ارشيف من :أخبار لبنانية
خاص الانتقاد. نت: "بلاد الصعتر" ترفع شعار مكان كل قنبلة حاقدة شتلة صعتر

كتبت رنا جوني
في الوقت الذي يقف المزارع الجنوبي حائرا امام العجز الكبير الذي اصابه جراء الخسائر التي ألمت به من زراعة التبغ، ذهب يبحث عن بديل يفيده ويدر عليه اموالا، ولا سيما أن التكاليف سواء ارتفاع اسعار الاسمدة أو اجرة اليد العاملة، مضافا اليها انخفاض اسعار كيلو التبغ وانتشار القنابل الحاقدة التي خلفها عدوان تموز 2006 باتت مرهقة، كانت فكرة الزراعة البديلة حاضرة في نفوس عدد من المزارعين في بلدة زوطر الشرقية الذين اختاروا "الصعتر" على اعتبار ان الزوطرين الشرقية والغربية تشتهران بالصعتر البري، وتعرفان بـ"بلاد الصعتر" نسبة الى التمثال المطمور بين البلدين ويدل على الصعتر، ومنها اكتسبت البلدة شهرة بها.
دخلت زراعة الصعتر على حقول المزارعين في الجنوب خاصة اولئك الذين حاصرت القنابل العنقودية ارضهم وحرمتهم منها، لتحل جزءا من المشكلة الاقتصادية.
كان المزارعون يعتمدون في الاعوام السابقة على زراعة الصعتر البري كوسيلة للمعيشة في فصل الربيع لكثرة الطلب عليه، ولكن تغيرت المعادلة كثيرا بعد حرب تموز وحرب القنابل العنقودية التي خلفتها، اذ غدت حقول الصعتر كلها حقول قنابل فعجز المواطن عن الوصول للقمة عيشه، من هنا تطورت فكرة الصعتر "المروي" أو مزارع الصعتر التي بدأها احد المزارعين في البلدة، اذ عمد الى بذر بذور الصعتر ونجح بها فأنتجت محصولاً جيداً، وهكذا بدأت الفكرة وكبرت وبدأ يتخذها مزارعو زوطر كزراعة مساعدة لزراعة التبغ لان لا اسواق كبيرة تستوعب الانتاج اذا اتجه المزارعون نحوها ما يعني انها ستحدث ازمة تصريف انتاج، ولكن حين يصار الى فتح اسواق كبيرة وايجاد اسواق خارجية لتصريف انتاج الصعتر حينها يصار الى تعميم الفكرة على كل القرى.
ويعد المشروع الذي تكفل برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP بتمويله بمبلغ 12 الف دولار "من معدات وشتول"، من اهم المشاريع الذي ساعدت المزارع بشكل مباشر، وخاصة انه كان عرضة لخطر القنابل التي تفترش حقول الصعتر البري ونالت من عشرات المواطنين وتركت اثارها على اجسادهم من هنا انطلق المشروع الذي بدأ عام 2004 تحت شعار "مكان كل قنبلة حاقدة نزرع شتلة صعتر مرويه تقي خطر القنابل"، وتساهم في انماء الزراعة واعادة الوزن المعيشي لها، وقد لاقت تلك الزراعة رواجا، كما ان للصعتر فوائد جمه اذ انه يعد منشطا قويا للذاكرة ومفيد للسعال والبلغم ويدخل في صناعة الادوية، ويستخرج منه زيت الصعتر الذي يستخدم في الادوية الطبية والاكل.
الفرق بين الصعتر والتبغ شاسع فتكلفة الدونم الواحد مليون ليرة، ولا تحتاج الى عمل كبير اذ تزرع مرة واحدة في شهر اذار/ مارس، وتستمر بالانتاج لاطول امد ممكن قد يصل الى عشر سنوات ما يعني تخفيف الاعباء عن كاهل المزارع، ويتطلب قطافها مرة واحدة او مرتين بعدها تجفف وتنسف وتغربل وتدق لتصبح صعترا او تباع خضراء للسلطات.
