ارشيف من :أخبار لبنانية
نائب الأمين العام لحزب الله لـ"الأخبار": المعارضة واثقة من فوزها وتريد معركـــة انتخابيّة شاملة

إعتبر نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان لا مصلحة لأيّ من الفريقين بتعطيل الإنتخابات، خاصة وأن إحصاءات الفريقين تقول إن كلاً منهما سيفوز بالانتخابات.
ويوضح قاسم في مقابلة مع صحيفة "الأخبار" أن الدوائر السياسيّة العربيّة والدوليّة تراقب هذه الانتخابات وتنتظر نتيجتها، التي من المفترض أن تغيّر في الكثير من المعطيات، لكن هذا لا يعني أن أيّاً من هذين الفريقين يستطيع أن يحكم البلد وحده، "وإذا فازت المعارضة فنحن نرغب في تأليف حكومة وحدة وطنيّة، وهذه لها ثمن معقول وثمن عالٍ، ونحن مستعدّون لدفع الثمن المعقول إذا وافق الفريق الآخر".
ويشرح قاسم الذي يتولّى مسؤوليّة تنسيق العمليّة الانتخابيّة في حزب الله "لا في المعارضة" الآليّة الداخليّة في حزبه: "نحن نتخذ تدابير خاصة في الانتخابات البلديّة والنيابيّة، واليوم ألّفنا في كلّ دائرة لجنتين؛ الأولى انتخابيّة مهمّتها متابعة الأمور الإجرائيّة، والثانية سياسيّة تتابع الاتصالات مع الحلفاء، وتتجمّع هذه الاتصالات على المستوى المركزي. كذلك فإن من مهمات المنسّق الربط بين هذه اللجان وقيادة حزب الله، أي الشورى".
على هذا الأساس، يجزم الرجل بأن المعارضة ستخوض الانتخابات في جميع الدوائر في لبنان وبلوائح موحّدة، "وستنافس أيّاً من المرشّحين في وجهها، بغضّ النظر عن تسميته: موالاة أم وسطيّة أو موالٍ بلون جديد، هؤلاء جميعاً منافسون، ونرغب في أن نخوض معهم منافسة شريفة وفي جميع الدوائر". ويوزّع قاسم هذه الدوائر إلى ثلاثة أنواع: "دوائر محسومة للأقليّة، دوائر فيها منافسة شديدة، وثالثة محسومة للأكثريّة. ولكنّ الأقليّة ستخوض الانتخابات فيها تحت اعتبارين: إثبات الوجود والتأسيس لحالة سياسيّة جديدة فيها".
يُضيف أن من الأمور المؤكّدة أن المعارضة لا تبغي تسويات في دوائر معيّنة، بل تريد أن تكون المعركة شاملة، "ولا تسويات تحت الطاولة أو فوقها". وعندما تسأله عن دائرة بيروت الثانية يُجيب "هناك اتفاق في الدوحة، ونحن نلتزم به، لكن لم يحصل نقاش بيننا وبين النائب سعد الحريري أو فريقه، ولا هم اتصلوا بنا. لكن، إذا حصل التوافق على آليّة لتطبيق هذا الاتفاق فنحن ملتزمون به".
ويقول قاسم إن أبرز ما يُميّز هذه الانتخابات هو أنها الأولى التي "تشعر بأن صورة الاستعدادات لها محليّة بامتياز، حتى لو كان هناك كواليس غير محليّة". وأهميّتها بالنسبة إلى فريقه السياسي تتعلّق بأن هذا الفريق سيتخلّص من الكثير من المطبّات السياسيّة التي توضع له إذا حاز الأكثريّة النيابيّة، كذلك يستطيع أن يوقف القوانين التي تحتوي على تفاصيل مؤذية للمواطنين، ويتحوّل من موقع الرفض إلى موقع التأثير في تأليف الحكومة، التي يُكرّر دائماً قاسم أنه يرغب في أن تكون حكومة وحدة وطنيّة، "لأن البلد لا يُحكم من فريق وحده".
يستعمل أستاذ الكيمياء السابق كثيراً مقولة المشروع السياسي الموحّد لدى قوى المعارضة، الذي تخوض الانتخابات على أساسه. ولدى سؤاله عنه يُحدّده بالنقاط الآتية: "المقاومة لحماية البلد، رفض الوصاية الخارجيّة، معالجة المشكلة الاقتصاديّة من منظار أن الوضع الاجتماعي للناس أولويّة، وعلى المستوى المالي وقف الفساد والحسابات الخاصة وعدم رهن البلد للشركات الأجنبيّة، والتنمية في جميع المناطق". هو يرغب في أن يكون هذا المشروع أكثر تفصيلاً وأوسع، لكنه "الواقع اللبناني"، بحسب تعبيره، من دون أن ينفي إمكان التغيير، "إنما ذلك يحتاج إلى المزيد من الوقت".
