ارشيف من :آراء وتحليلات
سوريا محور الديبلوماسية الأميركية والعربية: لبنان.. والانتظار الصعب

كتب مصطفى الحاج علي
ماذا تريد واشنطن من سوريا؟ وماذا يريد عرب أميركا من سوريا؟ وأين لبنان وسط هذه اللعبة الجديدة التي اسمها المصالحة، والحوار، والانفتاح .. الخ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ليست بالأمر الصعب، ويكفي فحص الأولويات الأميركية، وتبين طبيعة هذا النهج الاميركي الجديد، لكن بادئ ذي بدء، لا بد من التذكير، بأن كل هذا التغيير الذي نشاهده هو ثمرة الفشل الأميركي في المنطقة، الذي هو بدوره ثمرة الهزائم الاميركية والاسرائيلية في أفغانستان، والعراق، وفلسطين، ولبنان، على أيدي حركات المقاومة، والدول الداعمة والمساندة لها.
من نافل القول، ان إدارة أوباما أعادت تحديد أولوياتها الداخلية والخارجية وفق التالي:
أولاً: معالجة المعضلة المالية ـ الاقتصادية بكل مفاعيلها داخلياً وخارجياً.
ثانياً: تركيز الجهد الأميركي في افغانستان، وأيضاً على باكستان، باعتبارهما باتا مشكلة واحدة مترابطة جيوبوليتيكياً واستراتيجياً.
ثالثاً: تنظيم عملية الانسحاب من العراق، بما يوفر التوازن المطلوب مع ايران.
رابعاً: معالجة التهديد الإيراني بأبعاده المتنوعة:
نووياً: ونفوذياً في المنطقة، ووجودياً في ما يخص الكيان الإسرائيلي.
من ينظر في مجمل التصريحات الخاصة بـ"عرب أميركا" و"الكيان الإسرائيلي"، والأميركية مؤخراً، يراها تتقاطع عند نقطة مركزية هي أن الأولوية هي لمواجهة التهديد أو الخطر الإيراني.
في هذا الإطار، فان الذي ينظر اليوم إلى موقع دمشق الجيواستراتيجي، يجدها على تماس وتفاعل حيوي ومؤثر مع جملة من الملفات الأساسية في المنطقة، وأبرزها:
أولاً: العلاقات القوية مع إيران.
ثانياً: امكانيات لعب دورها في العراق مباشرة أو غير مباشرة.
ثالثاً: امكانيات لعب دور مؤثر وقوي في الموضوع الفلسطيني.
رابعاً: إمكانيات لعب دور مؤثر وقوي في الموضوع اللبناني.
من هنا، فإن واشنطن ومعها عرب اميركا يحتاجون إلى دمشق في مقاربتهم لكل هذه الملفات، وإذا أخذنا بالاعتبار مسألتين رئيسيتين، هما:
أولاً: قناعة واشنطن وحلفائها العرب بأن من الصعوبة بمكان الآن فك عرى تحالف سوريا مع ايران، وإن كان هذا يبقى هدفاً بعيد المدى.
ثانياً: إن كل الضغوط السابقة بما فيها العمل على إسقاط النظام في سوريا لم تفلح في حملها على الاستجابة للإملاءات الاميركية.
إذا أخذنا بالاعتبار هاتين المسألتين، فلا أقل إذاً من تغيير التكتيك، فبدلاً من اللجوء إلى الضغوط المباشرة، فلا بأس من اعتماد ديبلوماسية الحضن الدافئ، وتوسعة مروحة الخيارات أمام سوريا، لا سيما في ظل الضغط الشديد الذي يتعرض له الاقتصاد السوري، ولا بأس من العودة إلى سياسة الأخذ والعطاء، بدلاً من سياسة الاملاء والفرض، وبالتالي التركيز على التعاون، وتبادل المصالح.
ما يزيد في قوة الاندفاع الاميركي والعربي والأوروبي تجاه دمشق، هو أنهم بحاجة إلى:
ـ أخذ سوريا إلى جانب عرب اميركا في وجه إيران، لملء فراغ الانسحاب الاميركي من العراق.
ـ دفع سوريا إلى تسهيل عملية المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية في سياق إعادة انتاج السلطة الفلسطينية.
ـ دفع سوريا إلى العمل على خط التهدئة الداخلية في لبنان، بعيداً عن المسار الذي يمكن أن تتخذه المحكمة الدولية، والاستحقاقات القادمة.
ـ دفع سوريا للاستمرار في عملية التسوية والاتصالات المباشرة أو غير المباشرة مع الكيان الإسرائيلي.
من الواضح أن المستهدف الضمني من كل استراتيجية التهدئة والتصالح هو إيران أولاً، وحركات المقاومة ثانياً، التي بدورها شملت أيضاً بديبلوماسية الانفتاح والحضن الدافئ، حيث الانفتاح الأوروبي عليها.
ومن الواضح أيضاً، وبنظر دقيق، يمكن إدراك أن لبنان هو ليس بنداً أول على جدول الأعمال، بالنظر إلى باقي البنود، وهو بالتالي سيكون مجرد متلقّ للمناخات الخارجية، ومن حق فريق الأكثرية أن يقلق، إلا إذا كان المطلوب العمل على تسوية جديدة توازن بين مختلف القوى وتضع لبنان في ثلاجة التهدئة فترة طويلة من الزمن، الأمر الذي سيعني حتماً خلطاً في مسارات الاستحقاق الانتخابي.
