كتب محمد يونس
خطت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الأسبوع أولى خطواتها التنفيذية نحو إعلانها دولة نووية بكل ما للكلمة من معنى، برغم كل الضغوط والمحاولات العبثية لمنعها من دخول الباب الذري من أوسعه، بعدما كانت دخلت قبل حوالى أسبوعين الحلبة الفضائية بقدرات ذاتية.
هذه الحقيقة التي صارت واقعا يستحيل على الآخرين ـ والغرب أولهم ـ عدم التعامل معه، هي في الواقع نقطة زمنية ما قبلها لا يشبه بأي شكل من الأشكال ما بعدها، وقد وصلتها إيران بكل جدارة، بحيث تعتبر مثالاً وأسوة، على كل متطلع إلى السيادة والحرية والاستقلال الفعليين التأسي بها. فطهران برهنت بما يقطع الشك أن أي دولة مهما تكافلت ضدها قوى العالم، قادرة على تحقيق أهدافها إن هي تمسكت بحقوقها ولم تفرط بها.
فثلاثون سنة من الحصار والحروب ومئات ملايين الدولارات المصروفة لزعزعة النظام، لم تقف عائقا أمام إصرار أبناء الشعب الإيراني وقيادته على تحقيق أمنياتهم وتطوير مقدرتهم، ولم تمنعهم من تثبيت حقهم في اكتساب المعرفة، أي معرفة، حتى لو كانت محتكرة من قبل مجموعة قليلة من الدول.
هذه دولة حوربت بكل ما يمكن أن يخطر ببال ثم انتصرت، فاستحقت الاحترام والتقدير والرهبة من أعدائها قبل أصدقائها.. ونحن مبتلون بأنظمة غارقة بملذات حكامها، لا يحتاجون الى خطط ولا الى استراتيجيات لإبقائهم في غياهب الجهل والفقر، وهم بالتالي يستحقون كل إهانة وتحقير ونظرة دونية ينظر إليهم من خلالها من يظنون أنهم أصدقاؤهم.. أما أعداؤهم فلا يعيرونهم أي بال.
أمثلة العرب كثيرة، ويا ليتهم يفعلون ربع ما يقولون.
الانتقاد/ العدد 1335 ـ 27 شباط/ فبراير 2009