ارشيف من :أخبار عالمية
العراق: اشكاليات وتجاذبات التعامل مع ملف عودة البعثيين
بغداد ـ عادل الجبوري
فتحت الدعوة التي اطلقها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى البعثيين المعارضين مؤخرا للعودة الى العراق في اطار مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحه صيف عام 2006، الباب واسعا لجدل وسجال في دوائر سياسية وشعبية متعددة في داخل العراق، وكذلك جدل وسجال اخر في داخل دوائر تنظيمات حزب البعث المنحل خارج العراق.
ومن بين ما قاله المالكي في كلمة له بمؤتمر لعشائر قبيلة العبيد ذات الغالبية السنية في العراق في التاسع من شهر اذار-مارس الجاري "ان عودة المعارضين ستكون بلا محاسبة او لوم، وان من يريد العودة للمساهمة في بناء العراق فأن قلوبنا مفتوحة لهم ومتسامحة معهم من اجل بناء العراق وهذا الامر اصبح واقعا وعادت البلاد الى محيطها العربي والاسلامي والى مجتمعها الدولي".
ولعل ردود الفعل الرافضة لموقف رئيس الوزراء جاءت من اتجاهين متقاطعين، الاول من داخل العراق، متمثلا بأوساط سياسية مختلفة بعضها اسلامية وبعضها ليبرالية وبعضها الاخر كردية، وهي تنطلق في مواقفها الرافضة من جملة اعتبارات من بينها، ان الدستور العراقي الدائم تضمن مادة واضحة وصريحة تقضي بحظر أي نشاط او وجود لحزب البعث المنحل، فكرا او تنظيما او شخوصا، وهذا ما ذهبت اليه شخصيات سياسية ودينية عديدة، فالقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وامام جمعة النجف الاشرف المقرب من المرجعية الدينية، السيد صدر الدين القبانجي اكد "ان حزب البعث هو العدو الاول للشعب العراقي واي تحالف معه هو تحالف غير مبارك وخطوة غير شرعية والجمهور سوف يرفع يده عن أي كيان سياسي يتحالف مع البعث".
فيما تقول النائبة في البرلمان العراقي عن التيار الصدري اسماء الموسوي "ان ما يمر به العراق اليوم جاء نتيجة السياسات الطائشة للنظام السابق، وبحسب الدستور فأنه لا يمكن التعامل مع هذا الحزب، وهذا لا يعني بأننا نرفض الاحزاب القومية، لكن حزب البعث لا يمكن قبوله".
اضافة الى ذلك فأن بعض الاطراف رأت ان التعامل والحوار مع المعارضين، سواء من البعثيين وغير البعثيين ينبغي ان يخضغ لسياقات قانونية ودستورية متفق عليها، وان لا توظف الامور توظيفا سياسيا يراد من خلال تحقيق مكاسب معينة والدخول في مزايدات بين الفرقاء السياسيين.
ومعروف ان الحاكم المدني الاميركي السابق، السفير بول بريمر كان قد اصدر قانون اجتثاث البعث، الذي كان مثار جدل واسع وكبير على امتداد اربعة اعوام، حتى استبداله من قبل مجلس النواب العراقي في اواخر عام 2007 بقانون المساءلة والعدالة الذي لم يفلح بوضع حد للجدل والتجاذبات بين المكونات السياسية بسبب مواقفها المتباينة جدا حيال القانونين.
وبما ان قانون اجتثاث البعث استخدم كورقة من قبل بقايا النظام السابق وجهات خارجية متعاطفة معهم، للعمل ضد الحكومة العراقية على الاصعدة السياسية والعسكرية، وبناء تحالفات بين حزب البعث المنحل وتنظيمات القاعدة لتأزيم الاوضاع في العراق، فأن حكومة المالكي التي تصدت لزمام الامور بداية عام 2006، حيث وصلت موجة العنف والارهاب الطائفي حينذاك ذروتها، رأت ان تطلق الى جانب خطة فرض القانون في العاصمة بغداد ومدن عراقية اخرى، مبادرة للمصالحة والحوار الوطني، كجزء من استراتيجية التحرك على كل القنوات وانتهاج كل الخيارات لتطويق دائرة العنف والارهاب وتحجيمها.