الانتقاد/ العدد 1337 ـ 13 آذار/ مارس 2009
ماذا تريد واشنطن من سوريا؟ وماذا يريد عرب أميركا من سوريا؟ وأين لبنان وسط هذه اللعبة الجديدة التي اسمها المصالحة، والحوار، والانفتاح .. الخ؟
الإجابة عن هذه الأسئلة ليست بالأمر الصعب، ويكفي فحص الأولويات الأميركية، وتبين طبيعة هذا النهج الاميركي الجديد، لكن بادئ ذي بدء، لا بد من التذكير، بأن كل هذا التغيير الذي نشاهده هو ثمرة الفشل الأميركي في المنطقة، الذي هو بدوره ثمرة الهزائم الاميركية والاسرائيلية في أفغانستان، والعراق، وفلسطين، ولبنان، على أيدي حركات المقاومة، والدول الداعمة والمساندة لها.
من نافل القول، ان إدارة أوباما أعادت تحديد أولوياتها الداخلية والخارجية وفق التالي:
أولاً: معالجة المعضلة المالية ـ الاقتصادية بكل مفاعيلها داخلياً وخارجياً.
ثانياً: تركيز الجهد الأميركي في افغانستان، وأيضاً على باكستان، باعتبارهما باتا مشكلة واحدة مترابطة جيوبوليتيكياً واستراتيجياً.
ثالثاً: تنظيم عملية الانسحاب من العراق، بما يوفر التوازن المطلوب مع ايران.
رابعاً: معالجة التهديد الإيراني بأبعاده المتنوعة:
نووياً: ونفوذياً في المنطقة، ووجودياً في ما يخص الكيان الإسرائيلي.
من ينظر في مجمل التصريحات الخاصة بـ"عرب أميركا" و"الكيان الإسرائيلي"، والأميركية مؤخراً، يراها تتقاطع عند نقطة مركزية هي أن الأولوية هي لمواجهة التهديد أو الخطر الإيراني.
في هذا الإطار، فان الذي ينظر اليوم إلى موقع دمشق الجيواستراتيجي، يجدها على تماس وتفاعل حيوي ومؤثر مع جملة من الملفات الأساسية في المنطقة، وأبرزها:
أولاً: العلاقات القوية مع إيران.
ثانياً: امكانيات لعب دورها في العراق مباشرة أو غير مباشرة.
ثالثاً: امكانيات لعب دور مؤثر وقوي في الموضوع الفلسطيني.
رابعاً: إمكانيات لعب دور مؤثر وقوي في الموضوع اللبناني.
من هنا، فإن واشنطن ومعها عرب اميركا يحتاجون إلى دمشق في مقاربتهم لكل هذه الملفات، وإذا أخذنا بالاعتبار مسألتين رئيسيتين، هما:
أولاً: قناعة واشنطن وحلفائها العرب بأن من الصعوبة بمكان الآن فك عرى تحالف سوريا مع ايران، وإن كان هذا يبقى هدفاً بعيد المدى.
ثانياً: إن كل الضغوط السابقة بما فيها العمل على إسقاط النظام في سوريا لم تفلح في حملها على الاستجابة للإملاءات الاميركية.
إذا أخذنا بالاعتبار هاتين المسألتين، فلا أقل إذاً من تغيير التكتيك، فبدلاً من اللجوء إلى الضغوط المباشرة، فلا بأس من اعتماد ديبلوماسية الحضن الدافئ، وتوسعة مروحة الخيارات أمام سوريا، لا سيما في ظل الضغط الشديد الذي يتعرض له الاقتصاد السوري، ولا بأس من العودة إلى سياسة الأخذ والعطاء، بدلاً من سياسة الاملاء والفرض، وبالتالي التركيز على التعاون، وتبادل المصالح.
ما يزيد في قوة الاندفاع الاميركي والعربي والأوروبي تجاه دمشق، هو أنهم بحاجة إلى:
ـ أخذ سوريا إلى جانب عرب اميركا في وجه إيران، لملء فراغ الانسحاب الاميركي من العراق.
ـ دفع سوريا إلى تسهيل عملية المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية في سياق إعادة انتاج السلطة الفلسطينية.
ـ دفع سوريا إلى العمل على خط التهدئة الداخلية في لبنان، بعيداً عن المسار الذي يمكن أن تتخذه المحكمة الدولية، والاستحقاقات القادمة.
ـ دفع سوريا للاستمرار في عملية التسوية والاتصالات المباشرة أو غير المباشرة مع الكيان الإسرائيلي.
من الواضح أن المستهدف الضمني من كل استراتيجية التهدئة والتصالح هو إيران أولاً، وحركات المقاومة ثانياً، التي بدورها شملت أيضاً بديبلوماسية الانفتاح والحضن الدافئ، حيث الانفتاح الأوروبي عليها.
ومن الواضح أيضاً، وبنظر دقيق، يمكن إدراك أن لبنان هو ليس بنداً أول على جدول الأعمال، بالنظر إلى باقي البنود، وهو بالتالي سيكون مجرد متلقّ للمناخات الخارجية، ومن حق فريق الأكثرية أن يقلق، إلا إذا كان المطلوب العمل على تسوية جديدة توازن بين مختلف القوى وتضع لبنان في ثلاجة التهدئة فترة طويلة من الزمن، الأمر الذي سيعني حتماً خلطاً في مسارات الاستحقاق الانتخابي.
الانتقاد/ العدد 1337 ـ 13 آذار/ مارس 2009