ارشيف من :أخبار لبنانية
أزمة فريق الموالاة استراتيجية وليست ظرفية
كتب مصطفى الحاج علي
فريق الموالاة مأزوم حتى العظم، تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لم يكن أكثر من مناسبة إضافية لتظهير هذه الأزمة، وكشف ملابساتها وخلفياتها، قد يقال الكثير عن الأسباب الظرفية لهذه الأزمة، وهي على أهميتها، لا تأتي في الدرجة الأولى، وانما في الدرجة الثانية.
أزمة هذا الفريق من أزمة مشروعه، ومشروع هذا الفريق ينطوي في صميم المشروع الأميركي للمنطقة عموماً ولبنان تحديداً، وبالتالي، فإن جزءاً رئيسياً من أزمة هذا الفريق يتعلق بأزمة راعيه أي الأميركي.
من نافل القول، إن الصراع السياسي في لبنان هو صراع بين مشروعين: مشروع يريد إلحاق لبنان بركب محور التسوية، وإخراجه بالتالي نهائياً من معادلة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، من مستلزمات هذا المشروع تركيب مكوّنات السلطة لمصلحة أطرافه، بدءاً من رئاسة الجمهورية، ومروراً بالحكومة، وأصلاً وانتهاءً بالتوازنات داخل المجلس النيابي المقبل، المشروع الآخر، جوهره مقاومة المشروع الاستعماري ـ الصهيوني الجديد للمنطقة، ويلتقي مع محور المقاومة في المنطقة لهذا المشروع، ويتكامل معها، من دون أن يعني ذلك الإخلال بالمصلحة الوطنية، وإنما من خلال نصب ميزانها على نصاب هذا الصراع، لأن لا قيام لحياة وطنية حقيقية خارج معركة التحرر من ربقة هذا المشروع الاستعماري ـ الالحاقي الجديد.
هذا المشروع الاميركي وجهت له ضربات قوية من افغانستان إلى العراق، ومروراً بفلسطين ولبنان في عدوان تموز، في المقابل كان يسجل المشروع الآخر اخفاقات وتراجعات مهمة، ماذا يعني هذا؟ إنه يعني بالدرجة الأولى، تضعضع العناوين الأساسية الجامعة لفريق الموالاة، ويعني بالدرجة الثانية ضعف قدرة الراعي، بل الرعاة عن الإمساك بهذا الفريق، في ظل ضعف قدرته العامة.
خلاصة القول هنا، إن أزمة فريق الموالاة جزء لا يتجزأ من أزمة مشروعه.
في المسار نفسه، جاءت أحداث السابع من أيار، لتوجه ضربة أساسية لأركان المشروع الأميركي، ولنظمه الرابطة داخلياً، الحريري وجنبلاط، وصولاً إلى انتاج اتفاق الدوحة، هذا الاتفاق في خلاصته العامة يقع في موقع الضد تماماً من استراتيجية هذا الفريق: حكومة تحظى فيها المعارضة بالثلث الضامن، رئيس جمهورية متوافق عليه وليس طرفاً، وأخيراً قانون انتخابات ليس على قياس فريق السلطة، المحصلة هنا واضحة: المزيد من تقهقر عوامل الربط لمصلحة حضور عوامل التفكك والانفصال.
إلا أن نقطة الثقل المركزية في التحول، جاءت مع نجاح المعارضة في انتزاع اتفاق حول حصتها في الحكومة: حقائب وأسماء، ماذا عنى هذا الاتفاق؟
أولاً: كرست المعارضة قوتها السياسية، وبدت أنها لا تقوم بمعارك دونكيشوتية، بل معارك هادفة وذات مغزى سياسي بالدرجة الأولى.
ثانياً: نجحت المعارضة في نقل كرة مسؤولية العرقلة إلى مرمى فريق الموالاة، هناك تزداد حدة المسؤولية لأن التنازع في ما بين أركان هذا الفريق يبدو فاقداً للمعنى، لأن الحاضر الأكبر فيه هو للذاتي على حساب العام، هناك لا يرتضي أحد بالتضحية لمصلحة الفريق، على العكس تماماً مما قدمته المعارضة من أمثولة وتجربة.
ثالثاً: يستطيع الجنرال عون الادعاء عن حق بأنه زعيم مسيحي من الطراز الأول، فمن موقعه الرئيسي في المعارضة خاض معركة مطالبه المحقة من موقع الأصيل لا من موقع المهمش، ومن موقع الطرف المعني أصالة، لا من موقع الذي يبحث عن دور كيفما كان، فحاز ما حاز، وبدا أنه الفائز الأكبر.
خلاصة القول هنا، إن أزمة فريق الموالاة أكثر من مجرد أزمة ظرفية، فهي أزمة مشروع، وأزمة مسار، وإذا كان من شيء يصل أعضاء هذا الفريق بعضها بالبعض الآخر، هو أنها حرقت كل الجسور وراءها لدرجة لم تعد تملك محلاً لها في المشروع الآخر، اضافة إلى انتهاء خيوط مصالح الكثيرين منها عند هذه الدولة أو تلك من الأركان الدوليين والقوميين لمشروع هذا الفريق، وكذلك لأن ما يوحدهم أيضاً هو وحدة الضرر، من هنا، سيسقط بعض هؤلاء على الطريق، ولا شك، أن المسار الاستراتيجي لهذا الفريق هو السقوط النهائي، لا لشيء بل لأنه ضد منطق الأشياء وقوانينها القيمية والجيوسياسية، ولأنه ضد قوانين التاريخ أيضاً.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008
فريق الموالاة مأزوم حتى العظم، تشكيل حكومة الوحدة الوطنية لم يكن أكثر من مناسبة إضافية لتظهير هذه الأزمة، وكشف ملابساتها وخلفياتها، قد يقال الكثير عن الأسباب الظرفية لهذه الأزمة، وهي على أهميتها، لا تأتي في الدرجة الأولى، وانما في الدرجة الثانية.
