ارشيف من :أخبار عالمية

باتريك سيل لـ "الانتقاد": بريطانيا في انفتاحها على حزب الله تستبق سياسة أميركية قادمة تحاور إيران وسوريا

باتريك سيل لـ "الانتقاد": بريطانيا في انفتاحها على حزب الله تستبق سياسة أميركية قادمة تحاور إيران وسوريا
باريس ـ نضال حمادة
يعتبر الكاتب والصحفي البريطاني، باتريك سيل من أهم الخبراء والمؤلفين الغربيين ،في شؤون الشرق الأوسط. عمل مراسل لصحيفة ( ذي أوبزرفر) والتقى كبار الشخصيات في المنطقة، حيث جلبت مقالاته وبرامجه القريبة من القضايا العربية، مشاكل مع اللوبي المؤيد لإسرائيل في بريطانيا.
ولد في إيرلندا من أبوين يعملان في التبشير المسيحي، ودرس في جامعة أكسفورد، يعيش سيل حاليا في باريس حيث يكتب في عشرات الصحف حول العالم،وتتنقل مقالاته عبر القارات كخبير مجرب في قضايا السياسة الأميركية والغربية، في العالم العربي والإسلامي. له مؤلفات كثيرة منها ( الصراع على سوريا) ( حرب الخليج) ( أبو نضال ) وغيرها من الكتابات.
"الانتقاد" التقت باتريك سيل في باريس وكان لنا معه الحوار التالي :


ما هي الأسباب الحقيقية للإنفتاح البريطاني المفاجىء على حزب الله اللبناني؟
أنت كما تعلم قامت الحكومة البريطانية منذ حوالي العام ونصف من الآن ، بوضع الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب، وكان هذا القرار مبنيا حينها، على معلومات استخبارية بريطانية تقول، أن حزب الله مسئول عن هجمات ضد القوات البريطانية في جنوب العراق ، أوقعت قتلى وجرحى في صفوف الجنود البريطانيين. وقد تبين زيف هذه المعلومات فيما بعد، ما شجع الحكومة البريطانية على التراجع عن موقفها السابق. غير ان هناك أمورا أخرى عملت في تغيير السياسة البريطانية اتجاه حزب الله وهي:
أ – تحسن الوضع الأمني في العراق
ب – اتفاق الدوحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية لبنانية وانتخاب رئيس لبناني جديد
ج – اقتناع بريطانيا أن حزب الله جزء أساس من النسيج الوطني اللبناني لا يمكن تجاهله

هل أعلمت بريطانيا أميركا بتحركها هذا؟
بالطبع، فبريطانيا والولايات المتحدة حليفان وثيقان، وقد اخبرت بريطانيا حليفتها أميركا بهذا التحرك، الذي لم يرق للأميركيين.

بالفعل أعربت اميركا عن عدم رضاها ولكنها لم تمنع الانفتاح البريطاني؟
لا يمكن لأميركا ان تملي على بريطانيا أمورا من هذا القبيل،خصوصا أن الحكومة البريطانية عبر هذا التحرك تقوم بعمل استباقي للسياسة الأميركية في المنطقة، عبر التحاور مع ايران وسوريا.

فرنسا كانت سباقة في هذا الأمر؟
نعم ، هذه طبيعة الرئيس نيكولا ساركوزي المحب للظهور، فهو يرغب أن تكون تحركاته علنية وظاهرة، على عكس البريطانيين الذين يحرصون دائما على سرية التحرك، وانا معلوماتي تقول أن التواصل البريطاني مع حزب الله لم يتوقف، وقد فعل أكثر منذ عدة شهور، أي قبل الإعلان عن النية في الإنفتاح الدبلوماسي بوقت لا بأس به.

ماذا تريد بريطانيا من هذا التواصل مع حزب الله؟
يجب ان نعلم أن أوباما يريد حل قضية السلام في الشرق الأوسط، بشكل شامل وعلى جميع المسارات وليس المسار الفلسطيني لوحده. ولكن تبقى المشكلة في إسرائيل وعدم استعدادها للسلام، خصوصا مع وصول نتناياهو للحكم، في تحالف تسيطر عليه الأحزاب الدينية الصغيرة والمتطرفة، وهذه الأحزاب لا تريد سلاما مع العرب، إضافة إلى نتنياهو الذي يريد منع أي تفاوض إيراني أميركي، وفي أسوا الحول يريد السيطرة على هذه المفاوضات.

باتريك سيل لـ "الانتقاد": بريطانيا في انفتاحها على حزب الله تستبق سياسة أميركية قادمة تحاور إيران وسوريالماذا برأيك لا توجد نية اميركية في ضغط جاد على إسرائيل؟
أوباما لا يريد مواجهة مع اللوبي الإسرائيلي في أميركا، نظرا لحاجته لمال هذا اللوبي وهو في أزمة مالية خانقة. وهذا اللوبي لم يلق سلاحه وقد رأينا ذلك جليا في قضية تشارل فيلمان الذي رشحه أوباما لمنصب مدير الأمن القومي ، ولكنه اضطر للإستقالة تحت ضغط اللوبي الإسرائيلي الذي شن عليه حملة إعلامية، على خلفية علاقاته في باكستان والسعودية حيث خدم مدة من الزمن.  وهذا ما قاله فيلمان في خطاب الإستقالة عندما تكلم بصراحة عن لوبي قوي كان وراء تشويه سمعته في الإعلام ، وأجبره على الإستقالة.

