ارشيف من :أخبار لبنانية
شهادات جديدة حول المقاومة وتغييرها للمعادلات تفرض نفسها على اجواء مناقشة الاستراتيجية الدفاعية للبنان على طاولة الحوار
كتب علي عوباني
شهادة تلو اخرى نسمعها حول المقاومة ... ودراسات وابحاث معمقة حولها ...لكنها تبقى هي المقاومة... ليست بحاجة لكثير القول حتى تثبت احقيتها وصدقية منطقها ، فالانتصارات التي تحصدها تتكلم عن نفسها ، وهي ليست بحاجة الى جوقة او حفلات زجلية لتعبر عن وجودها ، ولا الى طاولات مستديرة او مستطيلية او غيرها ... هي التضحيات وحدها تتكلم وتثبت يوما بعد يوم جديتها وفعاليتها في تحرير الارض والانسان والدفاع عن الاهل والاحبة من اشرف الناس ، هي ارادة قتال صلبة لا تلين مهما عظمت التضحيات واشتدت الضغوطات ... هذه هي المقاومة اينما وجدت منطقها واحد وجذوتها واحدة .. في لبنان في غزة وفلسطين والعراق واينما كانت ...
هي المقاومة اثبتت وتثبت يوما بعد يوم ان لغة القوة هي اللغة الوحيدة القادرة على الحاق الهزيمة بالعدو وتكبيده الخسائر الفادحة واستنزافه حتى تتحقق المطالب المحقة ...فيا حبذا لو ان الذين التفوا حول طاولة القصر الجمهوري وفروا عنائهم وخبراتهم الاستراتيجية التي هبطت كالوحي على بعضهم لمناقشة امور ومسائل اخرى تعود بالنفع على اللبنانيين بدل ان يجادلوا المقاومة ويحاججوها فيما كل الوقائع على الارض تثبت ان منطقها هو الافعل من كل ما يتم التنظير له خصوصا وانها عبرت بنجاحاتها المتكررة والمستمرة اصدق تعبير عن فشل كل الخيارات الاخرى اذا كان بامكاننا ان نسميها بالخيارات اصلا ....
ولسنا هنا بحاجة لقول الكثير او لان نتمترس خلف خندق المقاومة للدفاع عنها فهي ليست بحاجة بالطبع لبضع كلمات تؤيدها رغم اهميتها ولكن دعونا نرى دونما تغاضي ما الذي حققته المقاومة في لبنان او غزة ، الم يخرج العدو من لبنان وهو يقول مرارا وتكرارا انه سيسعى للاستفادة من عبر عدوان تموز 2006 ، الم تتحدث الكليات الحربية الغربية عن تدريس تجربة المقاومة في كلياتها العسكرية ، الم نراقب ما خلصت اليه لجنة فينوغراد التي كلفت بالتحقيق في هزيمة العدو في لبنان ، الم نوثق ما كتبه كبار المحللين الصهاينة حول هزيمة العدو الصهيوني في لبنان ، الم نرى بام العين كيف تحرر اسرانا وكيف تحررت ارضنا المحتلة ...وكيف دافع المجاهدون عن لبنان وعن غزة بشراسة قل نظيرها ...واذا كان البعض منا لم يرى ذلك في لبنان فالتجربة تتكرر اليوم في غزة وبامكانه ان يعاود رؤية ما فاته من انتصارات حتى لا يأتي لاحقا ويطالب المقاومة بنزع سلاحها وهو يرتدي عباءة الوطنية التي لا تليق به ...
وفي هذا الاطار فانه بامكان من يتعامى عن واقع الحال اذا فاته كل ما سبق بامكانه ان يستمع الى مقابلة روبرت باير احد كبار المسؤولين في وكالة المخابرات الأميركية سابقا مع وكالة انتر بريس سيرفس (آي بي اس) والتي اعتبر فيها ان حزب الله وحركة حماس غيرا المفاهيم الحربية. موضحا انهما أعادا صياغة مفهوم الحرب جغرافيا. ومشيرا الى ان حزب الله حفر الخنادق وإستخدم تكنولوجية الألياف البصرية كوسيلة للإتصال ، بما يبرهن على مدى تطور أساليب مقاومته بحيث لا يمكن إختراقها. في وقت تسائل فيه باير من هو الجيش الذي يستخدم هذه الوسائل في أي مكان في العالم بإستثناء حزب الله؟. اما بالنسية لحماس فقد اكد روبرت باير ان الهجوم الاسرائيلي لم يؤثر على حماس قائلا حماس هي فكرة، لا منظمة. معتبرا انه لو ذهبت إسرائيل وأرغمت 1,5 مليون شخصا على الذهاب إلى مصر، فلن تقهر غزة. "يمكنهم (الإسرائيليون) أن يذهبوا ويذبحوا القادة ويسجنوا 10,000 فردا.. حماس ستخرج أكثر قوة ".
