ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد.نت: حام بلدة من القرون الوسطى والحرمان صفة تلازمها

حام بلدة بقاعية تقوم بين مجموعة من الجبال في السلسلة الشرقية لجبال لبنان، ليس بينها وبين الحدود السورية سوى بلدة معربون التي لا تقل حرمانا وطنيا عنها الا انها اقرب الى الحياة لقربها من الحدود اكثر, وقد اتخذت البلدة اسمها من اسم النبي "حام" وهو احد أبناء نوح عليه السلام اذ ان قبره بحسب الروايات المتواترة وابناء البلدة، موجود فيها، الا ان هذا القبر لا يقل حرمانا عن باقي البلدة، اذ انه عبارة عن صخرة وسط عدد من قبور اهالي البلدة الذين دفنوا بجواره وبضع شجيرات تظلل المكان. وعلى الرغم من الاهمال والحرمان الا ان البلدة قطعة سماوية مطروحة بين تلك الجبال حيث الاشجار المثمرة والينابيع المتدفقة ما يجعل منها جنة وسط محيط اجرد.
تحد بلدة حام من جهة الجنوب اراضي بلدة الخريبة ومن الشرق معربون ومن الشمال عين البنية ومن الغرب سباط.
يعيش في بلدة حام نحو الالف نسمة هم في الاغلب الاعم من عائلة واحدة هي عائلة آل مراد الذين يعتمدون في معيشتهم على زراعة الاشجار المثمرة وتربية بعض المواشي, أما حاجياتهم الاساسية فيقصدون بعلبك للتسوق والحصول عليها، والتي تبعد نحو الستين كيلومترا, ونسبة لارتفاعها عن سطح البحر والذي يصل الى الف وخمسمئة متر، فان الوصول اليها او الخروج منها في الشتاء شبه مستحيل اذ ان الطريق المؤدية اليها تقطع عند اول هطول للامطار التي ما تلبث ان تتحول فيها الى ثلوج, لذا يقوم سكانها بتموين ما امكن من احتياجات استعدادا لفصل الشتاء, ونظرا للظروف الصعبة فان كثيرا من اهاليها انتقلوا للعيش في اماكن اقرب الى الناس والمدينة فتوزعوا في بعض قرى البقاع او في العاصمة، وبعضهم انشأ تجمعا سكنيا خاصا كالذين سكنوا في حوش الرافقة وانشاوا فيها حيا خاصا, والذين اتخذوا هذا القرار انما اتخذوه هربا باولادهم لتحصيل العلم والحصول على الطبابة، اذ ان بلدة حام لم يكن فيها أي مدرسة حتى وقت قريب، حيث أنشئت فيها ابتدائية مؤلفة من عدة غرف واساتذتها من قرى بعيدة يعانون مشكلة الوصول اليها أغلب أيام الشتاء، وهو موسم المدرسة.
واذا اردنا ان نخوض في تفاصيل معاناة واحتياجات البلدة لا يمكن ان نحصيها الا اننا نلفت الى ان البلدة الى اليوم لم تتعرف بعد الى الاسفلت، ولو ان الهيئة الايرانية للاغاثة فرشت بعض الطرقات "بالدفينول " استعدادا للتعبيد. كما ان البلدة تفتقر لوجود مستوصف او وحدة صحية او حتى ممرضة او طبيب، والمفارقة ان كثيرا من الذين التقيناهم كانوا يحملون الهواتف النقالة وبعد سؤالنا تبين ان هذه الهواتف تحمل خطوطا سورية اذ انه وعلى الرغم من وجود محطة ارسال للهاتف على تلالها الا ان الارسال اللبناني لا يصل الى هذه البلدة التي يتصل اهلها الى وطنهم والى القرى المجاورة عبر الخطوط الدولية, وحين سألنا عن سبب عدم اشتراكهم بالهاتف الارضي قال السيد فؤاد مراد لقد تقدمنا بطلبات عديدة الى شركة الهاتف، ولكن الى الان لم تمدد الخطوط بحجة ان الوضع يتطلب تمديدات تحت الارض، وهذا يحتاج الى اعتمادات وبالطبع فان البلدة ليست ضمن الاولويات, الا ان بعض التيارات يقول السيد فؤاد مراد تعرفت على البلدة ربما عبر الاقمار الصناعية وحضرت محاولة شراءهم بالانتخابات ببعض الحصص التموينية , ويضيف نحن نشتاق الى الدولة التي تحضر الى أي مكان لملاحقة أي شخص ولو بالمروحيات، ولكن اذا كان الامر يخص مصلحة المواطن فلا يمكن ان يكون لها حضور .امام بلدة حام الشيخ علي طليس الذي يحضر من بلدة بريتال لاحياء المسجد وتعليم الناس امور الدين يقول: بلدة حام هي مستضعفة بكل معنى الكلمة، ولا يمكن ان تجد فيها شيئا قريبا الى الحياة سوى اهلها وطيبتهم الذين يقنعون بابسط الحقوق لو نالوها, نحن نقول ان من حق هؤلاء
الناس الذين يحيون الارض ويزرعونها ويعملون على اعمارها بالانسان والنبات هم يستحقون نظرة عدل من دولتهم، ومن المعيب ان يشعروا بانهم مقطوعون عن وطنهم حتى بالاتصال فضلا عن الطريق والمدرسة والكهرباء .
على الرغم من كل هذه المآسي فان الذي يزور هذه البلدة وامثالها ينشدّ للبقاء فيها، ويسترجع طيبة الاجداد واصالة اهل هذه الارض، فهل تتعرف البلدة الى القرن الواحد والعشرين بعد ان سئمت الحياة في القرون الوسطى.

طرقات في العام 2009

القرية

البيوت والجرارات

التنور