ارشيف من :أخبار لبنانية
هل متابعة بلمار للتحقيق بموازاة المحكمة يعني عدم توصّله للجناة؟

كتب علي الموسوي
بدءاً من الأوّل من آذار/مارس من العام 2009، انتقل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من مرحلة التحقيق الأولي لدى لجنة التحقيق الدولية المستقلة والقضاء اللبناني، إلى المحاكمة أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، على أن يسير بموازاتها تحقيق إضافي يقوم به مدعي عام المحكمة القاضي دانيال بلمار لاستكمال ما بقي طيّ الكتمان ومغلّفاً بالألغاز والسرّيّة في عمله على رأس لجنة التحقيق، وهو ما لم يتوصّل إليه، بطبيعة الحال، من سبقه في مضمار كشف الحقيقة، القاضي الألماني ديتليف ميليس، والبلجيكي سيرج برامرتز، وإلاّ لما تجشّم عناء متابعة التحقيق من بعدهما.
وإعلان بلمار عن توجّهه إلى مواصلة التحقيق خلال مرحلة المحاكمة، لنبش المزيد من المعلومات الغامضة والإضاءة عليها، وأقلّه لمدّة عام، يدلّ برأي مراقبين متابعين، على أنّه لا يملك كلّ المعطيات لاتهام أشخاص محدّدين، وبالتالي فإنّ الملفّ غير مكتمل وغير جاهز بعناصره البشرية، أيّ أنهم غير موقوفين، وإلاّ لكان سمّاهم واتهمهم بارتكاب الجريمة، ولكنّ السؤال هل بلمار ينتظر تعيين قاضي ما قبل المحاكمة، ليقدّم له الأدلّة التي تثبت تورّطهم ويقنعه بها ليطلب على أساسها اعتقالهم وإحضارهم إلى المحكمة، باعتبار أنّه هو كمدع عام لا يستطيع القيام بهذا الإجراء من دون اللجوء إلى قاضي ما قبل المحاكمة الذي لم يعيّنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد؟.
ومن المعروف أنّ قاضي ما قبل المحاكمة هو طرف محايد في هذا الملفّ، ويقف على مسافة واحدة من سائر الأطراف، أيّ الإدعاء ممثّلاً بالقاضي بلمار، ومحامي المتهمّين إن كانوا موجودين، ولا صلاحية لبلمار بالتوقيف وبإخلاء السبيل، ولذلك فهو ربّما يتريّث في خطوات إعلان القرائن الموجودة بحوزته ضدّ متورّطين معيّنين، تمهيداً لتوقيفهم بانتظار تعيين القاضي المذكور.
ترتيبات لوجستية
ومهما تكن الإجابة على السؤال المطروح، فإنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بحلّتها الحاضرة غير جاهزة تماماً لاستقبال جلسات المحاكمة، وذلك بدليل عدم انتهاء أعمال تحويل الملعب الرياضي المقفل إلى قاعة محاكمات لتكون شبيهة، على الأقلّ، بتلك الموجودة في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، سواء من حيث التجهيزات السمعية والبصرية والمستلزمات والمعدّات، والفرش والمنصّات المعروفة بالأقواس، والمقاعد والزجاج المضاد للرصاص، أو من حيث عملية تقطيعها وتجزئتها للسماح للجمهور المتعطش والمهتم لحضور جلسات المحاكمة العلنية.
ولكي تكون كلّ هذه الترتيبات اللوجستية الضرورية متوافرة مع إنهاء عمليات تأهيل وترميم مقرّ المحكمة، وهو بالأساس مبنى خاص بالاستخبارات الهولندية، بجميع غرفه ومكاتبه وقاعاته وردهاته، فإنّه يجب الانتظار حتّى شهر أيلول/سبتمبر من العام 2009 على أقلّ تقدير، وليس قبل هذا التاريخ كما سبق لمسؤولين هولنديين أن صرّحوا مراراً.
وهذا يعني أنّ تاريخ الأوّل من آذار/مارس من العام 2009، ليس لبدء المحكمة عملها مثل أيّ محكمة أخرى موجودة في الكون، سواء في لاهاي أو في لبنان،أو في غيرهما، وإنّما مؤشّر على انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلّة، بعدما كانت قد بدأت جهودها مع وصول ميليس رسمياً إلى لبنان يوم الخميس الواقع فيه 26 أيّار/مايو من العام 2005، وليس مع إعلانه عن ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده في فندق "موفنبيك" في 17 حزيران/ يونيو من العام 2005، وذلك بدليل عرضه خلال وقائع هذا المؤتمر صورة عن شاحنة" الميتسوبيشي" المستخدمة في الاغتيال.
