ارشيف من :أخبار عالمية
أجندات محلية بارتباطات إقليمية ودولية: تهدئة غزة تراوح مكانها والتهديدات الإسرائيلية تهدد بنسفها
غزة ـ عماد عيد
كل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية لا تزال تراوح مكانها، ولا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك كما يبدو يرجع إلى كون ما هو محلي فلسطيني لا سيما في هذه المرحلة، مرتبطا بشكل كبير بما يجري في العالم بأسره، وبشكل أساس بالسياسات الأميركية، وخصوصا في تطورات الملف النووي الإيراني والسياسات الأميركية في المنطقة، وحتى بالانتخابات الأميركية، وكذلك الصهيونية.
وفي ضوء ذلك فإن الأطراف هنا في المنطقة، سواء أميركا والكيان الصهيوني أو الأنظمة العربية أو حتى الطرفين الفلسطينيين السلطة الفلسطينية وحماس، كل يعمل ضمن هذه المعادلة وفي ضوء التطورات، ويحاول جاهدا أن يجد له مكانا ضمن هذه المعادلة لتحقيق مصلحته بالقدر الذي يسجل فيه انتصارا على الطرف الآخر حتى يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض في هذه المنطقة محط اهتمام العالم.
ففي غزة لا تزال التهدئة تراوح مكانها بين مد وجزر دون أن تحرز تقدما على الصعيد الملموس بالنسبة الى المواطن الفلسطيني، وحتى بالنسبة الى السياسي أو صاحب الأمر، ذلك أن العدو الصهيوني يستخدم هذه التهدئة للابتزاز ولم يلتزم كما كان يتوقع البعض.. فدخول البضائع إجمالا شبه اعتيادي أو أقل مما كان عليه الأمر قبل اتفاق التهدئة، وكذلك حال المعابر، وبالتالي يحاول العدو استخدام الاتفاق كسيف مسلط على رقاب الفلسطينيين.. فكلما انطلقت قذيفة هاون أو قذيفة صاروخية يقوم العدو كإجراء أولي بإغلاق المعابر، في حين يوصي الجيش الصهيوني بتنفيذ عملية عسكرية في القطاع، وهو ما قد يعني إنهاء التهدئة في حال تنفيذه، الأمر الذي يشكك فيه الكثيرون. وأكثر من ذلك فإن العدو الصهيوني حاول ترسيخ هذه المعالة في الذهنية الفلسطينية من خلال ادعاء سقوط قذائف هاون في أرض خلاء عدة مرات دون إصابات أو أضرار كي يغلق المعابر التجارية، وبالأحرى كلما جاء وقت إدخال تسهيلات على المعابر بالنسبة الى البضائع كما ونوعا ينشر العدو أخبارا من هذا النوع، وبالتالي يغلق المعبر كما جرى في آخر مرة أواسط الأسبوع، ما أدى إلى تدخل الجانب المصري باعتباره الوسيط في الاتفاق، كي ينجح زيارة وفد من حركة حماس من الخارج والداخل بالوصول إلى مصر لاستئناف الحوار والبحث حول مختلف الملفات، وبينها ملف الجندي الصهيوني الأسير في غزة جلعاد شاليط. وهو ما حصل بالفعل، فقد فتح العدو المعابر وسافر الوفد من غزة ودمشق إلى القاهرة للتباحث في ملف شاليط وملف معبر رفح الذي لم يطرأ عليه أي تغيير يُذكر، وأيضا ملف التهدئة وتقييمها وملف الحوار الفلسطيني الفلسطيني. وفي ضوء هذه الزيارة فإن التوقعات أن يقدم وفد حماس على التشديد على تفاصيل أو آلية محددة وواضحة في قضية المعابر لتجاوز الخلل الذي كان في التفاهمات السابقة، وحتى لا تبقى الأوضاع تراوح مكانها. ولكن الأمر له وجه آخر يتمثل في صعوبة المعادلة المطروحة على حماس من خلال طاولة المفاوضات.. هذه المعادلة تقول ان على حماس أن تختار بين أن تسير وفق الشروط والضغوط الأميركية والصهيونية أو أن تواجه خيار المواجهة والضربات المركزة ضد قيادتها.. وحماس حاولت من خلال التهدئة وإنجاز ملف شاليط وتحقيق صفقة تبادل أسرى مع العدو وإضفاء تسهيلات ولو محدودة على المعابر التجارية ومعبر رفح ولو بشكل مؤقت، تحقيق إنجازات تحسن موقفها ورصيدها على كل المستويات، وتحاول كسب الوقت بانتظار تطورات إقليمية مهمة على الأقل في الانتخابات الأميركية والوضع في الساحة الصهيونية، وتفويت الفرصة على الضغوط ودفع الحركة إلى خيار المواجهة المفتوحة. وارتباطا بذلك كانت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق أولا لمحاولة لقاء الفصائل الفلسطينية، ولا سيما فصائل المنظمة التي يترأسها، والضغط على حماس من خلال القيادة السورية ومن خلال لقائه قيادة الجهاد الإسلامي واستثناء حماس من هذه اللقاءات. ولكن على الرغم من عدم اللقاء، إلا أن لقاءات أخرى حصلت بين قيادات من فتح وحماس وهي لقاءات تحضيرية للقاء يمكن أن يجمع عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى جانب الدور السوري من موقعه كرئيس دوري للجامعة العربية وصاحب أهم العلاقات مع قيادة حماس.
