ارشيف من :أخبار لبنانية

صفقة الأسرى لم تُبرم نهائياً ... لكن تقرير أراد لن يعرقلها

صفقة الأسرى لم تُبرم نهائياً ... لكن تقرير أراد لن يعرقلها

كتب حلمي موسى في "السفير"

ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، امس، ان تقرير "حزب الله" حول مساعيه لمعرفة مصير رون اراد، لن يعرقل تنفيذ الصفقة على الأغلب، الأسبوع المقبل، مشيرة في الوقت ذاته الى ان التقرير لم يصل بعد إلى "إسرائيل"، وإن كان مسؤول ملف الأسرى عوفر ديكل يتناقش عبر الوسيط الألماني غيرهارد كونراد مع "حزب الله" بشأن محتوياته قبل تسلمه.
وقد بدأت وحدات من الحاخامية العسكرية وسلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي، استخراج جثامين الشهداء الـ١٩٩ المدرجين في عملية التبادل التي أطلقت عليها اسم "التفوق الأخلاقي"، والتي أضيف إليها عنصر يتعلق بحرج السلطة الفلسطينية والحكومة الأردنية إزاء الصفقة وتبعاتها.
واعتبرت إسرائيل ان التوقيع الذي تم في ألمانيا على الصفقة، يوم أمس الأول، يعتبر توقيعاً فنياً، لأنه لا يعني إبراماً نهائياً لها. ولفت موقع
"يديعوت أحرنوت" إلى انه كان متوقعاً أن يتسلم رئيس الحكومة إيهود أولمرت، يوم أمس، تقرير أراد وسيقرر بعدها ما إذا كان سيرسل ديكل للتوقيع نهائياً على الصفقة وتنفيذها أم لا. وبالتبادل، فإن من حق "حزب الله" الاعتراض على عدم جدية تقرير "إسرائيل" حول الدبلوماسيين الإيرانيين وتأجيل توقيعه النهائي أيضاً.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ان عوفر ديكل وقع على الصفقة مع الوسيط الألماني في أوروبا، يوم الأحد، وان التوقيع يرمي إلى تحريك تنفيذ الصفقة، "كما أن استمرار التنفيذ مشروط بتوافر عناصر أخرى" تعمد البيان عدم ذكرها. وقد شدد على ان عملية الاستيضاح بين الوسيط الألماني و"حزب الله" بشأن تقرير أراد كانت لا تزال قائمة.
وبحسب ما نشر في "إسرائيل"، فإن مراحل الصفقة تبدأ بالتوقيع الفني على اتفاق التبادل، ثم تبادل التقريرين حول أراد والدبلوماسيين الإيرانيين. وبعد ذلك، يتم التوقيع النهائي على الصفقة ويتبادل الطرفان خلال أيام معطيات علمية تثبت أن الأمر يتعلق بالأسرى والمعتقلين المحددين في الصفقة وتخضع هذه المعطيات للفحص. وبعدها، يتقرر تنفيذ التبادل على الأغلب يوم الثلاثاء أو الأربعاء من الأسبوع المقبل، في معبر الناقورة، حيث سيتسلم لبنان سمير القنطار ورفاقه الأربعة وجثامين ١٩٩ شهيداً، بينما تتسلم "إسرائيل" إيهود غولدفيسر وإلداد ريغيف، حيين أو ميتين، وأشلاء إسرائيليين سقطوا في حرب لبنان الثانية.
وفي إطار الرغبة بتمرير الصفقة، رفعت الحكومة الإسرائيلية أمر تقرير رون أراد إلى مستوى القداسة، حيث رأت نظرياً أنه هو من سيحدد ما إذا كانت الصفقة ستنفذ أم لا. ولهذا السبب، فإن التنفيذ الرسمي للصفقة لن يبدأ إلا بعد أن تقر الحكومة الإسرائيلية في جلسة خاصة أن التقرير الوارد من "حزب الله" بهذا الشأن، جدي وكاف. وستعقد الحكومة وقادة الأجهزة الأمنية اجتماعات لتحديد جدية التقرير، ولكن ليس هناك من يشك في أن الصفقة ستنفذ، وأن النقاش حول التقرير في أسوأ الأحوال قد يؤدي إلى تأجيل التنفيذ بضعة أيام.