وهذا الجزم بأنّ التفجير تمّ فوق الأرض وبواسطة شاحنة بيضاء صغيرة الحجم من نوع" ميتسوبيشي كانتر" صنع العام 1996، كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية قد قالته بالفم الملآن، وأكّده وزير الداخلية والبلديات آنذاك سليمان فرنجية، قبل وصول ميليس وكلّ المحققين الدوليين، وبعكس ما روّج له عضو "تيّار المستقبل" النائب محمّد قبّاني من أنّ التفجير حصل من تحت الأرض وتحديداً من خلال "أنفاق" تربط فندق" السان جورج" بمبنى يقع مقابله وتابع له.
محكمة يوغوسلافيا
وما دام بلمار جاداً في حديثه عن مواصلة التحقيق بموازاة المحاكمة، فإنّ لا شيء يتغيّر بعمل التحقيق، سوى المضي قدماً في محاولة تحصيل خيوط إضافية إن كان ذلك مستطاعاً، وليس هنالك من وقت محدّد للقيام بهذه المهمّة الشائكة، بما فيها قول بلمار وقول رئيس قلم المحكمة القاضي البريطاني روبن فنسنت إنّه يحتاج إلى عام إضافي، لا بل بلمار قال خلال الاحتفال بافتتاح المحكمة يوم الأحد في الأوّل من آذار/ مارس من العام 2009، إنّ "التحقيقات ستستمرّ ولا أعرف كم سيستلزم ذلك من الوقت"، ليبقى، بذلك، التحقيق والمحكمة معاً، مشرّعين مدداً زمنية غير معلومة، كما هو حاصل في مسيرة غير محكمة دولية.
فالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، على سبيل المثال، أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 827 الصادر في 25 أيّار/مايو من العام 1993، وبدأت عملها في العام 1994، ولا تزال مستمرّة في محاكمة من وجّهت إليهم تهم الإبادة والجرائم ضدّ الإنسانية والتطهير العرقي والاثني والاضطهاد السياسي والديني، ولا يزال الزعيم الصربي رادوفان كرادزيتش، والقائد العسكري الصربي راتكو ملاديتش متواريين عن الأنظار، بينما قضى الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش نحبه داخل زنزانته في لاهاي بعد مثوله القصير أمام هذه المحكمة.
ولم ير القرار الاتهامي في محكمة يوغوسلافيا السابقة، النور، إلاّ بعد مرور عام ونصف العام على قيام هذه المحكمة التي لم يحرّك جمودها سوى ملفّ مجزرة سربرينتشا الشهيرة.
اهانات فيتزجيرالد
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مجرّد الاتفاق على أن تكون المحكمة ذات الطابع الدولي، أو المحكمة الخاصة بلبنان ( SPECIAL TRIBUNAL FOR LEBANON) بحسب تعريبها الحرفي من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية، مختلطة ومؤلّفة من قضاة دوليين ولبنانيين، هو إسقاط للاتهامات الجزافية التي ساقها رئيس الفريق الدولي للتقصي عن الحقائق الضابط الأيرلندي بيتر فيتزجيرالد بحقّ القضاء اللبناني وقضاته.
فهذا الضابط الذي أحيطت الشبهات حول تصرّفاته، وظهرت مع مرور الوقت بشكل واضح، تعمّد الإساءة إلى القضاة اللبنانيين الذين لم يتغيّر شيء فيهم خلال السنوات الأربعة الماضية، أيّ منذ قدومه إلى لبنان في العام 2005 وحتّى الآن، وأتى قرار مجلس الأمن الدولي بإنشاء المحكمة تحت الرقم 1757 في 10 حزيران/يونيو من العام 2007، ليزيل كلّ التباسات فيتزجيرالد وتخيّلاته، ويعيد الاعتبار للقضاء الذي لم يعترض أهله، كحال لبنان في العام 2005، على فيتزجيرالد، لأنّه دولي، ولو كان ضابطاً لبنانياً لما سكتوا على اهاناته العديدة.