يقول رئيس الجمعية التعاونية حسين سويدان "ان الزراعة المستحدثة لاقت رواجا كبيرا في صفوف المواطنين بالنظر الى الفوائد التي تحملها في جعبتها، اضف الى طعمها الجيد فهي تدخل في العديد من المأكولات ولا يمكن ان ننسى طعم منقوشة الصعتر".
وبرغم ما لزراعة الصعتر من أهمية الا انها تصطدم بعدد من المشاكل واهمها ندرة المياه برغم وقوع المشروع على بعد كيلومترات من مجرى نهر الليطاني، "شر البلية ما يضحك" يقولها سويدان الذي يقترح "جر المياه من النهر عبر اقنية تساعد على توفيرها وتجميعها عبر برك صناعية"، ويلفت الا ان هناك مشروعا بهذا الخصوص يتم دراسته ووضع المخططات له مع الاتحاد الاوروبي الذي اعد دراسة كاملة حول المشروع تكمن في سحب وتجميع المياه في برك صناعية للاستفادة منها وقت الشح ايام الصيف، ووعد بالبحث عن ممول للمشروع منذ سنتين الا انه بقي طي الادراج، كما ان هناك سعيا عبر اتحاد بلديات الشقيف لجر المياه من النهر الا انه يقف امام عائق التمويل.
يضاف الى ذلك بحسب سويدان "ان اسواقها ما زالت محدودة، لا تكفي لاستيعاب الانتاج اذا تضاعف وتزايد عدد المزارعين من هنا يطرح سويدان فكرة البحث عن اسواق خارجية وخاصة في دول الخليج العربي لان الجمعية التعاونية من اهم اهدافها تسويق الانتاج، ويعتقد سويدان انه لو سوق للصعتر بشكل كبير لتحول الى اهم زراعة في المنطقة.
تبلغ نسبة المزارعين العاملين على هذه الزراعة 30 بالمئة ويعتبر الصعتر زراعة مساعدة للتبغ لانها لا تحتاج يد عاملة وتبلغ المساحة المزروعة 60 دونما من بينها 10 دونمات للجمعية الزراعية التي تلعب دورا رياديا في تسويق الانتاج لان غياب التسويق ينعكس خسارة على المزارع بعد ان مني بخسارة كبيرة جراء اللجوء الى زراعة البيوت البلاستكية، وشدد سويدان على "انه ربما سيحل الصعتر مكان التبغ اذا نجحنا في جذب اسواق كبيرة داخلية وخارجية تستوعب الانتاج".
هذا ويزرع الصعتر مرة واحدة ويقطف مرتين سنويا ما يعني مضاعفة الانتاج اذ ان كل دونم ينتج 100 كيلو ويزيد كل سنة 30 كيلو، ويصل بحده الاقصى الى 250 كيلوغراما حين يصبح عمر الشتلة 5 سنوات، ويتراوح سعر الكيلو ما بين 15 و20 الف ليرة لبنانية، فيما يباع بـ10 الاف بالجملة.
وتجدر الاشارة الى ان تكلفة دونم الصعتر تفوق الالف دولار ما بين شراء شتول الصعتر وحراثة الارض وريها من هنا يحاول برنامج الامم المتحدة دعم المزارعين الذين كانوا يعتمدون على قطاف الصعتر من الجبال والبراري بتمويل نصف دونم صعتر.
هذا ومن المتوقع ان تحمل السنوات المقبلة احتلال الصعتر لعدد كبير من حقول التبغ بالنظر الى الخسائر الفادحة التي تصيب المزارع جراء مشاكل زراعة التبغ وارتفاع تكاليفه في غياب الدعم الحكومي له في وقت لا تتطلب زراعة الصعتر ايادي عاملة ولا مجهودا كبيرا فضلا عن انها تزرع لمرة واحدة وتقطف مرتين في السنة.
