ارشيف من :أخبار عالمية
زيارة المالكي لطهران.. ترسيخ أسس العلاقات الاستراتيجية وتوسيع آفاق التعاون وبناء الثقة

بغداد ـ عادل الجبوري
ليست طويلة، الفترة الزمنية بين الثاني من شهر آذار/ مارس الماضي، والسابع من شهر حزيران/ يونيو الجاري، إنها ثلاثة شهور وخمسة أيام فقط!. وهذه الفترة هي التي فصلت بين زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للعراق، وزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى إيران.
وبقدر ما كانت زيارة أحمدي نجاد لبغداد مهمة للغاية، وانطوت على معان ودلالات ومؤشرات ونتائج كبيرة، فإن زيارة المالكي لطهران لم تكن أقل أهمية عنها.
ولعل تبادل الزيارات على مختلف الصعد والمستويات بين بغداد وطهران، يمثل استمراراً وتفعيلاً لحراك سياسي كان هو الأبرز والأكثر فاعلية بعد الإطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان/ أبريل 2003، رغم الملاحظات والتحفظات الكثيرة للساسة الإيرانيين على بعض معطيات الواقع السياسي العراقي، الخاضع في توجيه جزء من مساراته وتحديد بعض من إيقاعاته لرؤية الولايات المتحدة الأميركية التي تتعارض إلى حد كبير مع الرؤية الإيرانية، كجزء من الاختلاف والتقاطع والصراع القائم بين الجانبين منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية قبل أكثر من تسعة وعشرين عاما.
ربما كانت الطريقة التي تعاطت بها طهران مع الوضع العراقي بعد التاسع من نيسان/ أبريل مثيرة بحيث أنها أثارت ـ ومازالت ـ لغطاً وجدلاً كبيرين في أوساط ومحافل سياسية عربية وإقليمية ودولية، لأنه بدا للبعض أنها تنطوي على قدر كبير من التناقض وعدم الوضوح.
بيد أن التأمل والتدقيق في حقائق الواقع بطريقة موضوعية يمكن أن يؤدي للتوصل إلى رؤية مختلفة، مفادها أن طهران حرصت منذ وقت مبكر على إيضاح موقفها بالتأكيد على دعمها ومساندتها للعراقيين، ومساعدتهم على إنجاح العملية السياسية، وتجاوز المشكلات التي خلفها النظام السابق، والطريقة التي أزيح بها عن السلطة، وفق السياقات الديمقراطية التي قررها الشعب العراقي عبر صناديق الاقتراع، وفي الوقت نفسه رفضها للاحتلال الأجنبي لهذا البلد ودعوتها باستمرار لإنهاء أي تواجد عسكري أو غير عسكري على أراضيه، باعتبار أن ذلك يمثل إخلالاً بمبدأ السيادة والاستقلال من جانب، ومن جانب آخر يشكل تهديداً لأمن المنطقة ودولها، لاسيما لأمن إيران ذاتها.
ويبدو أن تفعيل وترسيخ هذين المطلبين كانا يتطلبان حراكا وتواصلا بين بغداد وطهران وليس قطيعة تعمق مشكلات وأزمات الماضي وتبقي على الأمور تدور في حلقة مفرغة فيما بينهما.
من هنا كانت طهران السباقة من بين كل الأطراف الإقليمية إلى تفعيل عمل بعثتها الدبلوماسية في بغداد، والى إرسال الوفود السياسية والاقتصادية والثقافية، والمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار والبناء، فقد جاء وزير الخارجية الإيراني منوتشهر متقي إلى بغداد، وجاء الأمين العام السابق لمجلس الأمن القومي الدكتور علي لاريجاني ووزراء ومسؤولين كبار آخرين قبل أن يأتي إليها الرئيس نجاد في زيارة عدت تاريخية، لأنها كانت أول زيارة لرئيس إيراني للعراق بعد ثلاثين عاما من الحروب والنزاعات والصراعات الدموية، التي تسبب بها نظام صدام بدفع وتشجيع من قوى دولية وإقليمية عديدة.
ولا شك أن حراكا سياسيا بهذا المستوى والزخم يقابله حراك عراقي في الاتجاه نفسه لم يحصل مع أي بلد آخر من بلدان المنطقة، وهذا من دون شك يعبر عن حقائق ومعطيات ذات أبعاد متعددة، عبرت عن جزء كبير منها الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي، وما تمخض عنها من نتائج مهمة على الأصعدة السياسية والاقتصادية الأمنية.
فقد ساهمت الزيارة بتفعيل نتائج زيارة الرئيس أحمدي نجاد لبغداد، وخصوصا ما يتعلق بالاستثمارات الإيرانية في العراق، ومساهمة الجانب الإيراني في مشاريع البناء والإعمار، أو بعبارة أخرى ساهمت بتفعيل بروتوكولات التفاهم السبعة التي أبرمت خلال زيارة نجاد للعراق في الثاني من آذار/ مارس الماضي، علما أن طهران قدمت قرضا ميسرا للعراق بقيمة مليار دولار.
