ارشيف من :أخبار لبنانية

لماذا لم يفرض قانون الانتخابات على رئيس الحكومة الاستقالة من منصبه قبل مدة زمنية كشرط للسماح بترشحه؟!

لماذا لم يفرض قانون الانتخابات على رئيس الحكومة الاستقالة من منصبه قبل مدة زمنية كشرط للسماح بترشحه؟!

كتب علي عوباني


استفاقت عاصمة الجنوب صباح اليوم على خبر مفاده بان رئيس الحكومة الحالي فؤاد السنيورة الذي تذكرها بالامس فزارها ، رشح نفسه الى الانتخابات النيابية عن احد مقعديها ، قاطعا بذلك الطريق على المسعى التوافقي الذي كان يقوم به رئيس المجلس النيابي نبيه بري لمنع حصول معركة كسر عظم في المدينة ، ومقفلا الباب كذلك امام التحالف مع الجماعة الاسلامية في صيدا بعدما اقفل الباب امامها في دوائر الشمال ايضا .
ترشيح السنيورة هذا الذي انتظر اليوم الاخير من المهلة المتاحة لتقديم الترشيحات ، يحمل في طياته اكثر من دلالة سياسية نذكر منها :
اولا - ان تيار المستقبل يتعاطى مع هذا الاستحقاق على قاعدة جلب المرشحين الى هذه الدائرة او تلك دون مراعاة رأي الناخبين والفعاليات الموجودة على الارض ، حتى ولو اقتضى هذا الامر الى كسر قواعد توافقية تاريخية اعتادت عليها المدينة .
ثانيا - ان الرئيس السنيورة يخشى فعلا من نتائج الانتخابات وما ستؤول اليه نتائجها  من فوز المعارضة  وما يعنيه ذلك من انه لن يكون رئيسا للحكومة المقبلة فضلا عن تقاطع هذا الامر مع المعطيات الاقليمية والدولية والتي تؤكد بمجملها بان السنيورة لن يكون الرجل المناسب لرئاسة حكومة شراكة وطنية ، ما دفعه الى البحث عن مكان له يضمن به مستقبله السياسي لاربع سنوات قادمة وربما يحفظ من خلاله موقعه في مواجهة الملفات التي يمكن ان تفتح بوجهه عن المرحلة السابقة في الحكم.      
هذه الدلالات تتلاقى مع علامات استفهام كثيرة مطروحة ، دونما ان تلقى اي اجابة منطقية يعتد بها لا سيما في طيات قانون الانتخابات النيابية الجديد والذي ستجري الانتخابات على اساسه ، فبالرغم من ان هذا القانون نظم مسائل التمويل الانتخابي والاعلام والاعلان الانتخابي ، الا انه غفل عن تضمين نصوصه نصا واضحا حول ضرورة تحييد النفوذ والسلطة عن الانتخابات ، وبالتالي فان السؤال المطروح في هذه الاثناء هو كيف سيشارك رئيس حكومة يشرف من خلال موقعه الرئاسي على كيفية سير وتنظيم الانتخابات كمرشح في هذه الانتخابات او بمعنى اخر هل سيكون هو الخصم والحكم في آن معا ؟ .
واللافت في هذا الامر ان قانون الانتخابات النيابية الذي فرض على بعض الاشخاص تقديم استقالاتهم والانقطاع فعليا عن وظائفهم لمدة تراوحت بين الستة اشهر والسنتين قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي ، كشرط ضروري للسماح لهم بالترشح للانتخابات النيابية لم يأت على رئيس الحكومة والوزراء في هذا البند  ، وهذا الامر  غير منطقي وغير مبرر خصوصا اذا ما علمنا ان القانون عدد من بين هؤلاء الموظفين القضاة على مختلف فئاتهم ودرجاتهم ، وموظفي الفئتين الاولى والثانية الذين اشترط تقدمهم باستقالتهم وانقطاعهم فعليا عن وظيفتهم قبل ستة اشهر من انتهاء ولاية المجلس النيابي ، بالاضافة الى رؤساء ونواب رؤساء المجالس البلدية في مراكز المحافظات ومراكز الاقضية ورؤساء اتحاد البلديات الذين اشترط تقدمهم باستقالاتهم وانقطاعهم فعليا عن مهامهم قبل سنتين من انتهاء ولاية المجلس النيابي .
وهنا يطرح السؤال ، الم يكن من الاجدى لسلامة المعركة الانتخابية وديمقراطيتها ولانصاف المرشحين واعطائهم حظوظ متساوية بالفوز ، الم يكن من الاجدى ان يفرض قانون الانتخابات النيابية على رئيس الحكومة الراغب بالترشح للانتخابات النيابية الاستقالة من منصبه قبل مدة زمنية معينة ؟ .
على كل حال ، فان المواقف وردود الفعل تتالت اليوم على ترشح الرئيس السنيورة في دائرة صيدا ، وفي اول رد فعل حذر مرشح الجماعة الاسلامية في صيدا رئيس مكتبها السياسي على الشيخ عمار من تداعيات هذا الترشح السلبي على المدينة وعلى تيار المستقبل مؤكدا استمراره بترشحه وداعيا تيار المستقبل الى اعادة النظر فيه .
من جهته علق النائب أسامة سعد اليوم من مجلس النواب على اعلان السنيورة ترشحه فقال "المعركة في صيدا لها أبعاد سياسية ووطنية وسنخوضها وسنفوز فيها، ورب ضارة نافعة".وردا على سؤال  قال "ان فوز التيار الوطني في المدينة هو انتصار للوطنيين في كل لبنان. وسنفوز إن شاء الله وقال "أهلا بالمعركة".
عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن اشار معلقا على ترشح السنيورة الى ان حرية الاقتراع وحرية الترشيح والتحالفات هي مسؤولية مكفولة دستوريا لكنه اضاف كنا نأمل ان يتعلم فريق الاكثرية من تجربة السنوات الماضية بعدم اللجوء الى فكرة الالغاء والاستئثار والهيمنة.
 بدوره اكد عضو كتلة التحرير والتنمية النائب علي حسن خليل ان موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري واضح وهو سيستمر بمسعاه التوافقي لانه مؤمن ان التوافق في صيدا يخدم الاستقرار الوطني العام.
وفي السياق ذاته تمنى رئيس الحكومة الاسبق سليم الحص لو أن الرئيس السنيورة تعفف عن الترشح للنيابة عن صيدا، لأن النيابة لن تزيد شيئاً في رصيده.وأضاف الرئيس الحص أن معركة السنيورة مع النائب أسامة سعد قد لا تكون في مصلحته فالنائب سعد  ذو سجل وطني ناصع، وخطه السياسي المشرّف هو تتمة لخط مشهود سلكه قبله الشهيدين مصطفى ومعروف سعد. وتابع الرئيس الحص نقول هذا ونحن ندرك أن الانتخابات في لبنان هذه المرّة محكومة نتائجها الى حد بعيد للأسف الشديد بعامل المال السياسي وعامل العصبية الفئوية.
عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب نبيل نقولا اعتبر أن "من حق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الترشح لكن ترشحه في هذا الوقت وكأنه يريد حماية نفسه بالحصانة النيابية خوفا من المحاكمة عما قام به سابقا".

2009-04-07