أزمة هذا الفريق من أزمة مشروعه، ومشروع هذا الفريق ينطوي في صميم المشروع الأميركي للمنطقة عموماً ولبنان تحديداً، وبالتالي، فإن جزءاً رئيسياً من أزمة هذا الفريق يتعلق بأزمة راعيه أي الأميركي.
من نافل القول، إن الصراع السياسي في لبنان هو صراع بين مشروعين: مشروع يريد إلحاق لبنان بركب محور التسوية، وإخراجه بالتالي نهائياً من معادلة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، من مستلزمات هذا المشروع تركيب مكوّنات السلطة لمصلحة أطرافه، بدءاً من رئاسة الجمهورية، ومروراً بالحكومة، وأصلاً وانتهاءً بالتوازنات داخل المجلس النيابي المقبل، المشروع الآخر، جوهره مقاومة المشروع الاستعماري ـ الصهيوني الجديد للمنطقة، ويلتقي مع محور المقاومة في المنطقة لهذا المشروع، ويتكامل معها، من دون أن يعني ذلك الإخلال بالمصلحة الوطنية، وإنما من خلال نصب ميزانها على نصاب هذا الصراع، لأن لا قيام لحياة وطنية حقيقية خارج معركة التحرر من ربقة هذا المشروع الاستعماري ـ الالحاقي الجديد.
هذا المشروع الاميركي وجهت له ضربات قوية من افغانستان إلى العراق، ومروراً بفلسطين ولبنان في عدوان تموز، في المقابل كان يسجل المشروع الآخر اخفاقات وتراجعات مهمة، ماذا يعني هذا؟ إنه يعني بالدرجة الأولى، تضعضع العناوين الأساسية الجامعة لفريق الموالاة، ويعني بالدرجة الثانية ضعف قدرة الراعي، بل الرعاة عن الإمساك بهذا الفريق، في ظل ضعف قدرته العامة.
خلاصة القول هنا، إن أزمة فريق الموالاة جزء لا يتجزأ من أزمة مشروعه.
في المسار نفسه، جاءت أحداث السابع من أيار، لتوجه ضربة أساسية لأركان المشروع الأميركي، ولنظمه الرابطة داخلياً، الحريري وجنبلاط، وصولاً إلى انتاج اتفاق الدوحة، هذا الاتفاق في خلاصته العامة يقع في موقع الضد تماماً من استراتيجية هذا الفريق: حكومة تحظى فيها المعارضة بالثلث الضامن، رئيس جمهورية متوافق عليه وليس طرفاً، وأخيراً قانون انتخابات ليس على قياس فريق السلطة، المحصلة هنا واضحة: المزيد من تقهقر عوامل الربط لمصلحة حضور عوامل التفكك والانفصال.
إلا أن نقطة الثقل المركزية في التحول، جاءت مع نجاح المعارضة في انتزاع اتفاق حول حصتها في الحكومة: حقائب وأسماء، ماذا عنى هذا الاتفاق؟
أولاً: كرست المعارضة قوتها السياسية، وبدت أنها لا تقوم بمعارك دونكيشوتية، بل معارك هادفة وذات مغزى سياسي بالدرجة الأولى.
ثانياً: نجحت المعارضة في نقل كرة مسؤولية العرقلة إلى مرمى فريق الموالاة، هناك تزداد حدة المسؤولية لأن التنازع في ما بين أركان هذا الفريق يبدو فاقداً للمعنى، لأن الحاضر الأكبر فيه هو للذاتي على حساب العام، هناك لا يرتضي أحد بالتضحية لمصلحة الفريق، على العكس تماماً مما قدمته المعارضة من أمثولة وتجربة.
ثالثاً: يستطيع الجنرال عون الادعاء عن حق بأنه زعيم مسيحي من الطراز الأول، فمن موقعه الرئيسي في المعارضة خاض معركة مطالبه المحقة من موقع الأصيل لا من موقع المهمش، ومن موقع الطرف المعني أصالة، لا من موقع الذي يبحث عن دور كيفما كان، فحاز ما حاز، وبدا أنه الفائز الأكبر.
خلاصة القول هنا، إن أزمة فريق الموالاة أكثر من مجرد أزمة ظرفية، فهي أزمة مشروع، وأزمة مسار، وإذا كان من شيء يصل أعضاء هذا الفريق بعضها بالبعض الآخر، هو أنها حرقت كل الجسور وراءها لدرجة لم تعد تملك محلاً لها في المشروع الآخر، اضافة إلى انتهاء خيوط مصالح الكثيرين منها عند هذه الدولة أو تلك من الأركان الدوليين والقوميين لمشروع هذا الفريق، وكذلك لأن ما يوحدهم أيضاً هو وحدة الضرر، من هنا، سيسقط بعض هؤلاء على الطريق، ولا شك، أن المسار الاستراتيجي لهذا الفريق هو السقوط النهائي، لا لشيء بل لأنه ضد منطق الأشياء وقوانينها القيمية والجيوسياسية، ولأنه ضد قوانين التاريخ أيضاً.
الانتقاد/ العدد 1280 ـ 11 تموز/ يوليو 2008