ارشيف من :أخبار عالمية
هل بدأت ملامح الصورة المقبلة للمنطقة ترتسم في ضوء المقاربة الأميركية الجديدة لملفات المنطقة ؟
كتب علي عوباني
حركة ديبلوماسية وسياسية لافتة تشهدها منطقة الشرق الأوسط هذه الأيام فمن التقارب الأميركي السوري الى المفاتحات الجارية مع طهران ، الى الانفتاح البريطاني على حزب الله مرورا بالحوار الفلسطيني في القاهرة والانسحاب الأميركي من العراق وصولا الى المصالحة العربية العربية كل هذه العناوين الكبيرة والملفات المتعددة والمتشعبة ألقت بثقلها دفعة واحدة على الوضع الإقليمي في المنطقة ، بما يوحي ويؤشر الى عدة أمور :
أولا- ان ثمة منعطفا تاريخيا في سياسات واشنطن وطريقة مقاربتها الإدارة الجديدة لقضايا المنطقة انطلاقا من الخيار الديبلوماسي وبعيدا عن سياسة الهيمنة والاستكبار التي سادت عهد بوش على أكثر من صعيد.
ثانيا – ان ثمة إعادة خلط لأوراق المنطقة تحضيرا لخيارات واستحقاقات كبيرة مقبلة عليها .
ثالثا – ان ثمة من قرأ بتمعن ما يجري من تحولات فسارع للقوطبة والتقاط الفرص عبر السعي لتعزيز موقعه في المنطقة ومحاولة امتلاكه لأكبر قدر من أوراقها .
وفي هذا السياق فان الرمال الديبلوماسية المتحركة في المنطقة التي تتطاير وسط اندفاعه أميركية أوروبية لا نظير لها ، وان تجلت بعناوين عدة وان اختلفت تسمياتها من جس النبض الى المفاتحة في بعض الأماكن ، والانفتاح في أماكن أخرى على ما كان يعتبر من المحرمات والخطوط الحمر ، الا انها تجاوزت كل السدود واطواق العزلة التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة ، وأولى هذه الخطوات كانت تجاه سوريا التي تشهد غزلا أميركيا وزيارات متتالية لمسؤولين أميركيين ، كان أخرها المحادثات البناءة جدا التي أجراها الوفد الأميركي برئاسة جيفري فيلتمان في دمشق ، فيما ثاني هذه الخطوات كانت تجاه طهران بعدما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ايران للمشاركة في مؤتمر وزاري دولي حول افغانستان ، اما الخطوة الثالثة فتجلت بكشف الرئيس الاميركي الجديد عن بعض خيوط استراتيجيته للعمل في افغانستان والحديث عن إمكانية بدء واشنطن محادثات مع ما اسماه قادة معتدلين في حركة طالبان . اما الخطوة الرابعة فعنوانها الاساسي السعي الاميركي الحثيث لتهيئة الظروف المناسبة لانسحاب قواتها من العراق وذلك بعدما اعلن جيش الاحتلال الاميركي في العراق امس انه سيخفض عديد قواته نحو واحد وعشرين الفا خلال الاشهر الستة المقبلة " .
وبالموازاة فقد شجع هذا الانفتاح الأميركي على دول المنطقة دولا أوروبية لتحذو حذوه فكان الإعلان البريطاني عن إمكانية اجراء محادثات مع حزب الله ، وهو ما شجع ايضا دولا عربية على وصل ما انقطع مع جاراتها ، فكان ان تسارعت وتيرة المصالحة العربية العربية التي يتوقع لها ان تتطور الأيام المقبلة في ضوء الحديث الجاري عن التحضير لزيارة مقبلة للرئيس السوري بشار الاسد الى الرياض ، وفي هذا الاطار فقد ذكرت مصادر سورية مطلعة لقناة المنار ان قمة سورية سعودية ستجمع بعد غد في الرياض الرئيس السوري بشار الاسد والملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، في وقت نقلت فيه صحيفة الوطن السورية عن مصادر دبلوماسية ان الاسد سيزور الرياض للقاء الملك السعودي قبل قمة الدوحة مشيرة الى ان الزيارة ستكون الاولى منذ العام 2005 وستساهم في نجاح قمة الدوحة وخروجها بقرارات بمستوى التحديات.
ومما لا شك فيه ان المصالحة العربية التي بدأت مقدماتها على هامش قمة الكويت الاقتصادية ، لا بد وان ترخي بظلالها على العديد من ملفات المنطقة ، وهو ما بدا يلوح في الافق مع انطلاقة الحوار الفلسطيني الفلسطيني بقوة وجدية في القاهرة والذي يستكمل اليوم مع انعقاد اللجان الخمس التي جرى الاتفاق عليها بين الفصائل الفلسطينية المشاركة في مؤتمر الحوار في وقت سابق من الشهر المنصرم .
اما فيما يخص لبنان وعلى رغم الجعجعة الكبيرة التي نسمعها من حين لآخر وعلى رغم محاولات البعض لتصعيد الخطاب السياسي لأهداف انتخابية بحتة إلا ان التطورات السياسية توحي بأن الأمور تبدلت وان هناك إما نوعا من الحذر والترقب لما سترسو عليه صورة المنطقة وإما هناك قرارا إقليميا دوليا بالتهدئة في لبنان وتمرير الاستحقاق الانتخابي بهدوء وبعيدا عما يجري من عنتريات انتخابية لا طائل منها .
هذه الأجواء بمجملها ألقت بثقلها أيضا على الواقع في السودان ، وفي هذا السياق ، فان بدا قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمرو البشير وكأنه يأتي خارج سياق التركيبة الجديدة للمنطقة الا انه من المتوقع الا يكون لهذا القرار تداعيات كبيرة يعتد بها اذا لم نقل انه سيجري العمل على تعليقه وهو ما بدأ العديد من الدول العربية بالعمل على تحقيقه .
في المقابل وحده الكيان الصهيوني توجس من سياسة الإدارة الأميركية الجديدة تجاه المنطقة ، ومن الانفتاح الاوروبي تجاه حزب الله حيث أعلن أمس ناطق باسم خارجية العدو ان الكيان الصهيوني ينظر ببالع الخطورة الى التقارب الحاصل بين بريطانيا وحزب الله ، ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن الناطق قوله "ان إسرائيل أعربت عن احتجاجها على هذه الخطوة لدى السلطات البريطانية مشيرا الى ان إسرائيل لا تميز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الل كما هو الحال بالنسبة لحركة حماس الفلسطينية ".
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018