ارشيف من :أخبار لبنانية
آية الله فضل الله يُحرّم المال الانتخابي على الدافع والآخذ ويحذر من إدخال الشعب في بازار العرض والطلب

حرّم آية الله السيد محمد حسين فضل الله "كل عملية لشراء الذمم، مما بات يُصطلح عليه بالمال الانتخابي أو السياسي، وكما يَحرُم على الدافع يحرُم كذلك على الآخذ".
وأكد أن تعمّد القيادات إفساد الذهنية العامة للناس، والانخفاض بمستواهم القيمي والحضاري عبر تعويدهم على الاحتكام إلى معايير من يدفع المال أكثر... يُمثّل خيانةً للمسؤولية ويدخل الشعب في بازار العرض والطلب على المواقف والخيارات المصيرية".
ورأى أن هذا المنهج هو منهج الطواغيت والفراعنة الذي تحدث عنه القرآن الكريم في قوله تعالى:{فاستخف قومه فأطاعوه}، مشيراً إلى أن المجتمع مسؤولٌ عن حماية نفسه من كل اللصوص الذين يسرقون مستقبله ويسلبونه عزته وكرامته.
وأكد أن أي تأخير للمشاريع المتصلة بحركة الناس وأوضاعهم الحياتية والاقتصادية ورهنها بحركة الانتخابات، خيانة للمسؤولية وفساداً سياسياً وطغياناً ينبغي أن يحاسب المسؤولين عنه...
أجاب سماحته من سلسلة من الاستفتاءات حوار المال الانتخابي، والموقف الشرعي من هذا المال، سواء بالنسبة إلى الجهة التي تقدم المال أو من يأخذه، وجاء في رد سماحته:
إنّه لمن المؤسف أن يُصبح الحديث عن المال الانتخابي الذي يشتري الذمم والضمائر أمراً لا يثير أيّة مشكلة في لبنان، لا في الوسط السياسي ولا الديني ـ مع الأسف ـ؛ حتّى ليكاد المرء أن يصنّف المال الانتخابي ضمن الأعراف الاجتماعيّة والسياسيّة اللبنانيّة التي تغدو أقدس من القانون نفسه.
وإنّنا إذ نعتبر هذا الأمر انعكاساً طبيعيّاً لأزمة القيم والأخلاق في الحياة السياسيّة بعامة، وجزءاً من غياب حسّ المسؤوليّة في إدارة شؤون البلد لدى كثير من الجهات والأحزاب والتيّارات، نشير إلى أمورعدّة، إلقاءً للحجّة ورفعاً للمسؤوليّة التي حمّلنا الله والنّاس إيّاها تجاه حاضرهم ومستقبلهم:
أوّلاً: إنّ من يضع نفسه في مواقع القيادة لهذا الشعب يتحمّل مسؤوليّة الارتفاع بمستوى الناس إلى أن يستطيعوا أن يحتكموا في اختياراتهم لممثّليهم إلى معايير واضحة تنسجم مع متطلّبات الموقع التمثيلي وشروطه، بما ينعكس ـ تالياً ـ في ارتقاء البلد ليعتمد على معايير الكفاءة والأمانة في إدارة شؤونه. أمّا أن تعمد القيادات إلى إفساد الذهنيّة العامّة للناس والانخفاض بمستواهم القيمي والحضاري، عبر تعويدهم على الاحتكام إلى معايير من يدفع المال أكثر، ومن يقدّم المعونات أكثر، فهذا يمثّل خيانةً للمسؤوليّة، ويُدخل الشعب في بازار العرض والطلب على المواقف والخيارات المصيريّة، ليُفتح البابُ على مصراعيه أمام استلاب كامل للإرادة الوطنيّة أمام قوى طاغية ومستكبرة لتستغلّ الشعب لحساب مصالحها، سواء أكانت محلّية أم إقليمية أم دوليّة.
إنّ هذا المنهج لا يحترم فيه القادة شعوبهم ولا جماعاتهم، وهو منهج الطواغيت والفراعنة الذي تحدّث عنه القرآن الكريم في قوله تعالى ـ حكاية عن فرعون ـ: {فاستخفّ قومَه فأطاعوه}، في كلّ ما يعنيه استخفاف الشعب من طلب الخفّة الفكريّة والأخلاقيّة لهم في مقاربة قضاياهم الحيويّة.