بدءاً من الأوّل من آذار/مارس من العام 2009، انتقل التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري من مرحلة التحقيق الأولي لدى لجنة التحقيق الدولية المستقلة والقضاء اللبناني، إلى المحاكمة أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، على أن يسير بموازاتها تحقيق إضافي يقوم به مدعي عام المحكمة القاضي دانيال بلمار لاستكمال ما بقي طيّ الكتمان ومغلّفاً بالألغاز والسرّيّة في عمله على رأس لجنة التحقيق، وهو ما لم يتوصّل إليه، بطبيعة الحال، من سبقه في مضمار كشف الحقيقة، القاضي الألماني ديتليف ميليس، والبلجيكي سيرج برامرتز، وإلاّ لما تجشّم عناء متابعة التحقيق من بعدهما.
وإعلان بلمار عن توجّهه إلى مواصلة التحقيق خلال مرحلة المحاكمة، لنبش المزيد من المعلومات الغامضة والإضاءة عليها، وأقلّه لمدّة عام، يدلّ برأي مراقبين متابعين، على أنّه لا يملك كلّ المعطيات لاتهام أشخاص محدّدين، وبالتالي فإنّ الملفّ غير مكتمل وغير جاهز بعناصره البشرية، أيّ أنهم غير موقوفين، وإلاّ لكان سمّاهم واتهمهم بارتكاب الجريمة، ولكنّ السؤال هل بلمار ينتظر تعيين قاضي ما قبل المحاكمة، ليقدّم له الأدلّة التي تثبت تورّطهم ويقنعه بها ليطلب على أساسها اعتقالهم وإحضارهم إلى المحكمة، باعتبار أنّه هو كمدع عام لا يستطيع القيام بهذا الإجراء من دون اللجوء إلى قاضي ما قبل المحاكمة الذي لم يعيّنه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد؟.
ومن المعروف أنّ قاضي ما قبل المحاكمة هو طرف محايد في هذا الملفّ، ويقف على مسافة واحدة من سائر الأطراف، أيّ الإدعاء ممثّلاً بالقاضي بلمار، ومحامي المتهمّين إن كانوا موجودين، ولا صلاحية لبلمار بالتوقيف وبإخلاء السبيل، ولذلك فهو ربّما يتريّث في خطوات إعلان القرائن الموجودة بحوزته ضدّ متورّطين معيّنين، تمهيداً لتوقيفهم بانتظار تعيين القاضي المذكور.
ترتيبات لوجستية
ومهما تكن الإجابة على السؤال المطروح، فإنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بحلّتها الحاضرة غير جاهزة تماماً لاستقبال جلسات المحاكمة، وذلك بدليل عدم انتهاء أعمال تحويل الملعب الرياضي المقفل إلى قاعة محاكمات لتكون شبيهة، على الأقلّ، بتلك الموجودة في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، سواء من حيث التجهيزات السمعية والبصرية والمستلزمات والمعدّات، والفرش والمنصّات المعروفة بالأقواس، والمقاعد والزجاج المضاد للرصاص، أو من حيث عملية تقطيعها وتجزئتها للسماح للجمهور المتعطش والمهتم لحضور جلسات المحاكمة العلنية.
ولكي تكون كلّ هذه الترتيبات اللوجستية الضرورية متوافرة مع إنهاء عمليات تأهيل وترميم مقرّ المحكمة، وهو بالأساس مبنى خاص بالاستخبارات الهولندية، بجميع غرفه ومكاتبه وقاعاته وردهاته، فإنّه يجب الانتظار حتّى شهر أيلول/سبتمبر من العام 2009 على أقلّ تقدير، وليس قبل هذا التاريخ كما سبق لمسؤولين هولنديين أن صرّحوا مراراً.
وهذا يعني أنّ تاريخ الأوّل من آذار/مارس من العام 2009، ليس لبدء المحكمة عملها مثل أيّ محكمة أخرى موجودة في الكون، سواء في لاهاي أو في لبنان،أو في غيرهما، وإنّما مؤشّر على انتهاء عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلّة، بعدما كانت قد بدأت جهودها مع وصول ميليس رسمياً إلى لبنان يوم الخميس الواقع فيه 26 أيّار/مايو من العام 2005، وليس مع إعلانه عن ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده في فندق "موفنبيك" في 17 حزيران/ يونيو من العام 2005، وذلك بدليل عرضه خلال وقائع هذا المؤتمر صورة عن شاحنة" الميتسوبيشي" المستخدمة في الاغتيال.
