ارشيف من :أخبار عالمية

ماذا يجري في كواليس الحراك الديبلوماسي على خطوط دمشق الرياض وهل ثمة تحضير لقمة سورية سعودية قريبة ؟

ماذا يجري في كواليس الحراك الديبلوماسي على خطوط دمشق الرياض وهل ثمة تحضير لقمة سورية سعودية قريبة ؟

كتب علي عوباني

لا شك ان العدوان الصهيوني على غزة وانتصار المقاومة وما تلاه من احداث ابتداءا من قمة الدوحة وصولا الى قمة الكويت ، شكلت مفترق طرق في العلاقات العربية العربية لما شهدته من انفراجات ومن مصافحة بين الرئيس السوري بشار الاسد والعاهل السعودي الملك عبد الله  ما اوحى باشارات ايجابية حينها حول اقتراب المصالحة العربية العربية ، في وقت ذهبت فيه التحليلات بين مؤيد ومشجع لهذا التطور الايجابي في العلاقات العربية العربية وبين منزعج منها ومترقب بحذر لنتائجها وبين منظّر سلبي لتداعياتها والتوقع بان لا تتجاوز الاطار الشكلي  في المصافحة دون التقدم باي خطوة الى الامام ، ولان الرياح تجري بما لا تشتهي سفن اولئك الذين شعروا بان المصالحة العربية ستطيح برؤوسهم وبانهم لن يكونوا اكثر من كبش فداء وحصان خاسر حرق جميع اوراقه في مراحل الانقسام العربي العربي ، اتت الايام لتثبت عكس كل ما قيل وما يقال ، وتبخرت فجأة تحليلاتهم في الهواء ، مع عودة الحراك الديبلوماسي لافتتاح ابوابه على خطوط دمشق الرياض ابتداءا من الزيارة المفاجئة لرئيس الاستخبارات السعودية الامير مقرن بن عبد العزيز الى سوريا والتي التقى خلالها الرئيس السوري بشار الاسد حاملا اليه رسالة من العاهل السعودي الملك عبد الله وصولا الى زيارة وزير الخارجية السورية وليد المعلم التي يقوم بها الى السعودية حاملا معه ردا من الرئيس الاسد على رسالة الملك عبد الله .
وفي هذا الاطار، نقل الوزير المعلم رسالة شفوية من الرئيس بشار الأسد إلى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز تتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين والتطورات على الساحة العربية خلال استقبال الملك عبد الله له اليوم.
وجرى خلال اللقاء التأكيد على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين والتنسيق المشترك بينهما بما يخدم مصالحهما ومصالح الأمة العربية كما تم التركيز على ضرورة استعادة التضامن العربي ووحدة العمل العربي المشترك بما يمكن من الوقوف في وجه التحديات التي تواجه العرب والتصدي لسياسات إسرائيل المعادية والمتنكرة لحقوق الشعب العربي.
وكان الوزير المعلم أجرى جلسة مباحثات رسمية مع الأمير الفيصل جرى خلالها استعراض لواقع العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات كذلك تم تبادل وجهات النظر بين الجانبين إزاء التطورات على الساحة العربية وبخاصة في فلسطين والعراق ولبنان.
وكانت وجهات نظر الجانبين متفقة إزاء ضرورة حشد كل الجهود العربية وتعزيز التضامن العربي من أجل توفير الدعم للشعب الفلسطيني لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية وإعادة إعمار ما دمرته الآلة العسكرية الإسرائيلية في غزة والسعي لتحقيق المصالحة الفلسطينية التي تضمن وحدة الصف الفلسطيني باتجاه استرجاع حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وحول العراق جرى التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة العراق وسيادته وعروبته وتحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز التنسيق من أجل تحقيق الأمن والاستقرار فيه. وفيما يتعلق بلبنان أعرب الجانبان عن ارتياحهما للتطورات التي تحققت فيه وشددا على ضرورة المضي في تنفيذ اتفاق الدوحة بما في ذلك إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وفي جو من الهدوء والشفافية.
وكان وزير الخارجية السورية وليد المعلم بدأ امس زيارة الى المملكة العربية السعودية ، ووصل الى الرياض في زيارة لم يعلن عنها مسبقا على ما ذكرت وكالة الانباء السعودية، في زيارة ذات اهمية ودلالة في ظل الخلافات السعودية السورية، وبعد ايام من زيارة مدير المخابرات السعودية لدمشق.
وكالة الانباء السعودية ذكرت ان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل كان على رأس مستقبلي المعلم في مطار الملك خالد الدولي في الرياض.
وفي خلاصة الامر فان هذه الزيارة لوزير الخارجية السورية الى الرياض وما سبقها وما سيتلوها تطرح نفسها ولا شك هذه الايام والسؤال الاساسي في هذا الاطار ماذا يجري في كواليس الحراك الديبلوماسي على خطوط دمشق الرياض ؟ ، وما هو الحد الذي وصلت اليه استعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين ، ثم هل سنشهد زيارة قريبة للرئيس الاسد الى الرياض اوسنرى الملك عبد الله في دمشق ؟، والاهم من ذلك كله ما هي علاقة هذه التطورات العربية بالرؤية الشاملة لقضايا المنطقة او بسياسة الانفتاح الاميركية على دمشق وتطور العلاقات الاوروبية والسورية والتي دخلت مرحلة متقدمة بعدما كانت الدول الاوروبية هي السباقة في فهم الطبيعة الجيوسياسية للمنطقة وصعوبة عزل اي من دولها عن اي حلول مرتقبة لقضاياها .
كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير لا بد ان تكشف الايام المقبلة عن اجابات مقنعة حولها خصوصا وان المنطقة مقبلة على استحقاقات هامة وخطيرة ولا يمكن بالتالي مقاربة قضاياها باي شكل من الاشكال بالنهج الذي كان سائدا في عهد الادارة الاميركية السابقة مما يقضي بضرورة اعادة توحيد الصف العربي خلف المقاومة في وجه التطرف الصهيوني القادم والذي ستكون مبادرات السلام العربية وغير العربية اولى ضحاياه كما تؤشر الى ذلك نتيجة الانتخابات الصهيونية ... وخلاصة الامر ، فلا المعادلات السابقة ولا المصطلحات المستهلكة من شرق اوسط جديد وعرب اعتدال ولا سياسات الحصار والعزل ولا التسوية ، ولا كل ما جرى تجربته في المراحل الماضية واثبت عقم الخيارات العربية ... ، كل ذلك لا يجوز اعادة احيائه واعتماده في الخطاب السياسي والديبلوماسي العربي ، خصوصا وان الدواء الناجع كان يشق طريقه امام اعيننا طوال المرحلة الماضية وأثبت ويثبت فعاليته بقوة وجدارة بدءا من تحرير ايار عام 2000 في لبنان مرورا بانتصار تموز 2006 ، وصولا  لانتصار المقاومة في غزة 2009 ، وبالتالي فان كل هذه المعطيات لا بد وان تفرض نفسها في الخيارات المقبلة التي بدأت ترتسم ملامحها في المنطقة انطلاقا من نقاط القوة التي اوجدتها المقاومة ، وتعزيزها بالوحدة العربية خلفها ، فضلا عن اعتماد الخطاب الديبلوماسي العربي الذي يراعي منطق القوة وثقافة المقاومة ويبتعد عن لغة الانهزام والاستسلام والانبطاح امام العروض والتسويات ... وخلاصة الامر توحي بان :" زمن اول تحوّل ...".    

2009-02-24