ارشيف من :آراء وتحليلات
نقطة حبر: التفكر كمعرفة

كلنا نؤمن بمركزية العقل, وكلنا يعتبره محيطاً بجميع الأمور, لكن القليلين منّا يقبلون على التعقل والتأمل في القوانين المهيمنة على الطبيعة والاقتراب من حقائق الأمور.
إن التأمل في القوانين التي تسيّر الطبيعة يتيح نوعاً جديداً من المعرفة ويضع الإنسان المتأمل مباشرة أمام باب من أبواب النور, وهو نور من أنوار العقل الكلي المحيط بجميع الموجودات المتحققة, هذه الموجودات التي لا تمتلك العلم بالعلم ولا المعرفة بالمعرفة لعدم تمتعها بالتعقل والتأمل والاختيار كالنباتات والحيوانات...
ان الانسان الذي يتمتع بنور العقل يصل من خلال التفكير التأملي إلى مقام يطلق عليه المفكرون الإسلاميون مقام "التفكر"، ولقد احتل هذا المقام المنزل الخامس في كتاب "بدايات" لأبي اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري مستنداً فيما ذهب إليه في هذا المنزل بآية قرآنية كريمة تقول: "وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون".
انطلق الانصاري بعد ذكر هذه الآية لتعريف التفكر وتفسيره، فوصفه بأنه نوع من البحث عن المطلوب وطلبه من قبل العقل: "اعلم أن التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية". ويستنبط الشيخ عبد الرزّاق الكاشاني من كلمة "تلمس" أن العقل للقلب كالعين للنفس، فلولا العين لحرم الانسان من نعمة الرؤية, كذلك لولا العقل لحرم القلب من البصيرة.
أما عند أبي يعقوب السجستاني فيحصل المتفكر على كثير من الحقائق وتتكون لديه معرفة إضافية لا تكتفي بالعلم وحسب، ولا بالمعرفة فحسب، وإنما يتحقق عنده العلم بالعلم والمعرفة بالمعرفة، وذلك لأن الأمور الطبيعية وضمن كونها معقولة وواقعة في دائرة العقل تفتح آفاقاً معرفية جديدة لا سيما من خلال السعي لإيجاد نوع من التناسق والانسجام بين العقل وباقي المعقولات من المخلوقات الموجودة في هذا العالم.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
إن التأمل في القوانين التي تسيّر الطبيعة يتيح نوعاً جديداً من المعرفة ويضع الإنسان المتأمل مباشرة أمام باب من أبواب النور, وهو نور من أنوار العقل الكلي المحيط بجميع الموجودات المتحققة, هذه الموجودات التي لا تمتلك العلم بالعلم ولا المعرفة بالمعرفة لعدم تمتعها بالتعقل والتأمل والاختيار كالنباتات والحيوانات...
ان الانسان الذي يتمتع بنور العقل يصل من خلال التفكير التأملي إلى مقام يطلق عليه المفكرون الإسلاميون مقام "التفكر"، ولقد احتل هذا المقام المنزل الخامس في كتاب "بدايات" لأبي اسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري مستنداً فيما ذهب إليه في هذا المنزل بآية قرآنية كريمة تقول: "وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون".
انطلق الانصاري بعد ذكر هذه الآية لتعريف التفكر وتفسيره، فوصفه بأنه نوع من البحث عن المطلوب وطلبه من قبل العقل: "اعلم أن التفكر تلمس البصيرة لاستدراك البغية". ويستنبط الشيخ عبد الرزّاق الكاشاني من كلمة "تلمس" أن العقل للقلب كالعين للنفس، فلولا العين لحرم الانسان من نعمة الرؤية, كذلك لولا العقل لحرم القلب من البصيرة.
أما عند أبي يعقوب السجستاني فيحصل المتفكر على كثير من الحقائق وتتكون لديه معرفة إضافية لا تكتفي بالعلم وحسب، ولا بالمعرفة فحسب، وإنما يتحقق عنده العلم بالعلم والمعرفة بالمعرفة، وذلك لأن الأمور الطبيعية وضمن كونها معقولة وواقعة في دائرة العقل تفتح آفاقاً معرفية جديدة لا سيما من خلال السعي لإيجاد نوع من التناسق والانسجام بين العقل وباقي المعقولات من المخلوقات الموجودة في هذا العالم.
حسن نعيم
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008