ارشيف من :أخبار لبنانية

ماضي نسيب لحود ـ المرّّ... يعود

ماضي نسيب لحود ـ المرّّ... يعود
كتب غسان سعود
التوتر بين الوزير نسيب لحود والنائب ميشال المرّّ قديم جداً، ورثه نسيب عن والده سليم لحود والمرّ عن حلفه مع جميل لحود ـ العم الخصم بالنسبة إلى نسيب. المرّّ استفاد من هذه الوراثة ليكون الرجل الأول في عهد الرئيس إميل لحود (ابن جميل لحود ـ حليف المرّ) الذي مرَّ بأيام مجد لم يكن يعاديه فيها إلا نسيب لحود، الذي وجد المرّ يُجيِّر خيرات العهد اللحودي، في قيادة الجيش ثم في رئاسة الجمهورية، للتضييق عليه وحشره في الزاوية. وبعدما تحالف المرّ، عام 1992، مع لحود في «لائحة التعيين»، نزولاً عند الرغبة السورية، لم يدم شهر العسل إلا بضعة أسابيع، إذ تجدد النفور بين الرجلين، مرّة بسبب الزفت «غبَّ الطلب»، ومرّة بسبب رخصة بناء، ومرّات، يقول مقرب من لحود، بسبب شعور المرّ بأن ثمة شخصية تهدّد سعيه لفرض نفوذه المطلق. وهكذا، حصل الطلاق سريعاً بين الرجلين ليعود لحود إلى المجلس عام 1996 خارقاً لائحة المرّ.
في تلك الأيام، كان المرّ الآمر الناهي في المتن، كان يستفيد من دعم سوري شبه مطلق ومن إدارات رسمية خدماتها لا تنضب.
على الرغم من ذلك، يقول صديق سابق للمرّ، كسر أبو الياس وصار ردُّ الكف لـ«سفير الطائف» واجباً. فتحرك المرّ بكل طاقته لتأكيد وصول إميل لحود، ابن عم نسيب إلى قصر بعبدا. وهكذا كان. لكن لم تدم فرحة المرّ طويلاً، فسرعان ما خرق نسيب والشهيد بيار الجميل لائحة المرّ عام 2000.
في تلك الانتخابات، فاز لحود بأصوات 3 فئات سياسية: أولها، «السياديون» الذين كانوا يؤيدون مبادئه. ثانيها، المستقلون الذين كانوا يحترمون «نظافة كفه». وثالثها، متنيون (منهم مناصرو القومي السوري) يعطون أولويّة للتوجيهات السورية على التمنيات المُرّيّة.
وبعد، كان لحود رأس الحربة في انتخابات المتن الفرعية عام 2002، وقد أتقن يومها النائب السابق غبريال المرّ استفزاز شقيقه عبر فتح هواء «الأم تي في» لساعات طويلة أمام لحود. أما في 2005، فقد هادن الرئيس أمين الجميل المرّ بهدف الحصول على بعض أصوات مؤيديه وعدم ارتباك «كتائب المرّ»، كما يُطلَق عليهم في المتن. لكن لحود كرّر سيناريو 2002 في هجومه على أبو الياس، وقد وصل، قبل 4 أيام من الانتخابات، إلى حدِّ اتهام الوزير إلياس المرّ بالتورط في قضية بنك المدينة، ما اضطر إلياس إلى شهر سيف المحاسبة القضائية، وهو ما لم يحصل لاحقاً.
وأبو الياس، بحسب أحد المتابعين المتنيين، يتعامل مع انتخابات المتن بطريقة قروية جداً: هو حقاً يحفظ أسماء ناخبيه، والأحق أنه يحفظ أسماء من لم ينتخبه ويجتهد لينكّد حياتهم في ما يتعلق بالشؤون البلديّة والإداريّة. وهو يطبع على ورقة عدد الأصوات التي نالها منذ بدأ الترشح ويشهر هذه الورقة في كل مناسبة ليقول إن زعامته آخذة بالتمدد. وهو، كحال معظم أبناء جيله، لا ينسى أن هذا ابن فلان وفلان عمل ضده في يوم من الأيام.
أما نسيب، يتابع المتني نفسه، فلديه الكثير من عزّة النفس، فيستصعب نسيان تفاصيل الخصام. وفي تجربته السياسية ـ المتنيّة ثمّة تراكم لعنوانين أساسيين، هما:
1ـ مكافحة الفساد، والعنوان في المتن، بالنسبة إلى لحود، كان المرّ.
2ـ تعزيز الخصومة التقليدية بين أنصار والده سليم لحود وأنصار المرّ.
من هنا، كان لحود ينتظر، بحسب أحد المقربين منه، اعتذاراً من المرّ في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، يشبه اعتذار المرّ قبل 4 سنوات من العماد ميشال عون، عبر المؤسسة اللبنانية للإرسال أيضاً، يسهّل الأمور عليه أقلّه مع ناخبيه. لكن مفاجأته كانت ثلاثية:
1ـ استعلاء في النظرة إلى ابن سليم لحود. 2ـ تحديده الأحجام من منطلق أنه القوة العظمى. 3ـ إفراغ المعركة من مضمونها السياسي.
لذلك، يقول مصدر قريب من لحود، إن الأخير وجد نفسه مضطراً إلى الرد على سياق الحلقة التلفزيونيّة كاملاً. فيما تؤكد مصادر حزب الكتائب أنها لم تعلم بعقد المؤتمر إلا من خلال ما أوردته الوكالة الوطنية للإعلام قبل يوم واحد منه. وتستغرب مصادر الكتائب في هذا السياق ردّة فعل لحود الذي كان يفترض أن يعلم أن اللوائح لا تصاغ عبر الإعلام. وتشير مصادر الكتائب إلى أن استبعاد لحود عن اللائحة لم يطرح قطّ في حلقة المرّ التلفزيونيّة، في وقت يقلل فيه أحد المقربين من لحود من تبعات كلامه الأخير بالنسبة إلى وحدة قوى 14 آذار، مشيراً إلى أن الهدف من المؤتمر الصحافي كان القول إن الاستفزاز سيُرَدّ عليه باستفزاز، وثمة حدود سياسيّة يفترض الالتزام بها. ويؤكد أنَّ على المرّ، الذي يفترض أنه يحسن الحساب الانتخابي، أن يكون واقعياً في مقاربة تأليف اللائحة ويحترم الأحجام التي يريد من الآخرين أن يحترموها.
وبشأن الأحجام، يبرز كلام كتائبي متني يقسو على لحود والمرّ معاً. فلحود، بحسب مسؤول كتائبي في إحدى البلدات الكبيرة في المتن، يتمسك بتصرفات المستمر بالترشح لرئاسة الجمهورية، ويحيط نفسه بهالة تبعده عن فئات اجتماعية مؤثرة، علماً بأنه يحتاج إلى إعادة تقويم علاقته بمن يصفون أنفسهم بالمثقفين، وقد خاب ظنهم بمحطات لحوديّة كثيرة. والمرّ يقول إن عون بات رمز الرموز السورية، ثم يعد بأن المجنسين المقيمين في سوريا سيأتون ليقترعوا لمصلحته ضد عون، ولا يتردد في احتساب قوته التجييرية بناءً على استطلاعات أعدت قبل 7 سنوات. من هنا، فإن الرجلين يحتاجان إلى إعادة تقويم وضعهما الانتخابي بكثير من التواضع، فيخففان على حلفائهما إضاعة الوقت في معارك عبثيّة.
المصدر: صحيفة الأخبار اللبنانية
2009-03-17