ارشيف من :أخبار لبنانية

«الجماعة» والمستقبل: هل تقدّمت حظوظ الافتراق؟

«الجماعة» والمستقبل: هل تقدّمت حظوظ الافتراق؟
طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
دلّت الزيارة التي قام بها السبت الماضي رئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري إلى الأمين العام للجماعة الإسلامية المستشار فيصل مولوي، للتباحث معه في الشأن الانتخابي، على أن مسألة تحالف الطرفين تعترضها مشاكل عدة، تأتي في موازاة اتساع رقعة الاستياء في صفوف الجماعة من «التعاطي الفوقي» للمستقبل معها انتخابياً، ما استدعى زيارة عاجلة من الحريري لرأب الصدع. وكان التململ بين صفوف الجماعة قد عكس وجود انزعاج كبير في قواعدها، وخصوصاً ضمن كوادر الصف الثاني وما دون، وصولاً إلى قواعدها الشابة، ما أثار المخاوف من احتمال حصول حالة اعتراض معلنة داخلها إذا استمر الوضع على ما هو عليه.
ولفتت أوساط من كوادر الصف الثاني داخل الجماعة إلى أن تبايناً كبيراً في الرأي برز بين مسؤوليها في بيروت وآخرين في المناطق، وتحديداً في الشمال، انطلاقاً من «توجّه يعمل مسؤولو الجماعة في العاصمة عليه، ويقضي بعدم الضغط على الحريري في مسألة التحالف الانتخابي، ومراعاته إلى النهاية، فضلاً عن عدم تمسّكهم بكل المرشحين الستة الذين سمّتهم الجماعة».
لكنّ هذا التوجه جوبه بالرفض من أغلبية كوادر الجماعة في الشمال، الذين يرون أن «ثقلها الرئيسي موجود في طرابلس والشمال، وأنهم لا يقبلون تجاوز دورهم لإرضاء آخرين على حسابهم، أو على حساب إرث الجماعة السياسي والشعبي، رافضين التقاعس في البدء بانطلاق الحملات الانتخابية للمرشحين، وتحوّل الجماعة إلى ما يشبه حصان طروادة».
إلا أن مصدراً في الجماعة كشف أن «الظروف هي التي تحكم تحرّكنا، وفترة الجمود التي مررنا بها بسبب البحث في التحالفات الانتخابية تجاوزناها»، رادّاً السبب في ذلك إلى «تأخّر تيار المستقبل في بتّ أمر تحالفه معنا طوال المدة السابقة، مع أننا اعتبرناه الخيار الأول لتحالفاتنا. إلا أن المباحثات معه لم تصل إلى شيء يستند إليه، أو إلى إعلان مبادئ، بل كل ما حصل هو إبداء الطرفين رغبات متبادلة في التحالف، ثم توقّف الأمر عند هذا الحد».
وأشار المصدر إلى أن الجماعة تعرف أن «تحالفها مع أي طرف يفترض تقديم تنازلات متبادلة، إلا أن المعاملة بالمثل لم نلقاها من المستقبل، فاتخذنا قرارنا بالبدء بحملاتنا الانتخابية تدريجاً، على أساس ترشّحنا منفردين، مع عدم إغلاقنا الباب نهائياً أمام المستقبل، انطلاقاً من أن خياراتنا مفتوحة أمام كل الاحتمالات».
لكنّ المصدر أكد أنه «كلما تقدم الوقت، بات انسحاب مرشّحينا صعباً، مع أن فكرة انسحاب بعضهم كانت واردة في السابق»، لافتاً إلى أن الجماعة «لا ترشّح أحداً لتناور به، وأننا إذا سحبنا أحد مرشّحينا، نفعل ذلك لمصلحة التحالف فقط، إذا ما كتب له أن يقوم».
وعن السبب الذي أوصل المباحثات مع المستقبل إلى هذا المأزق، كشف المصدر أن «النقاشات مع الحريري طوال الفترة الماضية اقتصرت على جلستين فقط كانتا أشبه بالدردشة، ولم ندخل في التفاصيل والأسماء، ما رسم عندنا أكثر من علامة استفهام، وجعلنا نعتبر أن ما يجري لا يمكن أن يؤسس لإقامة تحالف بيننا».
وشدد المصدر على أن الجماعة «ليست في وارد الانسحاب من الانتخابات مهما كانت الظروف، كما حصل عام 2005، فهذا خيارنا النهائي»، لافتاً إلى أن الحريري «أقرّ بحجمنا وأحقيّتنا بالتمثيل النيابي، وجرى معه عرض سطحي لما تستحق أن تحصل عليه الجماعة من مقاعد، وهو لمّح إلى إمكان إعطاء الجماعة مقعداً وزارياً إذا تعذّر التحالف معها انتخابياً، لكنّ ذلك اعتبرناه مجرد كلام».
وشدد المصدر على أنه «لن ندخل في تحالف مع المستقبل بأي ثمن، وإذا كان تحالفنا معه لا يحقق الحد الأدنى من طموحاتنا فسنخوض الانتخابات منفردين أو متحالفين مع آخرين، فنحن لم نقطع تواصلنا مع أحد على الساحة السنّية التي نحرص على وحدتها».
ومع أن المصدر رجّح أن يكون للتقارب السوري ـ السعودي «تأثير على مجرى الانتخابات، إلا أن ذلك سيكون ضئيلاً، لأن انعكاس هذا التقارب سيتركز على تبريد المعركة الانتخابية على الساحة السنّية حصراً، وخصوصاً في طرابلس». وأكد المصدر أن الجماعة «ستخوض الانتخابات، سواء تحالفت مع المستقبل أو لا، أو دخلت في الائتلاف أو لم تدخل، فسنكمل منفردين لأننا لسنا جاهزين لأن نطوَّع على يد أحد، وإذا كنا نرحب بالتوافق والائتلاف، فلن نقبل أن يكون ذلك على حسابنا».
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية
2009-03-17