كتب علي عوباني

بعد المصالحة السعودية السورية في الدوحة استمر اليوم مسلسل المصالحات العربية العربية في اكثر من اتجاه ، حيث استطاعت القمة العربية في الدوحة ان تجذب الانظار تجاهها ليس من خلال المواضيع المطروحة على جدول اعمالها فحسب بل من خلال لقاءات المصالحة التي تجري على هامشها برعاية الدولة المضيفة قطر ، والتي يسجل لها التاريخ في هذه المرحلة مكسبا سياسيا وديبلوماسيا جرى ترجمته على ارض الواقع من خلال جمع الشمل العربي بعد فراق استمر لسنوات ، فكانت الدوحة حاضنة لاكثر من مصالحة حتى الآن منها اتفاق الدوحة بين الافرقاء اللبنانيين بعد ازومة سياسية عميقة امتدت لسنوات ، ثم والمصالحة السعودية الليبية اليوم .
وفي هذا الاطار واثناء انعقاد الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في الدوحة والتي يتغيب عنها الرئيس المصري حسني مبارك ، تولى الزعيم الليبي معمر القذافي بطريقة لا تخلو من المفارقة وبكلمة مثيرة للجدل اخراج المصالحة السعودية الليبية الى العلن لتكون الحدث في اليوم الاول للقمة الواحدة والعشرين ، ما يبشر باعطاء المصالحات العربية زخما ودفعا جديدا في الفترة الدولية الانتقالية في هذه المرحلة والتي تطغى عليها لغة الحوار والمعالجات الدبلوماسية .
وفي التفاصيل ، وأثناء انعقاد جلسة القمة العربية الاولى في الدوحة توجه الزعيم الليبي بكلمة الى العاهل السعودي مزج فيها التهجم وطلب المصالحة، ودعا الملك عبدالله الى تبادل الزيارات بينهما بعد سنوات من الخصومة  ، وقال القذافي مقاطعا امير قطر "لأخي عبد الله. ست سنوات وانت هارب وخائف من المواجهة". واضاف متوجها الى العاهل السعودي "اريد ان اطمئنك بان لا تخاف واقول لك بعد ست سنوات ثبت انك انت الذي الكذب وراءك والقبر امامك وانت هو الذي صنعتك بريطانيا وحاميتك امريكا". وتابع "احتراما للامة اعتبر المشكل الشخصي الذي بيني وبينك قد انتهى وانا مستعد لزيارتك وانك انت تزورني".
وخلص القذافي الى القول "انا قائد اممي وعميد الحكام العرب وملك ملوك افريقيا وامام المسلمين ..مكانتي العالمية لا تسمح لي بان انزل لاي مستوى آخر. وشكرا".
وبعد مداخلة القذافي علا التصفيق في القاعة ، وتدخل امير قطر ليقول "انا اعتقد يا اخ معمر انني فهمت خطأ. وانا اعتذر امام الاخوة الملوك والرؤساء واشكرك على كلمتك الموفقة". وبهذا الكلام اراد امير قطر ان يعبر للزعيم الليبي عن اسفه لمحاولاته المتكررة لوقف مداخلته. والتي كان يظن من دون شك انها ستفجر الاجواء مرة جديدة بين الطرفين الليبي والسعودي.  وغادر القذافي بعد ذلك القاعة.
الى ذلك. افادت مصادر دبلوماسية ان العاهل السعودي عبدالله غادر القاعة ايضا بعد انسحاب القذافي وبعد الكلمة التي وجهها اليه الزعيم الليبي. الا ان العاهل السعودي عاد الى القاعة بعد قليل بحسب المصادر التي رجحت ان تكون عودة الملك عبدالله تمت بعد تدخل من جانب امير قطر.
وتتسم العلاقة بين الرجلين بكثير من التوتر منذ عدة سنوات وقد حصلت مواجهة كلامية قوية بينهما في قمة عربية سابقة. وسبق للرياض ان طالبت في 22 كانون الاول 2004 من السفير الليبي مغادرة الرياض بعد ان سحبت سفيرها من ليبيا التي اتهمتها بالتورط في مؤامرة لاغتيال العاهل السعودي عبدالله بن عبد العزيز عندما كان وليا للعهد الا ان السفير عاد بعد ذلك ليمارس مهامه بعد حوالى سنة. وكذلك الامر بالنسبة للسفير السعودي. ونفت ليبيا هذه الاتهامات.
ومطلع تموز 2005. اتهمت السلطات الليبية السعودية بتنظيم مؤتمر المعارضة الليبية في لندن الذي طالب برحيل العقيد القذافي.
لكن تحسنا طرأ في العلاقات بين البلدين حين اعلنت طرابلس الحداد لمدة ثلاثة ايام وارسل الزعيم الليبي معمر القذافي مبعوثه الشخصي احمد قذاف الدم الى الرياض لتقديم العزاء بوفاة العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز في آب 2005.
وفي الشهر نفسه. اصدر العاهل السعودي عفوا عن ليبيين متهمين بتدبير محاولة اغتياله عندما كان وليا للعهد يشمل "ثلاثة ليبيين" اثنان منهم ضباط في الاستخبارات الليبية بحسب مصادر سعودية.
وبعد الكلام الزعيم الليبي رعت قطر بشخص اميرها حمد بن جاسم آل ثاني لقاء ثنائيا بين العاهل السعودي المللك عبد الله بن عبد العزيز والزعيم الليبي معمر القذافي ، في وقت اشارت فيه المعلومات الاولية الواردة من العاصمة القطرية الدوحة الى التوصل لاتفاق لطي صفحة الخلافات السعودي - الليبي .
وفي هذا السياق فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية "AFP" عن مصدر رسمي مقرب من الزعيم الليبي معمر القذافي أن الخلاف الذي طبع العلاقات بين ليبيا والسعودية "اصبح من الماضي".
ولفت المصدر الى أن "العبارات التي وجهها القذافي الى الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز جاءت على لسان الملك عبد الله في قمة شرم الشيخ منذ ست سنوات".
وأضاف ان "العلاقات الليبية-السعودية ستشهد تطورا ملحوظا خلال الايام القادمة بما يخدم قضايا الامة وما تتعرض له من مخاطر وسيكون لهذة المصالحة العربية-العربية أثرا ايجابيا كبيرا".