كتب علي عوباني

بعدما بات من شبه المؤكد ان نتائج الاستحقاق الانتخابي المقبل ستعيد خلط الأوراق على صعيد الاصطفافات السياسية السائدة ، معلنة بذلك نهاية حقبة سياسية ، وبدء مرحلة جديدة مختلفة عن سابقتها شكلا ومضمونا ، ذهب بعض أفرقاء 14 اذار لإعادة صياغة تموضعهم من جديد داخل تحالفاتهم القائمة حاليا ، ما يعكس رغبة لدى هؤلاء بإعادة النظر في هذه التحالفات وانتهاز الفرصة المناسبة لنقل البارودة من كتف الى كتف بعدما أصبح اطار 14 آذار يشكل عبئا عليهم ولم يعد يوائم التطورات السياسية الحاصلة على اكثر من صعيد ، في وقت ربما تشكل فيه نتائج الانتخابات المقبلة مدخلا وذريعة مقنعة للإقدام على التحولات المرتقبة خصوصا وان ضيق المساحة الزمنية قبل الانتخابات لا يفسح بالمجال للإقدام على خطوة كهذه بشكل متسرع في ضوء الثقة المفقودة بين مختلف الأطراف ونظرا لتداعياتها المكلفة لهذا الفريق في الانتخابات النيابية المرتقبة  .
اعادة التموضع هذه داخل فريق الموالاة فرضت أيضا عملية إعادة تموضع للفريق ككل في خضم التحولات والمتغيرات الدولية والإقليمية التي تجري من حولنا بدءا من اجواء المصالحة العربية العربية وصولا الى الانفتاح الأميركي والأوروبي على دول الممانعة واحزاب وحركات المقاومة ... وهو ما دفع بهذه القوى مسيّرة لا مخيرة لاعتماد خطاب هادئ لا يرضي ابسط طموحاتها  ، غير ان هذة الخفة في نبرة الخطاب وهذا الإعلان عن برنامج موحد لقوى 14 اذار ، سرعان ما تبخّر في خضم التحضيرات للاستحقاق الانتخابي كاشفا عن فجوات وخلافات جوهرية بين أقطاب الموالاة في وقت بدأت تطفو فيه على سطح التحالف الهش التنازعات الانتخابية لهذا الفريق في زواريب المقاعد النيابية في بعض الدوائر ، لا سيما في المتن والشوف وعكار وزحلة ...وغيرها ، ما اضطر بعضهم لإطلاق الصرخة العالية بوجه حلفائه حينا والتهديد بالانسحاب من 14 اذار حينا اخر ، وهنا بات السؤال المطروح اليوم اكثر من أي وقت مضى ، هل تستعد قوى الموالاة لالتهام اله التمر الذي بنته وأسمته "14 اذار" وذلك بعدما عبدته لاربع سنوات خلت في ظل المجاعة الانتخابية السائدة للمقاعد النيابية في الموسم الانتخابي هذه الأيام ؟!.
بالطبع فان الإجابة عن هذا السؤال ربما تبقى رهن الوقت الفاصل عن الاستحقاق الانتخابي ، وان كانت معظم المؤشرات توحي بقرب انهيار هذا الهيكل ، خصوصا في ضوء التصريحات المتتالية التي يطلقها افرقاء الموالاة  ويتبرأون بها من حلفائهم كلما اقتضت مصلحتهم ذلك معلنين عدم التزامهم تحالف 14 اذار في هذه الدائرة او تلك ، وهو  ما صرح به مرشح حزب الكتائب في كسروان سجعان قزي أمس حينما أكد ان حزب الكتائب ليس سجين 14 آذار في تحالفاته الانتخابية متمنيا على الشعب اللبناني ان يؤمن بدور الأحزاب .
هذه الاجواء تترافق أيضا مع ضيق هامش المناورة من قبل قوى الموالاة في بناء تحالفاتها وإعلان ترشيحاتها النيابية للاستحقاق الانتخابي المقبل كلما ضاق الفاصل الزمني عن السابع من حزيران ، فمع اقتراب موعد هذا الاستحقاق بدأت ترتسم معالم المعركة الانتخابية في أكثر من دائرة ، في وقت بدأت تتوضح فيه تركيبة اللوائح والتحالفات بشكل اكبر بعدما صار لزاما على هذا الفريق بدء التخلص من المرشحين الكثر الموعودون بان تشملهم لوائح الموالاة .
 ففيما يخص دائرة الشوف فقد كشفت صحيفة "الخليج" الاماراتية أنّ النائب وليد جنبلاط هدد  بفك التحالف مع الرابع عشر من آذار" إذا لم تجر تسوية سريعة لمشكلة الترشيحات في الشوف وإيجاد حل لمشكلة إعلان ترشيح النائب السابق غطاس خوري ، علما ان الأخير أطلق بالأمس معركته الانتخابية من دير القمر مسقط رأس المرشحين عدوان وشمعون ، معلنا انه لا يزال مستمرا في اعلان ترشحه عن المقعد الماروني في دائرة الشوف ، كما تساءل خوري خلال اطلاقه ماكينته الانتخابية الا يحق لي ان احلم بان اترشح عن المقعد الماروني في دائرتي ؟, وما المانع ان أترشح عن دائرتي ؟ معتبرا ان هذا الترشيح ليس تحديا لاحد.
