ارشيف من :آراء وتحليلات
خلف القناع: انصياع .. مسلوب الإرادة

كتب مصطفى خازم
يحتار المرء عند محاولة الكتابة في موضوع ما باختيار المفردات، ويسعى جهده لتكون معبرة عن الفكرة، مستخدماً مفاهيم ومصطلحات من سنخية واحدة ومحددة كي يأتي السياق متكاملاً.
بالامس وقف وزير العدل اللبناني على منبره ليطلق الرسالة اللبنانية الى المحكمة الدولية وأورد فيها عبارة تستحق التوقف عندها، قال وزير العدل: "القضاء اللبناني سينصاع..".
لماذا "الانصياع"، لماذا يجب أن نبقى في ميدان الوصاية والتبعية والاستزلام.. و"أمرك سيدو"..
هل هي من ترسبات الماضي؟
هل هناك أمور مغطاة بقشة تحتاج إلى تأكيد كي لا يحرمنا "السيد العادل" من بركته؟
بالإذن يا معالي الوزير، نحن شعب لم نتعود الذل ولن نرضى به، لسنا أزلاما أو محاسيب للقضاء الدولي..
لقد شهدنا عدالته في الكثير الكثير من الملفات.. من جرائم العدو الصهيوني في فلسطين ومصر وسوريا ولبنان..
شهدنا "العدالة" في الاحتلال الاميركي للعراق وافغانستان عسكرياً، ولبعض الدول العربية والاسلامية "بالمعونات"..
العدالة يا معالي الوزير لا تطلب الانصياع لها، بل تطلب وقائع وادلة دامغة لتطبق ما اتفق عليه من عقوبات، وربما لا توازي الجريمة..
في البوسنة يا معالي الوزير لا تزال مجزرة سربرنيتشا تُكتشف يومياً من خلال فظاعة ما ارتكب فيها..
في العراق يا معالي الوزير أشلاء اطفال العراق وأجسادهم المحروقة بالنابلم لا تزال تفوح منها رائحة "العدالة" و"الديموقراطية"..
لن ننصاع، يا معالي..
لن نزايد في حبنا للرئيس الشهيد على أحد، ولكن حذار من رفع العصا، "فالعدالة" هي البرهان.. أما الكرباج فهو من ادوات الاستعمار..
نريد المحكمة قبل كل الناس لأننا أول ضحايا الجريمة..
نريد العدالة لكل الأمم لأننا شعب السلام والمحبة..
لكن ان يساق "الشعب" بالانصياع، فهذه ليست عدالة..
لن نقبل مقولة "ظلم بالسوية، عدل في الرعية"، فالظلم ظلم.. والعدل هو النقيض..
أن تقيد حرية فرد لمدة ثلاث سنوات ونيف ثم يتبين لك بعد ذلك أنه بريء، هذا ليس عدلاً، هذا هو الظلم..
ولكن أيضاً الأخطر هو ان تقرر إعدام فرد، ثم تبين لك بعد ذلك أنه بريء، عندها سنردد قول الشاعر:
ندم البغاة ولات ساعة مندم
في ملفاتك يا معالي الوزير معتقلون بتهمة ادين بها غيرهم من سنوات وما زال الحكم عندك مبرماً ولما تطلق سراحهم.. ها هو يوسف شعبان قابع في زنزانته وقاتل الدبلوماسي الاميركي في الاردن قد اعدم.. بالتهمة نفسها.
بالامس خرج الأخوان عبد العال بلا تعليل، أما كان الأجدر يا معالي الوزير توجيه الاعتذار لهما وللشعب اللبناني وللشهيد رفيق الحريري.. وبالمقابل أيضاً وبكفالة أقل، قررت عدالتكم اطلاق سراح شاهد كاذب.. ترى أين العدالة؟
هي نصوص ترتكب فيها الافعال بلا رقيب..
القضاة ثلاثة يا معالي الوزير: رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار..
كلامك بالامس يا معالي الوزير هو باسم الشعب اللبناني، ونحن بعض الشعب اللبناني نريد الحق ونريد العمل به..
أما الانصياع.. فهو للمسلوب الارادة.. والسيادة والحرية والاستقلال.
