ارشيف من :آراء وتحليلات
بقلم الرصاص: العفو مرة أخرى! لِمَ لا؟

كتب نصري الصايغ
هذه عادة لبنانية مكرّسة في عقيدة سياسية جوهرية: "عفا الله عما مضى"، وما مضى جرائم واغتيالات وتعامل مع العدو، وهلم جرا من موبقات، ذهب ضحيتها، عشرات ألوف اللبنانيين، فليسقط الضحايا، وليذهب الشهداء إلى جهنم، ولتلبس الأرامل ابتسامات المرارة، وليقم المنكوبون، تمثالاً لمجرميهم، وليطوفوا حوله مطالبين بالمزيد.
وعليه، فالحق ليس على المجرمين، بل على الضحايا.
مؤسف إلى حدود اليأس، ألا يكون بمقدور اللبنانيين، تطبيق مبدأ العدالة، مرة واحدة، مؤسف أن يلجأ كل فريق إلى حماية مرتكبيه، خوفاً على "السلم الأهلي"، والغش المشترك، المعمول به وفق صياغة ملتوية: "العيش المشترك".
وعليه، فإنه لا يتوقع أن نصل إلى وطنٍ يسود فيه قانون مدى الحروب الآتية، وهي ستكون كثيرة، ولن يشفى شعب من حب جلاديه، إلا بعد أن يقدم المزيد من الضحايا.
والغريب، أن العفو عن المجرمين والعملاء والسفاحين والخونة يتخذ في معظم الأحيان طابعاً إنسانياً، يتكئ على ظلم قضائي وحيثيات وطنية، بهدف لم شمل العائلة اللبنانية.
ما هذه العائلة الفاسدة؟ ما هذه القرابة المسمومة؟ ما هذا العيش على رؤوس الخناجر؟
حروب، ملأت التاريخ اللبناني دماءً.
حروب، قادتُها كانوا عباقرة السفك.
حروب، انتهت بميثاق قضى "عفا الله عما مضى"!
لم يعتذر أحد، لم يعترف أحد، لم يندم أحد، وهم على استعداد لإعادة الكرّة مراراً أخرى.
إن بلداً يغفر لمرتكبيه، لا يمكن أن يكون له قاعدة أخلاقية، غير قاعدة الصفقة، بحيث يصير الكتاب المدرسي، صفقة، والصحة العامة صفقة، وأسعار الدواء صفقة، والتنمية صفقة، والانتخابات صفقة، وتأليف الحكومة صفقة، وانتخابات الرئاسة صفقة، وفي أخلاق الصفقة، القوة والمصلحة والمنفعة، تغلب الحقوق والعدالة والمساواة والقيم.
ثمة مفارقة: الضحايا تغفر لجلاديها، وجلادوها لا يعتذرون.
ثمة مفارقة ثانية: الجلادون يصوغون قوانين العفو، ببراءة المجرم مهما كان ثمن الدم.
ثمة مفارقة ثالثة: العملاء، أو من تعاون مع العدو، في زمن ما يقدمون اقتراحات العفو، عن عملاء آخرين.
ثمة مفارقة كبيرة: هل هذا وطن أم مغارة.
هل هذا بلد أم عصابة.
هل هذا لبنان، أم مكان إقامة المافياوات؟
قليل من الاحتشام: مارسوا فظاعاتكم العلنية سراً لأن "اللي ماتوا استحوا"، وفضلوا الموت سراً بكامل عريهم على أن يفضحوا براءتهم.
فقط.. لمناسبة تداول مشروع قانون عفو جديد نريد أن نسجل حزننا على أنفسنا، نريد أن نقول: والله عيب..
الانتقاد/ العدد 1338 ـ 20 آذار/ مارس 2009
هذه عادة لبنانية مكرّسة في عقيدة سياسية جوهرية: "عفا الله عما مضى"، وما مضى جرائم واغتيالات وتعامل مع العدو، وهلم جرا من موبقات، ذهب ضحيتها، عشرات ألوف اللبنانيين، فليسقط الضحايا، وليذهب الشهداء إلى جهنم، ولتلبس الأرامل ابتسامات المرارة، وليقم المنكوبون، تمثالاً لمجرميهم، وليطوفوا حوله مطالبين بالمزيد.
وعليه، فالحق ليس على المجرمين، بل على الضحايا.
مؤسف إلى حدود اليأس، ألا يكون بمقدور اللبنانيين، تطبيق مبدأ العدالة، مرة واحدة، مؤسف أن يلجأ كل فريق إلى حماية مرتكبيه، خوفاً على "السلم الأهلي"، والغش المشترك، المعمول به وفق صياغة ملتوية: "العيش المشترك".
وعليه، فإنه لا يتوقع أن نصل إلى وطنٍ يسود فيه قانون مدى الحروب الآتية، وهي ستكون كثيرة، ولن يشفى شعب من حب جلاديه، إلا بعد أن يقدم المزيد من الضحايا.
والغريب، أن العفو عن المجرمين والعملاء والسفاحين والخونة يتخذ في معظم الأحيان طابعاً إنسانياً، يتكئ على ظلم قضائي وحيثيات وطنية، بهدف لم شمل العائلة اللبنانية.
ما هذه العائلة الفاسدة؟ ما هذه القرابة المسمومة؟ ما هذا العيش على رؤوس الخناجر؟
حروب، ملأت التاريخ اللبناني دماءً.
حروب، قادتُها كانوا عباقرة السفك.
حروب، انتهت بميثاق قضى "عفا الله عما مضى"!
لم يعتذر أحد، لم يعترف أحد، لم يندم أحد، وهم على استعداد لإعادة الكرّة مراراً أخرى.
إن بلداً يغفر لمرتكبيه، لا يمكن أن يكون له قاعدة أخلاقية، غير قاعدة الصفقة، بحيث يصير الكتاب المدرسي، صفقة، والصحة العامة صفقة، وأسعار الدواء صفقة، والتنمية صفقة، والانتخابات صفقة، وتأليف الحكومة صفقة، وانتخابات الرئاسة صفقة، وفي أخلاق الصفقة، القوة والمصلحة والمنفعة، تغلب الحقوق والعدالة والمساواة والقيم.
ثمة مفارقة: الضحايا تغفر لجلاديها، وجلادوها لا يعتذرون.
ثمة مفارقة ثانية: الجلادون يصوغون قوانين العفو، ببراءة المجرم مهما كان ثمن الدم.
ثمة مفارقة ثالثة: العملاء، أو من تعاون مع العدو، في زمن ما يقدمون اقتراحات العفو، عن عملاء آخرين.
ثمة مفارقة كبيرة: هل هذا وطن أم مغارة.
هل هذا بلد أم عصابة.
هل هذا لبنان، أم مكان إقامة المافياوات؟
قليل من الاحتشام: مارسوا فظاعاتكم العلنية سراً لأن "اللي ماتوا استحوا"، وفضلوا الموت سراً بكامل عريهم على أن يفضحوا براءتهم.
فقط.. لمناسبة تداول مشروع قانون عفو جديد نريد أن نسجل حزننا على أنفسنا، نريد أن نقول: والله عيب..
الانتقاد/ العدد 1338 ـ 20 آذار/ مارس 2009