ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: بوش مغادراً...

كتبت ليلى نقولا الرحباني
ينتظر العالم بفارغ الصبر التغيير المرتقب في السياسة الاميركية، بعد رحيل الرئيس جورج بوش وحلول باراك اوباما في البيت الابيض مكانه، لعلّ السلام يحل في العالم بعد أن أشعل بوش وادارته الحرائق في مناطق كثيرة في العالم بذريعة مكافحة الارهاب، ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان بالقوة، ولم يستطيعوا اطفاء اي منها، ولم تبصر الديمقراطية النور في البلدان التي احرقوها، بل بات الناس يترحمون على الديكتاتورية ويتمنون عودتها.
واللافت ان الشعب الاميركي يتشارك مع باقي العالم في هذا التلهف لرحيل أسوأ رئيس للولايات المتحدة الاميركية، الذي كان عهده مزيجاً من الحروب والتدخلات العسكرية والسياسية والثقافية في شؤون الدول الاخرى، وقد شوهت الحروب التي شنها بوش، صورة الولايات المتحدة الاميركية كحامية للديمقراطية وحقوق الانسان، وكمثال للقيم الاخلاقية.
فقد أبرزت استطلاعات الرأي الاميركية الحديثة ان شعبية الرئيس الأميركي جورج بوش، عند أدنى المستويات مقارنة بالذين دخلوا البيت الأبيض خلال نصف قرن، وأن غالبية الأميركيين يتوقون إلى اليوم الذي سيترك فيه بوش مقاليد السلطة. وأفادت تلك الاستطلاعات صعوبة مقارنة بوش بمعظم أسلافه، حيث اقتصرت نسبة الذين اعتبروه رئيساً جيداً على 31 في المئة، بينما صنفه 40 في المئة بأنه "رئيس سيئ"، في حين اعتبره 28 في المئة من أفراد العينة "أسوأ رئيس" مر في تاريخ الولايات المتحدة.
اذاً، لاول مرة في التاريخ، يشعر الاميركيون بمدى المآسي التي تنتهجها اداراتهم، ويذوقون الأسى، بالرغم من انهم لم يتساووا مع باقي العالم في الظلم، والتعسف وازدواجية المعايير التي اعتمدتها ادارة بوش.
هذا الترقب العالمي يعكس مدى الهوة التي باتت تفصل الاميركيين عن باقي الشعوب، والهوة التي تفصل بين الشعب الاميركي وادارته السابقة التي بدأت عهدها بتأييد مقبول تحول الى ما يشبه الاجماع بعد احداث 11 أيلول 2001 واعلان الحرب على الارهاب، لتنتهي بأدنى شعبية يمكن ان تصل لها ادارة اميركية او رئيس أميركي في تاريخ الولايات المتحدة منذ تأسيس الجمهورية.
وبالرغم من هذه النتائج على الصعيد المحلي، وبالرغم من الاستياء الاوروبي من سياسات بوش الأحادية، وبالرغم من ان جميع التدخلات التي قام بها الاميركيون بذريعة حماية أرواح المدنيين وحقوق الانسان، والتي خلّفت عدداً هائلاً من الضحايا المدنيين، وشردت الالاف من العراق وافغانستان، وبالرغم من الفضائح الاخلاقية والانسانية التي تمت في غوانتانامو، وسجن ابو غريب في العراق، الا ان بوش يقول انه يغادر البيت الابيض "فخورا" بالحصيلة التي حققها عهده، ومقتنعاً بأنه تصرف بما املاه عليه ضميره.
لا شك ان هذا القول، يفيد ان هناك قيماً انسانية يفقدها جورج بوش الابن، عندما يؤكد ان ضميره مرتاح، فلا صرخات الاطفال في العراق وغزة ولبنان وافغانستان جعلت ضميره يتعب، ولا ارتفاع اعداد الضحايا في صفوف المدنيين، بالاضافة الى عدم الاستقرار والتشرد، جعلته يعترف بأنه أخطأ في الحرب الشعواء التي اعلنها على الشعوب بذريعة الارهاب، ولم يستطع استئصاله.
هذا في الخارج، اما في الداخل الاميركي فكل الانهيارات المالية التي سببتها سياساته واندفاعاته، ولا أعداد الجنود القتلى من الجيش الاميركي التي فاق عددها اعداد ضحايا 11 أيلول، ولا المآسي التي حلت في العالم نتيجة لحربه، كانت كافية لوخزة ضمير من الرئيس بوش؟؟
كان العالم يتوقع من الرئيس الاميركي ان يلتزم القيم الاميركية التي لطالما تغنى بها الاميركيون، وهي الشفافية والمساءلة وتحمل المسؤولية، لو فعل، لكان على بوش ان يخرج الى العالم مودعاً بندم كبير، طالباً الغفران. لكن بوش غادر الحكم وودع العالم حاكماً ديكتاتورياً، فوق المساءلة والمحاسبة، تماماً كالحكام الديكتاتوريين الذين ادعى انه يحاربهم.