لقد عانى المزارع الجنوبي ما عاناه حتى وصل به الحال الى النأي بعيدا عن الزراعة التي لم يجن منها سوى التعب وتكبد الخسائر في غياب الدعم الرسمي له، وما زاده ثقلا تلك القنابل العنقودية التى تركها له العدو الاسرائيلي "هدية" لكل يوم، ولولا الدعم الخارجي المحدود نسبيا من جمعيات لا حكومية تنشط في تقديم الدعم للمزارع لثبيته في ارضه عبر تقديم مشاريع له وتمويلها لكانت أصبحت معظم اراضي الجنوب جرداء، ولكان المزارع هاجر الى بلاد يجهلها وافرغ البلد من اهم مقوماته الاساسية الا وهي الزراعة، ولكن يبقى السؤال الى متى سيبقى هذا الاجحاف بحق المزارع وتحديداً الجنوبي الذي قدم للوطن ما لم يقدمه المتمولون وأصحاب الافكار "الاقتصادية النيرة" التي اودت بالزراعة والصناعة وتالياً البلد إلى الخراب وتراكم مديونية فاقت كلفة الاعمار بأضعاف.. والحبل على الجرار.

دخلت زراعة الصعتر على حقول المزارعين في الجنوب خاصة اولئك الذين حاصرت القنابل العنقودية ارضهم وحرمتهم منها، لتحل جزءا من المشكلة الاقتصادية.
كان المزارعون يعتمدون في الاعوام السابقة على زراعة الصعتر البري كوسيلة للمعيشة في فصل الربيع لكثرة الطلب عليه، ولكن تغيرت المعادلة كثيرا بعد حرب تموز وحرب القنابل العنقودية التي خلفتها، اذ غدت حقول الصعتر كلها حقول قنابل فعجز المواطن عن الوصول للقمة عيشه، من هنا تطورت فكرة الصعتر "المروي" أو مزارع الصعتر التي بدأها احد المزارعين في البلدة، اذ عمد الى بذر بذور الصعتر ونجح بها فأنتجت محصولاً جيداً، وهكذا بدأت الفكرة وكبرت وبدأ يتخذها مزارعو زوطر كزراعة مساعدة لزراعة التبغ لان لا اسواق كبيرة تستوعب الانتاج اذا اتجه المزارعون نحوها ما يعني انها ستحدث ازمة تصريف انتاج، ولكن حين يصار الى فتح اسواق كبيرة وايجاد اسواق خارجية لتصريف انتاج الصعتر حينها يصار الى تعميم الفكرة على كل القرى.
ويعد المشروع الذي تكفل برنامج الامم المتحدة الانمائي UNDP بتمويله بمبلغ 12 الف دولار "من معدات وشتول"، من اهم المشاريع الذي ساعدت المزارع بشكل مباشر، وخاصة انه كان عرضة لخطر القنابل التي تفترش حقول الصعتر البري ونالت من عشرات المواطنين وتركت اثارها على اجسادهم من هنا انطلق المشروع الذي بدأ عام 2004 تحت شعار "مكان كل قنبلة حاقدة نزرع شتلة صعتر مرويه تقي خطر القنابل"، وتساهم في انماء الزراعة واعادة الوزن المعيشي لها، وقد لاقت تلك الزراعة رواجا، كما ان للصعتر فوائد جمه اذ انه يعد منشطا قويا للذاكرة ومفيد للسعال والبلغم ويدخل في صناعة الادوية، ويستخرج منه زيت الصعتر الذي يستخدم في الادوية الطبية والاكل.
الفرق بين الصعتر والتبغ شاسع فتكلفة الدونم الواحد مليون ليرة، ولا تحتاج الى عمل كبير اذ تزرع مرة واحدة في شهر اذار/ مارس، وتستمر بالانتاج لاطول امد ممكن قد يصل الى عشر سنوات ما يعني تخفيف الاعباء عن كاهل المزارع، ويتطلب قطافها مرة واحدة او مرتين بعدها تجفف وتنسف وتغربل وتدق لتصبح صعترا او تباع خضراء للسلطات.