متى إعلان لوائح المعارضة؟ يجيب الشيخ قاسم إن "المعارضة بدأت منذ أسبوعين النقاش التفصيلي في الأسماء والدوائر، وبالتالي، سيبدأ إعلان اللوائح من منتصف آذار حتى نهايته، "ولو كانت الانتخابات بعد 7 حزيران لكنّا أجّلنا إعلان الأسماء". يقول الجملة الأخيرة في إطار الردّ على سؤال عن مدى تأثير المصالحة السوريّة ـ السعوديّة المتوقّعة خلال القمة العربيّة المزمع عقدها في الدوحة في شهر آذار، وبعد أن يُكرّر ترحيبه بهذا النوع من المصالحات لأثره الإيجابي على لبنان والوضع العربي عموماً، ولكن هذه المصالحة لن تؤثّر في الانتخابات، بل من الممكن أن تُريح الوضع الداخلي اللبناني. ويمازح قائلاً، إن هذا الفريق دفع الأموال، ولذلك لم يعد يستطيع أن يتراجع عنها.
ينفي قاسم وجود مشكلات من النوع الذي لا يُمكن حلّها بين المعارضة، "فالمشكلة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري والعماد ميشال عون مفتعلة، إذ لم يحصل أي لقاء بين الطرفين، بل هناك أسماء مطروحة، وعندما تصل الأمور إلى طاولة البحث، كل من الطرفين سيتنازل للآخر".
ويقول إن هناك دوائر فيها ثلاثة مرشّحين للمعارضة على مقعد واحد، وهذا يعني أنّ هناك اثنين يجب أن ينسحبا. ويشير إلى إمكان أن تكون جهة سياسيّة أو اثنتان غير راضيتين.
ولدى سؤاله عن التحالف مع "الحزب الشيوعي"، يقول إن المشاورات لا تزال قائمة، ويستدرك أن المعارضة راغبة في أن تتمثّل جميع القوى التي تتشارك هذا الخيار السياسي. أمّا في ما يتعلّق بالوزير طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهّاب، يقول قاسم إن هذه ليست معضلة، وهي ستُحسم عندما تُقرّر اللوائح نهائياً.
ينفي نائب الأمين العام لحزب الله مقولة أن حزبه هو من يُقرّر لوائح المعارضة، لكن في الوقت عينه يشير إلى استحواذ الحزب على ثقة حلفائه، ما يجعل الجميع يأتمنه ويتعامل معه من منطلق الحليف لا المنافس. ويُعطي مثالاً على هذا الموضوع في الدائرة الثالثة في بيروت: "حزب الله سيدعم اللائحة التي سيؤلّفها أطراف المعارضة وشخصيّاتها وجهاتها الفاعلة، ونحن لن نتدخّل في هذا الموضوع. المعنيّون بالنواب السنّة سيسمّون مرشحيهم، والمسؤولون عن المسيحيين يفعلون الأمر ذاته، كذلك الأمر بالنسبة إلى الأقليّات. ونحن سندعم هذا الائتلاف".
ويشير قاسم إلى أن حزب الله لا يُمكنه التعاطي بملف الانتخابات كما تعاطى بموضوع الوزارة، "فوزير واحد يكفي لإيصال رأيك السياسي، لكن النيابة هي تمثيل للمواطنين، وهي أمانة لا نستطيع التخلّي عنها".
كلام قاسم يوحي بإمكان بعض التضحيات من قبل الحزب في حدود ضيّقة "فكتلتنا المؤلّفة من 14 لن تُصبح 7 أو 8 نوّاب". ويُبرّر ذلك بأن النواب هم صلة الوصل مع الناس ويرفعون مطالبهم، كذلك فإنهم ممثّلوهم ويعملون في موضوع الخدمات. ولا يتخوّف "الشيخ" من تأثير المال الانتخابي، وخصوصاً في الجنوب، "فنحن لا نشكّ في حجمنا التمثيلي، وهذا المال عبثي لن يصل إلى نتيجة". لكنه في الوقت عينه يرى أن من أسوأ نتائج هذا المال أنه يعمل على إفساد الناس، وكذلك على التأثير في الدوائر التي تُخاض فيها معارك متقاربة تُحسم على 100 أو 200 صوت. يُضيف: "إن هذا المال لا يؤثّر في الملتزمين سياسياً لأي فريق انتموا، بل في ضعاف النفوس أو غير المبالين بالانتخابات".
وعندما تسأل الرجل عن موقف حزب الله من إجراء الانتخابات في يوم واحد يُجيب: "هذا هو القانون ونحن نلتزم به. ولكن حليفكم الجنرال ميشال عون يُطالب بإجرائها على يومين؟ يقول الرجل إن عون متخوّف من الوضع ومن حصول إشكالات تؤدّي إلى تعطيل العمليّة الانتخابيّة، "وهذه هواجس مشروعة، وخصوصاً أنه لا أحد يستطيع الجزم بعدم حصول إشكالات والبلد مفتوح، وقد تكون هناك جهات مستفيدة من هذا الأمر".