ارشيف من :آراء وتحليلات
الاعتدال المر: حقد دفين منذ 2005

كتب ليلى نقولا الرحباني
ترتفع الحماوة الانتخابية يوماً بعد يوم، وتتكاثر الاسماء المرشحة او التي تبرز على الإعلام تمهيداً لترشحها. ولعل من استبق الأحداث وفتح معركة انتخابية حامية قبل شهور من الانتخابات، واستعجل في اعلان نفسه مرشحاً، هو الوزير السابق ميشال المر، اذ إنه الأكثر شعوراً بحاجته الى القيام بجهد اضافي وتحفيز انتخابي استثنائي لعلمه بأنه قد يُمنى بهزيمة سياسية وانتخابية بعد سنوات طوال من التربع على عرش مقعد نيابي حجزه له السوريون، وأغدقوا عليه العطاء فسمحوا له بتشكيل لائحة وترؤسها، وما إن رحلوا حتى بان كل شيء على حقيقته.
ولعل ما يقلق المر في هذا الظرف بالذات، أنه بات مكشوفا تماماً لدى الرأي العام. فالوسطية التي طرحها حرقته قبل غيره، وتنصل منها أصحاب الشأن. هذا اضافة الى ان ما قام به سابقاً من مؤامرات على المعارضة خلال جلوسه على طاولة تكتل التغيير والإصلاح، كُشف تماماً لدى الرأي العام.
كانت انتخابات المتن الفرعية مهمة جداً في انكشاف "أبو الياس"، فقد بيّنت الأرقام حجمه الانتخابي، وكشفت ما قام به من تحالف تحت الطاولة مع أمين الجميل، لم تؤدِّ الى خسارة التيار الوطني الحر ومرشحه الدكتور كميل خوري. ولعل ما صرح به هذا الأسبوع يكشف السبب الحقيقي للخيانات المتتالية التي كان يقوم بها للتكتل الذي انضوى فيه منذ عام 2005. فالتحليل السيكولوجي لعبارة كالتي قالها وهي: "قدمنا أنفسنا ضحية للعماد عون عام 2005، باعتبار انه قادم من باريس ومعه عباقرة كنبيل نقولا وكميل خوري وآخرين، لكننا دفعنا الثمن، حيث إنني لم أنل صوتاً واحداً منهم وشطبوا اسمي بـ(8.000) صوت، وحصلت أنا على (48.000) صوت، وهؤلاء "الجلابيط" أخذوا (56.000) صوت". هذه العبارة تشير بما لا يقبل الشك الى ان حقداً هائلاً يعتمل في نفس المر منذ انتخابات 2005، وأنه يتحين الفرصة المناسبة لفعل أي شيء يستطيع من خلاله ان ينتقم من تكتل التغيير والإصلاح ونوابه.
ثم ان ادخال اسم كميل خوري الى لائحة 2005 وهو لم يكن مرشحاً خلالها، يؤكد ان المر لم يجيّر أي صوت انتخابي لكميل خوري، وذلك لأن رأيه فيه أنه "لا يستحق النيابة"، وذلك لأن الصفات التي يتمتع بها خوري وهي العصامية والثبات على المبادئ لا تناسب المر.. فلكي يعجب المر ويحالفه يجب ان يكون إقطاعياً أو طائفياً أو "قبضاياً" يمارس سلطة وإرهابا ويستغل حاجة المواطنين ولقمة عيشهم لإجبارهم على التصويت له.
أما عنوان اللائحة التي أعلنها المر وهي "لائحة الاعتدال المسيحي"، فهي تذكرنا بأمرين اثنين:
أولاً: تعيد هذه التسمية الى الأذهان التصنيف الذي أطلقه النائب وليد جنبلاط على أشخاص مثل نسيب لحود وغيره، عندما صنفهم بأنهم معتدلون في وجه المتطرفين، وهم "التيار الوطني الحر"، حين كان معيار التطرف والاعتدال برأي جنبلاط هو الموالاة لعبد الحليم خدام وسواه من رموز المخابرات السورية.
ثانياً: ان هذه الصفة تشير الى ممولي المر وداعميه الأميركيين، لأنهم هم بالضبط من يطلقون صفة الاعتدال على حلفائهم دائما، ويسمون الآخرين "بالتطرف". فبالنسبة الى الأميركيين، السعوديون الذين يدعمون التطرف الأصولي التكفيري، والذين ثبت ضلوع العديد من مواطنيهم بتفجيرات (11 أيول)، هم المعتدلون! والنظام المصري الذي يجوّع شعبه ويقمع الحريات ويكمّ الأفواه هو "الاعتدال بعينه"! اضافة الى لائحة طويلة من الأتباع "المعتدلين"، كالسنيورة وأبي مازن والأمير عبد الله وغيرهم.
والآن، بعد همروجة المر، يبدو ان لوائح الاعتدال الأميركية ستتوالى، فمن لائحة "الاعتدال العربي" الى لوائح الاعتدال المسيحي، فالشيعي، والسبحة تكر.. وعلى كل طالب مقعد نيابي ان يستظل عناية السفارة الأميركية ووليد بك، ليطلقوا عليه اسم الاعتدال، ويبقى لأصحاب العزة والكرامة، وأصحاب المواقف الوطنية الصلبة، والمتمسكين بالسيادة والاستقلال، ألقاب "التطرف" و"الإرهاب". فمرحبا بالتطرف إذا كان الطبق المعتدل على هذه الشاكلة.
