ارشيف من :أخبار لبنانية
تحرير الأسرى استكمال لمنظومة الردع وحاجة وطنية لبنانية

كتب علي حيدر
احتلت قضية تبادل الاسرى بين "اسرائيل" وحزب الله، مكانة متقدمة في اهتمامات الساحتين اللبنانية والعربية، اما اسرائيليا فقد تصدرت هذه القضية الاهتمامات الاعلامية والسياسية. وفي هذا السياق تناول المعلقون الاسرائيليون هذه العملية شرحا وتحليلا، واجمعوا على ان ما يجري يشكل ضربة قاسية لاسرائيل.
فأي أبعاد تنطوي عليها عملية تبادل الأسرى بين حزب الله و"إسرائيل"؟
- لا شك أن تحرير الأسرى والمعتقلين، أحياءً كانوا أم شهداء، يشكل احد الأهداف الرئيسية لأي مقاومة شريفة وجادة وفاعلة. ومن هنا كان إصرار حزب الله على تحريرهم ولجوؤه، أمام انسداد الأبواب الأخرى، إلى اسر جنود اسرائيليين لتحقيق هذا الهدف. لذلك فإن رضوخ العدو لمبدأ التبادل يشكل تحقيقا لأحد أهداف المقاومة الرئيسية. وعليه فإن أصل إجراء عملية تبادل الاسرى يعتبر، بحق، انجازا عملانيا نوعيا للمقاومة.
- لكن هذا الانجاز يتجاوز بعده العملاني، المتصل بتحرير الأسرى، وينطوي على أبعاد سياسية وإستراتيجية ومعنوية. انطلاقا من أن اسر جنود العدو شكل المبرر الظاهري لشن أطول حرب تخوضها "إسرائيل" في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، على حزب الله ولبنان. كما ان تحرير الاسرى شكل احد شعارات العدو في هذه الحرب، ولذلك فإن رضوخ العدو لشروط حزب الله في عملية التبادل، ليس ناتجا فقط عن القدرات التفاوضية المذهلة لقيادة حزب الله، بل هو كاشف ايضا عن حقيقة نتيجة هذه الحرب، وما ترتب عليها من معادلات في المنطقة. هذا الى جانب النتائج النفسية والمعنوية التي بدأت تظهر في صفوف جماهير المقاومة والعدو على حد سواء، كلّ بحسب موقعه من العملية ونظرته لها.
- الى جانب ما تمثله عملية التبادل في هذه اللحظة السياسية من أداة كشف...، فإنها تستكمل منظومة الردع التي أرساها حزب الله في مقابل جيش العدو. إذ بعدما فرض حزب الله توازنا للردع في مواجهة أي تجاوز لقواعد الصراع: اغتيالات، استهداف البنى التحتية والمدنيين... استكمل الدائرة الان وفرض على العدو التسليم بمعادلة انه لا يحق له الاحتفاظ بأسرى ومعتقلين لبنانيين في سجونه ومعتقلاته، وابرز تجليات هذا التسليم كان رضوخه وموافقته على تحرير كافة الأسرى اللبنانيين بمن فيهم سمير القنطار.
- لا يخفى أن التركيز على سمير القنطار يعود الى ان تحريره يشكل كسرا لثوابت وخطوط حمراء فرضها العدو على نفسه منذ منتصف الثمانينات (صفقة جبريل عام 1985) بعدم اطلاق سراح معتقلين "ملوثة ايديهم بدماء اليهود", وهو ما سيشكل سابقة تفتح الطريق امام تحرير معتقلين فلسطينيين في المستقبل.
- أما في البعد اللبناني، فمن الواضح أن عملية تحرير الأسرى تشكل مناسبة وطنية جامعة يحتاجها لبنان بعدما مرّ بظروف أمنية وسياسية شديدة عبر إعادة توجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي للبنان، الكيان الاسرائيلي. وخاصة ان التجارب اثبتت بأن العداء لـ"اسرائيل" يشكل اساسا "وجوديا" للوحدة الوطنية اللبنانية، ولا سيما انه لا وجود لوحدة حقيقية في ظل تضارب الرؤى حول تحديد من هو العدو ومن هو الصديق.
