ارشيف من :أخبار لبنانية
صحيفة الاخبار: إسرائيل وإمكان فوز المعارضة في الانتخابات
كتب يحيى دبوق
راوحت السياسة التي تبنّتها إسرائيل، لمواجهة حزب الله وإضعاف قدرته على تهديدها، بمساندة من الإدارة الأميركية السابقة وقوى «الاعتدال» العربي، بين التشجيع على الاندماج في النظام السياسي اللبناني وتحمّل مسؤوليات أساسية فيه، تدفعه إلى التخلّي عن قدراته العسكرية، وبين ممارسة القوّة ومحاولات الاجتثاث عسكرياً.
مُنيتْ استراتيجيا إسرائيل ومحور «الاعتدال» في مواجهة حزب الله، إلى الآن، بفشل ملحوظ، وخاصّة في آخر المحاولات العسكريّة الإسرائيليّة عام 2006، التي كان يفترض بها أن تجتثّ الحزب والتهديد الذي يمثّله على الدولة العبرية، أو أقلّه، أن تهيّئ الظروف الموضوعية لاجتثاثه.
وفي أعقاب الحرب، عملت إسرائيل على إيجاد ائتلاف دولي لمحاصرة حزب الله، واجتهدت في اتجاه توسيع صلاحيات القوّات الدوليّة العاملة في لبنان لتنتشر على طول الحدود اللبنانية ـ السورية، الأمر الذي يمكّنها من إغلاق شريان حيوي لإمداداته، إلّا أنّ النقص في المقوّمات الموضوعية لهذه الجهود، أدّى إلى فشلها.
بسبب الحرب، وفشل «محاولات الصدّ» الإسرائيلية، تعاظمت قدرة المقاومة عسكرياً، إلى درجة لم تعد عمليات التشويش على «توريد» السلاح ذات فائدة ترجى إسرائيلياً، ما نقل الاهتمام الإسرائيلي إلى العمل على «صدّ» ما تقول الدولة العبرية إنها محاولات لنقل «سلاح كاسر للتوازن»، حدّدته بأنّه «صواريخ متطوّرة مضادة للطائرات»، من شأنها أن تفقد الجيش الإسرائيلي تفوّقه الكامل، في هذا المجال، في أيّة مواجهة مقبلة.
راكم حزب الله، إضافةً إلى تعاظمه العسكري واستعداده لمواجهة اعتداءات مقدّرة من ناحية إسرائيل، تعاظماً سياسياً في الساحة الداخلية اللبنانية، من دون تنازلات منه، وتمكّن مع حلفائه من «انتزاع» القدرة على اعتراض أي قرار رئيسي يصدر عن الحكومة اللبنانية، من خلال الثلث المعطل لقراراتها، الأمر الذي أفقد إسرائيل إمكان المراهنة على قوى «الاعتدال» اللبنانية وقدرتها على تسهيل أي مقاربة سياسية خارجية لضرب الحزب وإضعافه، أو أقلّه التشويش على جهوزيته حيال إسرائيل، من خلال إصدارها قرارات تشغله عنها.
يزيد من مأزومية إسرائيل في الساحة الداخلية اللبنانية، توجّه الإدارة الأميركية الجديدة «التسووي» حيال إيران وسوريا، الأمر الذي يفقد إسرائيل آفاق إمكان تنفيذ حل عسكري، في الآجال المنظورة، أو تحقيق نتائج من خلال تفعيل رافعات الضغط المختلفة تجاه البلدين وقطع العلاقة بينهما وبين حزب الله، تمهيداً لإضعافه أو تحويله إلى لاعب سياسي داخلي، من دون وزن إقليمي فاعل في معادلاتها.
من ناحية نظرية، يمكن إسرائيل أن تعيد تفعيل المقاربة العسكرية حيال حزب الله ومواجهته بطريقة شبيهة بمواجهة عام 2006، على أمل أن تتجاوز ما تبيّن من ضعف عسكري لدى مؤسستها العسكرية في تلك الحرب، وهو ما يبدو أنها تعمل عليه منذ إعلان وقف الأعمال القتالية بينها وبين حزب الله. غير أن مقاربة شبيهة تحوطها مخاطر غير قليلة على الدولة العبرية، مع تعاظم القدرة العسكرية لدى الحزب، إضافةً إلى أن الظروف الموضوعية، سواء في الساحة الداخلية اللبنانية نفسها، أو في الساحة الإقليمية والدولية، غير مؤاتية.
يبقى لإسرائيل، في المرحلة الحالية، نتيجة لفقدان خيارات عملية وقادرة فعلياً على أن تراهن عليها لتحقيق نتائج في مواجهة حزب الله، أن تنتظر ما ستؤول إليه الانتخابات النيابية اللبنانية، المزمع إجراؤها في حزيران المقبل، وما ستفرزه من وقائع جديدة على صعيد توزيع القوى والإمساك بالقرار اللبناني، مع الأمل بألّا تؤدّي هذه الانتخابات إلى فوز المعارضة اللبنانية بأغلبية المقاعد في المجلس النيابي المقبل.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تكتفي إسرائيل، في ضوء الحديث عن إمكان فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة، بالإعراب عن قلقها دون حراك وانتظار النتائج، أم تعمد إلى رافعات التأثير الموجودة لديها، بما يشمل «الأعمال العدائية الأمنية»، للتشويش على مزاج الناخبين وحرف توجّهاتهم الانتخابية، وخصوصاً أن الفارق المتوقّع بين النصر والهزيمة، لكلا الفريقين اللبنانيين، من المعارضة والموالاة، بسيط جداً؟
المصدر: صحيفة الاخبار اللبنانية
راوحت السياسة التي تبنّتها إسرائيل، لمواجهة حزب الله وإضعاف قدرته على تهديدها، بمساندة من الإدارة الأميركية السابقة وقوى «الاعتدال» العربي، بين التشجيع على الاندماج في النظام السياسي اللبناني وتحمّل مسؤوليات أساسية فيه، تدفعه إلى التخلّي عن قدراته العسكرية، وبين ممارسة القوّة ومحاولات الاجتثاث عسكرياً.