ومع ان تلك المبادرة قوبلت بارتياح لا بأس به في بادئ الامر، الا ان البعض رأى انها خرجت فيما بعد عن مسارها وسياقها المفترض والمطلوب، وباتت تستخدم من قبل الحكومة كورقة للكسب السياسي، بحيث ان ملف المصالحة امسك من قبل لجنة خاصة في مكتب رئيس الوزراء ، وليس من قبل وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني التي يتولاها القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الدكتور اكرم الحكيم.
اما الجهة الاخرى الرافضة لدعوة المالكي فأنها تمثلت بالبعثيين المعارضين انفسهم، الذين اعتبر البعض منهم ان تلك الدعوة بمثابة استدراج الى فخ نصبته لهم الحكومة العراقية الحالية، في حين رأى اخرون انها بمثابة محاولة لاحداث انشقاقات وتصدعات في داخل تنظيمات حزب البعث المنحل، او بتعبير اخر توسيع الهوة بين جماعات مختلفة فيما بينها تتحرك وتعمل جميعها باسم الحزب في اكثر من دولة عربية، وكذلك بينها وبين عناوين اخرى مثل تنظيم القاعدة وهيئة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري المطلوب للقضاء العراقي والمقيم حاليا في الاردن، ويعزز هؤلاء رؤيتهم باستثناء جناح عزة الدوري نائب رئيس النظام السابق صدام حسين، وهيئة علماء المسلمين، وجماعات تنظيم القاعدة من الدعوة التي اطلقها المالكي. ناهيك عن ان عدداً غير قليل من كوادر حزب البعث يرفضون الاعتراف والاقرار بأخطائهم السابقة، ويرفضون التبرؤ من الحزب وممارساته الإجرامية الطويلة بحق العراقيين، وكذلك يطالبون برفع الحظر عنه المدون والمثبت في الدستور.
في مقابل ذلك فإن الترحيب بخطوة المالكي التي جاءت على لسان قياديين في جبهة التوافق السنية اقترن بقدر من عدم الاطمئنان بوجود القدر الكافي من الجدية والاصرار للسير الى الامام في استيعاب ما يصفهم النائب في جبهة التوافق ظافر العاني " بحزب البعث والمقاومة وكذلك ضباط الجيش السابق والاجهزة الامنية الاخرى التي تعرضت للتهميش، وكثير من القوى السياسية التي وجدت ان التغيير الذي حصل جعلها هي المستهدفة، وهذه كلها اطراف يجب البدء في فتح قنوات معها من اجل طي صفحة الماضي".
في ذات الوقت يدعو رئيس الحزب الاسلامي العراقي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى تبني مصالحة حقيقية تقوم على اساس مبدأ "عفا الله عما سلف"، او بعبارة اخرى اسقاط كل انواع المساءلات والمحاسبات والعقوبات على البعثيين ودمجهم في الحياة السياسية وكأن شيئا لم يكن.
ويعود العمل بمبدأ "عفا الله عما سلف" الى عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الذي استخدمه حيال البعثيين الذين تآمروا عليه وحاولوا اغتياله في عام 1959، أي بعد حوالي عام من حكمه، اذ ثبت عقم وعدم جدوى ذلك المبدأ مع البعثيين لان نفس هؤلاء الذين تم العفو عنهم واطلاق سراحهم، عادوا للتآمر على قاسم وتصفيته جسديا في عام 1963 بعد محاكمة صورية سريعة لم تدم اكثر من نصف ساعة في مقر وزارة الدفاع ببغداد.