هذا غيض من فيض شهادات خبراء الغرب العسكريين والامنيين ، بما يشير الى ان استراتيجية المقاومة فرضت احترامها على العدو قبل الصديق ، فيما من المضحك المبكي في آن معا ان بعض من يعيشون من نعم انتصارات المقاومة وينعمون بها لا يزالون يشككون بين الفينة والاخرى بجديتها غير آبهين بكل انجازاتها ..مما يطرح تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة حول الخلفيات والغايات الحقيقية التي تكمن وراء مواقف هؤلاء ...
وفي هذا السياق فقد توزعت المواقف اليوم حول الاستراتيجية الدفاعية بلحاظ استمرار الدعم للمقاومة والتأييد لخيارها ونهجها من الاكثرية الشعبية والرسمية ، والشهادات بذلك توالت اليوم وكان آخرها ما جاء على لسان "منبر الوحدة الوطنية" الذي اعتبر في بيان له أن انتصار المقاومة في حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، ثم انتصار المقاومة في حرب إسرائيل على غزة في عام 2009، كان من شأنهما حسم مسألة الاستراتيجية الدفاعية التي شغلت لبنان واللبنانيين في سجالات لا نهاية لها منذ أعوام، وما زالت. موضحا ان المقاومة هي التي ينبغي أن تكون محور أي استراتيجية دفاعية في مواجهة العدوان الصهيوني في أي بلد عربي. داعيا الى تعميم تجربة المقاومة وإعادة النظر في بنية الجيش النظامي وتنظيمه وأساليب عمله وتجهيزه في دول المواجهة على النحو الذي يجعل الجيش النظامي أقرب ما يكون إلى التنظيم المقاوم".
بدوره اكد الامين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي فايز شكر خلال زيارته رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي، ان الاستراتيجية الدفاعية التي يطرحها البعض " بعيدة كل البعد عن مصلحة لبنان كوطن وكمؤسسات"، مشيراً الى ان " لبنان بلا مقاومة لا يساوي شيئا لانه مستهدف دائما، والانتهاكات الاسرائيلية التي يتعرض لها خير دليل على ذلك"، داعياً الفريق الآخر التعقل، "لإن حماية لبنان تكون تحت سقف المقاومة لان هذه هي مصلحته". واعتبر "أن الاستراتيجيات الدفاعية التي تطرح لا مكان لها على الاطلاق".
في المقابل اكد رئيس حزب "الكتائب" أمين الجميل خلال استقباله رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي في لبنان جورج كومينوس، انه لا ينعي الحوار، مشيرا الى انه يجب أن نسمع رأي حزب الله بوضوح أكثر حول الطاولة، وليس من خلال خطب لقيادات الحزب في البقاع والجنوب وبيروت والجبل، موضحاً ضرورة المناقشة بموضوعية وبمسؤولية.
من جهته اعتبر عضو كتلة "المستقبل" النيابية النائب سمير الجسر، في حديث الى قناة "العالم الإخبارية"، ان "مشروع الاستراتيجية الدفاعية الذي قدمه رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون غير واضح". موضحا أنه "تم العمل على تكليف لجنة مشتركة خاصة لدرس كل الاستراتيجيات الدفاعية التي قدمت الى طاولة الحوار"، مشيرا الى أن "مشروع الاستراتيجية الدفاعية الذي تقدم به رئيس تكتل التغيير والاصلاح الجنرال ميشال عون غير مفهوم وغير واضح".
وأعتبر أن "الجنرال لم يقدم اي تفسير لاستراتيجيته الدفاعية التي تقدم بها من اجل توضيح الهدف من تعميم المقاومة على الاراضي اللبنانية كافة ومن سيكون المسؤول عن قرار السلم والحرب في لبنان".