هل تشارل فيلمان يهودي؟
كلا أبدا هو ليس يهودياً

ماذا تقصد بالقول ان نتنياهو يريد السيطرة على أية مفاوضات أميركية إيرانية؟
نتنياهو لا يريد أي مفاوضات أميركية إيرانية، وإذا حصلت هذه المفاوضات فهو لايريد أن تدوم طويلا، لأنه يعتقد أن إطالة أمد التفاوض يعطي إيران وقتا إضافيا للوصول إلى صناعة القنبلة الذرية. وهو يريد تحاشي ذلك بأي ثمن.أمريكا لن تتراجع عن خيارها بالتفاوض مع إيران، وهي وضعت أحمر وهو عدم استخدام القوة. وهي منعت أولمرت من مهاجمة إيران وسوف تمنع نتنياهو من فعل ذلك، بسبب مأزقها العراقي الذي لايمكن لها الخروج منه دون مساعدة إيرانية.

ماذا يمكن أن تفعل إسرائيل أمام هذا الرفض الأميركي لاستخدام القوة؟
قد تلجأ إسرائيل إلى أساليب أخرى ، كتنفيذ عمليات اغتيال لعلماء إيرانيين، والقيام بعمليات تفجير وتخريب للمنشآت الإيرانية. سوف تلجأ الى البديل الإستخباري،لأنها لا تستطيع أن تحارب لوحدها،دون مشاركة أو مباركة أميركية.

على أية أسس سوف يتم التفاوض الأميركي الإيراني؟
هناك قلق غربي من البرنامج النووي الإيراني، والكلام يدور في دوائر القرار حول المدى الذي يريد الإيرانيون بلوغه في هذا الإطار. هل هو الوصول الى التقنية اللازمة لصناعة القنبلة الذرية والتوقف عند هذا الحد؟ أم أن النية هي صناعة سلاح نووي؟ ألغرب يبحث عن تسوية ممكنة، بعد فشل المواجهة. الحصار الإقتصادي لم يجد نفعا ولم يجعل إيران تتراجع. والإعتراف بدور إيران الإقليمي، أيضا لن ينفع لأن إيران دولة أقليمية كبيرة  بفعل الواقع. قد تكون تسوية على أساس وجود نظام أمني أقليمي، مقبولة إيرانيا، مع تعهد والتزام بعدم مهاجمة إيران وبعدم التعرض للنظام القائم في طهران.

ماذا تريد إيران في حال حصول تفاوض مع اميركا؟
هناك عدة مطالب قد تطرحها إيران منها:
أ – خروج القوات الأميركية من العراق، وابتعادها عن حدودها إلى البحر، فيما يسمى سياسة ما وراء الأفق.
ب – عراق غير مقسم، ولكنه لا يشكل خطرا على إيران، وهي متمسكة بوجود نفوذ لأصدقائها الشيعة في العراق.
ج – حل القضية الفلسطينية بشكل يجعلها الطرف الإسلامي الذي حقق ما عجز عنه الآخرون على مدى سبعين عاما.

ماذا تريد أميركا في حال حصول تفاوض مع إيران؟
يريد أوباما الانسحاب من العراق بأقص سرعة، وأنا اعتقد أنهم سوف يغادرون العراق قبل نهاية عام 2010 لأن الحرب هناك كانت كارثية بالنسبة للولايات المتحدة، على جميع الصعد ، ولا ننسى الأزمة المالية الحالية وعدم استطاعة الاقتصاد الأميركي دفع المزيد من المليارات في صفقة خاسرة. هذا الإنسحاب لن يتم دون تعاون إيراني، لأن أي خروج أميركي غير منظم وغير متفق عليه غير وارد بالنسبة لأوباما الذي لن يتحمل مسؤولية هزيمة أميركية في العراق، والحل الوحيد أمامه هو التفاوض مع إيران. هناك أيضا أفغانستان، حيث تواجه أميركا صعوبات متزايدة، وهي تسعى لتعاون إيران هناك، ومن أجل ذلك دعتها إلى المؤتمر الدولي حول أفغانستان.

هل هذا شيء جديد؟
بالطبع هذا شيء جديد ولم يحصل سابقا.

لماذا تساعد إيران أميركا في ورطتها الأفغانية؟
لأن إيران ضد طالبان والقاعدة، وأميركا ضد طالبان والقاعدة. لقد ارتكبت طالبان خطأ كبيرا عندما قتلت الدبلوماسيين الإيرانيين في مدينة مزار شريف، ولم ينسى الإيرانيون ذلك. هناك أمر آخر مهم بالنسبة لإيران وهو تأمين الحدود المشتركة مع أفغانستان.

الخطة الأميركية تتلخص في الإنسحاب  العراق والتفرغ لأفغانستان؟
تماما هي كذلك. في أفغانستان الأمر في يد دافيد بترايوس الذي يقول علينا زيادة عدد القوات حتى نحقق انجازات عسكرية على الأرض تساعدنا في التفاوض مع المعتدلين من حركة طالبان، وفي الفصل بين قبائل البشتون وبين طالبان والقاعدة. تحييد البشتون وابعادهم عن التنظيمين المذكورين، لن ينجح دون مساعدة إيرانية حسب اعتقاد الأميركيين الذين على ما يبدو قد أخذوا العبر واتعظوا من الدرس القاسي في العراق.

قد تقوم إسرائيل بعملية خلط للوراق عبر شن هجوم عسكري على إيرن أو على دول الجوار؟
لن تستطيع إسرائيل الدخول في حرب مع إيران لوحدها دون مساعدة أميركية. في لبنان أصبح حزب الله بعيدا عن الحدود وهناك تواجد قوات اليونيفيل يمنع عمل عسكري، فضلا عن تجربة 2006. أما الحرب على سوريا  فهي غير واردة وفيها صعوبة كبيرة. يبقى الخطر الوحيد في غزة القابلة للإشتعال في أية لحظة.
2009-03-19