ارشيف من :آراء وتحليلات
مهرجان 14 شباط الانتخابي بين فسطاط التهدئة وفسطاط التوتير أية هواجس؟

كتب المحرر السياسي
يمكن القول، إن أقل النّاس حضوراً في الرابع عشر من شباط هو صاحب المناسبة، أي الرئيس المغدور رفيق الحريري، حتى المحكمة ذات الطابع الدولي، التي كانت الشغل الشاغل لهذا الفريق، تحولت إلى مجرد رمز، وأخذت إشارة سريعة ليس إلا، والتوظيف الانتخابي كان الحاضر الأبرز.
الانتخابات هي المطلوبة، وليس صاحب المناسبة، هكذا يجري تحويل المناسبة وصاحبها إلى مجرد مادة انتخابية، كما يجري استثمار المناسبة كمنصة لإطلاق المواقف والرسائل السياسية المتعددة العناوين، والمختلفة المضمون، في إطار حاول بجهد كبير أن يعكس صورة ائتلاف متماسك. الكلمات، والمشهد، يحتاجان إلى وقفة خاصة نظراً لما بعدهما، واستناداً إلى السياق الذي جاءا فيه.
لا يخفى على أحد، أن السياق السياسي لمناسبة 14 شباط هذه المرة مختلف عن سابقيه، فالاحتفال جاء عقب مسار من التطورات البارزة، أهمها:
أولاً: تراجع المشروع الأميركي في المنطقة لمصلحة وضعية جديدة مع رئاسة أوباما، ومع هذا التراجع ثمة انكفاء في الاهتمام الاميركي بلبنان لمصلحة أولويات أخرى.
ثانياً: انكسار الهجمة الاميركية والأوروبية المدعومة من عرب الاعتدال على سوريا وإيران، اللتين تبدوان اليوم في وضع مريح، وتشهدان انفتاحاً وغزلاً من كل حدب وصوب.
ثالثاً: إن ورقة المحكمة الدولية خرجت من نطاق التجاذب الداخلي لتدخل البازار الدولي ـ الاقليمي بامتياز، ولتسلك مساراً مختلفاً عما سبق.
رابعاً: إن ورقة القرار الدولي 1559 التي طالما تسلح بها فريق 14 آذار باتت وراء الجميع خصوصاً بعد اتفاق الدوحة، واقتناع الجميع بمعالجة سلاح المقاومة من خلال الحوار.
خامساً: انتهاء حرب غزة بالصورة التي انتهت بها، أي لمصلحة خيار المقاومة، وتعاطي فريق 14 شباط كجزء من منظومة المنهزمين بهذه الحرب.
سادساً: الانتخابات الإسرائيلية وما أسفرت عنه من نتائج تعاكس حسابات هذا الفريق، وحسابات عرب التسوية.
سابعاً: المسار التصالحي الذي دخلت فيه العلاقات السعودية ـ السورية، وفي سياق التحضير للقمة العربية العادية في الدوحة في أواخر شهر آذار المقبل.
ثامناً: تقاطع المعطيات المتنوعة عند قراءة موحدة لنتائج الانتخابات النيابية في لبنان، خلاصتها أنها ستكون لمصلحة المعارضة.
تاسعاً: الاختلافات العاصفة بفريق 14 آذار، على خلفية التجاذب حول الكوتا النيابية.
عاشراً: عودة فريق 14 آذار، لا سيما تيار المستقبل إلى التسلح.
هذا السياق السياسي، فرض أن تكون مناسبة 14 شباط فرصة لتظهير التالي:
أولاً: في الصورة جرى وضع دوري شمعون إلى جانب صورتي جعجع والجميل، حيث الثلاثي المتنافس على حصة مسيحيي 14 آذار الانتخابية.
ثانياً: جرى إيكال مهمة التصعيد في الموقف السياسي لباسم السبع بعنوانه المذهبي في تيار المستقبل، ليقول ما لا يستطيع قوله الآن سعد الحريري.
ثالثاً: مهمة التهدئة الشكلية كانت من نصيب الحريري وجنبلاط، وذلك إلى جانب إظهار صلابة الموقف في المضمون، وتوجيه الرسائل الضمنية.