أضف إلى ذلك فإن زيارة المالكي أسفرت عن إبرام اتفاقية أمنية بين الجانبين، من شأنها أن تؤدي إلى خلق مزيد من الاستقرار في العراق وإزالة جانب كبير من هواجس ومخاوف طهران من إية اتفاقيات يمكن إن يبرمها العراق، سواء مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع أية دولة أخرى.
وقد يكون واضحا حرص بغداد على عدم تعريض علاقاتها مع طهران لأية صدمات أو هزات، وإعطاء تلك العلاقات بعدا استراتيجيا، وتجنب أن تكون خيارات انفتاح العراق على العالم العربي وانفتاح الأخير على العراق، على حساب العلاقات مع الجارة الشرقية، والشيء نفسه بالنسبة للاتفاقية طويلة الأمد المزمع إبرامها بين العراق الولايات المتحدة، فأن الساسة العراقيين أكدوا أن من بين الثوابت التي لا يمكن المساومة عليها أو التنازل عنها، هي ألا تتيح تلك الاتفاقية جعل الأراضي العراقية منطلقا للعدوان على جيران العراق، وفي ذلك رسالة تطمين مهمة وضرورية لطهران التي يقلقها كثيرا الوجود الأميركي في العراق.
وبحسب ما هو ظاهر ومعلن فإن زيارة المالكي لطهران وفي هذا الوقت بالذات، الذي يشهد انفراجات سياسية وأمنية في المشهد العراقي العام، قوبلت بارتياح وترحيب كبيرين في الأوساط والمحافل السياسية العراقية المختلفة، وكذلك في الشارع العراقي، فضلا عن الأوساط والمحافل السياسية الإيرانية والشارع الإيراني.
وتزداد أهمية هذه الزيارة إذا اعتبرناها جزءا من تحرك دبلوماسي ـ سياسي عراقي على المحيطين الإقليمي والدولي، ذلك التحرك الذي عبرت عنه خلال الشهور القلائل الماضية عدد من المؤتمرات والملتقيات في أكثر من عاصمة ومدينة عربية وإقليمية وأجنبية من بينها طهران، والذي من المؤمل أن يتواصل بزيارة المالكي إلى الأردن وربما لتركيا، وزيارة مرتقبة في وقت لاحق لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان إلى بغداد، مضافا إلى ذلك حراك على مستويات أدنى لدفع ذلك التحرك إلى الأمام وترجمته إلى واقع عملي على الأرض.

وبقدر ما كانت زيارة أحمدي نجاد لبغداد مهمة للغاية، وانطوت على معان ودلالات ومؤشرات ونتائج كبيرة، فإن زيارة المالكي لطهران لم تكن أقل أهمية عنها.
ولعل تبادل الزيارات على مختلف الصعد والمستويات بين بغداد وطهران، يمثل استمراراً وتفعيلاً لحراك سياسي كان هو الأبرز والأكثر فاعلية بعد الإطاحة بنظام صدام في التاسع من نيسان/ أبريل 2003، رغم الملاحظات والتحفظات الكثيرة للساسة الإيرانيين على بعض معطيات الواقع السياسي العراقي، الخاضع في توجيه جزء من مساراته وتحديد بعض من إيقاعاته لرؤية الولايات المتحدة الأميركية التي تتعارض إلى حد كبير مع الرؤية الإيرانية، كجزء من الاختلاف والتقاطع والصراع القائم بين الجانبين منذ انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية قبل أكثر من تسعة وعشرين عاما.
ربما كانت الطريقة التي تعاطت بها طهران مع الوضع العراقي بعد التاسع من نيسان/ أبريل مثيرة بحيث أنها أثارت ـ ومازالت ـ لغطاً وجدلاً كبيرين في أوساط ومحافل سياسية عربية وإقليمية ودولية، لأنه بدا للبعض أنها تنطوي على قدر كبير من التناقض وعدم الوضوح.
بيد أن التأمل والتدقيق في حقائق الواقع بطريقة موضوعية يمكن أن يؤدي للتوصل إلى رؤية مختلفة، مفادها أن طهران حرصت منذ وقت مبكر على إيضاح موقفها بالتأكيد على دعمها ومساندتها للعراقيين، ومساعدتهم على إنجاح العملية السياسية، وتجاوز المشكلات التي خلفها النظام السابق، والطريقة التي أزيح بها عن السلطة، وفق السياقات الديمقراطية التي قررها الشعب العراقي عبر صناديق الاقتراع، وفي الوقت نفسه رفضها للاحتلال الأجنبي لهذا البلد ودعوتها باستمرار لإنهاء أي تواجد عسكري أو غير عسكري على أراضيه، باعتبار أن ذلك يمثل إخلالاً بمبدأ السيادة والاستقلال من جانب، ومن جانب آخر يشكل تهديداً لأمن المنطقة ودولها، لاسيما لأمن إيران ذاتها.
