ارشيف من :أخبار لبنانية
"الأخبار": محاصرة حزب الله عبر رئاسة بري وضرب "الثنائية الشيعية" وعون

نقلت صحيفة "الأخبار" ، اليوم الخميس، عن مصدر سياسي معارض تعليقه على خطوة التقارب بين قريطم وحزب الله التي تزامنت بتباعد بين الأولى وعين التينة وبدأ ما يشبه المعركة على الرئاسة الثانية، مؤكدة أن حقيقة الأمر باتت معروفة، مع تغيير الإدارة الأميركية مطلع هذا العام، فور دخول باراك أوباما البيت الأبيض. ولفتت الصحيفة الى أنه إذا كان مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق إليوت ابرامز قد خرج من الإدارة الأميركية، فإن جفري فيلتمان بقي في الخارجية، وظل هناك حاملاً مأزقاً ومأساة مزدوجين؛ فهو من جهة موظف طموح، وأول طموحه المعلن أن يخرج من صفة "الإنابة" في موقعه كنائب لمساعد وزيرة الخارجية، وأن يصير فيه بالأصالة. وهو من جهة ثانية يستبطن التزاماً سياسياً، والبعض يقول استثماراً عاطفياً، في دعم فريق قريطم اللبناني، في شكل متمايز عن اتجاه الإدارة الأميركية الجديدة. وأضافت "هكذا، منذ اللحظات الأولى لبداية العهد الرئاسي لأوباما، أدرك فيلتمان حراجة موقعه الوظيفي، ودقة موقفه السياسي. فهو لن يقبل بأداء الزاهد، فيخرج من سباق الترقية ضمن إدارته، ولن يقبل بتعريض ترقيته لموقف سياسي سابق".
ويؤكد المصدر السياسي المطّلع، أن من يلقبه بـ"العزيز جيف" اجترح الحل، إذ فاجأ رؤساءه باقتراح تكليفه الذهاب هو شخصياً إلى دمشق، لكنّه أسهب في شرح حيثيات الاقتراح. قال إن الخطوة ضرورية للسياسة الأميركية الجديدة في المنطقة، وهي مفيدة جداً في سياق المقاربة التي أعلنها أوباما حيال قضايا العراق وإيران وأفغانستان وفلسطين، وطبعاً حيال سوريا. غير أن فيلتمان استطرد، أنّ خطوة كهذه، في حال تنفيذها فجأة، من دون أي إعداد أو إجراءات مرافقة، ستعطي صورة في بيروت عن انهيار كامل للصدقية الأميركية، وستؤدي بالتالي إلى هزيمة فجائية للفريق الموالي لواشنطن على الساحة اللبنانية. وأوضح السفير الأسبق في لبنان أن تطوراً كهذا، قد لا يكون مفيداً للتوجه الأميركي الجديد، لا بل على العكس، ذلك أن الحفاظ على الفريق المناوئ لدمشق وطهران في بيروت قد يكون ورقة مساعدة في مقاربة واشنطن للعاصمتين المذكورتين.
وأشارت المصدر الى أن خطاب فيلتمان أقنع رؤساءه، فأعطي التفويض بتنفيذه. وهو ما بادر إلى تفصيله عبر خطوات عدة، أوّلها زيارة دمشق، مسبوقة، ومتبعة بزيارتين لبيروت، بهدف "التطمين" المطلوب لبنانياً، حفظاً لورقة التفاوض المطلوبة. وثانيها، تأكيد ضرورة إكمال دعم فريق قريطم في معركته الانتخابية المقبلة. لا بل العمل بكل الوسائل الممكنة من أجل مساعدة هذا الفريق على تحقيق فوز انتخابي يكون عاملاً مساعداً، لا معرقلاً، في التفاوض الأميركي مع كل من سوريا وإيران.
ويضيف المصدر السياسي نفسه أن هذا البحث لم يلبث أن نوقش مع الجانب السعودي، بمعزل عن الشركاء الأوروبيين. ولا يستبعد أن تكون الرياض هي من أضاف إليه "رشة" طفيفة من السلبية حيال طهران، فصار التصوّر الكامل على الشكل الآتي: لضمان نجاح هذا المخطط، لا بد من أمرين اثنين: الأول إقليمي، وهو الضغط عربياً لتطويق إيران. والثاني لبناني، وعنوانه محاصرة حزب الله. غير أن المعنيين كانوا مجمعين على أن محاصرة الحزب لا يمكن أن تكون بالقوة، ولا طبعاً بالمواجهة "الجبهية". وهو ما انتهى بحسب تقدير قيادي معارض إلى الاتفاق على ضرب ما يعتبره أصحاب هذا التوجه الدفاعات الأمامية للحزب. ويعتقد القيادي المقصود أن هذه الدفاعات حددت بثلاثة، من دون ذكر ترتيب أولوي أو تراتبي: رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، الالتفاف الشيعي حول "ثنائية حزب الله ـ حركة أمل" وموقع نبيه بري في رئاسة المجلس النيابي.
ويؤكد القيادي المعارض أن خطة مثلّثة وضعت لتحقيق الأهداف المذكورة، وهي تنطلق من التأكيد لفريق قريطم أنكم غير معنيين بالأجواء الانفتاحية والتصالحية الحاصلة في المحيط، وأن معركتكم الانتخابية غير مرتبطة قطعاً بأي تقارب سعودي سوري، ولا بأي حوار بين أميركا وكلّ من سوريا أو غيرها، بل على العكس، "فإن استمراركم في هذه المعركة، وفي خطة محاصرة حزب الله، هو ورقة أساسية وضرورية في سياق التوجه الأميركي الجديد".
ويوضح المصدر المذكور أن ميشال عون يبدو الهدف "المستدام" في المخطط، "فالوسائل المعتمدة لتطويقه وضربه معروفة من أربعة أعوام، وإن تكن مرشّحة للتفعيل والتكثيف".
أما الالتفاف الشيعي حول الثنائية الحزبية، فتنقل "الأخبار" عن مصدر حزبي معني بالمسألة أن استهدافه تقرر، وفق المخطط المذكور، عبر تحديد هدف واحد، وهو خفض نسبة الاقتراع الشيعي المؤيّد لهذه الثنائية في الانتخابات المقبلة، مقارنة بانتخابات العام 2005، وهو ما بدأت محاولة ترجمته عملياً عبر مروحة من الخطوات المتخذة، بدءاً بدعم مرشحين شيعة مناوئين للأكثرية الشيعية، وصولاً حتى إلى محاولة استمالة الأصوات الشيعية في مناطق لا مقعد شيعياً فيها، كما هي الحال في جبل الريحان مثلاً، فضلاً عن السعي المحموم نفسه في دوائر محسومة النتائج، كما في بعلبك الهرمل، لافتاً إلى أن الهدف هو مجرد خفض نسبة الاقتراع الشيعي المؤيّد للأكثرية، بما يسمح بالقول إن "الخيارات البديلة" باتت متوافرة داخل هذه الجماعة، وأن مجرد قوة السلاح هي ما يحول دون تمظهرها سياسياً في حجمها الحقيقي.
ويبقى موقع رئاسة المجلس النيابي، إذ يؤكد مصدر قريب من عين التينة لـ"الأخبار" أن فريق قريطم، كما عرّابوه الإقليميون والدوليون، اكتشفوا بعد تطورات الأعوام الماضية أهمية ساحة النجمة، لا في ضبط النظام وحسب، "بل أيضاً في تجميد كل ما يعارض توجهات المقيم في عين التينة".