ارشيف من :أخبار عالمية
ضرب المنشآت النووية الايرانية بين تمنيات "إسرائيل" وواقعها

كتب يحيى دبوق
لا مجال للمجادلة بأن "إسرائيل" تتمنى ضرب المنشآت النووية الايرانية، اليوم قبل الغد، فحيازة ايران للقدرة النووية، سواء كانت سلمية او عسكرية، تعني انها وصلت الى السلاح النووي، بالفعل أو بالقوة، وهذا يعني، من ناحية الدولة العبرية، تهديدا وجوديا لا يمكنها التعايش معه.
تتمنى "إسرائيل" ان لا تؤدي الضربة في حال قامت بها ضد ايران، الى رد فعل ايراني عنيف يطال المستوطنات والمدن الاسرائيلية، خاصة مع القدرة الصاروخية الايرانية القادرة على فعل ذلك. كما انها تتمنى ان لا يؤدي ذلك الى تدحرج المواجهة البينية مع طهران الى مواجهة غير محصورة وغير محمودة النتائج على الجبهة الشمالية، وتحديدا مع لبنان وسوريا، خاصة أن الحديث والتأكيد الاسرائيلي يشير الى انه بات لحزب الله اكثر من اربعين الف صاروخ مختلف من حيث القدرة والفاعلية والمدى، عن صواريخه قبل الحرب الاخيرة على لبنان (2006). وفي اطار التمنيات الاسرائيلية ايضا، يبرز تمنّ بأن لا تؤثر الضربة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، خاصة بعد تـأكيد المحللين الاقتصاديين العالميين، ان اسعار النفط ستقفز الى مستويات لا يمكن التكهن بها.
لا يقتصر التمني الاسرائيلي على ذلك، اذ انها تتمنى قبل كل ما اشير اليه، ان تنتقل قدراتها العملية العسكرية وتمكينها من ناحية عملياتية من القيام بأصل الضربة ضد ايران، كما انها تتمنى ان تستحصل على معلومات استخبارية مؤكدة غير موجودة حاليا لديها، عن المواقع الايرانية الاساسية والمرتبطة بالمشروع النووي الايراني، والتي من شأن ضربها ان يوقف المشروع من اساسه. وهي تتمنى ان لا تكون هذه المواقع محصنة جيدا ضد الضربات العسكرية المعادية، وان لا تكون موزعة جيدا في كل انحاء ايران، ما يصعّب المهمة العسكرية نفسها.
قبل كل ذلك، تتمنى اسرائيل ان لا تكون روسيا قد وفرت لايران في اطار صفقة الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ ايضا، الشبكات الموعودة بها في اطار صفقة ترى فيها واشنطن وتل ابيب نهاية للخيار العسكري "المطروح بشكل دائم على الطاولة"، والذي وصل الى حد الالتصاق بهذه الطاولة.
في اطار التمنيات ايضا، وهذه هي الامنية الكبرى، ان "تفهم" ايران الرسالة الاسرائيلية جيدا، وان تصغي لهدير الطائرات الاسرائيلية المقاتلة فوق اليونان خلال المناورة البعيدة المدى فوق المتوسط، وان تشاهد جيدا صور رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت خلال زيارته الى مفاعل ديمونا، وان ترتعد فرائسها لدى قراءتها لتصريحات وزير المواصلات الاسرائيلي شاؤول موفاز، من ان الضربة العسكرية الاسرائيلية لايران لا مفر منها، وان يجهد المحللون الايرانيون في فهم رسائل نظرائهم الاسرائيليين، عن سيناريوهات الضربة وقدرات اسرائيل، وان ينقلوها بدورهم الى القارئ الايراني.
تتمنى "اسرائيل" ان تدرك ايران انها ستتلقى ضربة غير مسبوقة، وان لا تفهم بأن صراخها هو نوع من الـ"أمسكوني"، وانها في سياق متصل برزمة المحفزات الاوروبية والاميركية المعروضة اخيرا على طهران. وقد يكون لكل الصراخ الاسرائيلي ارتباط وحيد بهذه الرزمة، دفعا لايران للقبول بها. لكن مع ورود "التباشير" الايرانية بالرفض واصرارها على المسار النووي، فان كل الاماني الاسرائيلية ستنحصر في امنية واحدة، لو انها لم تصرخ اساسا ولم تضع نفسها في هذا الموقع ابتداءً، "ويا ليت الثورة الاسلامية في ايران لم تنتصر عام 1979".