كلام خوري هذا وان وضع في خانة محاولاته المستمرة لحجز مقعد له في دائرة الشوف ، كان قد سبقه ما اعلنته   صحيفة "الخليج الاماراتية " من ان اتصالات عاجلة جرت بين النائب سعد الحريري والنائب جنبلاط لمعالجة مشكلة استمرار خوري لافتة الى أن الحريري انتقل من بروكسل إلى الرياض في طريقه إلى بيروت من اجل متابعة حلحلة هذه المسألة ، بعدما كان قد اتفق على أن يحل النائب جورج عدوان في لائحة النائب جنبلاط إلى جانب النائب ايلي عون ودوري شمعون، عن المقاعد المارونية الثلاثة.
وهذه المعلومات تقاطعت أيضا مع معلومات أوردتها صحيفة "الأنباء" الكويتية أشارت فيها الى ان النائب جنبلاط يتجه في ضوء احتدام المنافسة بين النائب جورج عدوان والنائب السابق غطاس خوري الى صرف النظر عن ترشيح كليهما واعطاء الفرصة للدكتور مارون البستاني بدلا من النائب نبيل البستاني .
هذا في الشوف اما في دائرة زحلة فقد كان لافتا خلال اليومين الماضيين التهافت القواتي والكتائبي على هذه الدائرة ، ففيما رأى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع المتواجد في زحلة لثلاثة ايام انه اذا فازت المعارضة بالانتخابات سيتم تفريغ الدولة من مضمونها الفعلي ، اكد وزير الزراعة الياس سكاف  بالمقابل أن ما حاربت من أجله المعارضة اصبح الآن حقيقة مشددا على متانة التحالف بين أفرقاء المعارضة في دائرة قضاء زحلة وداعياً إلى انتظار الأيام المقبلة لمعرفة مدى الحرص على زحلة من قبل المتهافتين عليها.
من جهته ، أكد النائب سليم عون المرشح عن دائرة زحلة اننا لا ننتظر استحقاق 7 حزيران لننتصر لاننا اصحاب خيار وخيارنا انتصر ورؤيتنا السياسية تحققت وقال هناك أكثرية مسروقة سنستردها ورأى عون أن ما لم يستطع النائب سعد الحريري فعله في زحلة في الـ2005 على الرغم من استعمال كل الإغراءات لن يستطيعه فعله اليوم .
اما في دوائر الشمال فقد سجل أمس تطورين بارزين الأول تمثل بإعلان القوات اللبنانية عن ترشيح العميد المتقاعد وهبي قاطيشا عن المقعد الارتودكسي في عكار في محاولة منها لحجز مقعد لصالحها في هذه الدائرة . فيما برز التطور الثاني على صعيد التحالفات الانتخابية حيث خطت الجماعة الإسلامية خطوات متقدمة نحو فك تحالفها مع تيار المستقبل بعدما بات من شبه المؤكد انها لن يكون لها موطىء قدم في لائحة رئيس الحكومة الاسبق نجيب ميقاتي والنائب سعد الحريري وانها لن تحصل سوى على مقعد واحد في بيروت ما فتح الأبواب مجددا أمام خيارات متنوعة في تحالفاتها الانتخابية واعاد خلط الاوراق بشكل واسع في دوائر طرابلس والضنية وعكار وذلك بعدما نعى مرشح الجماعة الاسلامية اسعد هرموش امس التحالف مع تيار المستقبل مؤكدا ان الجماعة الاسلامية حرة في خياراتها الانتخابية ، معلنا ان الجماعة لن تعود الى قرار 2005 بالانسحاب وان القواعد صممت خوض غمار الانتخابات ضد اللوائح التي قيل انها ضخمة وتضم قوى سياسية وتملك الإمكانيات والأموال .
في هذا الوقت بدأت تكر سبحة اعلان اللوائح والمرشحين للانتخابات المقبلة ففيما ينتظر ان  يعلن حزب الله عن أسماء مرشحيه خلال الأسبوع المقبل .. إعلن حزب الطاشناق أمس عن أسماء مرشحيه الخمسة في مختلف الدوائر الانتخابية حيث كشف أمين عام الحزب هوفيك مختياريان عن ترشيح حزبي واحد لكتلة نواب الأرمن هو النائب الحالي اغوب بقرادونيان في دائرة المتن الشمالي إضافة الى اربع مرشحين غير حزبيين هم بيرج صابونجيان وكريكور كالوست عن دائرة بيروت الاولى ، وارتير نذاريان في دائرة بيروت الثانية والنائب الحالي جورج قصارجي في دائرة زحلة ، واشار مختيريان خلال مؤتمر صحفي عقده في برج حمود الى ان ترشيح ارمني واحد في بيروت الثانية جاء احتراما لاتفاق الدوحة مؤكدا ان اعادة احياء كتلة نواب الارمن هي اعادة لرمزية هذه الكتلة ولدورها الوطني والتي كانت وستبقى حجر الأساس للمجلس النيابي للمحافظة على الاستقرار السياسي والمساعدة على تقريب وجهات النظر بين الاطراف المختلفة .