الانتقاد/ العدد1332 ـ 6 شباط/ فبراير 2009
ترتفع الحماوة الانتخابية يوماً بعد يوم، وتتكاثر الاسماء المرشحة او التي تبرز على الإعلام تمهيداً لترشحها. ولعل من استبق الأحداث وفتح معركة انتخابية حامية قبل شهور من الانتخابات، واستعجل في اعلان نفسه مرشحاً، هو الوزير السابق ميشال المر، اذ إنه الأكثر شعوراً بحاجته الى القيام بجهد اضافي وتحفيز انتخابي استثنائي لعلمه بأنه قد يُمنى بهزيمة سياسية وانتخابية بعد سنوات طوال من التربع على عرش مقعد نيابي حجزه له السوريون، وأغدقوا عليه العطاء فسمحوا له بتشكيل لائحة وترؤسها، وما إن رحلوا حتى بان كل شيء على حقيقته.
ولعل ما يقلق المر في هذا الظرف بالذات، أنه بات مكشوفا تماماً لدى الرأي العام. فالوسطية التي طرحها حرقته قبل غيره، وتنصل منها أصحاب الشأن. هذا اضافة الى ان ما قام به سابقاً من مؤامرات على المعارضة خلال جلوسه على طاولة تكتل التغيير والإصلاح، كُشف تماماً لدى الرأي العام.
كانت انتخابات المتن الفرعية مهمة جداً في انكشاف "أبو الياس"، فقد بيّنت الأرقام حجمه الانتخابي، وكشفت ما قام به من تحالف تحت الطاولة مع أمين الجميل، لم تؤدِّ الى خسارة التيار الوطني الحر ومرشحه الدكتور كميل خوري. ولعل ما صرح به هذا الأسبوع يكشف السبب الحقيقي للخيانات المتتالية التي كان يقوم بها للتكتل الذي انضوى فيه منذ عام 2005. فالتحليل السيكولوجي لعبارة كالتي قالها وهي: "قدمنا أنفسنا ضحية للعماد عون عام 2005، باعتبار انه قادم من باريس ومعه عباقرة كنبيل نقولا وكميل خوري وآخرين، لكننا دفعنا الثمن، حيث إنني لم أنل صوتاً واحداً منهم وشطبوا اسمي بـ(8.000) صوت، وحصلت أنا على (48.000) صوت، وهؤلاء "الجلابيط" أخذوا (56.000) صوت". هذه العبارة تشير بما لا يقبل الشك الى ان حقداً هائلاً يعتمل في نفس المر منذ انتخابات 2005، وأنه يتحين الفرصة المناسبة لفعل أي شيء يستطيع من خلاله ان ينتقم من تكتل التغيير والإصلاح ونوابه.
ثم ان ادخال اسم كميل خوري الى لائحة 2005 وهو لم يكن مرشحاً خلالها، يؤكد ان المر لم يجيّر أي صوت انتخابي لكميل خوري، وذلك لأن رأيه فيه أنه "لا يستحق النيابة"، وذلك لأن الصفات التي يتمتع بها خوري وهي العصامية والثبات على المبادئ لا تناسب المر.. فلكي يعجب المر ويحالفه يجب ان يكون إقطاعياً أو طائفياً أو "قبضاياً" يمارس سلطة وإرهابا ويستغل حاجة المواطنين ولقمة عيشهم لإجبارهم على التصويت له.
أما عنوان اللائحة التي أعلنها المر وهي "لائحة الاعتدال المسيحي"، فهي تذكرنا بأمرين اثنين:
أولاً: تعيد هذه التسمية الى الأذهان التصنيف الذي أطلقه النائب وليد جنبلاط على أشخاص مثل نسيب لحود وغيره، عندما صنفهم بأنهم معتدلون في وجه المتطرفين، وهم "التيار الوطني الحر"، حين كان معيار التطرف والاعتدال برأي جنبلاط هو الموالاة لعبد الحليم خدام وسواه من رموز المخابرات السورية.
ثانياً: ان هذه الصفة تشير الى ممولي المر وداعميه الأميركيين، لأنهم هم بالضبط من يطلقون صفة الاعتدال على حلفائهم دائما، ويسمون الآخرين "بالتطرف". فبالنسبة الى الأميركيين، السعوديون الذين يدعمون التطرف الأصولي التكفيري، والذين ثبت ضلوع العديد من مواطنيهم بتفجيرات (11 أيول)، هم المعتدلون! والنظام المصري الذي يجوّع شعبه ويقمع الحريات ويكمّ الأفواه هو "الاعتدال بعينه"! اضافة الى لائحة طويلة من الأتباع "المعتدلين"، كالسنيورة وأبي مازن والأمير عبد الله وغيرهم.
والآن، بعد همروجة المر، يبدو ان لوائح الاعتدال الأميركية ستتوالى، فمن لائحة "الاعتدال العربي" الى لوائح الاعتدال المسيحي، فالشيعي، والسبحة تكر.. وعلى كل طالب مقعد نيابي ان يستظل عناية السفارة الأميركية ووليد بك، ليطلقوا عليه اسم الاعتدال، ويبقى لأصحاب العزة والكرامة، وأصحاب المواقف الوطنية الصلبة، والمتمسكين بالسيادة والاستقلال، ألقاب "التطرف" و"الإرهاب". فمرحبا بالتطرف إذا كان الطبق المعتدل على هذه الشاكلة.
الانتقاد/ العدد1332 ـ 6 شباط/ فبراير 2009