الانتقاد/ العدد1279 ـ 8 تموز/ يوليو 2008
احتلت قضية تبادل الاسرى بين "اسرائيل" وحزب الله، مكانة متقدمة في اهتمامات الساحتين اللبنانية والعربية، اما اسرائيليا فقد تصدرت هذه القضية الاهتمامات الاعلامية والسياسية. وفي هذا السياق تناول المعلقون الاسرائيليون هذه العملية شرحا وتحليلا، واجمعوا على ان ما يجري يشكل ضربة قاسية لاسرائيل.
فأي أبعاد تنطوي عليها عملية تبادل الأسرى بين حزب الله و"إسرائيل"؟
- لا شك أن تحرير الأسرى والمعتقلين، أحياءً كانوا أم شهداء، يشكل احد الأهداف الرئيسية لأي مقاومة شريفة وجادة وفاعلة. ومن هنا كان إصرار حزب الله على تحريرهم ولجوؤه، أمام انسداد الأبواب الأخرى، إلى اسر جنود اسرائيليين لتحقيق هذا الهدف. لذلك فإن رضوخ العدو لمبدأ التبادل يشكل تحقيقا لأحد أهداف المقاومة الرئيسية. وعليه فإن أصل إجراء عملية تبادل الاسرى يعتبر، بحق، انجازا عملانيا نوعيا للمقاومة.
- لكن هذا الانجاز يتجاوز بعده العملاني، المتصل بتحرير الأسرى، وينطوي على أبعاد سياسية وإستراتيجية ومعنوية. انطلاقا من أن اسر جنود العدو شكل المبرر الظاهري لشن أطول حرب تخوضها "إسرائيل" في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، على حزب الله ولبنان. كما ان تحرير الاسرى شكل احد شعارات العدو في هذه الحرب، ولذلك فإن رضوخ العدو لشروط حزب الله في عملية التبادل، ليس ناتجا فقط عن القدرات التفاوضية المذهلة لقيادة حزب الله، بل هو كاشف ايضا عن حقيقة نتيجة هذه الحرب، وما ترتب عليها من معادلات في المنطقة. هذا الى جانب النتائج النفسية والمعنوية التي بدأت تظهر في صفوف جماهير المقاومة والعدو على حد سواء، كلّ بحسب موقعه من العملية ونظرته لها.
- الى جانب ما تمثله عملية التبادل في هذه اللحظة السياسية من أداة كشف...، فإنها تستكمل منظومة الردع التي أرساها حزب الله في مقابل جيش العدو. إذ بعدما فرض حزب الله توازنا للردع في مواجهة أي تجاوز لقواعد الصراع: اغتيالات، استهداف البنى التحتية والمدنيين... استكمل الدائرة الان وفرض على العدو التسليم بمعادلة انه لا يحق له الاحتفاظ بأسرى ومعتقلين لبنانيين في سجونه ومعتقلاته، وابرز تجليات هذا التسليم كان رضوخه وموافقته على تحرير كافة الأسرى اللبنانيين بمن فيهم سمير القنطار.
- لا يخفى أن التركيز على سمير القنطار يعود الى ان تحريره يشكل كسرا لثوابت وخطوط حمراء فرضها العدو على نفسه منذ منتصف الثمانينات (صفقة جبريل عام 1985) بعدم اطلاق سراح معتقلين "ملوثة ايديهم بدماء اليهود", وهو ما سيشكل سابقة تفتح الطريق امام تحرير معتقلين فلسطينيين في المستقبل.
- أما في البعد اللبناني، فمن الواضح أن عملية تحرير الأسرى تشكل مناسبة وطنية جامعة يحتاجها لبنان بعدما مرّ بظروف أمنية وسياسية شديدة عبر إعادة توجيه البوصلة نحو العدو الحقيقي للبنان، الكيان الاسرائيلي. وخاصة ان التجارب اثبتت بأن العداء لـ"اسرائيل" يشكل اساسا "وجوديا" للوحدة الوطنية اللبنانية، ولا سيما انه لا وجود لوحدة حقيقية في ظل تضارب الرؤى حول تحديد من هو العدو ومن هو الصديق.
الانتقاد/ العدد1279 ـ 8 تموز/ يوليو 2008