلى بيروت وعقد سلسلة لقاءات مع الشخصيات اللبنانية، ومنهم وفد من حزب الله ضمّ الوزير محمد فنيش ومسؤول العلاقات الدولية نواف الموسوي ومسؤول العلاقات العربية حسن عز الدين.
يتحدث الأخير عن أجواء هذا اللقاء، فيقول إنّ الجوّ كان إيجابياً رغم الانقسام العربي. يومها أكد قناوي، باسم الجمهورية المصرية، دور المقاومة في التحرير عام 2000 وفي الانتصار على هجمة تموز.
وأضاف القناوي إنّ المقاومة في لبنان استطاعت عبر المفاوضات غير المباشرة، تحقيق إنجاز نوعي بتحرير الأسرى اللبنانيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية. ورغم أنّ هذه الإشادة الأخيرة تبدو بريئةً، إلا أنها تحمل في طيّاتها دلالة على فحوى الرسالة المصرية للحزب: يمكن المفاوضات أن تحلّ قضايا يكون السلاح فيها وسيلة عقيمة.
وتلا قناوي، مع التشديد على فعل تلا، مجموعة من المواقف والآراء التي يعدّها عز الدين إيجابية أيضاً: شدّد القناوي على أنّ مصر تقف عند مسافة واحدة من جميع القوى اللبنانية، وأنها "اتّفقت مع حلفائها الدوليين على ضرورة الاستقرار في لبنان وعلى ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها". وتحدث قناوي عن حرص حزب الله ودوره في الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الداخلي، كما أكد أهمية المصالحات الداخلية التي جرت بعد اتفاق الدوحة "لأنها تساعد على حل الكثير من المشكلات العالقة".
ويقول عز الدين إنّ جواب الحزب أكد عدم رفض المفاوضات إذا أدت إلى إخراج الإسرائيليين، "شرط ألا يأخذ العدو أي امتياز أمني أو سياسي، وهذا ما جرى في تحرير عام 2000، الأمر الذي لم يحصل في تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي". لم يخف قناوي انزعاجه من العبارة الأخيرة التي تشير إلى أنّ كل التسويات التي أبرمها العرب مع الإسرائيليين، وأبرزها كامب دافيد، أدت إلى تقديم عدد من التنازلات العربية. فردّ القناوي "الحرب مع إسرائيل كانت بقرار مصري بحت لاسترداد الأرض، ورغم ذلك فإن المفاوضات الصعبة هي ما أعاد الأرض".    استمرّ النقاش بين الطرفين، وبقيت الأجواء تبشّر بالخير، ويؤكد عز الدين أنّ المجتمعين لم يناقشوا أي مواضيع ثنائية. وكان الموقف المصري يتلخّص بضرورة الاستمرار في أجواء التهدئة الدخلية، والتركيز على أنّ التفاوض مع إسرائيل إيجابي ويمكن أن يكون مفيداً.
خرج القنّاوي من "الضاحية الجنوبية لبيروت وعاد مسؤولو الحزب الثلاثة إلى القيادة، وبدأت عملية تقويم فحوى اللقاء. استخرج حزب الله مجموعة من الخلاصات: أوّلاً أنّ الموقف المصري غير واضح، ثانياً ربما أنّ القاهرة تحضّر مبادرة لمزارع شبعا، وثالثاً وجود قلق مصري على 14 آذار قبيل خوضها الانتخابات. يشير عزّ الدين إلى أنه كان لدى الحزب رغبة في إيجاد علاقة جيّدة مع مصر التي يمكن أن تعود إلى دورها وموقعها "وإلى صف الممانعة وعدم التفريط بالمقاومة وبالحقوق"، مؤكداً أن إحدى القوى اللبنانية كانت تسعى لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.
انعكس هذا اللقاء على خطاب حزب الله، فكانت الدعوة الأولى لفتح معبر رفح، إيجابية ومتفائلة. إلا أنّ هذه الدعوة "المتفّهمة"س المبنية على موقف القاهرة، تحوّلت إلى الشكل الذي قدّمه السيّد حسن نصر الله ابتداءً من خطابه في اليوم العاشورائي الأول، نتيجة الاختلاف الجذري بين التطمين المصري والأداء المعاكس لكل مضامين التطمين التي قدمها النظام أمام حزب الله.
وتختم "الأخبار" بأن قناوي لعب مع حزب الله الدور نفسه الذي لعبه مسؤوله الأعلى، عمر سليمان، مع حركة حماس قبل بدء العدوان بأيام: إيهام القوى المقاومة وطمأنتها إلى الموقف المصري الداعم لها، والإشارة إلى أنّ القاهرة مستعدة للضغط على الإسرائيليين، والترجمة العملية لهذين الموقفين هي الوعود بفتح معبر رفح. إلا أنّ هذا الموقف المصري لم يُترجم إلا عبر حدثين: أولاً، إعلان العدوان على غزّة من القاهرة، وثانياً، الاستمرار بإقفال معبر رفح. هكذا خدعت مصر حزب الله الذي توهّم أن القاهرة قد تتلو فعل الندامة بعد سنوات من الانكسار أمام تل أبيب".

2009-01-19