ارشيف من :آراء وتحليلات

على العهد: تشبّهوا..

على العهد: تشبّهوا..
كتب إبراهيم الموسوي
ثمة ارتباك مفهوم لدى فريق الموالاة في تأخير تقديم تشكيلته الوزارية، وبالتالي تسهيل أمر تشكيل الحكومة العتيدة، بعض قادة الموالاة يبرر الموضوع بذهاب غالبية الحقائب الوزارية إلى فريق المعارضة، وتحديداً إلى الجنرال عون والتيار الوطني الحر، ولكن ما هو غير مفهوم، هو أن يؤدي هذا الارتباك إلى تأخير يرتب خسائر جسيمة تضاف إلى الخسائر السابقة التي أحدثتها فترة الاستئثار السابقة في الحكم.
المطلوب اليوم هو اغتنام الفرصة الذهبية للانطلاق بورشة بناء حقيقية في البلد على كل المستويات، اليوم هناك استواء في التمثيل مع دخول التيار الأكثر اتساعاً لدى المسيحيين إلى السلطة، وهناك أجواء وفاقية جرّاء الانفراجات الواسعة التي سبّبها خطاب الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، وهناك فرصة كبرى لملاقاة أحد أهم وأكبر الانجازات اللبنانية والعربية بإطلاق الأسرى عبر التبادل المرتقب، وهناك مساحة زمنية هامة لأن كل هذه الأحداث تأتي على بوابة الصيف مع ما يفترض ذلك من تدفق للسيّاح والمصطافين اللبنانيين والعرب والأجانب، وهناك فرصة نادرة للحظة انكشاح التوتر الاقليمي مع انهاء قطيعة سوريا مع أوروبا عبر البداية الباريسية، وهناك لحظة استثمار هائلة بسبب حضور الدعم العربي المواكب والمباشر لما يجري.
والأهم من كل ما تقدم أن هناك أجواء ثقة متجددة ينبغي عدم إضاعتها مهما كانت الأسباب.
الموالاة تعلم أن تمثيلها الماضي، وما حازته من حقائب ومقاعد كان مبالغاً فيه جداً، لأنه جاء على أساس إلغاء تمثيل تيار لبناني واسع، كما أنه ارتكز إلى حلف رباعي سقط بعد فترة وجيزة على ولادته، والموالاة تدرك جيداً أن ثمة متغيرات كثيرة حصلت منذ انتخابات العام 2005. ثمة رهانات سقطت وتبدلات حصلت، وكلها من النوع المكلف، ولكن بالمقابل بقيت المعارضة على خط التسوية ولم تتعاط مع جديد الوقائع بمنطق الفصل والغلبة، ولم تتحدث عن ثقافتين ولغتين، لم تزد شرطاً واحداً على دفتر تسويتها، ولم تبدل حرفاً واحداً من مطالبها، برغم أن المعطيات تساعد كثيراً على ذلك. المعارضة ظلت على ترفعها الأخلاقي وتمسكها بحبل الخلاص الوطني للمّ الشمل وتنفيس الأجواء وفتح صفحة جديدة، وعلى الموالاة أن تلمّ صفوفها أيضاً لملاقاة المعارضة في الربع الأخير من الطريق، بعد أن قطعت هذه الأخيرة المسافة الأكبر من الطريق.
اليوم تقدم المعارضة درساً جديداً من دروس الوطنية الحقة، ما يفخر به كل لبناني وعربي ومسلم، ما يعتز به كل انسان. الدرس الجديد تقدمه المعارضة ممثلة بحزب الله من خلال إيثاره الآخرين، وتنازله عن حقوق تمثيله في الحكومة خدمة للمصلحة الوطنية العامة، عندما يقدّم حزب الله أي طرف لبناني آخر على أنه ممثل له في أي موقع أو محفل فهو يحيي ضروباً عريقة وعميقة من تقاليد الوطنية الخالصة، ويرفع مستوى المواطنية الحقة إلى أعلى مستوى.
عندما يقدّم حزب الله دماء شهدائه، وشبابه وأبنائه من أجل تحرير لبنانيين وعرب من أسر الاحتلال فإنه يقدّم قيمة إنسانية خالصة توضح مدى الالتزام الأخلاقي والعمق النبيل لكل ما يغترف منه هذا الحزب قيمه ومبادئه والمثل.
عندما يحرص حزب الله على أن يكون  يوم التبادل عرساً وطنياً لبنانياً  للجميع فإنه يؤكد وبالملموس عمق التزامه بالقضايا الوطنية الكبرى، قضايا التحرير والحرية والسيادة والعزة والكرامة.
إنها معان كبيرة، ومثل عظيمة هيهات أن يدركها كثيرون، ويصعب أن يغفلها أحد. إن ما قام به الحزب منذ انطلق كان خدمة خالصة للبنان بالإيثار والتضحية والعطاء غير المحدود.
هو فعل الكرام، هو فعل النبل الانساني الحق، وهو عطاء بغير منّة للوطن وأهل الوطن جميعاً، فليتشبّهوا!
الانتقاد/ العدد1279 ـ 8 تموز/ يوليو 2008
2008-07-08