ارشيف من :أخبار لبنانية

رأس حزب اللّه، أو التحالف معه، أو زعامة عون؟

رأس حزب اللّه، أو التحالف معه، أو زعامة عون؟

رغم كل التحليلات المغايرة، لا يزال الفريق الحريري ــ بمكوّناته الطوائفية كافة ــ ينظر بتفاؤل خفيّ ومكبوت إلى التطوّرات الإيجابية المسجّلة على خط دمشق ــ الرياض. وينبثق هذا التفاؤل من إمكان أن يصحّ حساب من ثلاثة إزاء المصالحة السورية ــ السعودية، التي لا يمكن أن تتم من دون حد أدنى من الرضى المصري، وعدم الرفض الأميركي.
الحساب الأول المأمول والمرتجى يتعلق بتوقّع مسار العلاقات البينية في المنطقة، على وقع المصالحات المحتملة، وخصوصاً تأثيرها على خط دمشق ــ طهران. بمعنى آخر، فإن هذا الحساب أعاد إحياء المقولة الشهيرة بفصل سوريا عن إيران، نتيجة الانفتاح العربي والغربي على الرئيس الأسد، بعد عزلة الأعوام الماضية. ورغم كل الإشارات المعاكسة، ورغم اعتراف صانعي السياسة الأميركية أنفسهم، بصعوبة هذا الاحتمال، ووضعه في إطار زمني بعيد المدى... رغم ذلك، انتعشت هذه النغمة مجدداً في الحسابات الحريرية، وعادت مقولة "أبو هادي ليس أعزّ من أبو عمار" إلى بعض الرهانات.
وجاء الكلام السعودي على لسان سعود الفيصل من القاهرة، أول من أمس، كما الكلام الأميركي المتزامن على لسان هيلاري كلينتون من تل أبيب، ليعزّزا تلك الآمال الحريرية. فالرياض أرفقت انفتاحها السوري وزيارة وزير خارجيتها إلى دمشق بالكلام عن الرؤية العربية الموحّدة لمواجهة "التحدّي الإيراني". وواشنطن أيضاً جمعت بين إعلانها زيارة أول مسؤولَين تنفيذيين إلى دمشق منذ 5 أعوام، وتأكيدها مواجهة "التهديد الإيراني". ولم يكن ينقص غير الصمت السوري التام حيال هذه الرسائل، لتنتعش حسابات "الفصل السوري الإيراني"، في الحساب الحريري الأول.
أما الحساب الثاني المأمول في رهانات فريق الأكثرية الوزارية، فينطلق من احتمال فشل الرهان الأول. وهو ينطلق من القول بأن الفصل الفعلي بين دمشق وطهران، الذي قد يؤدي إلى إضعاف حزب الله في بيروت، قد يكون متأخّراً، وقد يكون غير وارد. لكن في هذه الأثناء، ماذا لو أدّت المصالحة السعودية ـ السورية إلى انفراج، ولو نسبي، في العلاقات الخليجية، وخصوصاً في حال ترافقه مع ليونة إيرانية، ومع خطوات غربية وأميركية تحديداً، موحية بالاستعداد لمحاورة طهران.
في هذه الحال، يقفز إلى العقل الحريري لاسيناريو ضرب حزب الله، بل السيناريو المناقض تماماً، أي التحالف معه، حتى انتخابياً، وإعادة إنتاج شيء ما يشبه التحالف الرباعي الشهير في عام 2005. ويأتي هذا الأمل الثاني مشفوعاً بما يحكى عن دور فرنسي وقطري. ويترقّب هذا الرهان الحريري الثاني آفاق تطور العلاقة السورية ـ السعودية، بحيث تتجه الأنظار نحو ما بعد زيارة الفيصل إلى دمشق. فإذا جاءت المحطة التالية وصول بشار الأسد إلى الرياض قبل نهاية آذار، وبالتالي عقد قمة الدوحة في أجواء الانفراج بين الرياض ودمشق، فإن ثمّة مَن يدفع ضمن الفريق الحريري في هذه الحال نحو الرهانات على حلحلة انتخابية موازية للحلحلة الإقليمية.
ويبقى الحساب الحريري الثالث، والمأمول من الانفتاح السوري ـ  السعودي. فإذا لم يؤدّ الأمر إلى ضرب حزب الله، وإذا لم يؤدّ في المقابل إلى إعادة إحياء فرص التحالف معه، ماذا لو قدّر لهذا الوضع الجديد أن يقنع جميع الإقليميين والدوليين المعنيين بالملف اللبناني باستحالة أن يحسم فريق لبناني على آخر. وبالتالي، ماذا لو نتج من المصالحة قرار عربي بمنع ثنائية الفوز والخسارة في بيروت. عندها يعيد المتصالحون إقليمياً بعث نظرية "الكتلة الضامنة"، أو "المجموعة الوسطية"، أو المعادلة المصرية الشهيرة لمجلس نواب لبناني على قاعدة 60 ـــــ 60 ـــــ 8. وفي هذا الحساب الثالث، يعزّي أصحابه أنفسهم بأن الثمن سيكون لا رأس حسن نصر الله، بل أطراف ميشال عون، بمعنى تقليص حجم الزعامة المسيحية، ومنعها من استعادة الدور والموقع.
ثلاثة حسابات يسِمُها الأخصام بالتفكير ـ التمنّي، عشيّة تغييرات جدّية وكبيرة، لا يمكن وصفها بأقل من تكليف جفري فيلتمان نفسه، "قائد ثورة الأرز" سابقاً، بالانفتاح على دمشق.

(جان عزيز ـ "الأخبار")

2009-03-05