ارشيف من :أخبار عالمية

خاص الانتقاد.نت: اميركا تتظاهر بالتنازل لروسيا خوفا من ايران

خاص الانتقاد.نت: اميركا تتظاهر بالتنازل لروسيا خوفا من ايران
صوفيا ـ جورج حداد
منذ خطا باراك اوباما عتبة البيت الابيض والادارة الاميركية الجديدة تطلق اشارات متناقضة باتجاه القضايا والاطراف "الصعبة". وظهر ذلك في الموقف من العدوان الاسرائيلي الوحشي على غزة، وفي مسألة الانسحاب من العراق، وفي تليين الموقف ظاهريا مع ايران. ولكن يبدو ان اميركا "الاوبامية" لا تزال تتابع، من وراء الكواليس، جهودا حثيثة لمحاصرة ايران وتطويقها وعزلها لاهداف لا تخرج عن نطاق الاهداف العدوانية التي سبق ورسمتها ادارة بوش. ولاجل انجاح الخطة السرية المعادية لايران، تحاول ادارة اوباما استمالة روسيا الى جانبها، او على الاقل "تحييدها"، لانها تعتقد ان تنفيذ اي خطة عدوانية ضد ايران، سواء مباشرة او بواسطة "اسرائيل"، لا يمكن ان تنجح بدون "تحييد" روسيا. وقد اوردت مصادر الاعلام الدولية ان الرئيس اوباما ارسل منذ ثلاثة اسابيع رسالة سرية الى الرئيس الروسي دميتريي ميدفيدييف. وفي هذه الرسالة يلمح اوباما الى ان اميركا يمكن ان تتراجع عن موضعة نظام الصواريخ المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية، اذا استخدمت روسيا نفوذها لوقف انتاج ايران لاسلحة ذات نطاق كبير. وقد اوردت هذا النبأ جريدة "نيويورك تايمز" نقلا عن مصادر اميركية لم تفصح عنها. وكانت رسالة اوباما جوابا على رسالة التهنئة التي ارسلها ميدفيدييف اليه بعد استلام مهام منصبه الرئاسي، وقد نقلها الى موسكو ممثلون اميركيون رفيعو المستوى، الذين سلموها للكرملين قبل ثلاثة اسابيع. وتقول الرسالة ان الولايات المتحدة الاميركية لن تنفذ المشروع المقترح من قبل ادارة بوش لبناء الشبكة المضادة للصواريخ، وهو المشروع الذي اعترضت عليه روسيا بشدة، اذا توقفت ايران عن انتاج الرؤوس الحربية النووية والصواريخ البالستيكية. وحسب مصادر "نيويورك تايمز" فإن الرسالة لا تقترح اجراء صفقة مباشرة، انما تعلن فقط ان التهديد سوف يسقط، وهي تهدف الى اعطاء موسكو حافزا للانضمام الى الولايات المتحدة الاميركية في جبهة مشتركة ضد ايران.
"يمكننا ان نؤكد ان الرئيس اوباما ارسل رسالة الى الرئيس ميدفيدييف"، هذا ما نقلته وسائل الاعلام الروسية، على لسان موظف اميركي رفيع المستوى. وهو اضاف ان الرسالة تتناول العديد من المسائل، ومنها الدفاع الصاروخي الاميركي، و"التهديد" الايراني.
وتعتبر المراجع الاميركية ان العلاقات العسكرية والدبلوماسية والتجارية تعطي روسيا امكانية للتأثير على ايران، ولكنها ـ اي روسيا ـ تقف على الاغلب ضد الخط الاميركي المتشدد ضد ايران. ولم تجب موسكو الى الان على رسالة اوباما، ولكن ناطقا روسيا صرح بأن وزير الخارجية الروسية سيرغيي لافروف، لديه ما يقوله لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، حينما سيلتقيان يوم الجمعة القادم في جينيف. علما ان ميدفيدييف واوباما سيلتقيان لاول مرة في الثاني من نيسان القادم في لندن.
وتعلق جريدة "نوفيل اوبسرفاتور" الفرنسية انه اذا قبلت روسيا التعاون مع اميركا فستجري تغييرات ستراتيجية مهمة على النطاق العالمي، وبالدرجة الاولى ستجري تدفئة العلاقات الروسية ـ الاميركية، المتوترة منذ وقت طويل. وستكون اسرائيل راضية. كما سيجري تقدم على صعيد ملف البرنامج النووي الايراني، الذي جرى تجميده من قبل مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع زميله الفرنسي ايرفيه مورين، علق وزير الدفاع الاميركي روبرت غييتس على رسالة اوباما قائلا: "هذه محاولة للبدء من جديد بالحوار" مع روسيا و"كيف سنحل مشكلة البرنامج النووي الايراني". ولاحظ الوزير الاميركي انه في كل الحالات فإن الصواريخ الايرانية لا يمكن حتى الان ان تطال الاراضي الاميركية، ومع ذلك فإن واشنطن هي معنية بالامن الاوروبي.
ويتضح من تصريحات روبرت غييتس امران في غاية الاهمية:
اولا ـ ان اميركا تخشى تماما الطائرات الاستراتيجية والصواريخ التي تطال اراضيها، وهو حافزها الاول للتنازل امام روسيا.
وثانيا ـ ان التنازل الاميركي في الساحة الاوروبية هو تنازل مجاني، وهي في حالة التخلي عن "التهديد" باقامة القواعد الصاروخية في اوروبا الشرقية، انما "تبيع روسيا من كيسها".
ويعلق بعض المراقبين على ذلك بالقول إنه إذا غامرت روسيا بمصداقيتها الدولية ومصالحها الستراتيجية "الشرقية" و"الاوروبية"، وانضمت مباشرة او مواربة الى الجبهة المعادية لايران، فما الذي يضمن ان لا يقوم الطيران الاستراتيجي الاميركي برفع العلم الاسرائيلي وشن هجوم على ايران؛ وما الذي يضمن ان لا تقوم اميركا بوضع اسلحتها الاستراتيجية "في تصرف" دول عميلة ومارقة، ككوسوفو وجورجيا واوكرانيا، لشن هجمات على روسيا ذاتها، بدءا بتدبير "بيرل هاربر روسية" عن طريق إغراق الاسطول الروسي في سيباستوبول؛ وما الذي يمنع مد "جسر اطلسي" من تركيا الى جورجيا الى الشيشان، وتفجير مسألة الشيشان بشكل لا سابق له، وتحويل بلاد الشيشان الى تجمع للجيوش والاسلحة الاميركية ـ الاطلسية!!!
ويعقب هؤلاء المراقبون انه في 18 شباط/ فبراير الماضي، اي قبل 24 ساعة من زيارة اوباما الى كندا، ارسلت روسيا طائرة قاذفة استراتيجية، من النوع الذي يحمل الصواريخ ذات الرؤوس النووية المتعددة، لتحلق قريبا من الاجواء الكندية؛ وأنه من المرجح ان هذه هي "الرسالة الجوابية" الروسية على "الرسالة السرية" الاميركية الى الكرملين. 
2009-03-06