ارشيف من :آراء وتحليلات

باختصار: في النصر

باختصار: في النصر
كتب محمد يونس
كثرت التحليلات والأقاويل حول من حقق النصر في غزة، هل هو العدو الاسرائيلي أم المقاومة؟ وكل أخذ يستند إلى جملة اعتبارات لتدعيم وجهة نظره.
وبعيدا عن هذه التحليلات يمكن لبعض الملاحظات أن تحدد بوضوح من حقق النصر في هذه الحرب العدوانية التي ارتكبتها اسرائيل بحق أهالي غزة.
من هذه الملاحظات أن العدو الإسرائيلي وبعد حرب تموز 2006 التي خرج منها بهزيمة مدوية حطمت تداعياتها عجلات العربة الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، خرج في إسرائيل من يقول إنه في أي حرب مقبلة على إسرائيل أن تحقق نصرا لا لبس فيه حتى تتمكن من استعادة قوة الردع وصورة الجيش الذي لا يقهر، وعلى هذا الأساس انكب جيش العدو على إعادة بناء استراتيجيات وإجراء مناورات مدعيا أنه يستفيد من أخطائه في حرب تموز، ويقوم بتحسين أداء أفراده في أي حرب مقبلة.
وأرفق ذلك بدعاية إعلامية عالمية بأن الجيش الاسرائيلي قد تمكن من تحويل أخطائه إلى دروس وعبر مستفادة، وبدأ بإطلاق التهديد والوعيد في وجه محور دول الممانعة، فتارة يريد تدمير لبنان كله وطورا يريد إنهاء البرنامج النووي الإيراني عسكريا، وبين هذا وذاك تهديد سوريا وحركة المقاومة في غزة بالويل والثبور.
ويبدو أنه صدق نفسه كثيرا لدرجة انفكاك لجامه فانطلق في حرب عدوانية إجرامية على غزة لتأديب كل المقاومين في المنطقة، وطبعا لم ينس الهدف الأساس وهو تحقيق النصر بشكل لا لبس فيه، لذلك لم يعمد إلى الإعلان صراحة عن أهدافه من وراء هذه الحرب، وأبقى الأمر مبهما، ثم بدأ يزيل الأهداف من ورقته الواحد تلو الآخر، ثم فجأة ومن دون سابق إنذار يعلن وقف إطلاق النار ويتبعه بانسحاب لم يستغرق سوى أربعة ايام، مع أن المقاومة أمهلته أسبوعا كاملا لذلك.
خرج العدو من غزة من دون أي تغيير على الأرض سوى الدمار الهائل والمجازر وجرائم الحرب التي اقترفها، والتي بدورها بدأت تشكل هاجسا لدى قادة العدو إلى درجة فرض الجيش تعتيما شاملا على أسماء جميع أفراد الجيش الإسرائيلي الذين شاركوا في الحرب حتى لا يلاحقوا بالدعاوى القانونية الدولية.
لم يتغير شيء من جهة وضع المقاومة فها هي لا تزال في غزة وبكامل قوتها العسكرية، صواريخها ما زالت تتساقط على الأهداف الصهيونية وقواتها ممسكة بالأرض بكل الأرض، لا بل أكثر من ذلك أوقف العدو الحرب حتى من دون اتفاق ولا إجراءات، أي أن الوضع في غزة عاد إلى ما كان عليه قبل العملية العدوانية.
وها هو العدو يخرج للمرة الثانية من الحرب بحالة لم يستطع أحد من قادته أن يسميها انتصارا، وفي المقابل تجوب جماهير المقاومة في شوارع غزة احتفالا بالنصر.
الانتقاد/ العدد 1330 ـ 23 كانون الثاني/ يناير 2009
2009-01-23