ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: الكود السري لـ"الاعتدل الاسرائيلي"

كتبت ليلى نقولا الرحباني
تنشغل الساحتان السياسية والاعلامية دولياً وإقليمياً بتحليل نتائج الانتخابات الاسرائيلية وتداعياتها على صعيد المنطقة وعلى قضية الصراع العربي الاسرائيلي، وعلى صعيد السياسة الاسرائيلية المرتقبة تجاه عملية التسوية.
وبغض النظر عمن يمكن أن يتولى رئاسة الحكومة الاسرائيلية، وكيف سيكون شكل الائتلاف الحكومي، الا ان التباكي على عملية السلام من الذين يتهمون التطرف العربي عامة والفلسطيني خاصة كحركتي حماس والجهاد الاسلامي بأنهم دفعوا المجتمع الاسرائيلي الى التطرف وانتخاب اليمين المتشدد، يؤكد أن هناك تعمية ما، وأن الدعاية السياسية المعادية لخيار المقاومة اما انها لا تقرأ، وإما أنها تتكل على ان الجمهور العربي لا يقرأ.
إذا أخذنا على سبيل المثال المواقف التي أطلقها القادة الاسرائيليون المرشحون للانتخابات في مؤتمر هرتسيليا الذي انعقد عشية الانتخابات الاسرائيلية، نلاحظ ان المواقف الاسرائيلية لم يختلف بعضها عن بعض، ولم تتباين في جوهرها. فالذي يميز خطاب تسيبي ليفني عن ليبرمان هو العبارات المنمقة فحسب، اذ انها دعت صراحة الى "يهودية الدولة الاسرائيلية وعدم تحولها الى دولة ثنائية القومية". أي انها لم تختلف في خطابها العنصري عن ليبرمان الذي عبّر بفاشية أكبر ضد العرب، وطالب السلطات "بإجبارهم على منح الولاء للدولة والالتحاق بالخدمة العسكرية". مضيفاً: "ان العرب يتمتعون في دولة إسرائيل بكل الحقوق، لكن ليس لديهم أي حق على دولة إسرائيل".. بينما هاجم نتنياهو الحكومة الاسرائيلية "التي أوقفت هذه العملية العسكرية في وقت مبكر، ولم تسمح لجنود الجيش الإسرائيلي باستكمال مهمتهم".. ووعد الاسرائيليين بعهد جديد من القوة ينهي عهد الضعف. والأسئلة التي تتبادر حيال خطاب نتنياهو: ما هي المهمة التي كانت موكلة الى الجيش ولم يستكملها؟ هل هي إبادة الفلسطينيين بأكملهم؟ ثم اذا اعتبرنا ان عهد الضعف او عهد كاديما كان العهد الذي شنت فيه حرب لبنان الثانية، وجرت فيه محرقة غزة مطلع سنة 2008 والإبادة في اواخرها، فما سيكون عليه عهد القوة "الليكودي"؟ وكم حرباً سيشن؟
اما "الحمامة" ايهود باراك، فقد دعا إلى التوصل لاتفاق سلام بين "إسرائيل" والفلسطينيين استنادا إلى "مبادرة السلام السعودية" التي طُرحت قبل سبع سنوات.
وهنا على القارئ العربي الانتباه جيداً الى تعبير "المبادرة السعودية" التي يشير اليها باراك، فهي المبادرة الاساسية التي لم تكن تشمل بنداً حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والتي بعد أن صادقت عليها القمة العربية في بيروت التي انعقدت في آذار 2002 وأصبحت تشمل بنداً حول حق العودة الذي ترفضه "إسرائيل" بشدة، باتت تعرف باسم "مبادرة السلام العربية" وليس السعودية.. وفي هذا التفاف من باراك على المفردات وإيهام العرب بالسلام الذي لن يقبله الاسرائيليون الا على طريقتهم ومناسباً لمصالحهم التي ستضر حتماً بحقوق الفلسطينيين المحقة وتطمسها.
هذا بالنسبة الى الموضوع الفلسطيني، اما في الشق اللبناني او ما يطلق عليه الاسرائيليون اسم "الجبهة الشمالية"، فيجمع القادة الاسرائيليون على ضرورة استعادة الهيبة والردع، ويبقى على اللبنانيين الانتباه جيداً، لأن المأزق السياسي الذي قد تعيشه "اسرائيل" بسبب الانقسام الحكومي وعدم قدرة أي حزب على تشكيل الحكومة بشكل يسمح له بالسيطرة على قراراتها، قد يدفع الاسرائيليين للهروب الى الامام، ومحاولة المغامرة بشن حرب تأديبية للبنان لانتصاره في حرب تموز.
لا شك في ان الاسرائيليين وأحزابهم التي وصلت الى السلطة في "اسرائيل"، تختلف في المظهر والتعابير بين "يمين" و"يسار" و"معتدل"، ولكنها بالتأكيد من طينة واحدة، وتؤمن بالمبادئ ذاتها. ولعل أفضل من عبّر عن هذه المعادلة هو عكيفا ألدار الكاتب في "هآرتس"، عندما قال ان "الكود" السري لكاديما يكمن في المعادلة التي وضعها رؤوبين إدلر وقادت شارون وأولمرت إلى السلطة، ووصلت إلى ليفني، والتي مفادها: "اقتل أكثر ما يمكن العرب وتحدث أكثر ما يمكن عن السلام".
