ارشيف من :آراء وتحليلات
فاصلة: يوم اغتيلت حقوق الإنسان على طرق بيروت!!

كتبت ليلى نقولا الرحباني
إنه السيناريو المفجع في بيروت، والمأساة التي جرت فصولها على طرقها يوم الاثنين في 23 آذار 2009، موعد انعقاد مؤتمر وزراء الداخلية العرب في بيروت.
ولمن لم يرَ المشهد عن قرب، نصفه له على النحو التالي:
مجرمون بالآلاف: مواطنون يقصدون مكان عملهم بسياراتهم.
التهمة: التوجه الى مكان العمل في الوقت الذي يجتمع أو يتنقل فيه وزراء الخارجية العرب من مكان الى آخر في بيروت.
القاضي: شرطة السير التابعة لوزارة الداخلية.
السجن: شوارع العاصمة والطرق المؤدية اليها.
إنه ليس عملا تلفزيونيا أو سينمائيا، بل سيناريو حقيقي حصل في لبنان، البلد الذي يدعي الحضارة والرقي واحترام حقوق الإنسان.. البلد الذي يأتي في مقدمة دستوره نص الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لقد أتى في هذا الإعلان العالمي:
- الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة.
- ضرورة أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
- تأكيد كرامة كل فرد وقدره.
- يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق.
وانطلاقاً مما أتى في نصوص هذا الإعلان الوارد في مقدمة الدستور اللبناني، نتوجه الى المسؤولين اللبنانيين وإلى وزير الداخلية الذي اكتفت وزارته بإصدار اعتذار الى المواطنين في اليوم التالي.. ونسأله:
- أين المساواة في الكرامة والحقوق عندما يسجن المواطنون عمداً في سياراتهم، لأن أفضلية المرور هي للمسؤول؟
- أين حقوق الإنسان في العمل والإنتاج عندما تجبره السلطات على الاكتفاء بيوم عمل يقضيه في الشارع، بانتظار مرور موكب الوزراء؟
- أين مسؤولية وزارة الداخلية في التعميم مسبقاً على المواطنين بأن الطريق سيقطع، والطلب من السيارات عدم سلوكه؟
- أين الضمير الإنساني والعدالة والمساواة والإنصاف عندما يسجن مئات الآلاف من اللبنانيين لأن "وزراء عربا" سيمرون على الطريق؟
الواقع، لقد كان مشهداً مخزياً جداً ما حصل يوم الاثنين على طرق بيروت الرئيسية والفرعية، ومنظر المواطنين العالقين في سياراتهم على الطرق التي تحولت سجناً كبيراً.
كان مشهداً مخزياً أن تعلق سيارة إسعاف في هذا الكم الهائل من السيارات المتوقفة عن الحراك، والسيدة فيها تصرخ وتنوح، وتطالب بأن يُسمح لمريضها بالوصول الى المستشفى.. ولا من يستطيع أن يختفي من المكان ليفسح لسيارة الإسعاف الواقفة قرب السيارات بالمرور!!
لقد كانت إجراءات وزارة الداخلية "حاطّة" بالكرامة الإنسانية وبكل معايير حقوق الإنسان.. قد تخجل السلطات الحاكمة في جمهوريات الموز أن تفعل مثلها.
ويأتيك الجواب عندما تسأل: الأمن وسلامة الضيوف العرب.. وقد نوافق على هذا العذر، ولكن أليس هناك إجراءات أخرى تحمي ضيوف لبنان وتحافظ على أمنهم، سوى انتهاك حقوق اللبنانيين وكرامتهم وتعطيل أعمالهم؟
أليس من الأجدى أن يعمد القيّمون على إعداد المؤتمر، لعقده في الفندق ذاته الذي يقطنه الوزراء، فلا يخرجوهم الى الطرق ولا يعرضوا أمنهم للخطر.. ومن يرد الترحيب بهم من المسؤولين اللبنانيين فليأتِ اليهم الى فندقهم؟
ألم يكن هناك من امكانيات وسبل أخرى كفيلة بالوصول الى الهدف المنشود من دون التمتع برؤية المواطنين اللبنانيين يتعرضون للذل على الطرق العامة في بيروت؟
هل خرج مؤتمر هؤلاء الوزراء بمقررات ذات أهمية استثنائية تعوض على اللبنانيين ساعات الانتظار والسجن في شوارع العاصمة؟
هل ستقوم وزارة الداخلية بمساءلة ومحاسبة المقصرين في الإرشادات والإعلانات المسبقة، وفي التحقيق بما حصل؟ أم أن الأمر طُوي بمجرد كلمة اعتذار صدرت عن الوزارة؟
إننا نضع هذه الصرخة وهذه الأسئلة برسم وزير الداخلية، لأنه الوزير القادم من جيل عمل ونادى ودافع عن حقوق الإنسان.. لأنه الوزير الشاب الذي أعطى الأمل للشباب اللبناني بأن الجدارة والكفاءة قد تصبح يوماً معياراً للوصول.. ولأنه الوزير الآتي من رحم جمعيات حقوق الإنسان الداعية الى الثورة على التزوير والفساد والمحسوبيات وانتهاكات حقوق الإنسان.
لأنه زياد بارود.. العتب كبير جداً على قدر الآمال الموضوعة.