ويبدو أن تفعيل وترسيخ هذين المطلبين كانا يتطلبان حراكا وتواصلا بين بغداد وطهران وليس قطيعة تعمق مشكلات وأزمات الماضي وتبقي على الأمور تدور في حلقة مفرغة فيما بينهما.
من هنا كانت طهران السباقة من بين كل الأطراف الإقليمية إلى تفعيل عمل بعثتها الدبلوماسية في بغداد، والى إرسال الوفود السياسية والاقتصادية والثقافية، والمساهمة في مشاريع إعادة الإعمار والبناء، فقد جاء وزير الخارجية الإيراني منوتشهر متقي إلى بغداد، وجاء الأمين العام السابق لمجلس الأمن القومي الدكتور علي لاريجاني ووزراء ومسؤولين كبار آخرين قبل أن يأتي إليها الرئيس نجاد في زيارة عدت تاريخية، لأنها كانت أول زيارة لرئيس إيراني للعراق بعد ثلاثين عاما من الحروب والنزاعات والصراعات الدموية، التي تسبب بها نظام صدام بدفع وتشجيع من قوى دولية وإقليمية عديدة.
ولا شك أن حراكا سياسيا بهذا المستوى والزخم يقابله حراك عراقي في الاتجاه نفسه لم يحصل مع أي بلد آخر من بلدان المنطقة، وهذا من دون شك يعبر عن حقائق ومعطيات ذات أبعاد متعددة، عبرت عن جزء كبير منها الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي، وما تمخض عنها من نتائج مهمة على الأصعدة السياسية والاقتصادية الأمنية.
فقد ساهمت الزيارة بتفعيل نتائج زيارة الرئيس أحمدي نجاد لبغداد، وخصوصا ما يتعلق بالاستثمارات الإيرانية في العراق، ومساهمة الجانب الإيراني في مشاريع البناء والإعمار، أو بعبارة أخرى ساهمت بتفعيل بروتوكولات التفاهم السبعة التي أبرمت خلال زيارة نجاد للعراق في الثاني من آذار/ مارس الماضي، علما أن طهران قدمت قرضا ميسرا للعراق بقيمة مليار دولار.
أضف إلى ذلك فإن زيارة المالكي أسفرت عن إبرام اتفاقية أمنية بين الجانبين، من شأنها أن تؤدي إلى خلق مزيد من الاستقرار في العراق وإزالة جانب كبير من هواجس ومخاوف طهران من إية اتفاقيات يمكن إن يبرمها العراق، سواء مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع أية دولة أخرى.
وقد يكون واضحا حرص بغداد على عدم تعريض علاقاتها مع طهران لأية صدمات أو هزات، وإعطاء تلك العلاقات بعدا استراتيجيا، وتجنب أن تكون خيارات انفتاح العراق على العالم العربي وانفتاح الأخير على العراق، على حساب العلاقات مع الجارة الشرقية، والشيء نفسه بالنسبة للاتفاقية طويلة الأمد المزمع إبرامها بين العراق الولايات المتحدة، فأن الساسة العراقيين أكدوا أن من بين الثوابت التي لا يمكن المساومة عليها أو التنازل عنها، هي ألا تتيح تلك الاتفاقية جعل الأراضي العراقية منطلقا للعدوان على جيران العراق، وفي ذلك رسالة تطمين مهمة وضرورية لطهران التي يقلقها كثيرا الوجود الأميركي في العراق.
وبحسب ما هو ظاهر ومعلن فإن زيارة المالكي لطهران وفي هذا الوقت بالذات، الذي يشهد انفراجات سياسية وأمنية في المشهد العراقي العام، قوبلت بارتياح وترحيب كبيرين في الأوساط والمحافل السياسية العراقية المختلفة، وكذلك في الشارع العراقي، فضلا عن الأوساط والمحافل السياسية الإيرانية والشارع الإيراني.
وتزداد أهمية هذه الزيارة إذا اعتبرناها جزءا من تحرك دبلوماسي ـ سياسي عراقي على المحيطين الإقليمي والدولي، ذلك التحرك الذي عبرت عنه خلال الشهور القلائل الماضية عدد من المؤتمرات والملتقيات في أكثر من عاصمة ومدينة عربية وإقليمية وأجنبية من بينها طهران، والذي من المؤمل أن يتواصل بزيارة المالكي إلى الأردن وربما لتركيا، وزيارة مرتقبة في وقت لاحق لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أوردوغان إلى بغداد، مضافا إلى ذلك حراك على مستويات أدنى لدفع ذلك التحرك إلى الأمام وترجمته إلى واقع عملي على الأرض.