ارشيف من :آراء وتحليلات

خلف القناع: "الزول(*)".. بنى الكرامة "العالية"..

خلف القناع: "الزول(*)".. بنى الكرامة "العالية"..
كتب مصطفى خازم
يقول احد عملاء المخابرات المركزية الأميركية العامل في سبعينيات القرن الماضية في بيروت، ان بساطة الجنود السوريين الذين كانوا على الحدود بين البلدين وصلت إلى حد أنه في أحد المرات، وحين محاولته العبور إلى دمشق عبر جديدة يابوس، طلب منه الجندي فتح "شنطة" السيارة، ولما اكتشف أن المحرك موجود فيها، طلب من العميل ان يدخل إلى سوريا "رجوعاً"، والسبب ان المحرك من المفترض ان يكون في المقدمة، والا فالسيارة ستكون سائرة بقدرة العفاريت!
نسيت أن أخبركم أن السيارة كانت من نوع "فولسفاغن"!
انتهت رواية العميل.
نروي هذه القصة للتدليل على مدى حماقة "عميل المخابرات الاميركية" وليس بساطة الجندي السوري، لأنه ان استطاع جندي في تلك المرحلة ان يدفع عميل أميركي الى دخول سوريا "رجوعاً" بسيارته، فهذا هو الإنجاز وهي البداية، والدليل هو قدرة سوريا الحالية على إرغام الولايات المتحدة الاميركية بكل غطرستها على العودة إلى سوريا، وهذه المرة أيضاً رجوعاً ومن الحدود اللبنانية، وبنفس "العميل" الذي خرّب العلاقات..
هي الحماقة نفسها، ولكن هذه المرة تتكرر على أرض السودان، اجتمع "الجبابرة" هذه المرة بعد الفشل في لبنان، وفلسطين والعراق وأفغانستان على محاولة الاقتصاص للعدو الصهيوني وخسائره المتلاحقة.. فقرروا ضرب السودان.
هالهم ان يقف رجل كالرئيس السوداني بما يحمل من رمزية اللاءات الثلاث في الخرطوم، لا صلح لا تفاوض ولا اعتراف مع العدو الصهيوني، وهالهم ان يقف عمر حسن حمد البشير ابن الفلاحين الذي أصبح كما جمال عبد الناصر ضابط جيش ومن ثم قائداً لشعبه، أن يقف ويقول "إحنا مع المقاومة في لبنان، ومع المقاومة في غزة وفلسطين، ومع المقاومة في العراق..".
ممنوع الوقوف بشرف، ودفاعاً عن حرية وسيادة وكرامة العرب والمسلمين، يجب ان توجه لهم الإهانات دائماً، ويبقوا تحت "الجزمة".
هي أميركا، واستكبارها، وطغيانها في الأرض، لن تكون أقدر من فرعون، وليس شعب السودان أقل إيماناً من قوم موسى(ع)..
اختاروا الحرية وعملوا لها.. وعملوا لخير بلدهم وأمتهم..
بين عبد الناصر والبشير، مشتركات باتت كثيرة، وليس آخرها "سد مروي".. هو ليس "السد العالي"، ولكنه على طريقه.. واللاءات لا تزال تتردد على المدى..
"الزول" عمر حسن حمد البشير هو عنوان لأمة ترفض الخضوع، ولذا قرروا معاقبته..
قد لا تنتهي الامور هنا، وربما تتكرر الحماقة فيضرب السودان بالطائرات، ولكن باتت الامور أوضح ولكل ناظر، انت تقف في وجه اميركا يعني أنك مع شعبك، وأن تحني لها الهامة يعني أنك مع اسرائيل..
هذه هو المعيار.. فكيف و"اسرائيل" حتماً إلى زوال.. والاميركي "راجع" برغم أنفه، والبريطاني غيّر رأيه في حزب الله الذي لم ولن يتغير..
فهمكم كفاية..
(*) "الزول" تعني رجل بالعامية السودانية.
الانتقاد/ العدد 1336 ـ 6 آذار/ مارس 2009
2009-03-06