ولذلك فإن عوفر ديكل الموجود حالياً في ألمانيا، يحاول التأكد من محتويات التقرير قبل تسلمه (بين أمس واليوم) وعلى أمل أن يحتوي على أجوبة على أسئلة وضعتها "إسرائيل" استناداً إلى تقرير آخر كانت قد تسلمته من "حزب الله" في إطار صفقة الحنان تننباوم في العام ٢٠٠٤ وإلى أسئلة تتعلق بالمستجدات. كما أن تقرير "حزب الله" يحوي خرائط وصوراً ونتائج فحوص مخبرية أجراها طوال مهمة البحث عن مصير أراد.
وبين الأسئلة التي عرضها ديكل، ما يتعلق بالمستندات التي بنى عليها "حزب الله" استنتاجه بأن رون أراد ليس على قيد الحياة. كما أن ديكل يسأل عن أسماء الأشخاص وصفاتهم الذين استجوبهم "حزب الله" بهذا الشأن ومدى معرفتهم بقضية رون أراد. وهناك أيضاً أسئلة على نوعية الفحوص التي أجراها "حزب الله" من أجل أن يتضمن التقرير الجديد معطيات تستكمل التقرير السابق ولا تكون تكراراً لما جاء فيه.
ومع ذلك، فإن الانطباع السائد في "إسرائيل" هو أن التقرير الجديد لن يحمل معطيات جديدة، لأن الخلاصة هي أن "حزب الله" بذل أقصى الجهد ولم يستطع اختراق جدار المجهول. ويرى خبراء لهم سوابق في التعامل مع هذه القضية أن خلاصات "حزب الله" في تقريره الجديد ظرفية وهي تتركز حول معركة ميدون.
وقال رامي إيغرا الذي كان مسؤولاً عن ملف الأسرى والمفقودين في جهاز الموساد، إن نظرية اختفاء رون أراد في معركة ميدون هي النقيض التام لنظرية وصول أراد إلى أيد إيرانية. وشدد على انه يعتقد بان نظرية ميدون هي الأقرب إلى العقل خاصة أن جميع التحريات والتحقيقات، حتى مع المسؤول في حينه في حركة أمل مصطفى الديراني، لم تثبت البعد الإيراني. وشدد على أنه مثلما كانت تلك المعركة هي نقطة الفصل بين ما كانت تعلمه إسرائيل وما تجهله، فإن هذه المعركة هي الفاصلة في ما يعرفه »حزب الله« وما يجهله.
وأعاد إيغرا إلى الأذهان حقيقة ان قفل الغرفة التي كان أراد محتجزاً فيها على مقربة من ميدون، كسر من الداخل وليس من الخارج. ورأى ان ذلك يرجح احتمال أن يكون قد استغل المعركة للهرب وانه ربما لقي مصرعه في المنطقة الجبلية الوعرة المجاورة. وشدّد على انه لو كان للإيرانيين اي يد في الأمر لاستغلوه في مساومة إسرائيل على قضايا كثيرة عالقة، بينها قضية الدبلوماسيين الإيرانيين وأموال شركة أنبوب النفط إيلات ـ عسقلان التي كانت شركة إيرانية ـ إسرائيلية.
من جهته، أشار المحقق الصحافي في "يديعوت أحرنوت" رونين بيرغمان، إلى ان تقرير "إسرائيل" الذي سيسلم لـ"حزب الله" عن الدبلوماسيين الإيرانيين لا يحتوي فعلياً على أي جديد. وقال ان هذا التقرير هو خلاصة استجواب الموساد الإسرائيلي لرجل القوات اللبنانية روبير حاتم المعروف بلقب »كوبرا«، الذي أبلغ الإسرائيليين بالصوت والصورة أنه بعد اعتقال الإيرانيين على حاجز بين طرابلس وبيروت تم نقلهم إلى مقر قيادة القوات في الكرنتينا. وهناك، تم تعذيبهم بشدة لدرجة أن أحدهم توفى تحت التعذيب. وفي وقت لاحق، تم نقلهم إلى منطقة حرشية مجاورة أنشئت فيها حفر جيرية تم إعدامهم فيها بإطلاق النار على رؤوسهم. وبعد ذلك، تمت تغطيتهم بالجير الذي يذيب اللحم عن العظم ثم نقلوا إلى "جبل الأموات" الذي ألقيت فيه آلاف هياكل المعدومين.