رابعاً: مهمة الحريري الأساسية كانت الاستحواذ على شعار بناء الدولة، وعلى محاولة التعويض الاسترجاعي في المسألة الفلسطينية، بعد الإدانة السابقة للغياب في الوقت المطلوب.
خامساً: وليد جنبلاط حدد جدول أعمال البرنامج السياسي داخلياً وخارجياً، بدت لاءاته محاولة لاستباق الأمور، ثمة هواجس واضحة تسكن لاءات جنبلاط عنوانها: الخوف من تسويات قادمة على حساب لاءاته، يعرف جنبلاط أن صلابة الموقف قد تخدم في المفاوضات، إلا أنها لا تخدم على طول الخط.
هواجس جنبلاط متنوعة، الداخلي منها لا يزال مسكوناً بالخوف من انفلات الأمور أمنياً، ولذا الحرص على إيداع عنوان التهدئة بعنوان آخر: لا أعداء لنا في الداخل، الهواجس عينها تتصل بالعناوين السورية والاقليمية والدولية.
سادساً: الجميل وجعجع هواجسهما في أماكن أخرى، في الشارع المسيحي ومع عون تحديداً، ولذا لزما فسطاط التصعيد، ولغة التوتير، والافتراءات والادعاءات الحادة.
سادساً: الحشد الملتبس عدداً ومناطقياً ودوافع يقول الكثير ولا يقول شيئاً، ولذا تبدو قراءته مراوغة.
ثامناً: لم ينجح القيمون على المناسبة في إخفاء خلافاتهم ولا انقساماتهم، ولذا تضمنت كلمات البعض تحريضاً للناس على فرض التماسك، وكلمات البعض الآخر غمزاً من البعض الآخر.
خلاصة القول هنا، المناسبة محطة في الطريق إلى الانتخابات، إلا أنها محطة مسكونة بالهواجس والمخاوف، ومحاولات لتجاوز الاحباط والفشل، بالاعتماد على صلابة الموقف، وادعاء التماسك، وهي بالتأكيد ليست محطة حسمت الانتخابات سلفاً، بقدر ما أعادت تظهير أي انتخابات تسعى اليها، وهذه رسالة برسم الجميع.
الانتقاد/ العدد 1334، 20 شباط/ فبراير 2009
يمكن القول، إن أقل النّاس حضوراً في الرابع عشر من شباط هو صاحب المناسبة، أي الرئيس المغدور رفيق الحريري، حتى المحكمة ذات الطابع الدولي، التي كانت الشغل الشاغل لهذا الفريق، تحولت إلى مجرد رمز، وأخذت إشارة سريعة ليس إلا، والتوظيف الانتخابي كان الحاضر الأبرز.
الانتخابات هي المطلوبة، وليس صاحب المناسبة، هكذا يجري تحويل المناسبة وصاحبها إلى مجرد مادة انتخابية، كما يجري استثمار المناسبة كمنصة لإطلاق المواقف والرسائل السياسية المتعددة العناوين، والمختلفة المضمون، في إطار حاول بجهد كبير أن يعكس صورة ائتلاف متماسك. الكلمات، والمشهد، يحتاجان إلى وقفة خاصة نظراً لما بعدهما، واستناداً إلى السياق الذي جاءا فيه.
لا يخفى على أحد، أن السياق السياسي لمناسبة 14 شباط هذه المرة مختلف عن سابقيه، فالاحتفال جاء عقب مسار من التطورات البارزة، أهمها:
أولاً: تراجع المشروع الأميركي في المنطقة لمصلحة وضعية جديدة مع رئاسة أوباما، ومع هذا التراجع ثمة انكفاء في الاهتمام الاميركي بلبنان لمصلحة أولويات أخرى.
ثانياً: انكسار الهجمة الاميركية والأوروبية المدعومة من عرب الاعتدال على سوريا وإيران، اللتين تبدوان اليوم في وضع مريح، وتشهدان انفتاحاً وغزلاً من كل حدب وصوب.
ثالثاً: إن ورقة المحكمة الدولية خرجت من نطاق التجاذب الداخلي لتدخل البازار الدولي ـ الاقليمي بامتياز، ولتسلك مساراً مختلفاً عما سبق.