الانتقاد/ العدد 1330 ـ 23 كانون الثاني/ يناير 2009
ينتظر العالم بفارغ الصبر التغيير المرتقب في السياسة الاميركية، بعد رحيل الرئيس جورج بوش وحلول باراك اوباما في البيت الابيض مكانه، لعلّ السلام يحل في العالم بعد أن أشعل بوش وادارته الحرائق في مناطق كثيرة في العالم بذريعة مكافحة الارهاب، ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان بالقوة، ولم يستطيعوا اطفاء اي منها، ولم تبصر الديمقراطية النور في البلدان التي احرقوها، بل بات الناس يترحمون على الديكتاتورية ويتمنون عودتها.
واللافت ان الشعب الاميركي يتشارك مع باقي العالم في هذا التلهف لرحيل أسوأ رئيس للولايات المتحدة الاميركية، الذي كان عهده مزيجاً من الحروب والتدخلات العسكرية والسياسية والثقافية في شؤون الدول الاخرى، وقد شوهت الحروب التي شنها بوش، صورة الولايات المتحدة الاميركية كحامية للديمقراطية وحقوق الانسان، وكمثال للقيم الاخلاقية.
فقد أبرزت استطلاعات الرأي الاميركية الحديثة ان شعبية الرئيس الأميركي جورج بوش، عند أدنى المستويات مقارنة بالذين دخلوا البيت الأبيض خلال نصف قرن، وأن غالبية الأميركيين يتوقون إلى اليوم الذي سيترك فيه بوش مقاليد السلطة. وأفادت تلك الاستطلاعات صعوبة مقارنة بوش بمعظم أسلافه، حيث اقتصرت نسبة الذين اعتبروه رئيساً جيداً على 31 في المئة، بينما صنفه 40 في المئة بأنه "رئيس سيئ"، في حين اعتبره 28 في المئة من أفراد العينة "أسوأ رئيس" مر في تاريخ الولايات المتحدة.
اذاً، لاول مرة في التاريخ، يشعر الاميركيون بمدى المآسي التي تنتهجها اداراتهم، ويذوقون الأسى، بالرغم من انهم لم يتساووا مع باقي العالم في الظلم، والتعسف وازدواجية المعايير التي اعتمدتها ادارة بوش.
هذا الترقب العالمي يعكس مدى الهوة التي باتت تفصل الاميركيين عن باقي الشعوب، والهوة التي تفصل بين الشعب الاميركي وادارته السابقة التي بدأت عهدها بتأييد مقبول تحول الى ما يشبه الاجماع بعد احداث 11 أيلول 2001 واعلان الحرب على الارهاب، لتنتهي بأدنى شعبية يمكن ان تصل لها ادارة اميركية او رئيس أميركي في تاريخ الولايات المتحدة منذ تأسيس الجمهورية.
وبالرغم من هذه النتائج على الصعيد المحلي، وبالرغم من الاستياء الاوروبي من سياسات بوش الأحادية، وبالرغم من ان جميع التدخلات التي قام بها الاميركيون بذريعة حماية أرواح المدنيين وحقوق الانسان، والتي خلّفت عدداً هائلاً من الضحايا المدنيين، وشردت الالاف من العراق وافغانستان، وبالرغم من الفضائح الاخلاقية والانسانية التي تمت في غوانتانامو، وسجن ابو غريب في العراق، الا ان بوش يقول انه يغادر البيت الابيض "فخورا" بالحصيلة التي حققها عهده، ومقتنعاً بأنه تصرف بما املاه عليه ضميره.
لا شك ان هذا القول، يفيد ان هناك قيماً انسانية يفقدها جورج بوش الابن، عندما يؤكد ان ضميره مرتاح، فلا صرخات الاطفال في العراق وغزة ولبنان وافغانستان جعلت ضميره يتعب، ولا ارتفاع اعداد الضحايا في صفوف المدنيين، بالاضافة الى عدم الاستقرار والتشرد، جعلته يعترف بأنه أخطأ في الحرب الشعواء التي اعلنها على الشعوب بذريعة الارهاب، ولم يستطع استئصاله.
هذا في الخارج، اما في الداخل الاميركي فكل الانهيارات المالية التي سببتها سياساته واندفاعاته، ولا أعداد الجنود القتلى من الجيش الاميركي التي فاق عددها اعداد ضحايا 11 أيلول، ولا المآسي التي حلت في العالم نتيجة لحربه، كانت كافية لوخزة ضمير من الرئيس بوش؟؟
كان العالم يتوقع من الرئيس الاميركي ان يلتزم القيم الاميركية التي لطالما تغنى بها الاميركيون، وهي الشفافية والمساءلة وتحمل المسؤولية، لو فعل، لكان على بوش ان يخرج الى العالم مودعاً بندم كبير، طالباً الغفران. لكن بوش غادر الحكم وودع العالم حاكماً ديكتاتورياً، فوق المساءلة والمحاسبة، تماماً كالحكام الديكتاتوريين الذين ادعى انه يحاربهم.
الانتقاد/ العدد 1330 ـ 23 كانون الثاني/ يناير 2009