وبانتظار تحقيق ذلك سيبقى الانقسام وحالة الشرذمة الفلسطينية هي الأشد فتكا وخطورة على مستقبل القضية الفلسطينية وحاضرها، كما لم يكن ذلك في أي مرحلة من ماضيها.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
كل الأوضاع في الأراضي الفلسطينية لا تزال تراوح مكانها، ولا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك كما يبدو يرجع إلى كون ما هو محلي فلسطيني لا سيما في هذه المرحلة، مرتبطا بشكل كبير بما يجري في العالم بأسره، وبشكل أساس بالسياسات الأميركية، وخصوصا في تطورات الملف النووي الإيراني والسياسات الأميركية في المنطقة، وحتى بالانتخابات الأميركية، وكذلك الصهيونية.
وفي ضوء ذلك فإن الأطراف هنا في المنطقة، سواء أميركا والكيان الصهيوني أو الأنظمة العربية أو حتى الطرفين الفلسطينيين السلطة الفلسطينية وحماس، كل يعمل ضمن هذه المعادلة وفي ضوء التطورات، ويحاول جاهدا أن يجد له مكانا ضمن هذه المعادلة لتحقيق مصلحته بالقدر الذي يسجل فيه انتصارا على الطرف الآخر حتى يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض في هذه المنطقة محط اهتمام العالم.
ففي غزة لا تزال التهدئة تراوح مكانها بين مد وجزر دون أن تحرز تقدما على الصعيد الملموس بالنسبة الى المواطن الفلسطيني، وحتى بالنسبة الى السياسي أو صاحب الأمر، ذلك أن العدو الصهيوني يستخدم هذه التهدئة للابتزاز ولم يلتزم كما كان يتوقع البعض.. فدخول البضائع إجمالا شبه اعتيادي أو أقل مما كان عليه الأمر قبل اتفاق التهدئة، وكذلك حال المعابر، وبالتالي يحاول العدو استخدام الاتفاق كسيف مسلط على رقاب الفلسطينيين.. فكلما انطلقت قذيفة هاون أو قذيفة صاروخية يقوم العدو كإجراء أولي بإغلاق المعابر، في حين يوصي الجيش الصهيوني بتنفيذ عملية عسكرية في القطاع، وهو ما قد يعني إنهاء التهدئة في حال تنفيذه، الأمر الذي يشكك فيه الكثيرون. وأكثر من ذلك فإن العدو الصهيوني حاول ترسيخ هذه المعالة في الذهنية الفلسطينية من خلال ادعاء سقوط قذائف هاون في أرض خلاء عدة مرات دون إصابات أو أضرار كي يغلق المعابر التجارية، وبالأحرى كلما جاء وقت إدخال تسهيلات على المعابر بالنسبة الى البضائع كما ونوعا ينشر العدو أخبارا من هذا النوع، وبالتالي يغلق المعبر كما جرى في آخر مرة أواسط الأسبوع، ما أدى إلى تدخل الجانب المصري باعتباره الوسيط في الاتفاق، كي ينجح زيارة وفد من حركة حماس من الخارج والداخل بالوصول إلى مصر لاستئناف الحوار والبحث حول مختلف الملفات، وبينها ملف الجندي الصهيوني الأسير في غزة جلعاد شاليط. وهو ما حصل بالفعل، فقد فتح العدو المعابر وسافر الوفد من غزة ودمشق إلى القاهرة للتباحث في ملف شاليط وملف معبر رفح الذي لم يطرأ عليه أي تغيير يُذكر، وأيضا ملف التهدئة وتقييمها وملف الحوار الفلسطيني الفلسطيني. وفي ضوء هذه الزيارة فإن التوقعات أن يقدم وفد حماس على التشديد على تفاصيل أو آلية محددة وواضحة في قضية المعابر لتجاوز الخلل الذي كان في التفاهمات السابقة، وحتى لا تبقى الأوضاع تراوح مكانها. ولكن الأمر له وجه آخر يتمثل في صعوبة المعادلة المطروحة على حماس من خلال طاولة المفاوضات.. هذه المعادلة تقول ان على حماس أن تختار بين أن تسير وفق الشروط والضغوط الأميركية والصهيونية أو أن تواجه خيار المواجهة والضربات المركزة ضد قيادتها.. وحماس حاولت من خلال التهدئة وإنجاز ملف شاليط وتحقيق صفقة تبادل أسرى مع العدو وإضفاء تسهيلات ولو محدودة على المعابر التجارية ومعبر رفح ولو بشكل مؤقت، تحقيق إنجازات تحسن موقفها ورصيدها على كل المستويات، وتحاول كسب الوقت بانتظار تطورات إقليمية مهمة على الأقل في الانتخابات الأميركية والوضع في الساحة الصهيونية، وتفويت الفرصة على الضغوط ودفع الحركة إلى خيار المواجهة المفتوحة. وارتباطا بذلك كانت زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق أولا لمحاولة لقاء الفصائل الفلسطينية، ولا سيما فصائل المنظمة التي يترأسها، والضغط على حماس من خلال القيادة السورية ومن خلال لقائه قيادة الجهاد الإسلامي واستثناء حماس من هذه اللقاءات. ولكن على الرغم من عدم اللقاء، إلا أن لقاءات أخرى حصلت بين قيادات من فتح وحماس وهي لقاءات تحضيرية للقاء يمكن أن يجمع عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى جانب الدور السوري من موقعه كرئيس دوري للجامعة العربية وصاحب أهم العلاقات مع قيادة حماس.
وبانتظار تحقيق ذلك سيبقى الانقسام وحالة الشرذمة الفلسطينية هي الأشد فتكا وخطورة على مستقبل القضية الفلسطينية وحاضرها، كما لم يكن ذلك في أي مرحلة من ماضيها.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008