ارشيف من :ترجمات ودراسات
تيار المستقبل: رفيق الحريري عميل لـ"إسرائيل"!!

حزب الله وبسلاحه، الذي حرّر الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، بات فاقداً للشرعية، وهو يقوم بأعمال وممارسات إرهابية في الداخل بعد أن صوّب سلاحه إلى صدور اللبنانيين، وبدل أن يسلّم القتلة والمجرمين الذين ارتكبوا جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى العدالة الدولية يعمد إلى حمايتهم ويمارس سياسة التجديف بتطويبهم كقديسين، ولا تجد وسائل إعلام هذا الحزب وحلفائه سوى تشويه صورة عائلة الرئيس الشهيد من خلال التصويب على عائلته، وهذا يعدّ فشلاً في الرد على المواقف الحاسمة التي أوردها الرئيس سعد الحريري في مقابلته التلفزيونية الأخيرة... إن سلاح التضليل والترهيب إلى زوال عاجلاً أو آجلاً
هذه ليست مقدّمة المقال ولا خلاصته، بل هي تجميع حرفي مختصر لمقتطفات من مواقف ساقها ويسوقها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ونواب كتلة "المستقبليين" في إطار حملة منسّقة على حزب الله وسلاحه وأمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله، وهي حملة بدأت منذ الساعات الأولى لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، واستعرَت حماوتها إبّان وبعد حرب تموز 2006، واستمرت حدّتها بالتصاعد بعد سقوط حكومة سعد الحريري. ومن المتوقع أن يعلو سقفها بشكل مطّرد، بعد أن أعطت محكمة انطونيو كاسيزي في لاهاي الإشارة بالبدء من خلال إصدار الدفعة الأولى من القرار الاتهامي، وما تضمّنته من اتهام قياديين وكوادر من المقاومة الإسلامية بالضلوع في ارتكاب الجريمة النكراء.
وليس هذا المقال مخصّصاً للدفاع عن حزب الله والمقاومة وعن قائدها وكوادرها، ولا للتذكير بتاريخه الناصع وتجاربه وسمعته وأدائه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي طالما أعطى ويعطي نموذجاً عملياً وصادقاً عن الوطنية والانتماء طيلة سنوات مسيرته منذ التأسيس وحتى اليوم، بل هذا المقال مخصّص للدفاع عن الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي يتعرّض لحملة إدانة مباشرة من ابنه سعد ومن "تيار المستقبل" باتهامه بالعمالة لإسرائيل وارتهانه للقرارات الخارجية ولا سيما الأميركية منها، وهو ما يؤدي بشكل مقصود أو غير مقصود إلى تشويه صورة هذا الرجل وتاريخه.
لطالما أكّد وجاهر الرئيس الشهيد بدعمه للمقاومة ضد "إسرائيل" والتزامه بثوابت القضية الفلسطينية والخيار العربي الموحّد، وشارك بصوغ معادلة صمود لبنان ودعم مواقفه في المحافل الدولية ولا سيما خلال حرب "عناقيد الغضب" في نيسان عام 1996. ولكن لماذا يعمد هؤلاء إلى استهداف الرئيس الشهيد والطعن بوطنيته، وهو الذي دفع حياته ثمناً لهذه المواقف؟ ولماذا يصرّ هؤلاء على وضعه في خانة العمالة لإسرائيل مع أن الوقائع الميدانية أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن العدو كان يحضّر لاغتياله وعمل لفترة طويلة على مراقبة تحركاته في بيروت ومسار موكبه؟
يصرّ سعد الحريري ونوابه "المستقبليون" على اتهام المقاومة ـ التي حررت بسلاحها جنوب لبنان ـ بأنها التي تقف وراء اغتيال الحريري، استناداً إلى قرار اتهامي دولي وجزئي، وقبل انتهاء المهلة القانونية لاستدعاء "المتّهمين"، فضلاً عن بروز توقّعات بصدور جزء جديد من القرار يتضمن أسماء جديدة لبنانية وسورية يؤكد الاتهام الأول، هذا على الرغم من الدلائل والقرائن التي قدمتها المقاومة حول ضلوع "إسرائيل" بارتكاب الجريمة، وعلى الرغم من عدم مصداقية رأس هذه المحكمة وتورّط أغلب محققيها في التنسيق المباشر والانصياع الكامل للولايات المتحدة الأميركية و"إسرائيل".
وهذا الإصرار الحريري مستغرب جداً، بعيداً عن تأثره بتداعيات سقوط حكومته ونهجه المستقبلي والاتجاه الانتقامي والانفعالي، خصوصاً أن سعد يرفض حتى مجرد التفكير باحتمال تورط "إسرائيل" في عملية الاغتيال، وهذا بحد ذاته يطرح معادلة قد لا يكون الحريري الشاب ولا معاونوه ولا نوابه واعين لخطورتها، فإن الولايات المتحدة و"إسرائيل" تصنّفان حزب الله والمقاومة وقائدها في خانة العداء المطلق، ووصل إلى حد العداء الشخصي، بحيث أصبح شخص السيد نصر الله، وليس فقط حزبه ومقاومته لـ"إسرائيل"، هدفاً مادياً ومعنوياً لواشنطن وتل أبيب، إلى درجة أن الكثير من الغارات المدمّرة، التي شنّتها الطائرات الحربية الإسرائيلية ـ المسلّحة أميركياً ـ كان تستهدف شخص السيد نصر الله، باعتبار أن النجاح في قتله يحسم نصف المعركة، وفق ما أعلنه مسؤولو العدو مراراً.
وعليه كيف تتمظهر زوايا المعادلة؟
ـ واشنطن وتل أبيب تعتبران السيد نصر الله عدوا، وسعد الحريري يشن حملة شخصية على السيد نصر الله.
ـ واشنطن وتل أبيب تعتبران سلاح المقاومة إرهابيا وتسعيان للقضاء عليه ونزعه، وسعد الحريري يعتبر أن هذا السلاح ـ الذي حرّر جنوب لبنان ـ غير شرعي وإرهابي ويجب عزله.
ـ واشنطن وتل أبيب تعتبران أن إدانة حزب الله باغتيال الرئيس الحريري تعوّض الإخفاق في حرب تموز 2006، وسعد الحريري يصرّ على إدانة المقاومة بالوقوف وراء الجريمة وحماية وإخفاء القتلة والمجرمين.
ـ حزب الله والمقاومة قدّموا الدلائل على وقوف "إسرائيل" وراء اغتيال رفيق الحريري، وسعد الحريري يرفض هذه الدلائل، حتى إنه يرفض أخذ هذه الفرضية كمجرد احتمال!!
ـ حزب الله والمقاومة والسيد نصر الله يؤكدون أن "إسرائيل" قتلت الرئيس رفيق الحريري لإحداث فتنة مذهبية وطائفية في لبنان، وسعد الحريري يصرّ على اتهام حزب الله والمقاومة.
ـ حزب الله والمقاومة والسيد نصر الله يعتبرون الرئيس الحريري مقاوماً وشهيداً في محور الممانعة والعداء ضد " إسرائيل"، وسعد الحريري يتهم أعداء "إسرائيل" بقتل أبيه.
والخلاصة، إذا كان حزب الله والمقاومة والسيد نصر الله يقاتلون "إسرائيل"، ويقتلون جنودها وعملاءها، ففي أي خانة يضع الحريري الابن أباه الشهيد؟!! إلى أين يسير الحريري الشاب ومستقبليوه؟!!
رحمك الله يا شيخ رفيق...