رابعاً: إن ورقة القرار الدولي 1559 التي طالما تسلح بها فريق 14 آذار باتت وراء الجميع خصوصاً بعد اتفاق الدوحة، واقتناع الجميع بمعالجة سلاح المقاومة من خلال الحوار.
خامساً: انتهاء حرب غزة بالصورة التي انتهت بها، أي لمصلحة خيار المقاومة، وتعاطي فريق 14 شباط كجزء من منظومة المنهزمين بهذه الحرب.
سادساً: الانتخابات الإسرائيلية وما أسفرت عنه من نتائج تعاكس حسابات هذا الفريق، وحسابات عرب التسوية.
سابعاً: المسار التصالحي الذي دخلت فيه العلاقات السعودية ـ السورية، وفي سياق التحضير للقمة العربية العادية في الدوحة في أواخر شهر آذار المقبل.
ثامناً: تقاطع المعطيات المتنوعة عند قراءة موحدة لنتائج الانتخابات النيابية في لبنان، خلاصتها أنها ستكون لمصلحة المعارضة.
تاسعاً: الاختلافات العاصفة بفريق 14 آذار، على خلفية التجاذب حول الكوتا النيابية.
عاشراً: عودة فريق 14 آذار، لا سيما تيار المستقبل إلى التسلح.
هذا السياق السياسي، فرض أن تكون مناسبة 14 شباط فرصة لتظهير التالي:
أولاً: في الصورة جرى وضع دوري شمعون إلى جانب صورتي جعجع والجميل، حيث الثلاثي المتنافس على حصة مسيحيي 14 آذار الانتخابية.
ثانياً: جرى إيكال مهمة التصعيد في الموقف السياسي لباسم السبع بعنوانه المذهبي في تيار المستقبل، ليقول ما لا يستطيع قوله الآن سعد الحريري.
ثالثاً: مهمة التهدئة الشكلية كانت من نصيب الحريري وجنبلاط، وذلك إلى جانب إظهار صلابة الموقف في المضمون، وتوجيه الرسائل الضمنية.
رابعاً: مهمة الحريري الأساسية كانت الاستحواذ على شعار بناء الدولة، وعلى محاولة التعويض الاسترجاعي في المسألة الفلسطينية، بعد الإدانة السابقة للغياب في الوقت المطلوب.
خامساً: وليد جنبلاط حدد جدول أعمال البرنامج السياسي داخلياً وخارجياً، بدت لاءاته محاولة لاستباق الأمور، ثمة هواجس واضحة تسكن لاءات جنبلاط عنوانها: الخوف من تسويات قادمة على حساب لاءاته، يعرف جنبلاط أن صلابة الموقف قد تخدم في المفاوضات، إلا أنها لا تخدم على طول الخط.
هواجس جنبلاط متنوعة، الداخلي منها لا يزال مسكوناً بالخوف من انفلات الأمور أمنياً، ولذا الحرص على إيداع عنوان التهدئة بعنوان آخر: لا أعداء لنا في الداخل، الهواجس عينها تتصل بالعناوين السورية والاقليمية والدولية.
سادساً: الجميل وجعجع هواجسهما في أماكن أخرى، في الشارع المسيحي ومع عون تحديداً، ولذا لزما فسطاط التصعيد، ولغة التوتير، والافتراءات والادعاءات الحادة.
سادساً: الحشد الملتبس عدداً ومناطقياً ودوافع يقول الكثير ولا يقول شيئاً، ولذا تبدو قراءته مراوغة.
ثامناً: لم ينجح القيمون على المناسبة في إخفاء خلافاتهم ولا انقساماتهم، ولذا تضمنت كلمات البعض تحريضاً للناس على فرض التماسك، وكلمات البعض الآخر غمزاً من البعض الآخر.
خلاصة القول هنا، المناسبة محطة في الطريق إلى الانتخابات، إلا أنها محطة مسكونة بالهواجس والمخاوف، ومحاولات لتجاوز الاحباط والفشل، بالاعتماد على صلابة الموقف، وادعاء التماسك، وهي بالتأكيد ليست محطة حسمت الانتخابات سلفاً، بقدر ما أعادت تظهير أي انتخابات تسعى اليها، وهذه رسالة برسم الجميع.
الانتقاد/ العدد 1334، 20 شباط/ فبراير 2009