وما زاد من حدة السجال والجدل وجود ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق، وهو احدى القوى السياسية التي كانت معارضة لنظام صدام، محمد رشاد الشيخ راضي في بغداد بدعوة وترتيب من قبل وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني ولقاءاته مع نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، ورئيس الوزراء نوري المالكي، فضلا عن الوزير اكرم الحكيم ومسؤولين اخرين في الوزارة وفي مفاصل سياسية وحكومية اخرى.
فبعض الاوساط ارادت المزايدة وتوظيف هذا الحدث سياسيا لصالحها، في حين لم يكن واضحا بما فيه الكفاية بالنسبة لاوساط اخرى ان جناح قيادة قطر العراق من حزب البعث لم يكن ضمن منظومة نظام صدام، بل انه كان ضمن منظومة المعارضة السياسية له منذ وقت مبكر، لذا فأن تعاطي الحكومة العراقية الحالية معه لا يمكن ان يكون بنفس معايير التعاطي مع الجماعات والتنظيمات والشخصيات البعثية التي كانت تشكل جزءا من جسد الدولة والنظام والحزب حتى اخر لحظة سقوط نظام صدام في التاسع من نيسان - ابريل من عام 2003.
ويبدو ان المماحكات والتجاذبات السياسية بشأن الموقف من حزب البعث المنحل، لن تخرج عن سياق مجمل الحراك السياسي في المشهد العراقي، مثلما كانت في اوقات سابقة.
بيد ان الحقيقة التي لا ينبغي التغافل عنها هي ان قانون اجتثاث البعث وقانون العدالة والمساءلة لم يفعلا حتى الان بالشكل الصحيح، وان عددا غير قليل من الكوادر البعثية السابقة تشغل حاليا مواقع مهمة وحساسة في اجهزة الدولة العسكرية والامنية والاقتصادية والسياسية والاكاديمية، وان عدم وجود اسماء بعثية بارزة في واجهة المشهد العام، لا يعني انه لا وجود لهم بالمرة في زوايا ومساحات وميادين حيوية ومفصلية من ذلك المشهد الشائك والمعقد والمتداخل في الوانه وخطوطه ومعالمه وملامحه.
فتحت الدعوة التي اطلقها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى البعثيين المعارضين مؤخرا للعودة الى العراق في اطار مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحه صيف عام 2006، الباب واسعا لجدل وسجال في دوائر سياسية وشعبية متعددة في داخل العراق، وكذلك جدل وسجال اخر في داخل دوائر تنظيمات حزب البعث المنحل خارج العراق.
ومن بين ما قاله المالكي في كلمة له بمؤتمر لعشائر قبيلة العبيد ذات الغالبية السنية في العراق في التاسع من شهر اذار-مارس الجاري "ان عودة المعارضين ستكون بلا محاسبة او لوم، وان من يريد العودة للمساهمة في بناء العراق فأن قلوبنا مفتوحة لهم ومتسامحة معهم من اجل بناء العراق وهذا الامر اصبح واقعا وعادت البلاد الى محيطها العربي والاسلامي والى مجتمعها الدولي".
ولعل ردود الفعل الرافضة لموقف رئيس الوزراء جاءت من اتجاهين متقاطعين، الاول من داخل العراق، متمثلا بأوساط سياسية مختلفة بعضها اسلامية وبعضها ليبرالية وبعضها الاخر كردية، وهي تنطلق في مواقفها الرافضة من جملة اعتبارات من بينها، ان الدستور العراقي الدائم تضمن مادة واضحة وصريحة تقضي بحظر أي نشاط او وجود لحزب البعث المنحل، فكرا او تنظيما او شخوصا، وهذا ما ذهبت اليه شخصيات سياسية ودينية عديدة، فالقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وامام جمعة النجف الاشرف المقرب من المرجعية الدينية، السيد صدر الدين القبانجي اكد "ان حزب البعث هو العدو الاول للشعب العراقي واي تحالف معه هو تحالف غير مبارك وخطوة غير شرعية والجمهور سوف يرفع يده عن أي كيان سياسي يتحالف مع البعث".