مشكلة اسرائيل ومعضلتها ايضا، انها تظن بأنها ما زالت لاعبا وحيدا في الساحة، وان اعداءها وخصومها ما زالوا كما هم في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات.. كيانات مستقلة عن عقولها ومنقادة بشكل كامل لمستعمريها. المشكلة الاسرائيلية انها تفقه ولا تريد ان تظهر ذلك، بأن هناك كيانات جديدة في المنطقة لم تعد تخشى "الغول" الاسرائيلي، الذي لمست بيديها في حرب تموز 2006، انه مجرد دمية ومكون كبير جدا لكنه فارغ من داخله.. العاب وحيل اعلامية كشاكلة المناورة فوق اليونان، وزيارة اولمرت لديمونا، واستقباله مخطط الضربة العسكرية للمنشأة النووية العراقية في الثمانينات، وتصريحه بأن العالم يدرك جيدا القدرات الاسرائيلية البعيدة المدى، كلها "حركات" مكشوفة جيدا لاعداء تل ابيب، بل انها توصل الى نتائج عكسية.
اذا رفضت ايران الحوافز الغربية، وهذا ما يتبين تباعا من الردود الايرانية، فان اسرائيل "ستلعن الساعة" التي وقفت فيها وشحذت كل طاقتها الاعلامية والكلامية لتخويف ايران في سياق التأثير على قرار الرد الايراني.
هل تقدم "اسرائيل" على ضرب ايران؟ لا يبعد الجواب عن كونه سلبيا. انه قرار اميركي بامتياز، وما لـ"اسرائيل" في حال قررت الولايات المتحدة ضرب ايران الا ان تحشر نفسها في الضربة قسرا ان استطاعت، فهي سواء شاركت فيها ام لم تشارك، لن تزيد او تنقص من الضربة وفاعليتها، في ظل قدراتها المحدودة.
اذا كانت "اسرائيل" غير قادرة على ولوج المعالجة العسكرية لقطاع غزة، وتخشى الاقتراب من الساحة اللبنانية بعد هزيمتها عام 2006، وتسعى ليلا نهارا لعرض "السلام" على سوريا خشية من اشتعال الحرب معها، فكيف لها ان تقارع ايران، التي يشهد ان لديها قدرات غير مسبوقة، بشهادة الاسرائيليين انفسهم؟؟.الانتقاد/ العدد1279 ـ 8 تموز/ يوليو 2008
لا مجال للمجادلة بأن "إسرائيل" تتمنى ضرب المنشآت النووية الايرانية، اليوم قبل الغد، فحيازة ايران للقدرة النووية، سواء كانت سلمية او عسكرية، تعني انها وصلت الى السلاح النووي، بالفعل أو بالقوة، وهذا يعني، من ناحية الدولة العبرية، تهديدا وجوديا لا يمكنها التعايش معه.
تتمنى "إسرائيل" ان لا تؤدي الضربة في حال قامت بها ضد ايران، الى رد فعل ايراني عنيف يطال المستوطنات والمدن الاسرائيلية، خاصة مع القدرة الصاروخية الايرانية القادرة على فعل ذلك. كما انها تتمنى ان لا يؤدي ذلك الى تدحرج المواجهة البينية مع طهران الى مواجهة غير محصورة وغير محمودة النتائج على الجبهة الشمالية، وتحديدا مع لبنان وسوريا، خاصة أن الحديث والتأكيد الاسرائيلي يشير الى انه بات لحزب الله اكثر من اربعين الف صاروخ مختلف من حيث القدرة والفاعلية والمدى، عن صواريخه قبل الحرب الاخيرة على لبنان (2006). وفي اطار التمنيات الاسرائيلية ايضا، يبرز تمنّ بأن لا تؤثر الضربة وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، خاصة بعد تـأكيد المحللين الاقتصاديين العالميين، ان اسعار النفط ستقفز الى مستويات لا يمكن التكهن بها.
لا يقتصر التمني الاسرائيلي على ذلك، اذ انها تتمنى قبل كل ما اشير اليه، ان تنتقل قدراتها العملية العسكرية وتمكينها من ناحية عملياتية من القيام بأصل الضربة ضد ايران، كما انها تتمنى ان تستحصل على معلومات استخبارية مؤكدة غير موجودة حاليا لديها، عن المواقع الايرانية الاساسية والمرتبطة بالمشروع النووي الايراني، والتي من شأن ضربها ان يوقف المشروع من اساسه. وهي تتمنى ان لا تكون هذه المواقع محصنة جيدا ضد الضربات العسكرية المعادية، وان لا تكون موزعة جيدا في كل انحاء ايران، ما يصعّب المهمة العسكرية نفسها.