وهذا الجزم بأنّ التفجير تمّ فوق الأرض وبواسطة شاحنة بيضاء صغيرة الحجم من نوع" ميتسوبيشي كانتر" صنع العام 1996، كانت الأجهزة الأمنية اللبنانية قد قالته بالفم الملآن، وأكّده وزير الداخلية والبلديات آنذاك سليمان فرنجية، قبل وصول ميليس وكلّ المحققين الدوليين، وبعكس ما روّج له عضو "تيّار المستقبل" النائب محمّد قبّاني من أنّ التفجير حصل من تحت الأرض وتحديداً من خلال "أنفاق" تربط فندق" السان جورج" بمبنى يقع مقابله وتابع له.
محكمة يوغوسلافيا
وما دام بلمار جاداً في حديثه عن مواصلة التحقيق بموازاة المحاكمة، فإنّ لا شيء يتغيّر بعمل التحقيق، سوى المضي قدماً في محاولة تحصيل خيوط إضافية إن كان ذلك مستطاعاً، وليس هنالك من وقت محدّد للقيام بهذه المهمّة الشائكة، بما فيها قول بلمار وقول رئيس قلم المحكمة القاضي البريطاني روبن فنسنت إنّه يحتاج إلى عام إضافي، لا بل بلمار قال خلال الاحتفال بافتتاح المحكمة يوم الأحد في الأوّل من آذار/ مارس من العام 2009، إنّ "التحقيقات ستستمرّ ولا أعرف كم سيستلزم ذلك من الوقت"، ليبقى، بذلك، التحقيق والمحكمة معاً، مشرّعين مدداً زمنية غير معلومة، كما هو حاصل في مسيرة غير محكمة دولية.
فالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، على سبيل المثال، أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 827 الصادر في 25 أيّار/مايو من العام 1993، وبدأت عملها في العام 1994، ولا تزال مستمرّة في محاكمة من وجّهت إليهم تهم الإبادة والجرائم ضدّ الإنسانية والتطهير العرقي والاثني والاضطهاد السياسي والديني، ولا يزال الزعيم الصربي رادوفان كرادزيتش، والقائد العسكري الصربي راتكو ملاديتش متواريين عن الأنظار، بينما قضى الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسوفيتش نحبه داخل زنزانته في لاهاي بعد مثوله القصير أمام هذه المحكمة.
ولم ير القرار الاتهامي في محكمة يوغوسلافيا السابقة، النور، إلاّ بعد مرور عام ونصف العام على قيام هذه المحكمة التي لم يحرّك جمودها سوى ملفّ مجزرة سربرينتشا الشهيرة.
اهانات فيتزجيرالد
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مجرّد الاتفاق على أن تكون المحكمة ذات الطابع الدولي، أو المحكمة الخاصة بلبنان ( SPECIAL TRIBUNAL FOR LEBANON) بحسب تعريبها الحرفي من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية، مختلطة ومؤلّفة من قضاة دوليين ولبنانيين، هو إسقاط للاتهامات الجزافية التي ساقها رئيس الفريق الدولي للتقصي عن الحقائق الضابط الأيرلندي بيتر فيتزجيرالد بحقّ القضاء اللبناني وقضاته.
فهذا الضابط الذي أحيطت الشبهات حول تصرّفاته، وظهرت مع مرور الوقت بشكل واضح، تعمّد الإساءة إلى القضاة اللبنانيين الذين لم يتغيّر شيء فيهم خلال السنوات الأربعة الماضية، أيّ منذ قدومه إلى لبنان في العام 2005 وحتّى الآن، وأتى قرار مجلس الأمن الدولي بإنشاء المحكمة تحت الرقم 1757 في 10 حزيران/يونيو من العام 2007، ليزيل كلّ التباسات فيتزجيرالد وتخيّلاته، ويعيد الاعتبار للقضاء الذي لم يعترض أهله، كحال لبنان في العام 2005، على فيتزجيرالد، لأنّه دولي، ولو كان ضابطاً لبنانياً لما سكتوا على اهاناته العديدة.