ارشيف من :أخبار لبنانية

انتخابات 2009: المال السياسي‎.. وصمة الانتخابات الديموقراطية

انتخابات 2009: المال السياسي‎.. وصمة الانتخابات الديموقراطية
كتب أحمد شعيتو
عند حلول كل موسم انتخابي في لبنان، يبدأ حراك المال السياسي.
الانفاق المالي من اجل كسب الاصوات الانتخابية "موضة" معروفة لبنانياً و "على عينك يا تاجر" - كما يقول المثل- في كثير من الاحيان، الا انه في موسم الانتخابات النيابية الحالية التي ستحصل في 7 حزيران المقبل، زاد بنسبة كبيرة بحسب المؤشرات والتصريحات. ولعل السبب يعود الى الحساسية الكبيرة للانتخابات الحالية سيما لفريق الموالاة الذي يكرر وصف الانتخابات بالمصيرية .
موضوع تسخير القدرات المالية الضخمة لدى الموالاة في هذه الفترة التي تسبق الانتخابات لشراء ضمائر الاشخاص المهيئين لذلك او المغرر بهم بات مادة شبه يومية على لسان شخصيات المعارضة، من حديثهم عن الانفاق بشكل متزايد على مشاريع مناطقية وخدماتية اضافة الى ما يسمى الزفت الانتخابي مرورا بالدفع المباشر على شكل هبات وتعويضات وصولا الى استقدام المغتربين وغير ذلك من الطرق..
فمن حين لاخر تكشف تصريحات شخصيات المعارضة معطيات لديها بشأن المال السياسي الضخم الكمية الذي يضخ في المناطق ولدى المواطنين بما يثير العجب.
فها هو العماد ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر ورئيس تكتل التغيير والاصلاح لا ينفك يتحدث كل فترة عن معلومات تؤكد تسخير الاموال في الداخل ودفع الاموال للمغتربين وتغطية تكاليف ذهابهم وايابهم الى لبنان باعداد كبيرة من أجل كسب اصواتهم الى جانب الموالاة، وها هم نواب تكتل التغيير والاصلاح يؤكدون أنه قد تم مثلا صرف مبلغ 7 مليارات ليرة في منطقة زحلة والبقاعين الأوسط والغربي وذلك خلال أسبوع واحد فقط تحت غطاء ما يسمى "تعويضات" يدفعها "تيار المستقبل" إلى مزارعي البطاطا نتيجة ما حصل من كساد في المنتوجات.
وعن الهيئة العليا للاغاثة "حدث ولا حرج" عن تصريحات المعارضة بشان استغلالها في منطقة البقاع وزحلة ووعود بأموال هائلة ستدفع من أجل تجيير الأصوات الإنتخابية، وأن هذا يتم أيضاً عبر تغطية الأقساط المدرسية لأبناء المواطنين وشراء أدوية للمرضى والتكفل بإجراء العمليات الجراحية.
وها هو رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي يكشف ان اموالا ضخمة تصرف في طرابلس كرشاوى انتخابية على شكل مشاريع انمائية ، هذه المشاريع التي ان قمت بجولة عادية في المناطق تلاحظ بشكل واضح كيف تنشط في فترة الانتخابات ومنها مشاريع الاشغال العامة وغيرها.
ويبلغ الأمر حد كشف اسماء شخصيات من الموالاة تعمل في لبنان ودول الاغتراب في مهنة الرشاوى والابتزاز الانتخابيين وتنظيم عودة اكبر عدد ممكن من المواطنين الى لبنان بتغطية تكاليف سفرهم من اجل انتخاب مرشحي الموالاة. ويفيد التذكير هنا ان صحيفة الاخبار كانت ذكرت ان الموالاة تريد استقدام 150 ألف مغترب من اجل الانتخاب.
وقد وصل الامر الى مستوى انتقاد بعض شخصيات الموالاة انفسهم هذا الانفاق سيما عبر الهيئة العليا للاغاثة كما فعل وزير الاشغال غازي العريضي الذي تحدث عن "زفت انتخابي" مؤكداً وجوب وضع حد لهذا الامر ومهددا بفضح ما يحصل، في وقت حذر البطريرك نصر الله صفير من "شراء الذمم" مذكرا بالمثل القائل "من اشتراك باعك".
وإذا كان إنفاق المال السياسي في كل لبنان مسألة مستشرية فإنه في طرابلس والشمال يصح السمة الأساسية في الانتخابات الحالية. ويكشف الدكتور خلدون الشريف مستشار رئيس الحكومة الاسبق عمر كرامي  لـ "الانتقاد" ان المال السياسي يتخذ كل الاشكال في هذه الفترة، حيث يتم اقامة مشاريع آنية وظرفية في المدينة والمنطقة ومنها مثلا اقامة آبار المياه حالياً وغيرها من المشاريع الآنية، وكذلك يتم عبر كل اشكال المساعدات، حتى ان "كل المستشفيات تقبض اموالا" بحسب قول الشريف مشيرا الى معلوماته ايضا عن تجنيد الاف المندوبين الانتخابيين سلفا، ويقول إن هناك كذلك الحملات الاعلانية الكبيرة التي بدأت والتي يتم ملاحظتها في هذه الفترة، هذا عدا عن الدفع المباشر للاموال الانتخابية الى المواطنين، ووصل الأمر لحد دفع ديون على اشخاص لكازينو لبنان!
وعقّب الريف بالقول إن الذي يريد ان ينفذ انماء يؤمن للناس عملا ولا يدفع بشكل آني على مشاريع ظرفية.
وحول المغتربين من الشمال والتعاطي معهم من قبل الاطراف السياسية التي تنفق المال الانتخابي كشف الشريف انه يتم الاتصال الآن بالمغتربين وسؤالهم ان كانوا يريدون المجيء او لا الى لبنان للانتخاب، مضيفا انه لم يتم لمس دفع اموال لهم حتى الان.
عن الاطراف المتهمة بالدفع وانفاق المال الانتخابي  قال الشريف: انه تيار المستقبل وبعض الشخصيات البارزة في الشما وهم أوضح من أن يسموا بأسمائهم.
واذا كان الموضوع يمكن ملاحقته قانونيا خاصة في ظل سقف الانفاق الانتخابي الذي يحدده قانون الانتخاب يقول ان هذا ما يتم درسه الآن بشكل جدي مشيرا الى ان الصورة لم تكتمل بعد بشكل تام لافتا الى ان الحساب الانتخابي يبدأ في السابع من نيسان المقبل اي قبل شهرين من تاريخ الانتخابات النيابية.
ماذا يقول الدكتور الشريف للناخبين اللبنانيين وخاصة لأهل طرابلس والشمال في ظل هذا الواقع وهذا الانفاق الانتخابي لشراء الاصوات؟
هنا يتمنى الشريف ان تتحسن الاحوال الاجتماعية لدى الناس في الشمال والمناطق لكي لا يعودوا بحاجة الى دعم أحد ممن ينفقون هذه الاموال.
اخيراً فإن خسارة الفريق المتهم بالمال السياسي - وهو فريق الموالاة- الانتخابات رغم كل ما يصرف من اموال وما يسخر من وسائل اعلامية ودعائية ومن خطاب سياسي، ستكون بما يشبه الفضيحة وتؤكد انه رغم كل هذه الاموال وهذا المال السياسي لم يحصل على الاكثرية النيابية، وهذا ما سيحمل دلالات واضحة عن حجم التمثيل الحقيقي للقوى السياسية في البلاد.
2009-03-18