قبل كل ذلك، تتمنى اسرائيل ان لا تكون روسيا قد وفرت لايران في اطار صفقة الصواريخ المضادة للطائرات والصواريخ ايضا، الشبكات الموعودة بها في اطار صفقة ترى فيها واشنطن وتل ابيب نهاية للخيار العسكري "المطروح بشكل دائم على الطاولة"، والذي وصل الى حد الالتصاق بهذه الطاولة.
في اطار التمنيات ايضا، وهذه هي الامنية الكبرى، ان "تفهم" ايران الرسالة الاسرائيلية جيدا، وان تصغي لهدير الطائرات الاسرائيلية المقاتلة فوق اليونان خلال المناورة البعيدة المدى فوق المتوسط، وان تشاهد جيدا صور رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت خلال زيارته الى مفاعل ديمونا، وان ترتعد فرائسها لدى قراءتها لتصريحات وزير المواصلات الاسرائيلي شاؤول موفاز، من ان الضربة العسكرية الاسرائيلية لايران لا مفر منها، وان يجهد المحللون الايرانيون في فهم رسائل نظرائهم الاسرائيليين، عن سيناريوهات الضربة وقدرات اسرائيل، وان ينقلوها بدورهم الى القارئ الايراني.
تتمنى "اسرائيل" ان تدرك ايران انها ستتلقى ضربة غير مسبوقة، وان لا تفهم بأن صراخها هو نوع من الـ"أمسكوني"، وانها في سياق متصل برزمة المحفزات الاوروبية والاميركية المعروضة اخيرا على طهران. وقد يكون لكل الصراخ الاسرائيلي ارتباط وحيد بهذه الرزمة، دفعا لايران للقبول بها. لكن مع ورود "التباشير" الايرانية بالرفض واصرارها على المسار النووي، فان كل الاماني الاسرائيلية ستنحصر في امنية واحدة، لو انها لم تصرخ اساسا ولم تضع نفسها في هذا الموقع ابتداءً، "ويا ليت الثورة الاسلامية في ايران لم تنتصر عام 1979".
مشكلة اسرائيل ومعضلتها ايضا، انها تظن بأنها ما زالت لاعبا وحيدا في الساحة، وان اعداءها وخصومها ما زالوا كما هم في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات.. كيانات مستقلة عن عقولها ومنقادة بشكل كامل لمستعمريها. المشكلة الاسرائيلية انها تفقه ولا تريد ان تظهر ذلك، بأن هناك كيانات جديدة في المنطقة لم تعد تخشى "الغول" الاسرائيلي، الذي لمست بيديها في حرب تموز 2006، انه مجرد دمية ومكون كبير جدا لكنه فارغ من داخله.. العاب وحيل اعلامية كشاكلة المناورة فوق اليونان، وزيارة اولمرت لديمونا، واستقباله مخطط الضربة العسكرية للمنشأة النووية العراقية في الثمانينات، وتصريحه بأن العالم يدرك جيدا القدرات الاسرائيلية البعيدة المدى، كلها "حركات" مكشوفة جيدا لاعداء تل ابيب، بل انها توصل الى نتائج عكسية.
اذا رفضت ايران الحوافز الغربية، وهذا ما يتبين تباعا من الردود الايرانية، فان اسرائيل "ستلعن الساعة" التي وقفت فيها وشحذت كل طاقتها الاعلامية والكلامية لتخويف ايران في سياق التأثير على قرار الرد الايراني.
هل تقدم "اسرائيل" على ضرب ايران؟ لا يبعد الجواب عن كونه سلبيا. انه قرار اميركي بامتياز، وما لـ"اسرائيل" في حال قررت الولايات المتحدة ضرب ايران الا ان تحشر نفسها في الضربة قسرا ان استطاعت، فهي سواء شاركت فيها ام لم تشارك، لن تزيد او تنقص من الضربة وفاعليتها، في ظل قدراتها المحدودة.
اذا كانت "اسرائيل" غير قادرة على ولوج المعالجة العسكرية لقطاع غزة، وتخشى الاقتراب من الساحة اللبنانية بعد هزيمتها عام 2006، وتسعى ليلا نهارا لعرض "السلام" على سوريا خشية من اشتعال الحرب معها، فكيف لها ان تقارع ايران، التي يشهد ان لديها قدرات غير مسبوقة، بشهادة الاسرائيليين انفسهم؟؟.الانتقاد/ العدد1279 ـ 8 تموز/ يوليو 2008