ارشيف من :آراء وتحليلات

بقلم الرصاص: حُلّوا عنّا

بقلم الرصاص: حُلّوا عنّا
كتب نصري الصايغ
1 - إلى بان كي مون
قيل لنا إنك مررت بغزة! هل صحيح؟ انتظرتك في كل ما تبقى من طرقات، أقمت في أمكنة الركام، رابطت لملاقاتك على المعابر المقفلة، تجوّلت بين أشباح الأبنية، وظلال الرجال، ومخيلات المصيبة، ولم أجدك.
سيدي بان، هل مررت من أمكنة أخرى؟ هل سهوت عنك، عندما كنت أوضب دموعي، وأرتق أحزاني، لأكون لائقة بك، ولأقول لك، فقط، لأقول لك: نحن بخير، طمنونا عنكم، وأنا لا أمزح: نحن بخير، لأننا بين الألم والأمل، في اقامة دائمة مع الموت والحياة، مع الضمير والانسان..
سيدي بان، قيل لي إنك زرت حالك عندنا، تفقدت امكنتك المحروقة المسبية والمدمرة، توجّع قلبك، برافو، لك قلب يتوجع عليك أو تراءى لي، أن قلبك لديه اختصاص في أن يتألم فقط، على ما أنت عليه.
أهنئك على مثاليتك، أنت موظف يمتثل لمقتضيات اللياقة الدولية، موظف برتبة مطيع، موظف يستعجل الخضوع، أنت تفوقت على من قبلك في أنك كنت تسبق أميركا واسرائيل، اللذين لا يسبقهما أحد، أنك تستحق علاوة اضافية، وتجديداً لولايتك مرة أخرى.
سيدي بان، لا تضيع وقتك معنا، وإن جئتنا مرة أخرى، أو، إن طلبت إذناً وسُمح لك بزيارتنا فاعلم أننا سنفحصك ونفتش ثناياك، ولن نسمح لك بزيارتنا، إلا إذا كنت قد هرّبت في قلبك قليلاً من حقوق الإنسان.
2- عن حقوق الانسان
أعطني حذاءً لألبسه، أو، أعطني حقوق الانسان كي أنتعلها أو أترك قدميّ حافيتين، إنه ليليق بأصابعي التشرد، من أن تتلمس نعلاً آتياً من مدابغ حقوق الانسان الدولية.
أنذر كل من حولي ومعي وقربي، أن يتلفظ بـ"حقوق الانسان"، أنا مستعد لارتكابٍ لا يرحم أحداً، إن سمعت عبارة "حقوق الانسان".
خلص، اخرسوا. حلّوا عنا فلقتونا.
ضبضبوا قذاراتكم وارحلوا عن مسامعنا وانوفنا وحواسنا الخمس، خذوا هذه البضاعة الفاسدة وروجوها عندكم، روجوها في بلاد "التيبيت"، في جزر ما تحت البحار، خلصونا بقا من هذه الحثالة.
أحلف بكل ما لديّ من قوة: أفضل ألف مرة، قصفاً برياً وجوياً وبحرياً معادياً، معززاً بالرغبة الاميركية، والكذب الأوروبي والدجل العربي، من أن يسمعني واحدٌ ما، معتوه ما، كاذب ما، صادق معترّ ما، جملة عن حقوق الانسان.
خلص.
قال حقوق انسان قال؟
وبناءً على ما تقدم، ننصح المنظمات الدولية والمحلية العاملة في أندية تفقيس الجمعيات والندوات والحلقات الداعية لاحترام حقوق الإنسان، أن يرموا هذا البيض الفاسد في حلوقهم.
بضاعتكم رُدّت اليكم.
يا بلاد الزنى الدولي، بكل ما له علاقة بحقوق الانسان، اخرسي، أما رأيت زعماءك اللائقين، بربطات عنقهم، وعطورهم الفاخرة، وثيابهم المكوية، جاؤوا إلى شرم الشيخ فاستحموا بأخبار انتظارات آلامنا، ثم ذهبوا ليشربوا نخب موتنا مع أولمرت.
يا اخوات حقوق الانسان.. (هذه لعنة قوية) افهموها، كواحدة من أنواع السباب.
أما أنتِ، يا أنتِ، يا وزيرة الدولة "لحقوق الإنسان" في حكومة "برنار كوشنير" فإننا نهنئ لونك الأسود بمعمودية سياستك البيضاء التي استعبدت السود.. يا ابنة السلالة البيضاء.. لا أصل لك غير الفضيحة.. وأنت يا مهرج حقوق الانسان وأطباء بلا حدود برنار كوشنير فكفّ عن الرقص خوف ان نلقنك جوزة هند غذاءً لروحك المتحدرة من أجدادنا السعادين.
خلص.. هذا يكفي.. وأنصح حذف هذه العبارة من التاريخ، لأننا لن نجد أكثر سفاهة منها وانحطاطاً.
3 - إلى من يهمه الأمر
خذوا هؤلاء العرب إلى حيث تليق بهم الإقامة، خذوا دليلاً ما، من أي "كيوسك" في غزة، خذوهم إلى مكان إقامة نافع لهم، لا بأس أن تكون قرب "اسرائيل" أو في "داخلها"، هكذا يكون المشهد منسجماً: عرب في مكانهم الصحيح.
خذوهم علناً، قولوا لهم إننا سنغضب منهم إذا ظلوا معنا لا مكان لهم عندنا، وليأخذوا معهم كتّابهم ومفكريهم واعلامهم و"أموالهم" (أموالنا)، أتركونا وحدنا، فخير لنا، أن نعيش في بلاد فارغة، من أن تتلبّد فلسطين بجعجعة الغيرة علينا، ثم، الحق علينا، لأننا نموت، ونعرف كيف نموت، وبأي عدالة نموت وأي ظلم نقاتل.
غزة الفلسطينية، ليست بحاجة إلى ملايين يوخاسية، وملايين بيلاطس، تعطينا وتغسل يديها منا، بعد أن تكون قد تلطخت بالجلجلة الفلسطينية.
خذوهم وليكونوا أعداءً لنا، بجدارة الموقع المعادي، لا بأس أن يأخذوا صور المصافحة والعناق، مع ليفني ونتنياهو وبيريز وأولمرت، لا بأس أن يزوروا ضريح شارون في غيبوبته، وينتحبوا على أضرحة أشكول وبيغن ورابين ودايان وبن غوريون والعزيزة غولدامائير.
لن نزعل، انما سنغضب إذا ظلوا يمتحنون صبرنا عليهم، والله، صَبَرنا عليهم أبداً، ولا نريد أن نصبر عنهم أبدية أخرى.
فليذهبوا وليقفوا في الصف، ولينضموا إلى حتفهم الاخلاقي..
لسنا مغشوشين، فمن أزمنة بعيدة ونحن نعرف أن للصهيونية فروعاً كثيرة.
فرع يهودي، وفرع مسيحي، وفرع إسلامي، وآخر أوروبي، وآخر عربي، والأخير شديد الوطأة..
سقط القناع يا عرب العار
فـ:حلّوا عنا.. قبل أن نشيّعكم إلى مثواكم الصهيوني.
الانتقاد/ العد1330 ـ 23 كانون الثاني/ يناير 2009
2009-01-23