فيما تقول النائبة في البرلمان العراقي عن التيار الصدري اسماء الموسوي "ان ما يمر به العراق اليوم جاء نتيجة السياسات الطائشة للنظام السابق، وبحسب الدستور فأنه لا يمكن التعامل مع هذا الحزب، وهذا لا يعني بأننا نرفض الاحزاب القومية، لكن حزب البعث لا يمكن قبوله".
اضافة الى ذلك فأن بعض الاطراف رأت ان التعامل والحوار مع المعارضين، سواء من البعثيين وغير البعثيين ينبغي ان يخضغ لسياقات قانونية ودستورية متفق عليها، وان لا توظف الامور توظيفا سياسيا يراد من خلال تحقيق مكاسب معينة والدخول في مزايدات بين الفرقاء السياسيين.
ومعروف ان الحاكم المدني الاميركي السابق، السفير بول بريمر كان قد اصدر قانون اجتثاث البعث، الذي كان مثار جدل واسع وكبير على امتداد اربعة اعوام، حتى استبداله من قبل مجلس النواب العراقي في اواخر عام 2007 بقانون المساءلة والعدالة الذي لم يفلح بوضع حد للجدل والتجاذبات بين المكونات السياسية بسبب مواقفها المتباينة جدا حيال القانونين.
وبما ان قانون اجتثاث البعث استخدم كورقة من قبل بقايا النظام السابق وجهات خارجية متعاطفة معهم، للعمل ضد الحكومة العراقية على الاصعدة السياسية والعسكرية، وبناء تحالفات بين حزب البعث المنحل وتنظيمات القاعدة لتأزيم الاوضاع في العراق، فأن حكومة المالكي التي تصدت لزمام الامور بداية عام 2006، حيث وصلت موجة العنف والارهاب الطائفي حينذاك ذروتها، رأت ان تطلق الى جانب خطة فرض القانون في العاصمة بغداد ومدن عراقية اخرى، مبادرة للمصالحة والحوار الوطني، كجزء من استراتيجية التحرك على كل القنوات وانتهاج كل الخيارات لتطويق دائرة العنف والارهاب وتحجيمها.
ومع ان تلك المبادرة قوبلت بارتياح لا بأس به في بادئ الامر، الا ان البعض رأى انها خرجت فيما بعد عن مسارها وسياقها المفترض والمطلوب، وباتت تستخدم من قبل الحكومة كورقة للكسب السياسي، بحيث ان ملف المصالحة امسك من قبل لجنة خاصة في مكتب رئيس الوزراء ، وليس من قبل وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني التي يتولاها القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الدكتور اكرم الحكيم.
اما الجهة الاخرى الرافضة لدعوة المالكي فأنها تمثلت بالبعثيين المعارضين انفسهم، الذين اعتبر البعض منهم ان تلك الدعوة بمثابة استدراج الى فخ نصبته لهم الحكومة العراقية الحالية، في حين رأى اخرون انها بمثابة محاولة لاحداث انشقاقات وتصدعات في داخل تنظيمات حزب البعث المنحل، او بتعبير اخر توسيع الهوة بين جماعات مختلفة فيما بينها تتحرك وتعمل جميعها باسم الحزب في اكثر من دولة عربية، وكذلك بينها وبين عناوين اخرى مثل تنظيم القاعدة وهيئة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري المطلوب للقضاء العراقي والمقيم حاليا في الاردن، ويعزز هؤلاء رؤيتهم باستثناء جناح عزة الدوري نائب رئيس النظام السابق صدام حسين، وهيئة علماء المسلمين، وجماعات تنظيم القاعدة من الدعوة التي اطلقها المالكي. ناهيك عن ان عدداً غير قليل من كوادر حزب البعث يرفضون الاعتراف والاقرار بأخطائهم السابقة، ويرفضون التبرؤ من الحزب وممارساته الإجرامية الطويلة بحق العراقيين، وكذلك يطالبون برفع الحظر عنه المدون والمثبت في الدستور.