ثانياً: إنّه بالدرجة بنفسها التي يتحمّل فيها القادة المسؤوليّة عن انحراف الذهنيّة العامّة للمجتمع، فإنّ المجتمع نفسه مسؤولٌ عن حماية نفسه من كلّ أولئك اللصوص الذين يسرقون مستقبله كما يسرقون حاضره، ويسلبونه عزّته وكرامته، ليختزلوه في شهوة المال، أو غريزة العصبيّة، بما يؤدّي إلى ارتهان مستقبل الأجيال للمطامع الشخصيّة أو الفئويّة، التي تختصر البلد في حساب مصالحها، وتنحرف في حركتها لحساب أطماعها ومواقعها.
ثالثاً: إنّ أشدّ ما يؤلم النفس أن نجد الشعب نفسه أصبح يستجدي حقوقه على أبواب السياسيّين الذين إنّما كانوا في مواقعهم لأجل خدمة هذا الشعب والسهر على إيصال حقوقه إليه بكلّ عزّة وكرامة، دون منّة منهم، وأصبح الناس يرون في ما يتحرّك في المواسم الانتخابيّة، عبر هذا الوزير أو النائب أو الزعيم، صدقةً يمنّ بها هذا أو ذاك على قراهم ومدنهم.. في الوقت الذي ينبغي على الشعب أن لا يسحق إرادته لهؤلاء تحت وطأة "الجميل" الذي يُردُّ في صناديق الاقتراع؛ خوفاً من أن يكون الحرمان والفقر هو مصير "نكران الجميل".
ونحن نرى في أي تأخير للمشاريع المتصلة بحركة الناس وأوضاعهم الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وأي رهن لها بحركة الانتخابات، خيانة للمسؤولية، وفساداً سياسياً، وطغياناً وظلماً ينبغي أن يحاسب المسؤولين عنه، لتتم ملاحقتهم قضائياً وكشف تلاعبهم وتأخيرهم للمشاريع أمام الناس.
إنّ على الشعب أن يعتزّ بنفسه، وأن يعتبر أنّه هو الذي ينبغي أن يحاسب الذين يهضمون حقوقه، ولا يعيشون المسؤوليّة في إدارة الشأن العام، ليحرمهم من مواقعهم في زمن الاقتراع؛ فإنّه ليس ثمّة ما يعوّض الإنسان عن كرامته وعزّته إذا أذلّ نفسه؛ وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع) قوله: "إنّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلّها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً"؛ وذلك هو قوله تعالى: {ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين}.
رابعاً: إزاء كلّ ذلك، فإنّنا من موقعنا الشرعي نحرّم كلّ عمليّة لشراء الذمم، ممّا باتُ يُصطلح عليه بالمال الانتخابي أو السياسي؛ وكما يحرُم على الدافع يحرُم كذلك على الآخذ؛ فإنّ الله تعالى لم يجعل رزق الإنسان ببيع مواقفه، ولا بإفساد ذهنيّته، ولا بسنّ سنّة سيّئة في تربية الأجيال؛ وإنّما موقفُه وصوته الانتخابيّ أمانةٌ من الله في عنق الإنسان ليحرّكه في الخطّ الذي يرضاه الله سبحانه، وسيحاسَبُ عليه يوم القيامة؛ لأنّ الإنسان مسؤولٌ عن الصلاح والإصلاح في حياته وحياة الناس. وليس لأحد أن يستصغر موقفه؛ فإنّ المنتخِبَ شريكٌ للنائب في كلّ مواقفه، السياسيّة منها والتشريعيّة؛ لأنّ صوته جزءٌ من اكتساب هذا النائب لشرعيّة النيابة.
وأخيراً، إنّنا نؤكّد على الدولة أن تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، وأن لا تفرض على الشعب الجوع والحرمان في سياساتها ليسهُل بعد ذلك استغلاله من قبل المستغلّين، ونهيب بكلّ القيادات الدينيّة التي من أولى مسؤوليّاتها حماية الإنسان من نوازع الشرّ والانحراف عن جادّة الاستقامة في حركته ومواقفه، أن تقوم بمسؤوليّاتها في توجيه الناس إلى القيم الحقّة التي أتت بها الأديان ونزلت بها الشرائع، وأوّلها قيم الصدق والأمانة والإخلاص والعدالة، ليكون موقفهم الانتخابي، أو التأييدي منطلقاً من قاعدةٍ يرضى عنها الله، وترفع من مستوى المجتمع، وتصون مستقبله من أن يعبث به العابثون، وتحفظ كرامته من أن تسحقها العصبيّات المتنوّعة؛ والله نسأل أن يحمي لبنان من شرّ الشياطين الصغار والكبار؛ ليكون لهذا الشعب ارتقاء جباله نحو السماء، في كلّ ما تنفتح عليه السماء من قيمٍ نقيّة طاهرة، تستحقّ أن يجسّدها الإنسان على الأرض؛ ليكون إنسان الله الذي يعيش روح الله في خطواته على الأرض.
