ارشيف من :أخبار عالمية

مجموعة الثماني الإسلامية... هل تكون خطوة على الطريق؟

مجموعة الثماني الإسلامية... هل تكون خطوة على الطريق؟
كتب عقيل الشيخ حسين
مجموعة الدول الصناعية الثماني (ج 8)، ومجموعة الدول الإسلامية الكبرى الثماني (د 8).
الأولى معروفة بوزنها الاقتصادي والسياسي الكبير وبدورها الفاعل وشبه الحصري في تحديد القرار الدولي، وهو دور يعود إلى التطور التقني والتجانس في مستويات التطور، وخصوصاً إلى وحدة المواقف التي تمليها وحدة المصالح.
والثانية حديثة النشأة ولا يمكن الحديث عنها كوحدة متماسكة لاختلاف مستويات التطور الاقتصادي، وخصوصاً لاختلاف التوجهات السياسية لدولها. وهنالك العديد من العناصر الجامعة بين بلدان المجموعة.
إسلاميتها، دون التوقف عند ما يعنيه كون البلد إسلامياً أو غير إسلامي، تأتي في المقام الأول، وإن كان ذلك الانتماء قد تعرض لنوع من التخفيف في الصياغات التي قدمت المجموعة على أنها مجموعة البلدان ذات الغالبية الإسلامية. وبعد ذلك، تأتي عبارة "البلدان الإسلامية الكبرى" لتفيد اقتصار المجموعة على البلدان الكبيرة من حيث التعداد السكاني، علماً بأن هذا المعيار، مع أهميته، لا يبرر الغياب المثير للتساؤل لبلدان إسلامية أقل وزناً من الناحية الديموغرافية ولكنها تتمتع بأهمية كبرى في المجالين الاقتصادي والسياسي كبلدان الخليج، وخصوصاً كالسعودية التي تمتلك، بالإضافة إلى موقعها المتقدم في هذا المجال، موقعها كبلد يضطلع بخدمة الحرمين الشريفين ولا يقبل المنافسة في مجال حيازة الصفة الإسلامية إلى حدها الأقصى.
والأكيد، طالما أن اهتمامات مجموعة د 8 لا تتجاوز الاقتصادي إلى السياسي والثقافي، فإن الخلل المتمثل بغياب البلدان الغنية، لمجرد أن المجموعة لا تضم إلا البلدان الكبرى، وغالبيتها الساحقة فقيرة وفقيرة بشكل صارخ، يشكل إعاقة من شأنها أن تنعكس سلبياً على مشاريع المجموعة. والمأمول ألا يكون هذا التصنيف، وما استتبعه من غياب، عائداً إلى خشية البلدان "الصغرى" الغنية من تبعات انتماء الأغنياء إلى مجموعة تضم بلدانها الثمانية نحو مليار نسمة أكثرهم من المدقعين، في وقت تنصرف فيه اهتمامات هؤلاء الأغنياء، بعد اهتمامهم النسبي بتقديم بعض المعونات إلى الأشقاء عبر علاقات ثنائية، إلى التوظيف والاستثمار على المستوى الدولي في المضاربات وشراء المصارف والعقارات والموانئ وصفقات السلاح والهبات والإيداعات الضخمة في مصارف الغرب. كما يخشى أن يكون هذا الغياب على صلة بما تردد مؤخراً عن صدور تشريعات في الغرب لمنع البلدان الإسلامية الغنية من مساعدة البلدان الإسلامية الفقيرة إلا في إطار برنامج متكامل يمر بالأمم المتحدة وتستفيد منه البلدان غير الإسلامية جنباً إلى جنب مع البلدان الإسلامية.
