ارشيف من :آراء وتحليلات

نقطة حبر: ..وفي الأربعين

نقطة حبر: ..وفي الأربعين
كتب حسن نعيم
"خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة, وما أولهني الى أسلافي اشتياق يعقوب الى يوسف... وخيرٌ لي مصرعٌ أنا لاقيه, كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء, يملأن مني أكراشاً جوفاً وأجربة سغباً. لا محيص عن يوم خط بالقلم.. رضا الله رضانا أهل البيت, نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين".
وفي الأربعين نأتيك يا أبا الأحرار من حيث نأتيك فلا نجد إلا ضوءاً يتكسر على الضوء.. من أي الدروب أتيناك لا نجد إلا أدواحاً وينابيع وجداول.. أزهر دمك فينا يا مولاي. أينع الثمر في بساتين القلوب ثورة دائمة فوّارة هدّارة صيّاحة: هيهات منّا الذلة، كلما لاحت في الأفق، خفّاقة لظالم تذكرناك وقسنا حجم تضحيتنا الضحل بحجم تضحياتك التي لا يرقى اليها الطير، وراحت أطيافك الوردية الآتية مع أنسام الوقت تحرّك فينا كوامن المنعة والرفض والمقاومة.
 هكذا إذاً يا حسين تعاهدت دماؤك مع الخلود. أن لا تزول حتى يزول, وأن لا تحول حتى يحول, في غفلة منا نحن المتلهين بالكلام, الكلام الذي تشابه فيك بما سبقه وبما تلاه، لكأن دمك المجبول برمال الصحراء وحّد اللغة فيك وسكبها في قوالب جاهزة تسمو تتعالى وتتسامق, أوليست صفات الشمس وإن تعددت وتلونت واستطالت واحدة في منطلقاتها ومدارجها وغاياتها؟
أي مولاي, في أربعين هذا العام نتذكر كربلاء جديدة, قريبة سطرها مجاهدو المقاومة في غزة، فكان دمك يا إمام يتقدم ويعقد قمته منفرداً في شوارع غزة، ويأخذ الخيار والقرار, ليريح المقاومة هناك من عناء البحث عن الخيارات الهروبية التي صيغت على مقاسات الحكّام المرضى بداء الوجل الذي ليس منه شفاء إلا بأدوية دمك الفجري الذي يعدو فوق الأزمان ليصل إلينا ويلينا... دمك عبرة كل مؤمن ومؤمنة. دمك بيّارة الأمان والأمل والانتصار. بدمائك انتصرنا في لبنان, وبدمائك انتصرنا في غزة, وبعباءتك نأتم دائماً للجهاد, أن حيّ على الجهاد. يؤذن صوتك فينا على الجهاد.. هذه رسل القوم إليكم ننتظر مع المنتظرين حفيدك ليقول: قوموا يرحمكم الله... ننتظر وما مللنا الانتظار، نعلم أن دماءك هي مخزوننا الاحتياطي, ندخره للأيام القاسية الآتية, نعرف ذلك ويعرفون, وهم يحسبون له ألف ألف حساب.
الانتقاد/ العدد 1334، 20 شباط/ فبراير 2009
2009-02-20