وأكد أن تعمّد القيادات إفساد الذهنية العامة للناس، والانخفاض بمستواهم القيمي والحضاري عبر تعويدهم على الاحتكام إلى معايير من يدفع المال أكثر... يُمثّل خيانةً للمسؤولية ويدخل الشعب في بازار العرض والطلب على المواقف والخيارات المصيرية".
ورأى أن هذا المنهج هو منهج الطواغيت والفراعنة الذي تحدث عنه القرآن الكريم في قوله تعالى:{فاستخف قومه فأطاعوه}، مشيراً إلى أن المجتمع مسؤولٌ عن حماية نفسه من كل اللصوص الذين يسرقون مستقبله ويسلبونه عزته وكرامته.
وأكد أن أي تأخير للمشاريع المتصلة بحركة الناس وأوضاعهم الحياتية والاقتصادية ورهنها بحركة الانتخابات، خيانة للمسؤولية وفساداً سياسياً وطغياناً ينبغي أن يحاسب المسؤولين عنه...
أجاب سماحته من سلسلة من الاستفتاءات حوار المال الانتخابي، والموقف الشرعي من هذا المال، سواء بالنسبة إلى الجهة التي تقدم المال أو من يأخذه، وجاء في رد سماحته:
إنّه لمن المؤسف أن يُصبح الحديث عن المال الانتخابي الذي يشتري الذمم والضمائر أمراً لا يثير أيّة مشكلة في لبنان، لا في الوسط السياسي ولا الديني ـ مع الأسف ـ؛ حتّى ليكاد المرء أن يصنّف المال الانتخابي ضمن الأعراف الاجتماعيّة والسياسيّة اللبنانيّة التي تغدو أقدس من القانون نفسه.
وإنّنا إذ نعتبر هذا الأمر انعكاساً طبيعيّاً لأزمة القيم والأخلاق في الحياة السياسيّة بعامة، وجزءاً من غياب حسّ المسؤوليّة في إدارة شؤون البلد لدى كثير من الجهات والأحزاب والتيّارات، نشير إلى أمورعدّة، إلقاءً للحجّة ورفعاً للمسؤوليّة التي حمّلنا الله والنّاس إيّاها تجاه حاضرهم ومستقبلهم:
أوّلاً: إنّ من يضع نفسه في مواقع القيادة لهذا الشعب يتحمّل مسؤوليّة الارتفاع بمستوى الناس إلى أن يستطيعوا أن يحتكموا في اختياراتهم لممثّليهم إلى معايير واضحة تنسجم مع متطلّبات الموقع التمثيلي وشروطه، بما ينعكس ـ تالياً ـ في ارتقاء البلد ليعتمد على معايير الكفاءة والأمانة في إدارة شؤونه. أمّا أن تعمد القيادات إلى إفساد الذهنيّة العامّة للناس والانخفاض بمستواهم القيمي والحضاري، عبر تعويدهم على الاحتكام إلى معايير من يدفع المال أكثر، ومن يقدّم المعونات أكثر، فهذا يمثّل خيانةً للمسؤوليّة، ويُدخل الشعب في بازار العرض والطلب على المواقف والخيارات المصيريّة، ليُفتح البابُ على مصراعيه أمام استلاب كامل للإرادة الوطنيّة أمام قوى طاغية ومستكبرة لتستغلّ الشعب لحساب مصالحها، سواء أكانت محلّية أم إقليمية أم دوليّة.
إنّ هذا المنهج لا يحترم فيه القادة شعوبهم ولا جماعاتهم، وهو منهج الطواغيت والفراعنة الذي تحدّث عنه القرآن الكريم في قوله تعالى ـ حكاية عن فرعون ـ: {فاستخفّ قومَه فأطاعوه}، في كلّ ما يعنيه استخفاف الشعب من طلب الخفّة الفكريّة والأخلاقيّة لهم في مقاربة قضاياهم الحيويّة.
ثانياً: إنّه بالدرجة بنفسها التي يتحمّل فيها القادة المسؤوليّة عن انحراف الذهنيّة العامّة للمجتمع، فإنّ المجتمع نفسه مسؤولٌ عن حماية نفسه من كلّ أولئك اللصوص الذين يسرقون مستقبله كما يسرقون حاضره، ويسلبونه عزّته وكرامته، ليختزلوه في شهوة المال، أو غريزة العصبيّة، بما يؤدّي إلى ارتهان مستقبل الأجيال للمطامع الشخصيّة أو الفئويّة، التي تختصر البلد في حساب مصالحها، وتنحرف في حركتها لحساب أطماعها ومواقعها.