في مقابل ذلك فإن الترحيب بخطوة المالكي التي جاءت على لسان قياديين في جبهة التوافق السنية اقترن بقدر من عدم الاطمئنان بوجود القدر الكافي من الجدية والاصرار للسير الى الامام في استيعاب ما يصفهم النائب في جبهة التوافق ظافر العاني " بحزب البعث والمقاومة وكذلك ضباط الجيش السابق والاجهزة الامنية الاخرى التي تعرضت للتهميش، وكثير من القوى السياسية التي وجدت ان التغيير الذي حصل جعلها هي المستهدفة، وهذه كلها اطراف يجب البدء في فتح قنوات معها من اجل طي صفحة الماضي".
في ذات الوقت يدعو رئيس الحزب الاسلامي العراقي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الى تبني مصالحة حقيقية تقوم على اساس مبدأ "عفا الله عما سلف"، او بعبارة اخرى اسقاط كل انواع المساءلات والمحاسبات والعقوبات على البعثيين ودمجهم في الحياة السياسية وكأن شيئا لم يكن.
ويعود العمل بمبدأ "عفا الله عما سلف" الى عهد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم الذي استخدمه حيال البعثيين الذين تآمروا عليه وحاولوا اغتياله في عام 1959، أي بعد حوالي عام من حكمه، اذ ثبت عقم وعدم جدوى ذلك المبدأ مع البعثيين لان نفس هؤلاء الذين تم العفو عنهم واطلاق سراحهم، عادوا للتآمر على قاسم وتصفيته جسديا في عام 1963 بعد محاكمة صورية سريعة لم تدم اكثر من نصف ساعة في مقر وزارة الدفاع ببغداد.
وما زاد من حدة السجال والجدل وجود ممثل حزب البعث العربي الاشتراكي - قيادة قطر العراق، وهو احدى القوى السياسية التي كانت معارضة لنظام صدام، محمد رشاد الشيخ راضي في بغداد بدعوة وترتيب من قبل وزارة الدولة لشؤون الحوار الوطني ولقاءاته مع نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي، ورئيس الوزراء نوري المالكي، فضلا عن الوزير اكرم الحكيم ومسؤولين اخرين في الوزارة وفي مفاصل سياسية وحكومية اخرى.
فبعض الاوساط ارادت المزايدة وتوظيف هذا الحدث سياسيا لصالحها، في حين لم يكن واضحا بما فيه الكفاية بالنسبة لاوساط اخرى ان جناح قيادة قطر العراق من حزب البعث لم يكن ضمن منظومة نظام صدام، بل انه كان ضمن منظومة المعارضة السياسية له منذ وقت مبكر، لذا فأن تعاطي الحكومة العراقية الحالية معه لا يمكن ان يكون بنفس معايير التعاطي مع الجماعات والتنظيمات والشخصيات البعثية التي كانت تشكل جزءا من جسد الدولة والنظام والحزب حتى اخر لحظة سقوط نظام صدام في التاسع من نيسان - ابريل من عام 2003.
ويبدو ان المماحكات والتجاذبات السياسية بشأن الموقف من حزب البعث المنحل، لن تخرج عن سياق مجمل الحراك السياسي في المشهد العراقي، مثلما كانت في اوقات سابقة.
بيد ان الحقيقة التي لا ينبغي التغافل عنها هي ان قانون اجتثاث البعث وقانون العدالة والمساءلة لم يفعلا حتى الان بالشكل الصحيح، وان عددا غير قليل من الكوادر البعثية السابقة تشغل حاليا مواقع مهمة وحساسة في اجهزة الدولة العسكرية والامنية والاقتصادية والسياسية والاكاديمية، وان عدم وجود اسماء بعثية بارزة في واجهة المشهد العام، لا يعني انه لا وجود لهم بالمرة في زوايا ومساحات وميادين حيوية ومفصلية من ذلك المشهد الشائك والمعقد والمتداخل في الوانه وخطوطه ومعالمه وملامحه.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018