وعلى كل حال، وطالما أن لا إمكان لأفضل مما كان، فإن المجموعة على ما تشكوه من إعاقات أخرى كالاضطراب السياسي والتخبط الاقتصادي في العديد من بلدانها، تمتلك قدرات كامنة أو مهدورة هائلة. في مقدمتها القدرة البشرية التي يمكنها أن تحدث فرقاً كبيراً فيما لو جرى العمل على تأهيلها وتفعيلها. لكن مثل هذا الهاجس لا يبدو واضحاً في المشاريع التي تم التلويح إلى عمومياتها في طروحات القمة التي تركزت على عناوين من النوع المألوف في المنتديات العالمية التي اعتادت، خلال العقود الماضية، على ترداد عبارات الاستثمار والتنمية وتشجيع القطاعات المالية والسياحية وفي مجالات الطاقة والنقل وتسهيل حصول رجال الأعمال على تأشيرات دخول... دون أن يفضي كل ذلك إلا إلى أكبر أزمة مالية عالمية في التاريخ، وإلى تداعيات تلك الأزمة على مستوى أسعار لغذاء والنفط. وبالطبع، استأثر الموضوعان الأخيران باهتمام القمة، التي كررت التحذير المعروف من أن ارتفاع أسعار الغذاء بشكل "كبير" يمثل خطراً جدياً على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي العالمي. وعلى مستوى الحلول، أشار رئيس وزراء ماليزيا، الدولة المضيفة، عبد الله أحمد بدوي، إلى امتلاك بلدان المجموعة لمساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الغنية والخصبة، لكنه تحدث كثيراً، في غمرة طغيان الإيديولوجيات الزراعية الحديثة، عن ضرورة التعاون من أجل إنشاء مصنع ضخم للأسمدة المخصبة يكفي لسد الاحتياجات الداخلية وللتصدير أيضاً. كما أبدى فرحه لأن بعض بلدان المجموعة تنتج النفط. وإذا كان بدوي قد حث المجتمع الدولي على القيام بعمل مباشر من أجل تهدئة أسعار النفط، فإن الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، تجاوز ذلك إلى لفت الأنظار إلى الطابع المصطنع لأزمة النفط في وقت يزيد فيه الانتاج على الاستهلاك بشكل ملموس، وتمتلئ فيه الأسواق بالنفط الخام. والجدير بالإشارة أن قمة الثماني الصناعية قد أمرت، في بيانها الختامي، الدول المنتجة بزيادة إنتاجها على الرغم من وجود الفائض الكبير في الإنتاج!
ولولا البرنامج النووي الإيراني الذي قال بعض المراقبين بأن المجموعة قد دعمته من خلال الحديث عن الطاقات البديلة والحق بامتلاك الطاقة الذرية السلمية، لبقيت السياسة غائبة بالكامل عن قمة كوالالامبور، على الرغم من كون بعض بلدان المجموعة تحتل مواقع متقدمة جداً على مستوى الإشكالات السياسية الدولية.
وهنا ايضاً، غابت قضايا فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها، ربما لأن هذه البلدان، على ضخامة قضاياها، ليست من البلدان الإسلامية الكبرى! 
وإذا كانت السياسة قد حضرت بالقدر المتيسر، فلأن الرئيس نجاد قد قدم شرحاً للإشكالية المتمثلة بإلحاح الخمسة + ألمانيا على وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني، ولجوئها إلى فرض العقوبات المتتالية، في وقت تدعو فيه إلى مناقشة الموضوع مع إيران.
واللافت أن وسائل الإعلام العالمية التي غطت قمة الـ ج 8 بالكثير من الإسهاب، لم تلفت إلى قمة الـ د 8 إلا من باب إيران والملف النووي الإيراني. والأكيد أن ما تمثله إيران الواقفة على خط المواجهة الأول والكبير هو ما يمكن أن يكون رهاناً من شأنه أن يؤمن القوة والهيبة والازدهار لمجموعة إسلامية تضم الكبار والمتوسطين والصغار، وتكون يدها العليا في إخراج عالم اليوم مما يتخبط فيه من كوارث.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
2008-07-10