ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد.نت: "السهل الممتنع" على العدوان

كتبت ـ رنا جوني
ينساب سهل الميدنة المتربع شرقي لبلدة كفررمان ـ النبطية في وادي محاط بالجبال من كل الجهات وينبسط على مساحة 4000 دونم ويتميز بجمالية طبيعة خارقة تغزوه خيوط الشمس بخجل من خلف الجبال مانحة أياه مكانة رائدة بين سهول في المنطقة. ويعد السهل الزراعي الاول نظرا لخصوبة اراضيه وانتاجه الجيد الذي يعتبر مصدراً أساسياً لمنطقة النبطية ومحيطه.
اليوم يتجه سهل الميدنة نحو الاضمحلال فاقداً طابعه الزراعي بعد ان بدأت تنهشه العمارة العشوائية وتحول بعض اراضيه ميدانا للاستراحات والمنتزهات السياحية، بالاضافة الى خطر جديد يرز في هذه الاونة وهو خطر شح مياه ينابيعه التي ستنعكس حتما سلبا على الواقع الزارعي التي تراجع كثيرا داخل السهل وبات يقتصر على عشرات العائلات التي تعتاش منه.
وعلى رغم من خصوية الاراضي في السهل الا ان الاهالي ياتوا يستغلونها لانشاء عرازيل صيفية واقامة برك مياه حولها لعطلة الويك-اند، كما يجري العمل على انشاء مدينة ملاهي كبرى داخل السهل، وهنا تبرز مشكلة ثالثة وهي الحفر الصحية اذ انها تنشأ فوق رأس النبع، ما يشكل مصدرا لتلوث مياه النبع الامر الذي اثار حفيظة مزارعي السهل واعدوا عريضة ليقدموها للبلدية تقضي بمنع مستثمري الملاهي من اقامة حفر صحية فوق لابعاد شبح التلوث وفقدان جودة خضار الميدنة لطبيعيتها.
ويطالب الاهالي ان تكون السياحة ضمن الاطر التي ترعى استغلال الاراضي الغير خصبة واقامة المشاريع السياحية عليها. فهناك نادي للخيول واخرى للالعاب الطبيعية واكثر من عشر استراحات وعرازيل الى جانب الاكشاك الزراعية التي تنتشر على طول السهل وتسوق لانتاجه فضلا عن انتشار رياضة المشي اثناء الصيف.
ورغم ما للسياحة من نتائج ايجابية الا انها ترمي بزمام الزراعة جانبا، وتتركها تتخبط بمشاكلها وافاتها وتتصارع مع مشكلة المياه التي تتجه نحو الجفاف ان لم يصار الى تنفيذ مشاريع مائية داخل السهل للاستفادة من مياه الينانبيع الثلاثة "النبعة"،"شقحا" وعين الحمى"، وهنا افاد مصدر مطلع :"انه كان يجري العمل على تطوير شبكة الري التي كانت ترتكز على اقنية جر بواسطة الجاذبية وتمتد داخل الحقول الا انه هذه الطريقة اضحت غير كافية ويتوجب البحث عن طرق حديثة للري ولما وجدت فكرة اقامة 4 برك لتجميع المياه في اطراف السهل تجر المياه منها عبر قنوات رئيسية تعتمد على القساطل البلاستيكية توزع المياه للاراضي، ولكن الفكرة لا زالت قيد الدرس والبحث.
أضف الى ذلك ان عدم وعي اهمية السهل الزراعية قد يدفع للحد من الزراعة ومن انتاجها وهنا يقول المزارع منير معلم ان " امتداد الوحدات السكانية العشوائية لها تأثير مباشر وكبير على المزارع الذي يجد صعوبة في ري ارضه بسبب تشييد البناء بطرق عشوائية وغير انتظامية، وبنظر معلم ان ذلك سيحد من الارض الزراعية وصعوبة ريها.
الا ان المعلم لا يرى عائقا او حاجزا على السهل فلتشيد المباني على ارض غير صالحة للزراعة وليس على ارضش زراعية تحد من انتاج السهل مؤكدا انه مع فكرة اقامة مدينة ملاهي على النبع لان ذلك يجذب السياح وينشط الحركة الزراعية داخل السهل الا اننا ضد فكرة اقامة الحفر الصحية فوق مجرى النبع .
ويلفت المزارع يوسف نور الدين الى ان الانتاج يتوقف "عند السعر...هناك سعر...هناك انتاج، لا سعر جيد اذا لا انتاج"، ويلفت المواطن راشد فحص الى ضرورة التوقف عند جمالية السهل ويقول:" ان سهل الميدنة يملك جمالية رائعة لو زرع بأكمله لكان سيغطي حاجات المنطقة ويوزع الفائض الى بيروت وصيدا ويأسف نور الدين لابتعاد المواطن عن ارضه: " اصبح المواطن الذي يملك قطعة ارض يحولها الى منتزه، يشيد داخلها منزل صغير يحيطه بركة صغيرة لجلسات الصيف".
ويعود نور الدين بالذاكرة الى الماضي الى حيث كان السهل زراعيا بحتا: " قديما كان السهل ينتج اكثر وكان اعتماد المواطن على الزراعة ، اليوم اصبحت الارض يتيمة ومحرومة من الزراعة وتحول جزء منها الى مركز سياحي وهنا تكمن مشكلة الصرف الصحي التي تهدد ينابيع السهل يقول معلم ان اقامة حفرصحية فوق النبع كارثة لان الباطون والحديد يسربان المياه الاسنة في جوف الارض تصل الى مياه النبع وتلوثها حينها المزروعات ستروى بمياه اسنة وتفقد من مكانتها ومن اقبال الناس على شرائها وبالتالي ال150 عائلة التي تعتاش من الزراعة ستختفي".
هذا وقد سجل انخفاض نسبة الانتاج الزراعي بنسبة 20 بالمئة وتقلصت المساحة الزراعية بعد التحرير 75 بالمئة وتم استقدام زراعات حديثة على السهل منها زراعة البطيخ الذي توجه اليها المزارع، وعمد الى مد شبكة ري استغلت لمدة سنتين بعدها تمت العودة الى الزراعة التقليدية وزراعة الخضار بحيث لا تتجاوز المساحة المزروعة ال80 دونم من اصل 4000 ومنها زراعة الملوخية والبصل والجزر والملفوف وغيرها ويتم تسويقها عبر اكشاش زراعية صغيرة اقيمت بمحاذاة الحقل وبسطات محلية في البلدة وروادها يقصدونها من مختلف قرى وبلدات النبطية اضافة الى السوق الرئيسي لتسويق خضار كفررمان سوق الاثنين التجاري، وتم تجديد بعض بساتين الحمضيات 200 الى 300 دونم وتم ادخال زراعات جديدة الدراق والرمان وغيرها.
متى تستفيق الدولة على الكنز المخفي في يد السلطان المكفي.. هذا الامر يحتاج الى تضافر الجهود، وتأمين احتياجات المزارع وزيادة حصة وزارة الزراعة في الموازنة العامة بدل التلهي بمشارع لا فائدة منها.