يقول رئيس الجمعية التعاونية حسين سويدان "ان الزراعة المستحدثة لاقت رواجا كبيرا في صفوف المواطنين بالنظر الى الفوائد التي تحملها في جعبتها، اضف الى طعمها الجيد فهي تدخل في العديد من المأكولات ولا يمكن ان ننسى طعم منقوشة الصعتر".

يضاف الى ذلك بحسب سويدان "ان اسواقها ما زالت محدودة، لا تكفي لاستيعاب الانتاج اذا تضاعف وتزايد عدد المزارعين من هنا يطرح سويدان فكرة البحث عن اسواق خارجية وخاصة في دول الخليج العربي لان الجمعية التعاونية من اهم اهدافها تسويق الانتاج، ويعتقد سويدان انه لو سوق للصعتر بشكل كبير لتحول الى اهم زراعة في المنطقة.
تبلغ نسبة المزارعين العاملين على هذه الزراعة 30 بالمئة ويعتبر الصعتر زراعة مساعدة للتبغ لانها لا تحتاج يد عاملة وتبلغ المساحة المزروعة 60 دونما من بينها 10 دونمات للجمعية الزراعية التي تلعب دورا رياديا في تسويق الانتاج لان غياب التسويق ينعكس خسارة على المزارع بعد ان مني بخسارة كبيرة جراء اللجوء الى زراعة البيوت البلاستكية، وشدد سويدان على "انه ربما سيحل الصعتر مكان التبغ اذا نجحنا في جذب اسواق كبيرة داخلية وخارجية تستوعب الانتاج".
هذا ويزرع الصعتر مرة واحدة ويقطف مرتين سنويا ما يعني مضاعفة الانتاج اذ ان كل دونم ينتج 100 كيلو ويزيد كل سنة 30 كيلو، ويصل بحده الاقصى الى 250 كيلوغراما حين يصبح عمر الشتلة 5 سنوات، ويتراوح سعر الكيلو ما بين 15 و20 الف ليرة لبنانية، فيما يباع بـ10 الاف بالجملة.
وتجدر الاشارة الى ان تكلفة دونم الصعتر تفوق الالف دولار ما بين شراء شتول الصعتر وحراثة الارض وريها من هنا يحاول برنامج الامم المتحدة دعم المزارعين الذين كانوا يعتمدون على قطاف الصعتر من الجبال والبراري بتمويل نصف دونم صعتر.
هذا ومن المتوقع ان تحمل السنوات المقبلة احتلال الصعتر لعدد كبير من حقول التبغ بالنظر الى الخسائر الفادحة التي تصيب المزارع جراء مشاكل زراعة التبغ وارتفاع تكاليفه في غياب الدعم الحكومي له في وقت لا تتطلب زراعة الصعتر ايادي عاملة ولا مجهودا كبيرا فضلا عن انها تزرع لمرة واحدة وتقطف مرتين في السنة.
لقد عانى المزارع الجنوبي ما عاناه حتى وصل به الحال الى النأي بعيدا عن الزراعة التي لم يجن منها سوى التعب وتكبد الخسائر في غياب الدعم الرسمي له، وما زاده ثقلا تلك القنابل العنقودية التى تركها له العدو الاسرائيلي "هدية" لكل يوم، ولولا الدعم الخارجي المحدود نسبيا من جمعيات لا حكومية تنشط في تقديم الدعم للمزارع لثبيته في ارضه عبر تقديم مشاريع له وتمويلها لكانت أصبحت معظم اراضي الجنوب جرداء، ولكان المزارع هاجر الى بلاد يجهلها وافرغ البلد من اهم مقوماته الاساسية الا وهي الزراعة، ولكن يبقى السؤال الى متى سيبقى هذا الاجحاف بحق المزارع وتحديداً الجنوبي الذي قدم للوطن ما لم يقدمه المتمولون وأصحاب الافكار "الاقتصادية النيرة" التي اودت بالزراعة والصناعة وتالياً البلد إلى الخراب وتراكم مديونية فاقت كلفة الاعمار بأضعاف.. والحبل على الجرار.
