ارشيف من :آراء وتحليلات
فريق 14 آذار خيبات متتالية على طريق الانتخابات والكتلة الوسطية تطلق الرصاص على نفسها

كتب مصطفى الحاج علي
الملاحظ منذ فترة أن فريق 14 آذار لا يكاد يوفق في أمرٍ، إذ ما من ملف يفتحه ليحوله إلى بازار انتخابي، وما من إجراء يعمد اليه ظناً منه أنه سيفيده انتخابياً أيضاً، إلا وتأتي النتائج عكس ما تجري رياح أطماع هذا الفريق ومشتهياته، ما طرح تساؤلاً حول أسباب هذه الخيبة المستمرة، فهل ذلك مرده إلى سوء تدبير سياسي، أم إلى لعنة مضمرة، أم إلى يأس عميق يدفع إلى استخدام أي ورقة تلوح بدون أي فحص أو تمحيص لأبعادها، واحتمالات نجاحها من فشلها.
هكذا كان حال هذا الفريق في مسألتين بارزتين: الأولى هي مسألة ملف التنصت في لبنان، والثانية هي مسألة الكتلة الوسطية.
بالنسبة لملف التنصت ظن هذا الفريق أنه يكفي استخدام مسألة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري، والمحاججة بضرورات الحرب على الإرهاب، والجرائم السياسية، للتغطية على ادعاءاته وافتراءاته، ولتحويل هذا الملف إلى ملف إدانة لوزير الاتصالات جبران باسيل أولاً بوصفه المعني مباشرة بهذا الملف، وللتيار الوطني الحر بشخص رئيسه ميشال عون ثانياً لأن الوزير باسيل محسوب عليه، وللنيل من المعارضة عموماً وحزب الله تحديداً، ثالثاً لكون التيار جزءاً لا يتجزأ من هذه المعارضة، ولكون علاقته بالحزب هي موضع استهداف دائم.
لكن فات هذا الفريق أنه ليس لدى المعارضة ما تخاف منه لأن الوزير باسيل غطى كل خطواته قانونياً، وهو بالتالي عمل على إعادة الأمور إلى نصابها، بعد أن خرجت عن حدها، وصولاً إلى التعدي على أهم حقوق المواطن في لبنان، وهو الحقوق التي تحمي خصوصياته، وأكثر من ذلك بلغ حد استخدام التنصت مبلغاً وصل إلى تحويله جزءاً من عمليات المنافسة والابتزاز السياسي والاقتصادي والمالي، بهذا المعنى نجحت المعارضة، لأنها أخذت على عاتقها الدفاع عن مسائل في غاية الأهمية: الدفاع عن الحريات الشخصية، الدفاع عن القانون وضرورة الالتزام به، وأخيراً نجاحها في خوض معركة رأي عام أحرجت إلى حدّ كبير فريق 14 شباط، دافعة إياه إلى التراجع شكلاً، والعمل من أجل تسوية، هي خطوة أساسية على طريق قوننة هذا الملف الشائك.
وأما بالنسبة إلى الكتلة الوسطية، فقد ظهرت خفايا هذه الفكرة، ومن يقف وراءها، ولأية أغراض، بواسطة القيمين عليها فعلاً: أولاً: هناك المرافعة التي قام بها كل من جنبلاط والحريري، حيث لم يخف كلاهما دعمه وتأييده لها، وأكثر من ذلك تبنى كل منهما لأسماء يتم دعمها انتخابياً.
ثانياً: هناك التشجيع الأميركي لهذه الفكرة، والذي نقل عن لسان وفد الكونغرس الأميركي الذي زار لبنان مؤخراً، حيث دعا إلى العمل على انتاج كتلة نيابية مستقلة بذريعة أن تجربة حكومة الوحدة الوطنية فشلت، وأن حصول المعارضة على الثلث المعطل أفضى إلى شلل عمل الحكومة والإدارة.
ثالثاً: هناك التنظير الفرنسي لفكرة الكتلة الوسطية، وهو التنظير الأخطر، نظراً لدواعيه. الفرنسي ردّ الحاجة إلى الكتلة الوسطية إلى اعتبارات عدة رتبها وفق التالي:
ـ إن فوز المعارضة بالأكثرية سيعني فوز حزب الله في إدارة لبنان.
ـ هذا الفوز سيعني نشوء وضع في لبنان شبيه بالوضع الذي نشأ في فلسطين بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية، والذي لم ولن يتحمله أحد خصوصاً الإسرائيلي.
ـ إن نشوء مثل هذا الوضع، ومع توقع وصول نتنياهو إلى الحكم سيعني أن لبنان مقبل على حرب جديدة.
من الواضح، أن الدوافع الحقيقية وراء كل هذه التبريرات التهويلية هي وجود قناعة قوية لدى هؤلاء جميعاً بأن المعارضة ستفوز بالأكثرية ولو نسبياً.
