ارشيف من :أخبار لبنانية

المعارضة متراصة والموالاة تتناهش الحصص وجنبلاط يحدد حجم القوات: هل يغادر سليمان الى باريس دون تشكيل الحكومة؟

المعارضة متراصة والموالاة تتناهش الحصص وجنبلاط يحدد حجم القوات: هل يغادر سليمان الى باريس دون تشكيل الحكومة؟
كتب هلال السلمان
هل تبصر الحكومة الجديدة النور قبل مغادرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى باريس يوم السبت للمشاركة في قمة الاتحاد المتوسطي ولقاء الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي ونظيره السوري بشار الأسد؟ أم أن هذا الامر الذي كان سعى الرئيس سليمان لحصوله قبل سفره ما زال متعذرا مع استمرار "حرب داحس والغبراء" داخل فريق السلطة حول المغانم الوزارية؟
بغض النظر عما يتطلبه الجواب عن هذين السؤالين، فإن الاوساط السياسية في بيروت تجري مقارنة في كيفية تعاطي المعارضة مع ملف تشكيل الحكومة وكيفية تعاطي فريق الموالاة مع هذا الملف.
المعارضة جبهة متراصة
فعلى خط المعارضة بدت الأخيرة كتلة متراصة في كيفية تعاطيها مع الملف الحكومي منذ تكليف الرئيس فؤاد السنيورة قبل نحو أربعين يوماً، وظهر هذا الامر في العديد من المحطات منها:
أولا: في التنسيق الكامل بين أطرافها لتوزيع الحقائب بتوازن، ما جعل موقفها صلبا وأظهرها كتلة سياسية متراصة.
ثانيا: وقوف كل من حزب الله وحركة أمل بقوة خلف رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون ومطالبه المحقة حول الحقائب التي طالب بالحصول عليها، وهو الذي كان يتعرض لحملة كبيرة بهدف تحجيمه على أبواب الانتخابات النيابية. وكانت النتيجة ان العماد عون حصل على جميع ما طالب به عبر الاتفاق الذي حصل بينه وبين الرئيس السنيورة، وهو ما كرس العماد عون زعيما مسيحيا بامتياز، حيث نال الحصة التي تستحقها الأغلبية المسيحية التي يمثلها تكتل التغيير والإصلاح.
ثالثا: تعاطى حزب الله مع ملف تشكيل الحكومة بطريقة سياسية تتوافق مع نهجه في رفض الاستئثار. وقد شكل ذلك "سابقة" في العمل السياسي في تاريخ لبنان، حيث "جيّر" مقعدين من المقاعد الثلاثة التي هي حصته الوزارية لقوى في المعارضة، ما عكس الحرص الكبير من قِبَله على أن تتمثل المعارضة أفضل تمثيل في الحكومة الجديدة. وبناءً على ذلك سيدخل رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان الحكومة الجديدة في سياق عملية التبادل في المقاعد الوزارية، حيث سيسمي فريق السلطة وزيرا شيعيا مقابله.
ومفاجأة الأوساط كانت تسمية حزب الله الرئيس السابق للحزب القومي السوري الاجتماعي علي قانصوه من ضمن حصته، وذلك للدور الوطني الكبير الذي يمثله هذا الحزب في الساحة السياسية.
وقد دفعت سياسة الإيثار التي مارسها حزب الله تجاه حلفائه في المعارضة العديد من القوى السياسية للاشادة بهذا الاسلوب الراقي في العمل السياسي، كما دفعت بعض أفرقاء السلطة لدعوة تيار المستقبل الى الاقتداء بحزب الله في هذا التعاطي، بدل العمل على توزير المحاسبين والأزلام. لكن اختيار الحزب للوزير السابق قانصوه لم يمر بردا وسلاما على فريق السلطة ورئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة، وقد تجلى ذلك أولا بنفي السنيورة تبلغه اسم قانصوه برغم ان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد أبلغه رسميا به لدى لقائهما الاخير في عين التينة.. لكن السنيورة بعد ان تسلم الاسم رسميا من حزب الله بعد مطالبته الحزب بذلك، أعلن تحفظه عليه، وهو ما يعد خرقا لاتفاق الدوحة في ما خص تشكيل الحكومة، حيث لا يحق لأي طرف وضع فيتو على أسماء الوزراء الذين يسميهم الطرف الآخر، وهو ما سيكون محل متابعة خلال الأيام المقبلة.
تناهش الحقائب
وبحسب الاوساط المتابعة فإن احد الاهداف التي أراد السنيورة تحقيقها بتحفظه على اسم قانصوه، هو التغطية على "التناهش" بين أفرقاء فريق السلطة على المقاعد الوزارية، ولكنه لم ينجح في ذلك لأن خلافات فريق السلطة على المقاعد والحقائب الوزارية باتت "منشورة على السطوح"، وهي تتركز على التمثيل وبعض الحقائب الوزارية. فأقطاب قرنة شهوان شعروا بأنهم تركوا على قارعة الطريق من قبل تيار المستقبل الذي لم يعد متحمسا لتوزير أحد منهم، ما دفع النائب بطرس حرب الى شن الهجمات على التشكيلة المتوقعة. فيما راحت الوزيرة نايلة معوض تدب الصوت عند الأميركيين وبعض السفارات العربية الداعمة لفريق السلطة، وتناشد انقاذ عائلة معوض من الموت السياسي اذا لم تمثل في الحكومة الجديدة.
أما رئيس القوات اللبنانية سمير جعحع فهو بدا كمن يقلب كفا على اخرى, وحاله صعبة جدا في مواجهة العماد عون الذي حصد حصة الأسد على صعيد التمثيل المسيحي، فيما يجهد جعجع لحقيبة أساسية دون ان يتمكن من ان يضمنها حتى الآن، وهو يمنّي نفسه بحقيبة الأشغال التي يشخص اليها نظر النائب وليد جنبلاط.. كما يرفض رئيس التكتل الطرابلسي محمد الصفدي التخلي عنها.
جنبلاط يحدد حجم القوات
وقد دفع هذا التضارب في المصالح والحصص النائب جنبلاط الى مهاجمة القوات اللبنانية مباشرة وتعييرها بحجمها السياسي والنيابي الضعيف وذلك بصريح العبارة، عندما قال بعد زيارته رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري الاأبعاء، انه مع النسبية في توزيع الحقائب، لافتا الى ان "اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه يضم سبعة عشر نائبا، فيما كتلة القوات لا تتجاوز أربعة نواب. كما هاجم جنبلاط قرنة شهوان وغمز من مطالب فئوية لديها. كذلك فإن تمسك الوزير الصفدي بحقيبة الأشغال يحرج النائب سعد الحريري الذي يعيش وضعا حرجا، فهو يريد ارضاء النائب جنبلاط ولا يريد ان يغضب الصفدي لأنه بحاجة الى كتلته الناخبة في المعركة الانتخابية في طرابلس، وهي معركة ستكون قاسية كما تدل المؤشرات منذ الآن.
بجميع الأحوال فإن فريق السلطة مسؤول أمام الرأي العام اللبناني عن تأخير تشكيل الحكومة، وهو يتحمل مسؤولية أي تداعيات لاستمرار هذا التعطيل.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
2008-07-10