ارشيف من :آراء وتحليلات

فاصلة: الاحتيال الموالي... للبطش مجدداً!!

فاصلة: الاحتيال الموالي... للبطش مجدداً!!
كتب ليلى نقولا الرحباني
لم تكد الحرب على غزة تنتهي بوقف لاطلاق النار، حتى عادت الساحة الاعلامية والسياسية  اللبنانية الى حماوتها الانتخابية، وخاصة الساحة المسيحية.
طغى الخطاب المذهبي والطائفي المفتعل على الساحة المسيحية، في وقت انطلقت فيه بعض الحناجر والحملات المموهة لتعلن ما يسمى "الكتلة الوسطية" الموالية لرئيس الجمهورية، والتي تكون على مسافة واحدة من طرفي الصراع السياسي في لبنان.
وبغض النظر عن موقفنا من الخيار الوسطي، او مدى امكانية تحقيقه، وهو خيار قد يكون له مؤيدوه، الا ان شعار "الكتلة الوسطية" بحد ذاته كما طُرح، تشوبه بعض الشوائب، وتحتم اطلاق بعض التحليلات تجاهه:
- أولاً: ان مروجي هذا الطرح من النواب، لم يكونوا يوماً من الوسطيين في السياسة، بل كانوا رأس حربة في اطلاق المواقف المستفزة لكثير من الاطراف والداعمة لاطراف أخرى. واللافت ان طرح "الوسطية" يأتي من نواب ورجال "كل العهود"، فمن الكتائب الى القوات الى أمين الجميل وحبيقة، ثم الى السوريين، والرئيس اميل لحود، ومنها الى طاولة تكتل التغيير والاصلاح، كان الوزير "القبضاي" ميشال المر يتلون ويستقوي على خصومه السياسيين، بممالأة العهد، وقوى الامر الواقع، والآن يطرح نفسه وسطياً ضد تكتل التغيير والاصلاح، فكيف يكون "وسطياً" و"ضد"؟؟؟
- ثانياً: ان البعض ممن يعدون رئيس الجمهورية، بكتلة من خمسة الى ستة نواب، هل يضمنون له فوز هؤلاء في المناطق التي سيترشحون بها؟ أم إنهم يريدون توجيه ضربة للعهد في بداية حكمه، من خلال خسارة مدوية للنواب الذين سيترشحون باسمه ودعماً له؟
- ثالثاً: يعتبر البعض ممن يتقنون فن التزلف في السياسة، وتقديم الهدايا من جيوب الآخرين، ان على العماد عون وتكتل التغيير والاصلاح، اعطاء بعض النواب من حصتهم، وتقديم بعض المقاعد النيابية هدية للعهد، والسؤال الذي يُسأل: لماذا لا يقدم هؤلاء من حصتهم النيابية هدايا للرئيس بما أنهم مغرمون به الى هذه الدرجة؟
- رابعاً: محاولة تلطي الكثير من الاطراف السياسية التي تثير بعض الذكريات والمشاعر السيئة في الشارع المسيحي، بعباءة بكركي الدينية، والاستظلال بكرسي الرئاسة. وفي جميع الحالات، يبدو هؤلاء كمن يقول "داوني بالتي كانت هي الداء"، وذلك لمعرفتهم ان المجتمع المسيحي عبّر في أكثر من مناسبة وموقف انه ضد الممارسات الميليشياوية والطائفية والعنصرية التي يعتمدها هؤلاء، وبما أن حالهم هو الحال الذي وصلوا اليه، ولم يعد لديهم أي أمل في الوصول الى السلطة بالطرق الديمقراطية الصحيحة، انتقلوا الى الخيارات الاخرى التي تتجلى في مسارين، المسار الاول هو اذكاء نار المذهبية والطائفية وشحن النفوس، وممارسة الاعمال القذرة، على أمل أن يشتبكوا مع التيار الوطني الحر، فيكفر الناس بالاثنين، ويختارون سبيلاً ثالثاً، وهم في هذا الامر لا يخسرون شيئاً، بل يحاولون جر التيار الوطني الحر الى ملعبهم ما يؤدي الى خسارته.
اما المسار الثاني، فيتجلى في الاحتيال، وذلك من خلال بعض الطروحات المموهة، كالكتلة الوسطية. وبمراجعة بسيطة لتاريخهم، ومدى كرههم للمؤسسة العسكرية، ومدى تأييدهم للعماد ميشال سليمان وطروحاته، نستطيع أن نكشف زيف ادعاءاتهم بتأييد وصول كتلة مؤيدة للرئيس، الا في حال اعتبروا ان الرئيس قد يقدم على تعويم بعض الاسماء التي لفظها المجتمع المسيحي، او ان يقبل بما يسوق له من طروحات تجعل الكتلة الموالية له "قرنة شهوان 2".
"القوي يبطش والضعيف يحتال"، عبارة بلا شك، تصف فعلياً في السلوك الموالي وميليشياتهم على الساحة السياسية، فعندما امتلكوا القوة بطشوا وشنعوا وعذبوا ونكلوا بالناس، وعندما خسروها، يحاولون الاحتيال للعودة الى السلطة والبطش مجدداً.
الانتقاد/ العدد1331 ـ 30 كانون الثاني/ يناير 2009
2009-01-30