الانتقاد/ العدد1333 ـ 13 شباط/ فبراير 2009
تنشغل الساحتان السياسية والاعلامية دولياً وإقليمياً بتحليل نتائج الانتخابات الاسرائيلية وتداعياتها على صعيد المنطقة وعلى قضية الصراع العربي الاسرائيلي، وعلى صعيد السياسة الاسرائيلية المرتقبة تجاه عملية التسوية.
وبغض النظر عمن يمكن أن يتولى رئاسة الحكومة الاسرائيلية، وكيف سيكون شكل الائتلاف الحكومي، الا ان التباكي على عملية السلام من الذين يتهمون التطرف العربي عامة والفلسطيني خاصة كحركتي حماس والجهاد الاسلامي بأنهم دفعوا المجتمع الاسرائيلي الى التطرف وانتخاب اليمين المتشدد، يؤكد أن هناك تعمية ما، وأن الدعاية السياسية المعادية لخيار المقاومة اما انها لا تقرأ، وإما أنها تتكل على ان الجمهور العربي لا يقرأ.
إذا أخذنا على سبيل المثال المواقف التي أطلقها القادة الاسرائيليون المرشحون للانتخابات في مؤتمر هرتسيليا الذي انعقد عشية الانتخابات الاسرائيلية، نلاحظ ان المواقف الاسرائيلية لم يختلف بعضها عن بعض، ولم تتباين في جوهرها. فالذي يميز خطاب تسيبي ليفني عن ليبرمان هو العبارات المنمقة فحسب، اذ انها دعت صراحة الى "يهودية الدولة الاسرائيلية وعدم تحولها الى دولة ثنائية القومية". أي انها لم تختلف في خطابها العنصري عن ليبرمان الذي عبّر بفاشية أكبر ضد العرب، وطالب السلطات "بإجبارهم على منح الولاء للدولة والالتحاق بالخدمة العسكرية". مضيفاً: "ان العرب يتمتعون في دولة إسرائيل بكل الحقوق، لكن ليس لديهم أي حق على دولة إسرائيل".. بينما هاجم نتنياهو الحكومة الاسرائيلية "التي أوقفت هذه العملية العسكرية في وقت مبكر، ولم تسمح لجنود الجيش الإسرائيلي باستكمال مهمتهم".. ووعد الاسرائيليين بعهد جديد من القوة ينهي عهد الضعف. والأسئلة التي تتبادر حيال خطاب نتنياهو: ما هي المهمة التي كانت موكلة الى الجيش ولم يستكملها؟ هل هي إبادة الفلسطينيين بأكملهم؟ ثم اذا اعتبرنا ان عهد الضعف او عهد كاديما كان العهد الذي شنت فيه حرب لبنان الثانية، وجرت فيه محرقة غزة مطلع سنة 2008 والإبادة في اواخرها، فما سيكون عليه عهد القوة "الليكودي"؟ وكم حرباً سيشن؟
اما "الحمامة" ايهود باراك، فقد دعا إلى التوصل لاتفاق سلام بين "إسرائيل" والفلسطينيين استنادا إلى "مبادرة السلام السعودية" التي طُرحت قبل سبع سنوات.
وهنا على القارئ العربي الانتباه جيداً الى تعبير "المبادرة السعودية" التي يشير اليها باراك، فهي المبادرة الاساسية التي لم تكن تشمل بنداً حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والتي بعد أن صادقت عليها القمة العربية في بيروت التي انعقدت في آذار 2002 وأصبحت تشمل بنداً حول حق العودة الذي ترفضه "إسرائيل" بشدة، باتت تعرف باسم "مبادرة السلام العربية" وليس السعودية.. وفي هذا التفاف من باراك على المفردات وإيهام العرب بالسلام الذي لن يقبله الاسرائيليون الا على طريقتهم ومناسباً لمصالحهم التي ستضر حتماً بحقوق الفلسطينيين المحقة وتطمسها.
هذا بالنسبة الى الموضوع الفلسطيني، اما في الشق اللبناني او ما يطلق عليه الاسرائيليون اسم "الجبهة الشمالية"، فيجمع القادة الاسرائيليون على ضرورة استعادة الهيبة والردع، ويبقى على اللبنانيين الانتباه جيداً، لأن المأزق السياسي الذي قد تعيشه "اسرائيل" بسبب الانقسام الحكومي وعدم قدرة أي حزب على تشكيل الحكومة بشكل يسمح له بالسيطرة على قراراتها، قد يدفع الاسرائيليين للهروب الى الامام، ومحاولة المغامرة بشن حرب تأديبية للبنان لانتصاره في حرب تموز.
لا شك في ان الاسرائيليين وأحزابهم التي وصلت الى السلطة في "اسرائيل"، تختلف في المظهر والتعابير بين "يمين" و"يسار" و"معتدل"، ولكنها بالتأكيد من طينة واحدة، وتؤمن بالمبادئ ذاتها. ولعل أفضل من عبّر عن هذه المعادلة هو عكيفا ألدار الكاتب في "هآرتس"، عندما قال ان "الكود" السري لكاديما يكمن في المعادلة التي وضعها رؤوبين إدلر وقادت شارون وأولمرت إلى السلطة، ووصلت إلى ليفني، والتي مفادها: "اقتل أكثر ما يمكن العرب وتحدث أكثر ما يمكن عن السلام".
الانتقاد/ العدد1333 ـ 13 شباط/ فبراير 2009