ثالثاً: إنّ أشدّ ما يؤلم النفس أن نجد الشعب نفسه أصبح يستجدي حقوقه على أبواب السياسيّين الذين إنّما كانوا في مواقعهم لأجل خدمة هذا الشعب والسهر على إيصال حقوقه إليه بكلّ عزّة وكرامة، دون منّة منهم، وأصبح الناس يرون في ما يتحرّك في المواسم الانتخابيّة، عبر هذا الوزير أو النائب أو الزعيم، صدقةً يمنّ بها هذا أو ذاك على قراهم ومدنهم.. في الوقت الذي ينبغي على الشعب أن لا يسحق إرادته لهؤلاء تحت وطأة "الجميل" الذي يُردُّ في صناديق الاقتراع؛ خوفاً من أن يكون الحرمان والفقر هو مصير "نكران الجميل".
ونحن نرى في أي تأخير للمشاريع المتصلة بحركة الناس وأوضاعهم الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، وأي رهن لها بحركة الانتخابات، خيانة للمسؤولية، وفساداً سياسياً، وطغياناً وظلماً ينبغي أن يحاسب المسؤولين عنه، لتتم ملاحقتهم قضائياً وكشف تلاعبهم وتأخيرهم للمشاريع أمام الناس.
إنّ على الشعب أن يعتزّ بنفسه، وأن يعتبر أنّه هو الذي ينبغي أن يحاسب الذين يهضمون حقوقه، ولا يعيشون المسؤوليّة في إدارة الشأن العام، ليحرمهم من مواقعهم في زمن الاقتراع؛ فإنّه ليس ثمّة ما يعوّض الإنسان عن كرامته وعزّته إذا أذلّ نفسه؛ وقد ورد عن الإمام جعفر الصادق (ع) قوله: "إنّ الله فوّض إلى المؤمن أموره كلّها ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً"؛ وذلك هو قوله تعالى: {ولله العزّة ولرسوله وللمؤمنين}.
رابعاً: إزاء كلّ ذلك، فإنّنا من موقعنا الشرعي نحرّم كلّ عمليّة لشراء الذمم، ممّا باتُ يُصطلح عليه بالمال الانتخابي أو السياسي؛ وكما يحرُم على الدافع يحرُم كذلك على الآخذ؛ فإنّ الله تعالى لم يجعل رزق الإنسان ببيع مواقفه، ولا بإفساد ذهنيّته، ولا بسنّ سنّة سيّئة في تربية الأجيال؛ وإنّما موقفُه وصوته الانتخابيّ أمانةٌ من الله في عنق الإنسان ليحرّكه في الخطّ الذي يرضاه الله سبحانه، وسيحاسَبُ عليه يوم القيامة؛ لأنّ الإنسان مسؤولٌ عن الصلاح والإصلاح في حياته وحياة الناس. وليس لأحد أن يستصغر موقفه؛ فإنّ المنتخِبَ شريكٌ للنائب في كلّ مواقفه، السياسيّة منها والتشريعيّة؛ لأنّ صوته جزءٌ من اكتساب هذا النائب لشرعيّة النيابة.
وأخيراً، إنّنا نؤكّد على الدولة أن تقوم بواجباتها تجاه مواطنيها، وأن لا تفرض على الشعب الجوع والحرمان في سياساتها ليسهُل بعد ذلك استغلاله من قبل المستغلّين، ونهيب بكلّ القيادات الدينيّة التي من أولى مسؤوليّاتها حماية الإنسان من نوازع الشرّ والانحراف عن جادّة الاستقامة في حركته ومواقفه، أن تقوم بمسؤوليّاتها في توجيه الناس إلى القيم الحقّة التي أتت بها الأديان ونزلت بها الشرائع، وأوّلها قيم الصدق والأمانة والإخلاص والعدالة، ليكون موقفهم الانتخابي، أو التأييدي منطلقاً من قاعدةٍ يرضى عنها الله، وترفع من مستوى المجتمع، وتصون مستقبله من أن يعبث به العابثون، وتحفظ كرامته من أن تسحقها العصبيّات المتنوّعة؛ والله نسأل أن يحمي لبنان من شرّ الشياطين الصغار والكبار؛ ليكون لهذا الشعب ارتقاء جباله نحو السماء، في كلّ ما تنفتح عليه السماء من قيمٍ نقيّة طاهرة، تستحقّ أن يجسّدها الإنسان على الأرض؛ ليكون إنسان الله الذي يعيش روح الله في خطواته على الأرض.