الانتقاد/ العدد1332 ـ 6 شباط/ فبراير 2009
الملاحظ منذ فترة أن فريق 14 آذار لا يكاد يوفق في أمرٍ، إذ ما من ملف يفتحه ليحوله إلى بازار انتخابي، وما من إجراء يعمد اليه ظناً منه أنه سيفيده انتخابياً أيضاً، إلا وتأتي النتائج عكس ما تجري رياح أطماع هذا الفريق ومشتهياته، ما طرح تساؤلاً حول أسباب هذه الخيبة المستمرة، فهل ذلك مرده إلى سوء تدبير سياسي، أم إلى لعنة مضمرة، أم إلى يأس عميق يدفع إلى استخدام أي ورقة تلوح بدون أي فحص أو تمحيص لأبعادها، واحتمالات نجاحها من فشلها.
هكذا كان حال هذا الفريق في مسألتين بارزتين: الأولى هي مسألة ملف التنصت في لبنان، والثانية هي مسألة الكتلة الوسطية.
بالنسبة لملف التنصت ظن هذا الفريق أنه يكفي استخدام مسألة التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري، والمحاججة بضرورات الحرب على الإرهاب، والجرائم السياسية، للتغطية على ادعاءاته وافتراءاته، ولتحويل هذا الملف إلى ملف إدانة لوزير الاتصالات جبران باسيل أولاً بوصفه المعني مباشرة بهذا الملف، وللتيار الوطني الحر بشخص رئيسه ميشال عون ثانياً لأن الوزير باسيل محسوب عليه، وللنيل من المعارضة عموماً وحزب الله تحديداً، ثالثاً لكون التيار جزءاً لا يتجزأ من هذه المعارضة، ولكون علاقته بالحزب هي موضع استهداف دائم.
لكن فات هذا الفريق أنه ليس لدى المعارضة ما تخاف منه لأن الوزير باسيل غطى كل خطواته قانونياً، وهو بالتالي عمل على إعادة الأمور إلى نصابها، بعد أن خرجت عن حدها، وصولاً إلى التعدي على أهم حقوق المواطن في لبنان، وهو الحقوق التي تحمي خصوصياته، وأكثر من ذلك بلغ حد استخدام التنصت مبلغاً وصل إلى تحويله جزءاً من عمليات المنافسة والابتزاز السياسي والاقتصادي والمالي، بهذا المعنى نجحت المعارضة، لأنها أخذت على عاتقها الدفاع عن مسائل في غاية الأهمية: الدفاع عن الحريات الشخصية، الدفاع عن القانون وضرورة الالتزام به، وأخيراً نجاحها في خوض معركة رأي عام أحرجت إلى حدّ كبير فريق 14 شباط، دافعة إياه إلى التراجع شكلاً، والعمل من أجل تسوية، هي خطوة أساسية على طريق قوننة هذا الملف الشائك.
وأما بالنسبة إلى الكتلة الوسطية، فقد ظهرت خفايا هذه الفكرة، ومن يقف وراءها، ولأية أغراض، بواسطة القيمين عليها فعلاً: أولاً: هناك المرافعة التي قام بها كل من جنبلاط والحريري، حيث لم يخف كلاهما دعمه وتأييده لها، وأكثر من ذلك تبنى كل منهما لأسماء يتم دعمها انتخابياً.
ثانياً: هناك التشجيع الأميركي لهذه الفكرة، والذي نقل عن لسان وفد الكونغرس الأميركي الذي زار لبنان مؤخراً، حيث دعا إلى العمل على انتاج كتلة نيابية مستقلة بذريعة أن تجربة حكومة الوحدة الوطنية فشلت، وأن حصول المعارضة على الثلث المعطل أفضى إلى شلل عمل الحكومة والإدارة.
ثالثاً: هناك التنظير الفرنسي لفكرة الكتلة الوسطية، وهو التنظير الأخطر، نظراً لدواعيه. الفرنسي ردّ الحاجة إلى الكتلة الوسطية إلى اعتبارات عدة رتبها وفق التالي:
ـ إن فوز المعارضة بالأكثرية سيعني فوز حزب الله في إدارة لبنان.
ـ هذا الفوز سيعني نشوء وضع في لبنان شبيه بالوضع الذي نشأ في فلسطين بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية، والذي لم ولن يتحمله أحد خصوصاً الإسرائيلي.
ـ إن نشوء مثل هذا الوضع، ومع توقع وصول نتنياهو إلى الحكم سيعني أن لبنان مقبل على حرب جديدة.
من الواضح، أن الدوافع الحقيقية وراء كل هذه التبريرات التهويلية هي وجود قناعة قوية لدى هؤلاء جميعاً بأن المعارضة ستفوز بالأكثرية ولو نسبياً.
الانتقاد/ العدد1332 ـ 6 شباط/ فبراير 2009