مُنيتْ استراتيجيا إسرائيل ومحور «الاعتدال» في مواجهة حزب الله، إلى الآن، بفشل ملحوظ، وخاصّة في آخر المحاولات العسكريّة الإسرائيليّة عام 2006، التي كان يفترض بها أن تجتثّ الحزب والتهديد الذي يمثّله على الدولة العبرية، أو أقلّه، أن تهيّئ الظروف الموضوعية لاجتثاثه.
وفي أعقاب الحرب، عملت إسرائيل على إيجاد ائتلاف دولي لمحاصرة حزب الله، واجتهدت في اتجاه توسيع صلاحيات القوّات الدوليّة العاملة في لبنان لتنتشر على طول الحدود اللبنانية ـ السورية، الأمر الذي يمكّنها من إغلاق شريان حيوي لإمداداته، إلّا أنّ النقص في المقوّمات الموضوعية لهذه الجهود، أدّى إلى فشلها.
بسبب الحرب، وفشل «محاولات الصدّ» الإسرائيلية، تعاظمت قدرة المقاومة عسكرياً، إلى درجة لم تعد عمليات التشويش على «توريد» السلاح ذات فائدة ترجى إسرائيلياً، ما نقل الاهتمام الإسرائيلي إلى العمل على «صدّ» ما تقول الدولة العبرية إنها محاولات لنقل «سلاح كاسر للتوازن»، حدّدته بأنّه «صواريخ متطوّرة مضادة للطائرات»، من شأنها أن تفقد الجيش الإسرائيلي تفوّقه الكامل، في هذا المجال، في أيّة مواجهة مقبلة.
راكم حزب الله، إضافةً إلى تعاظمه العسكري واستعداده لمواجهة اعتداءات مقدّرة من ناحية إسرائيل، تعاظماً سياسياً في الساحة الداخلية اللبنانية، من دون تنازلات منه، وتمكّن مع حلفائه من «انتزاع» القدرة على اعتراض أي قرار رئيسي يصدر عن الحكومة اللبنانية، من خلال الثلث المعطل لقراراتها، الأمر الذي أفقد إسرائيل إمكان المراهنة على قوى «الاعتدال» اللبنانية وقدرتها على تسهيل أي مقاربة سياسية خارجية لضرب الحزب وإضعافه، أو أقلّه التشويش على جهوزيته حيال إسرائيل، من خلال إصدارها قرارات تشغله عنها.
يزيد من مأزومية إسرائيل في الساحة الداخلية اللبنانية، توجّه الإدارة الأميركية الجديدة «التسووي» حيال إيران وسوريا، الأمر الذي يفقد إسرائيل آفاق إمكان تنفيذ حل عسكري، في الآجال المنظورة، أو تحقيق نتائج من خلال تفعيل رافعات الضغط المختلفة تجاه البلدين وقطع العلاقة بينهما وبين حزب الله، تمهيداً لإضعافه أو تحويله إلى لاعب سياسي داخلي، من دون وزن إقليمي فاعل في معادلاتها.
من ناحية نظرية، يمكن إسرائيل أن تعيد تفعيل المقاربة العسكرية حيال حزب الله ومواجهته بطريقة شبيهة بمواجهة عام 2006، على أمل أن تتجاوز ما تبيّن من ضعف عسكري لدى مؤسستها العسكرية في تلك الحرب، وهو ما يبدو أنها تعمل عليه منذ إعلان وقف الأعمال القتالية بينها وبين حزب الله. غير أن مقاربة شبيهة تحوطها مخاطر غير قليلة على الدولة العبرية، مع تعاظم القدرة العسكرية لدى الحزب، إضافةً إلى أن الظروف الموضوعية، سواء في الساحة الداخلية اللبنانية نفسها، أو في الساحة الإقليمية والدولية، غير مؤاتية.
يبقى لإسرائيل، في المرحلة الحالية، نتيجة لفقدان خيارات عملية وقادرة فعلياً على أن تراهن عليها لتحقيق نتائج في مواجهة حزب الله، أن تنتظر ما ستؤول إليه الانتخابات النيابية اللبنانية، المزمع إجراؤها في حزيران المقبل، وما ستفرزه من وقائع جديدة على صعيد توزيع القوى والإمساك بالقرار اللبناني، مع الأمل بألّا تؤدّي هذه الانتخابات إلى فوز المعارضة اللبنانية بأغلبية المقاعد في المجلس النيابي المقبل.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل تكتفي إسرائيل، في ضوء الحديث عن إمكان فوز المعارضة في الانتخابات المقبلة، بالإعراب عن قلقها دون حراك وانتظار النتائج، أم تعمد إلى رافعات التأثير الموجودة لديها، بما يشمل «الأعمال العدائية الأمنية»، للتشويش على مزاج الناخبين وحرف توجّهاتهم الانتخابية، وخصوصاً أن الفارق المتوقّع بين النصر والهزيمة، لكلا الفريقين اللبنانيين، من المعارضة والموالاة، بسيط جداً؟
المصدر: صحيفة الاخبار اللبنانية