الانتقاد/ العدد 1339 ـ 27 آذار/ مارس 2009
إنه السيناريو المفجع في بيروت، والمأساة التي جرت فصولها على طرقها يوم الاثنين في 23 آذار 2009، موعد انعقاد مؤتمر وزراء الداخلية العرب في بيروت.
ولمن لم يرَ المشهد عن قرب، نصفه له على النحو التالي:
مجرمون بالآلاف: مواطنون يقصدون مكان عملهم بسياراتهم.
التهمة: التوجه الى مكان العمل في الوقت الذي يجتمع أو يتنقل فيه وزراء الخارجية العرب من مكان الى آخر في بيروت.
القاضي: شرطة السير التابعة لوزارة الداخلية.
السجن: شوارع العاصمة والطرق المؤدية اليها.
إنه ليس عملا تلفزيونيا أو سينمائيا، بل سيناريو حقيقي حصل في لبنان، البلد الذي يدعي الحضارة والرقي واحترام حقوق الإنسان.. البلد الذي يأتي في مقدمة دستوره نص الالتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لقد أتى في هذا الإعلان العالمي:
- الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة.
- ضرورة أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم.
- تأكيد كرامة كل فرد وقدره.
- يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق.
وانطلاقاً مما أتى في نصوص هذا الإعلان الوارد في مقدمة الدستور اللبناني، نتوجه الى المسؤولين اللبنانيين وإلى وزير الداخلية الذي اكتفت وزارته بإصدار اعتذار الى المواطنين في اليوم التالي.. ونسأله:
- أين المساواة في الكرامة والحقوق عندما يسجن المواطنون عمداً في سياراتهم، لأن أفضلية المرور هي للمسؤول؟
- أين حقوق الإنسان في العمل والإنتاج عندما تجبره السلطات على الاكتفاء بيوم عمل يقضيه في الشارع، بانتظار مرور موكب الوزراء؟
- أين مسؤولية وزارة الداخلية في التعميم مسبقاً على المواطنين بأن الطريق سيقطع، والطلب من السيارات عدم سلوكه؟
- أين الضمير الإنساني والعدالة والمساواة والإنصاف عندما يسجن مئات الآلاف من اللبنانيين لأن "وزراء عربا" سيمرون على الطريق؟
الواقع، لقد كان مشهداً مخزياً جداً ما حصل يوم الاثنين على طرق بيروت الرئيسية والفرعية، ومنظر المواطنين العالقين في سياراتهم على الطرق التي تحولت سجناً كبيراً.
كان مشهداً مخزياً أن تعلق سيارة إسعاف في هذا الكم الهائل من السيارات المتوقفة عن الحراك، والسيدة فيها تصرخ وتنوح، وتطالب بأن يُسمح لمريضها بالوصول الى المستشفى.. ولا من يستطيع أن يختفي من المكان ليفسح لسيارة الإسعاف الواقفة قرب السيارات بالمرور!!
لقد كانت إجراءات وزارة الداخلية "حاطّة" بالكرامة الإنسانية وبكل معايير حقوق الإنسان.. قد تخجل السلطات الحاكمة في جمهوريات الموز أن تفعل مثلها.
ويأتيك الجواب عندما تسأل: الأمن وسلامة الضيوف العرب.. وقد نوافق على هذا العذر، ولكن أليس هناك إجراءات أخرى تحمي ضيوف لبنان وتحافظ على أمنهم، سوى انتهاك حقوق اللبنانيين وكرامتهم وتعطيل أعمالهم؟
أليس من الأجدى أن يعمد القيّمون على إعداد المؤتمر، لعقده في الفندق ذاته الذي يقطنه الوزراء، فلا يخرجوهم الى الطرق ولا يعرضوا أمنهم للخطر.. ومن يرد الترحيب بهم من المسؤولين اللبنانيين فليأتِ اليهم الى فندقهم؟
ألم يكن هناك من امكانيات وسبل أخرى كفيلة بالوصول الى الهدف المنشود من دون التمتع برؤية المواطنين اللبنانيين يتعرضون للذل على الطرق العامة في بيروت؟
هل خرج مؤتمر هؤلاء الوزراء بمقررات ذات أهمية استثنائية تعوض على اللبنانيين ساعات الانتظار والسجن في شوارع العاصمة؟
هل ستقوم وزارة الداخلية بمساءلة ومحاسبة المقصرين في الإرشادات والإعلانات المسبقة، وفي التحقيق بما حصل؟ أم أن الأمر طُوي بمجرد كلمة اعتذار صدرت عن الوزارة؟
إننا نضع هذه الصرخة وهذه الأسئلة برسم وزير الداخلية، لأنه الوزير القادم من جيل عمل ونادى ودافع عن حقوق الإنسان.. لأنه الوزير الشاب الذي أعطى الأمل للشباب اللبناني بأن الجدارة والكفاءة قد تصبح يوماً معياراً للوصول.. ولأنه الوزير الآتي من رحم جمعيات حقوق الإنسان الداعية الى الثورة على التزوير والفساد والمحسوبيات وانتهاكات حقوق الإنسان.
لأنه زياد بارود.. العتب كبير جداً على قدر الآمال الموضوعة.
الانتقاد/ العدد 1339 ـ 27 آذار/ مارس 2009