ويتحدث التقرير عن سؤال الإسرائيليين لـ"كوبرا" حول مصير "الآبار الجيرية" في الكرنتينا، وبعدما حدد موقعها على صورة جوية تبين أنه أقيم عليها الآن موقف كبير للسيارات وبرج سكني.
وقد بدأت، يوم أمس، في مقبرة الأرقام، عملية استخراج جثامين الشهداء اللبنانيين والفلسطينيين الذين سيسلمون إلى "حزب الله". وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى ان عملية استخراج الجثامين تحتاج إلى ما لا يقل عن أربعة أيام. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن الجثامين ستوضع في توابيت »ثم تنقل إلى مكان آمن تجري فيه عملية المقارنة بين الجثامين وسجلات الجيش الإسرائيلي ثم تسلم الى الصليب الأحمر في معبر رأس الناقورة«. وبعد استخراج الجثامين، توضع في برادات خاصة تجمدها عملياً إلى حين تسليمها حتى لو تعرقلت الصفقة وتأخر التنفيذ شهوراً عديدة.
ومعلوم انه في الجانب الإسرائيلي، ستتخذ إجراءات قضائية عديدة قبل إتمام الصفقة وبينها العفو عن القنطار. وبحسب المعهود في إسرائيل، فإن على وزير العدل دانييل فريدمان (الذي عارض الصفقة) أن يوقع على وثيقة تسمى »انتهاء تواجد« يرتكز إليها لطلب العفو من الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز. وبعدها يمنح الجمهور ٤٨ ساعة للاعتراض على العفو لدى المحكمة العليا.
وقدمت، يوم أمس، عائلة الشرطي الإسرائيلي إلياهو شاحر، الذي قتل في العملية التي قادها سمير القنطار، التماساً إلى المحكمة العليا بقصد عرقلة صفقة التبادل. ويطالب ذوو القتيل بمنع إطلاق القنطار وامتناع بيريز عن العفو عنه. وطلبت المحكمة من الحكومة الإسرائيلية ان تقدم ردها على الالتماس اليوم. ومن المستبعد أن تتدخل المحكمة العليا في هذا الشأن الذي تعتبره سياسي الطابع، وبالتالي ليس من المتوقع حدوث مفاجآت بهذا الشأن.
غير أن »الأشواك« حول الصفقة ليست فقط رهناً بإسرائيل، فقد ذكرت »معاريف« تعقيدات أخرى. فإضافة إلى انتقادات بعض رجال السلطة الفلسطينية والتي نشرت في الأيام الأخيرة، يدور الحديث عن الشرك الذي تجد الحكومة الأردنية نفسها فيه مع أربعة أردنيين أفرجت عنهم "إسرائيل" شرط أن يبقيهم الأردن في سجونه لعام ونصف على الأقل.
وقد تضمنت صفقة الإفراج عنهم إلى الأردن بنداً يشير إلى إمكان تقليص الأردن لمحكومياتهم إذا أفرجت إسرائيل في صفقة تبادل عن معتقلين من المكانة ذاتها "أي الملطخة أياديهم بدماء الإسرائيليين". وبالإفراج عن القنطار، ستجد الحكومة الأردنية نفسها مجبرة على الإفراج عنهم قريباً في ظل مطالبة جماهيرية واسعة.

2008-07-08