الانتقاد/ العدد 1335 ـ 27 شباط/ فبراير 2009
يحتار المرء عند محاولة الكتابة في موضوع ما باختيار المفردات، ويسعى جهده لتكون معبرة عن الفكرة، مستخدماً مفاهيم ومصطلحات من سنخية واحدة ومحددة كي يأتي السياق متكاملاً.
بالامس وقف وزير العدل اللبناني على منبره ليطلق الرسالة اللبنانية الى المحكمة الدولية وأورد فيها عبارة تستحق التوقف عندها، قال وزير العدل: "القضاء اللبناني سينصاع..".
لماذا "الانصياع"، لماذا يجب أن نبقى في ميدان الوصاية والتبعية والاستزلام.. و"أمرك سيدو"..
هل هي من ترسبات الماضي؟
هل هناك أمور مغطاة بقشة تحتاج إلى تأكيد كي لا يحرمنا "السيد العادل" من بركته؟
بالإذن يا معالي الوزير، نحن شعب لم نتعود الذل ولن نرضى به، لسنا أزلاما أو محاسيب للقضاء الدولي..
لقد شهدنا عدالته في الكثير الكثير من الملفات.. من جرائم العدو الصهيوني في فلسطين ومصر وسوريا ولبنان..
شهدنا "العدالة" في الاحتلال الاميركي للعراق وافغانستان عسكرياً، ولبعض الدول العربية والاسلامية "بالمعونات"..
العدالة يا معالي الوزير لا تطلب الانصياع لها، بل تطلب وقائع وادلة دامغة لتطبق ما اتفق عليه من عقوبات، وربما لا توازي الجريمة..
في البوسنة يا معالي الوزير لا تزال مجزرة سربرنيتشا تُكتشف يومياً من خلال فظاعة ما ارتكب فيها..
في العراق يا معالي الوزير أشلاء اطفال العراق وأجسادهم المحروقة بالنابلم لا تزال تفوح منها رائحة "العدالة" و"الديموقراطية"..
لن ننصاع، يا معالي..
لن نزايد في حبنا للرئيس الشهيد على أحد، ولكن حذار من رفع العصا، "فالعدالة" هي البرهان.. أما الكرباج فهو من ادوات الاستعمار..
نريد المحكمة قبل كل الناس لأننا أول ضحايا الجريمة..
نريد العدالة لكل الأمم لأننا شعب السلام والمحبة..
لكن ان يساق "الشعب" بالانصياع، فهذه ليست عدالة..
لن نقبل مقولة "ظلم بالسوية، عدل في الرعية"، فالظلم ظلم.. والعدل هو النقيض..
أن تقيد حرية فرد لمدة ثلاث سنوات ونيف ثم يتبين لك بعد ذلك أنه بريء، هذا ليس عدلاً، هذا هو الظلم..
ولكن أيضاً الأخطر هو ان تقرر إعدام فرد، ثم تبين لك بعد ذلك أنه بريء، عندها سنردد قول الشاعر:
ندم البغاة ولات ساعة مندم
في ملفاتك يا معالي الوزير معتقلون بتهمة ادين بها غيرهم من سنوات وما زال الحكم عندك مبرماً ولما تطلق سراحهم.. ها هو يوسف شعبان قابع في زنزانته وقاتل الدبلوماسي الاميركي في الاردن قد اعدم.. بالتهمة نفسها.
بالامس خرج الأخوان عبد العال بلا تعليل، أما كان الأجدر يا معالي الوزير توجيه الاعتذار لهما وللشعب اللبناني وللشهيد رفيق الحريري.. وبالمقابل أيضاً وبكفالة أقل، قررت عدالتكم اطلاق سراح شاهد كاذب.. ترى أين العدالة؟
هي نصوص ترتكب فيها الافعال بلا رقيب..
القضاة ثلاثة يا معالي الوزير: رجل عرف الحق فقضى به فهو في الجنة، ورجل عرف الحق فلم يقض به وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار..
كلامك بالامس يا معالي الوزير هو باسم الشعب اللبناني، ونحن بعض الشعب اللبناني نريد الحق ونريد العمل به..
أما الانصياع.. فهو للمسلوب الارادة.. والسيادة والحرية والاستقلال.
الانتقاد/ العدد 1335 ـ 27 شباط/ فبراير 2009