ارشيف من :أخبار لبنانية

مكب الكيال: النفايات تلوث الجغرافيا وتعتدي على التاريخ

مكب الكيال: النفايات تلوث الجغرافيا وتعتدي على التاريخ
مكب الكيال: النفايات تلوث الجغرافيا وتعتدي على التاريخمشكلة بيئية وصحية واعتداء على التاريخ والآثار تعاني منها مدينة بعلبك وجوارها.. ويتمثل كل هذا الاعتداء بـ"مكب نفايات الكيال" الذي يقع في وسط منطقة مأهولة. وقد أنشئ هذا المكب عن قصد أو عن غير قصد منذ أكثر من خمسين عاماً في منطقة تُعد من أهم المناطق الأثرية في بعلبك. فتل الكيال هو عبارة عن مقلع للحجارة اللينة التي استُخدمت لتيجان أعمدة قلعة بعلبك الشهيرة، فضلاً عن اكتشافات حديثة لمغاور ومدافن رفعت النقاب عن حقب تاريخية مهمة مرت على هذه المنطقة. ولطالما عانى الأهالي وما زالوا من الآثار السلبية وانتشار الأوبئة والأمراض والروائح التي تصيب عيالهم وأطفالهم، وكانت الأوبئة تنتشر إلى أماكن بعيدة وتتحرك كيفما تحركت الريح.
هذه الأزمة كانت موضع مطالبة من الأهالي وأنصار البيئة، وهو ما جعلته البلدية الحالية في رأس اهتماماتها الجدية، فبدأت التحرك من لإنهاء هذه المشكلة التي كنا قد تعرضنا لها أكثر من مرة، وخاصة حين جرى شراء ارض لنقل المكب إليها وإنشاء مطمر صحي فيها، ولكن واجهته بعض المشاكل.. إلا أن اشتعال المكب بشكل مثير للدهشة وبشكل يومي ودائم نتيجة قيام العاملين في حديد الخردة بانتزاع الحديد من النفايات الموجودة فيه، جعلته مادة للنقاش الدائم.
هذا الأمر، الشكوى الدائمة، دفعنا لاستكشاف أين أصبح الحل لهذا الموضوع؟ وخاصة أنه بتاريخ 15/6/2007 جرى توقيع عقد لإنشاء معمل لفرز النفايات بين وزير التنمية الإدارية جان أوغاسبيان ورئيس بلدية بعلبك بسام رعد، الذي أكد لـ"الانتقاد" ان "موضوع مكب الكيال هو اكبر من مشكلة، بل هو أزمة عمرها خمسون سنة، ناتجة عن ان البلديات المتعاقبة جعلت من هذه المنطقة الأثرية مكباً عشوائياً تحرق فيه النفايات".
وأشار الى ان "البلدية الحالية استشعرت المخاطر البيئية والصحية والاجتماعية والأثرية والتراثية التي تسببها هذه المحرقة، لذلك كان تحركها باتجاه بعض الجهات المانحة للمساعدة على اقتلاع هذه الكارثة، ومن خلال وزارة التنمية الإدارية".
ويقول رعد: "وفقنا من الاتحاد الأوروبي بالحصول على التمويل اللازم لإنشاء معمل فرز وتسبيخ بمنطقة الطيبة على عقار قدمته بلدية بعلبك لهذه المنشأة".. لافتاً الى ان العقد "الذي جرى توقيعه مع وزير التنمية الإدارية جان أوغاسبيان بتاريخ 15/6/2007، تبلغ قيمته مليونا ومئة ألف يورو من الاتحاد الأوروبي، وخمسمئة ألف يورو من  بلدية بعلبك. وقد كلفت الوزارة شركة دراسات إعداد الخرائط المطلوبة، فقدمت شرحاً مفصلاً عن المشروع مدعماً بتلك الخرائط في أواخر أيار 2008، وتقوم البلدية حالياً بإعداد الرخص المطلوبة من التنظيم المدني والوزارات المعنية ليصار إلى تسليمها الى وزارة التنمية الإدارية لتلزيم المشروع".
مكب الكيال: النفايات تلوث الجغرافيا وتعتدي على التاريخورأى رعد ان "هذا المشروع هو مشروع إنقاذ المدينة من عملية الحرق العشوائي والموت البطيء، وهو يوفر على بعلبك الكثير من المشاكل". وتوقع ان ينتهي العمل في المشروع في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، وسيكون المعمل جاهزاً للعمل، ومدة العمل تستغرق من 10 الى 12 شهراً، وبذلك يكون لأول مرة هناك زمن محدد لن يكون فيه المكب موجوداً في الكيال".
واعتبر ان "ذلك سيكون من اكبر الانجازات والمشاريع الاستراتيجية التي ستتم في عهد هذه البلدية".
اذاً هو وعد مؤكد من رئيس بلدية بعلبك بسام رعد، أن خمسين سنة من الألم والتلوث والأوبئة والاعتداء على الآثار ستنتهي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، ونأمل ان يتحقق هذا الوعد.
تحقيق وتصوير: عصام البستاني
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
2008-07-10